الأحد، 23 يناير 2011

خيار حلّ السلطة الفلسطينية: إمكانية اعتماده وتداعياته


د.أبوفارس
 
شهدت "عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية" تراجعا كبيرا في الآونة الأخيرة، بسبب رفض إسرائيل الحد الأدنى الذي اشترطه الرئيس الفلسطيني محمود عباس المتمثل بوقف الاستيطان لاستئناف التفاوض. بل لم ترضَ إسرائيل بالتجميد المؤقت للاستيطان رغم كل الإغراءات التي قدمتها لها واشنطن.

وتجدر الإشارة إلى أن وقف الاستيطان –إضافة لوقف الاجتياحات، ورفع الحصار عن غزة- هو أحد مرتكزات برنامج الرئيس عباس وبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، كما أن حركة فتح في مؤتمرها السادس عام 2009 أكدت على أن "نضال حركة فتح يرتكز في الأجل المنظور على التصدي للاستيطان وإنهائه"؛ وذلك لأن العبور من السلطة إلى الدولة يفترض وجود أرض، وإلا فإن الفلسطينيين أمام سلطة لها "ولاية على السكان، دون السيادة على الأرض"، لا، بل إن الولاية آخذة في التراجع "فما بالك بالسيادة؟!" على حد وصف عضو الوفد الفلسطيني المفاوض نبيل شعث.

أزمة السلطة الفلسطينية والخيارات المتاحة

تشكَّلت السلطة الفلسطينية سنة 1994 إثر توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993، وكانت الآمال وقتها تحدو قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة حركة فتح ومؤيدي الاتفاق لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة في بضع سنين، بعد أن تقوم المنظمة والسلطة باستكمال مسيرة التفاوض، وبناء مؤسسات الدولة على الأرض، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقد أجل اتفاق أوسلو حسم القضايا الأساسية كمستقبل اللاجئين، والقدس، والمستوطنات، والحدود، والاستقلال، ومدى سيادة الدولة على أرضها. ولم يضع أي إطار زمني ملزم للطرف الإسرائيلي بالوصول إلى اتفاق نهائي، وبالانسحاب من الضفة والقطاع، كما لم يضع أية آلية دولية ملزمة لـ"إسرائيل" بتنفيذ الاستحقاقات.

وقد استفاد الطرف الإسرائيلي من ذلك في جعل المفاوضات عملية لا نهائية، وفي بناء الحقائق على الأرض من خلال مشاريع التهويد والاستيطان، وعدم احترام سيادة السلطة على المناطق التي أُعطِيت لها بموجب الاتفاقات السابقة، والمشار إليها بمنطقتي ألف وباء؛ حيث تقوم إسرائيل باجتياحها أو اقتحامها متى ما شاءت وتعتقل من تشاء.

وفي الوقت نفسه، ألزمت "إسرائيل" (بدعم أمريكي وغربي) الطرف الفلسطيني بتنفيذ كافة استحقاقاته وخصوصًا الأمنية، بهدف اجتثاث "المقاومة المسلحة"، واستخدمت إسرائيل أساليب الحصار الاقتصادي، والاجتياحات العسكرية، وتدمير البنى التحتية، ومنع انتقال الأفراد، ومصادرة الأراضي، وجدار الفصل وغيرها كأدوات للضغط على الجانب الفلسطيني "لينفذ الالتزامات المنوطة به"، من دون أن توفي هي في المقابل بأي من التزاماتها.

خيار حل السلطة والخيارات الأخرى

أعلن الرئيس الفلسطيني عباس أن لديه خيارات عدة في مواجهة المرحلة المقبلة، وقد حددها مسؤولون فلسطينيون بما يأتي:

- الخيار الأول: استمرار المفاوضات، شرط وقفٍ تامٍ للاستيطان.
- الخيار الثاني: مطالبة الجانب الأميركي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران/يونيو1967.
- الخيار الثالث: التوجه إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، ومطالبة الجانب الأميركي بعدم استخدام حق النقض الفيتو.
- الخيار الرابع: التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن البند المعروف باسم تحالف من أجل السلام، والذي تتخذ فيه قرارات الجمعية صفة إلزامية مثل قرارات مجلس الأمن.
- الخيار الخامس: مطالبة الأمم المتحدة بوضع فلسطين تحت الوصاية الدولية.
- الخيار السادس: وقف تطبيق الاتفاقات الموقعة مع "إسرائيل".
- الخيار السابع: حل السلطة، ووضع إسرائيل أمام مسؤولياتها كدولة احتلال.

ووفق هذا الترتيب فإن الخيار الأول -وهو استمرار التفاوض- قد أصبح متعذرا، خاصة مع إعلان إدارة أوباما عن كفها السعي لدى إسرائيل لتجميد الاستيطان. وبغض النظر عن المسار الذي ستسلكه أو الخيار الذي ستبلغه السلطة في موقفها من عملية السلام؛ فإن التلويح بالخيار السابع -أي حل السلطة- رغم أنه الأخير في الترتيب، فقد حظي باهتمام أكبر وعلى كل المستويات؛ لأنه يعيد عملية السلام إلى المربع الأول، وأصبح موضع تجاذب داخل السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح، وخاصة الأخيرة وهي التي أعلنت قيام السلطة وأشرفت فعليا على بنائها.

فتح وخيار حل السلطة

تواترت الأنباء الصحفية والتسريبات عن الرئيس عباس بأنه قد يلجأ لهذا الخيار، ولوح به بالفعل في مواجهة استمرار الاستيطان الإسرائيلي. وقد تولى أكثر من قيادي في فتح الترويج لهذا الخيار كأحد البدائل المطروحة كي تتحمل إسرائيل أعباء السكان الفلسطينيين بوصفها قوة احتلال، ومن هؤلاء: عضو اللجنة المركزية لفتح وكبير مفاوضي منظمة التحرير صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومهندس اتفاق أوسلو أحمد قريع، وكذلك نُقل هذا الخيار عن عضوي اللجنة المركزية لفتح محمد أشتية، وجمال محيسن وسواهم.

ولكن من جهة أخرى فإن عددًا من القيادات الفتحاوية وقيادات السلطة تؤكد على استبعاد خيار حلّ السلطة، فهو خيار مرفوض بالنسبة لسلام فياض رئيس الحكومة والذي يرى في السلطة معبرًا لقيام الدولة، وهو بالنسبة لمحمد دحلان خيار يعكس مصلحة إسرائيلية، كما أن حلّ السلطة بالنسبة لجبريل الرجوب غير مقبول لأنه لا وجود لبدائل جادة عن السلطة، ولأنها جهاز خدماتي لا غنى عنه.

وفي المحصلة يمكن القول: إن الاختلاف بين الطرفين حول جدوى خيار حل السلطة ليس له أية انعكاسات حقيقية على الأرض؛ حيث لم يطرح بجدية كافية داخل أطر حركة فتح وبناها التنظيمية وبما يتلاءم مع أهمية ما قد ينتج عنه، كما لا يزال الخط الرسمي السائد في الحركة يرى أن الخيارات الأخرى لم تُستنفد، ولا يمكن لأحد التكهن بمقدار المدة الزمنية التي قد يستهلكها كل خيار للوصول إلى الخيار الأخير: خيار حل السلطة. وحتى اللحظة لا يزال الهدف الواضح من طرح هذا الخيار هو التعبير عن الانزعاج الفلسطيني، أو محاولة التهديد أو الضغط السياسي على الراعي الأميركي وعلى المفاوض الإسرائيلي.

واقعية خيار حل السلطة والبديل

ولكن هذا لا يمنع أن مجرد طرح خيار حلّ السلطة بهذه الطريقة، قد حجز لهذا الخيار مكانا بين الخيارات الأخرى لتكون موضع بحث واهتمام، ومن المؤكد أن النقاش سيتصاعد في الأيام القادمة داخل فتح مع تزايد حالة الإحباط من أداء السلطة وتراجع دورها، ومن مسار "العملية السلمية"، خاصة بين المحافظين على التقاليد الثورية في الحركة إضافة إلى النشطاء التنظيميين الذين يعملون في الميدان.

واقعية خيار حل السلطة

إن خيار حل السلطة قد يكون خيارا "ممكنا" لو أن المصالحة الكاملة تمت بين فتح وحماس، لأن كلا الطرفين يشكلان أغلبية في الشعب الفلسطيني ولا يمكن لأية سلطة أن تستمر أو أن تكون فعالة مع معارضتهما لها. ولكن في ظل حالة الانقسام فإن هذا الخيار يواجه تحديات وعراقيل عدة تعترض طريق اعتماده، من أبرزها:

أولا: صدر قرار إنشاء السلطة عن منظمة التحرير الفلسطينية وهي التي تشكل المرجعية الوحيدة لها، وفي حال تقرر حل السلطة فإن منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجع الصالح لذلك. ولكن من الناحية العملية فقد اكتسبت السلطة الفلسطينية بعض "الشرعية العملية" في تمثيلها الواقعي للفلسطينيين، وبالتحديد من المجتمع الدولي والرباعية الدولية، ومن الاعتراف الأميركي والإسرائيلي، إضافة إلى اعتراف بعض المنظمات الدولية الفاعلة، لتكون السلطة وفق هذه المعادلة أمرا ضروريا لاستمرار "عملية السلام" وديمومتها ولو نظريا، ولتلبية بعض الحاجات الأمنية الإسرائيلية في السياق نفسه. وأضف إلى ذلك أن السلطة أصبحت مستقلة بمصادرها المالية عن منظمة التحرير وعن حركة فتح إلى حد ما، ومرتبطة إلى حد كبير بالجهات الدولية المانحة.

وهذا يعني -وفي ظل الظروف الحالية- أن المنظمة ومن ورائها حركة فتح، لا تملك من الناحية الواقعية القدرة على حل السلطة. أما في حال تم اتخاذ هذا القرار فعلا فإن "الشرعية الدولية" والدول الكبرى المنخرطة في أوضاع المنطقة وخصوصا الأمريكيين والأوروبيين، فضلا عن بعض الدول العربية، من الممكن أن يبادروا لإضفاء الشرعية على السلطة لتعزيز استمرارها، وحينها لن تعدم السلطة أن تجد من يقودها من أطراف فلسطينية أخرى، بل حتى من المنظمة أو من حركة فتح نفسها التي تتعدد فيها الرؤى ومراكز القوة.

ثانيا: تشكلت شبكة واسعة من المصالح والارتباطات المالية والسياسية والأمنية المعقدة بين السلطة الفلسطينية ورجالاتها مع سائر الأطراف الدولية والإقليمية، وإسرائيل نفسها. وعليه فإن اتخاذ قرار حل السلطة يعني في بُعد من أبعاده الأساسية تفريطا في هذه المصالح، وقطع شبكة الارتباطات المعقدة التي تم نسجها منذ أوسلو، تاريخ نشأة السلطة الفلسطينية إلى يومنا هذا. ومثل هذا القرار ليس من اليسير الإقدام عليه فلسطينيا سواء للحفاظ على مصالح شخصية من البعض، أو لمصالح ترتبط بالقضية الفلسطينية وبما "تم إنجازه في ظل التناغم" مع المجتمع الدولي بالنسبة لبعض آخر.

ثالثا: إن حل السلطة في الضفة دون حلها في غزة، سيعني بالنسبة لحركة فتح ومؤيديها، تسليم مرجعية الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة إلى حركة حماس، وستكون –كما يرى خصوم حماس- نقلا لمركز السلطة من الضفة إلى غزة فحسب، وهو أمر لن تحتمله أو تقدم عليه المنظمة أو حركة فتح أبدا، إلا إذا تم التصالح والتفاهم مع حماس.

رابعا: إن حل السلطة يتطلب إيجاد بدائل للوظائف التي كانت تقوم بها السلطة على الأقل من ناحية رعاية السكان الفلسطينيين؛ حيث وُلِد جيل كامل في ظل السلطة الفلسطينية القائمة، ويستفيد منها عشرات الألوف من الموظفين والسكان المحليين في مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية والخدمات وغيرها، وتقوم بالإشراف على مؤسسات اجتماعية وإنمائية ومعيشية كثيرة. وهذا يعني أن حل السلطة يتطلب إعادة إيجاد هياكل لإدارة شؤون السكان في ظل الاحتلال، ويتطلب تأمين أموال بديلة عن تلك التي تؤمنها السلطة الحالية.

خامسا: إن قرار إنشاء السلطة يحظى برعاية عربية، وإن قرار حلها يتطلب دعما عربيا كبيرا، ماليا ومعنويا وسياسيا. والعرب لم يستطيعوا ولو حتى اتخاذ قرار بسحب المبادرة العربية أو دفع الفلسطينيين نحو وقف التفاوض، فكيف لهم أن يؤيدوا قرار حل السلطة جملة؟! بل إن تداعيات حل السلطة على العرب ستكون كبيرة؛ لأنها ستغير المعادلة الحالية التي يعتمدها العرب في إدارة "الصراع العربي الإسرائيلي" بصورة إجمالية، والتي باتت تستند إلى مبادرة بيروت العربية (أرض 67 مقابل السلام الكامل) من جهة، وعلى استمرار العملية السلمية الفلسطينية الإسرائيلية رسميا، من جهة أخرى.

وحل السلطة يعني إعلان السلطة رسميا انتهاء "عملية السلام"، ومن ثَمَّ يجب على الطرف الفلسطيني والعربي أن يحدد موقعه في أي معادلة جديدة ستنشأ في المنطقة، والجميع يدرك أن استقرار أية معادلة جديدة يقترن بتحولات إقليمية مكلفة في العادة، لا يُعتَقَد أن النظام العربي بصورته الراهنة قادر على تحملها.

سادسا: فضلا عما ذُكِر فإن مثل هذا القرار يتطلب وجود تفهم لهذه الخطوة من بعض الأطراف الدولية النافذة، وهذه الأطراف السياسية يجتمع أكبرها في الرباعية الدولية التي لا تزال ترى في السلطة جهة صالحة ومخولة لإدارة التفاوض عن الجانب الفلسطيني، ولن يدفعها لتغيير رأيها إلا تغيير كبير يفرض حقائق جديدة على أرض الواقع.

سابعا: ليس من المتوقع أن تبادر إسرائيل طوعا لتحمل مسؤولياتها كقوة احتلال فور حل السلطة؛ فإضافة للصعوبات الطبيعية التي سيواجهها هذا الخيار، فإن إسرائيل ستحاول أن تجعله مكلفا للفلسطينيين، من خلال إذكاء الخلافات بين الفلسطينيين، والتدخل المباشر على الأرض بالاحتلال والاعتقال وما إلى ذلك، وهذا يتطلب الاستعداد لقرار حل السلطة بوصفه قرارا بفتح المواجهة المباشرة مع المحتل، وربما يكون إعلانا لانتفاضة أخرى.

البديل الممكن عن خيار حل السلطة

بوصول المسار التفاوضي إلى الاستيطان، فقد لامس إحدى النقاط الحاسمة التي تنذر بصعوبة استمرار العملية السلمية وفق الشروط الحالية، وليس من المتوقع أن تتغير الشروط نحو الأحسن، بما يشي بأن العملية السلمية مرشحة لمزيد من الانتكاس وربما الانهيار. ورغم أنه لا يمكن الركون إلى تصورات محددة تنبي بما قد ينشأ عن انسداد العملية السلمية، لأنها كثيرة، لكن من الواضح أن وظيفة السلطة الفلسطينية قد تأثرت كثيرا في مسارها الطويل نحو التأقلم مع مطالب العملية السلمية، وجاء الانقسام الفلسطيني ما بين سلطتين متصارعتين، ليزيد من تفاقم هذه المشكلة، وذلك في الوقت الذي تسير فيه المفاوضات نحو التأزم.

وبالعودة لقراءة ما يجب أن يكون عليه دور السلطة الفلسطينية في ضوء الظروف الحالية، فيمكن اختصاره بأهم دورين أساسيين كانا قد نِيطا بها عند إنشائها، أولهما: التفاوض مع إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وثانيهما: دعم صمود الشعب الفلسطيني وإدارة شؤونه باتجاه إقامة الدولة المنشودة.

وتحقيقا لهذين البندين الأساسيين، واستقراء للمعطيات الراهنة ضمن المعادلة الفلسطينية والعربية والأوضاع الدولية، فإن أقصى ما يمكن أن يحققه الفلسطينيون في الظرف الراهن:

1. التركيز على تحقيق الأهداف المبتغاة من حل السلطة والمشار إليها في البندين أعلاه، من خلال التركيز على تغيير وظيفة السلطة، وذلك بإطلاق عملية إصلاح متدرجة تضع في رأس أولوياتها إعادة بناء السلطة الفلسطينية بوصفها أداة لاستعادة السيادة على الأرض خدمة للبرنامج الوطني، والتقليل بالمقابل، وبالتدرج، من ولايتها على السكان بما يحمل إسرائيل المزيد من المسؤوليات التي يجب أن تتحملها بوصفها قوة احتلال. وهذا الخيار يفرض التخفف من الاعتماد المالي المفرط على الدول المانحة، والسعي لمزيد من التحرير للقرار الفلسطيني من الضغوط الخارجية والالتصاق أكثر بالنشطاء والقيادات الميدانية.

2. تفعيل عملية المصالحة بين حماس وحركة فتح بما يساعد على تعزيز صمود وقوة الوظيفة الجديدة للسلطة بانتظار إيجاد حلول جذرية لحالة الانقسام. وهو الأمر الذي يتطلب إطلاق ورشة إصلاح محددة البنود للسلطة القائمة بشقيها في غزة والضفة باتجاه خدمة الأهداف المتفق عليها وطنيا، على أن يكون على رأس أولوياتها تصويب وظيفة السلطة التي تقع في نطاق مسؤولية كل من الطرفين: حماس وفتح، وأن يسمح كل منهما للطرف الآخر بمزيد من المشاركة في سلطته، كمدخل لإعادة بناء الثقة بينهما، وتهيئة لإطلاق حوار وطني عاجل.

3. تجاوز فكرة توحيد السلطتين إداريا في غزة والضفة في هذه المرحلة التي تتطلب استجابة فلسطينية عاجلة، وتكثيف الجهود بدلا من ذلك لإعداد برنامج وطني مرحلي قصير الأجل يعالج النقاط العاجلة والأساسية فقط، ويمثل الحد الأدنى المتفق عليه بين الفصائل الفاعلة، على أن يكون تعريف مفهوم السلطة -وترسيم حدودها بما يخدم المشروع الوطني- أول البنود على جدول أعماله استباقا لأية تداعيات قد تنشأ في هذا الصدد عن انسداد أفق "العملية السلمية". وفي هذا السياق من المهم التأكيد على أن لا شيء يمنع استمرار وجود سلطتين ولو مرحليا -خاصة وأن الحديث عن سلطة تحت الاحتلال وليس عن دولة- بإدارة عليا ومشتركة واحدة تنسق فيما بينها أو تعمل كفريق واحد على تنفيذ البرنامج الوطني الذي يتم التفاهم عليه.

4. على المدى البعيد والإستراتيجي، لا يزال الفلسطينيون بحاجة لإيجاد آلية دائمة لاستمرار الحوار الفلسطيني، ولا زال الرهان قائما من الجميع على توسعة منظمة التحرير لتستمر بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ولكن إلى حين تحقق ذلك، سيحتاج الفلسطينيون إلى منبر يجمع كل الفصائل والتوجهات يسمو على كل الخلافات مها كان نوعها أو بلغت حدتها، وتستطيع المنظمة أن توجد أداة لهذه الغاية، فتكون معبرا للوصول إلى المنظمة التي لا تشكل حاليا إطارا جامعا لكل الحركات الفلسطينية، وهي التي أنشأت أداة للتفاوض مع إسرائيل على أمل العبور إلى الدولة.

خلاصة

إن خيار حل السلطة خيار جذري سيغير المعادلة المحلية والإقليمية والدولية التي استقر عليها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والصراع العربي الإسرائيلي، كما سيترك تداعيات وتأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية على السكان الفلسطينيين، وهو ما لا تقدر عليه أية جهة فلسطينية بعينها. وبالمقابل فإن قرارا بتغيير وظيفة السلطة القائمة أمر قابل للتحقق، بعد إيجاد تفاهم مرحلي بين القوى الفلسطينية وتحديدا ما بين حماس وفتح، ليتحملا سويا تداعيات هذا القرار وإيجاد البدائل الملائمة له.




----نقلاً عن مركز الزيتونة
----------------------------------------------------------------------------  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق