الأحد، 9 يناير 2011

جيل لن يتكرر


أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه ‏قال عمر : ما هذا‏قالوا : يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا ‏قال: أقتلت أباهم؟‏قال: نعم قتلته!‏قال : كيف قتلتَه؟‏قال : دخل بجمله في أرضي، فزجرته، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً، وقع على رأسه فمات... ‏قال عمر : القصاص .... ‏الإعدام .. قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة، لم يسأل عمر عنأسرة هذا الرجل، هل هو من قبيلة شريفة؟ هل هو من أسرة قوية؟‏ما مركزه في المجتمع؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا‏يحابي ‏أحداً في دين الله، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله، ولو كان ‏ابنه ‏القاتل، لاقتص منه ..  ‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فأُخبِرُهم  ‏بأنك ‏سوف تقتلني، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا قال عمر : من يكفلك أن تذهب إلى البادية، ثم تعود إليَّ؟ ‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا يعرفون اسمه، ولا خيمته، ولا داره ‏ولا قبيلته ولا منزله، فكيف يكفلونه، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف .. ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله؟ ومن يشفع عنده؟ ومن ‏يمكنأن يُفكر في وساطة لديه؟ فسكت الصحابة، وعمر مُتأثر، لأنه ‏وقع في حيرة، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل، وأطفاله يموتون جوعاً هناك  أو يتركه فيذهب بلا كفالة، فيضيع دم المقتول، وسكت الناس، ونكّس عمر ‏رأسه، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه؟‏قالا : لا، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين .. ‏قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!! ‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته وزهده، وصدقه، وقال : ‏يا أمير المؤمنين، أنا أكفله ‏قال عمر : هو قَتْل، قال : ولو كان قاتلا ! ‏قال : أتعرفه؟ ‏قال : ما أعرفه، قال : كيف تكفله ؟ ‏قال : رأيت فيه سِمات المؤمنين، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاء‏ الله ‏قال عمر : يا أبا ذرّ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك !‏قال : الله المستعان يا أمير المؤمنين ... ‏فذهب الرجل، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع

‏أطفاله وأهله، وينظر في أمرهم بعده، ثم يأتي، ليقتص منه لأنه قتل .... ‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد، يَعُدّ الأيام عداً،وفي العصر‏ نادى ‏في المدينة : الصلاة جامعة، فجاء الشابان، واجتمع الناس، وأتى أبو ‏ذر ‏وجلس أمام عمر، قال عمر : أين الرجل؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين! ‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وسكت‏ الصحابة واجمين، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله ..‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد‏لكن هذه شريعة، لكن هذا منهج، لكن هذه أحكام ربانية، لا يلعب بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها، ولا تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس، وفي مكان دون مكان ... ‏وقبل الغروب بلحظات، وإذا بالرجل يأتي، فكبّر عمر، وكبّر المسلمون‏ معه  ‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك، ما شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك !! ‏قال : يا أمير المؤمنين، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية، وجئتُ لأُقتل .. وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس! ‏قال عمر : الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته ..... ‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما،وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ ‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل ‏لصدقك ووفائك ...‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك ورحمتك..... ‏قال أحد المحدثين : والذي نفسي بيده، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر!!.‏وجزى الله خيرا للذين نقلوا لنا هذا البريد ‏وجزى الله خيرا للذين ينقلونه للآخرين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق