الأحد، 23 يناير 2011

تجميد أرصدة بن علي نذير للأثرياء العرب / الهيثم زعفان


nur-eldin
 
المختصر / بعدما قرأت الأخبار المتعلقة بتجميد الدول الأوروبية وخاصة سويسرا لأموال الرئيس التونسي المخلوع "بن علي" تمهيداً لمصادرتها، قلقت كثيراً على الأموال العربية المودعة بالمصارف الغربية والمستثمرة في الغرب وتذكرت دراستين لي نشرتهما قبل سبعة أعوام؛ الأولى نشرتها بالتقرير الاستراتيجي السنوي الصادر عن مجلة البيان وحملت الدراسة عنوان " التدابير الدولية ومصادرة الخيرات الإسلامية"، والدراسة الثانية نشرتها بملف الأهرام الاستراتيجي الصادر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وحملت الدراسة عنوان " المشكلات المحتملة التي تواجه الأموال العربية في الخارج".
وحذرت حينها من المخاطر التي تواجه الأموال العربية الموجودة بالخارج، وعلى رأس هذه المخاطر تجميد الأموال ومصادرتها لصالح الدول الغربية.
وكنت حينها قد توصلت إلى أن التقدير الوسطي المقبول لحجم الأموال العربية المغتربة في أوروبا وأمريكا أكثر من أربعة تريليون دولار أي أكثر من أربعة آلاف مليار دولار، وإذا أضفنا إليها الأرباح المركبة لتلك المبالغ وما استحدث من تحويلات مالية عربية إلى الغرب خلال الأعوام التي تلت الدراستين، فسيكون الرقم المغترب مرعباً.
وقد أوضحت في دراسة تقرير البيان كافة التدابير الدولية التي اتخذتها كل الدول الغربية حيال تجميد ومصادرة الأرصدة الموجودة لديها، فعلى سبيل المثال قالت سويسرا: " يجدر التوضيح أن السرية المصرفية في سويسرا لا يمكن أن تشكل عقبة تعترض العدالة؛ إذ يمكن رفع هذه السرية فور تقديم طلب للمساعدة، وبوسع السلطات المختصة أن تجمد الأصول المالية، وقد أطلقت سويسرا مبادرة دولية تدعى(إنترلاكن) ترمي إلى فرض جزاءات مالية موجهة تستهدف قادة البلدان التي تنتهك السلم الدولي". وهذا ما حدث في حالة المخلوع "بن علي".
أما فرنسا فقد قالت: " يمكن لفرنسا على الصعيد الوطني تجميد حسابات الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين غير المقيمين، وذلك بمرسوم يستصدر بناء على تقرير الوزير المكلف وفقاً للمادة L-151-2 من القانون النقدي والمالي".
وأما باقي الدول الأوروبية فقد أوضحت أن "القواعد والتدابير التي حددها مجلس الاتحاد الأوروبي هي الأساس الذي يستند إليه في تجميد ومصادرة الأرصدة والأصول".
وبالطبع لا يتم توصية أمريكا وكندا على التجميد والمصادرة، وقد أوضحت الدراسة التدابير القانونية التي في ضوئها يتم مصادرة الأموال عندهما.
الخطورة تكمن في أن هناك تشريع دولي اتفقت عليه الدول الغربية وهو أنه " يجوز لكل دولة طرف معنية أن تنظر في إبرام اتفاقات تنص على اقتسامها الأموال المتأتية من عمليات المصادرة مع غيرها من الدول".
وبناء على ذلك فقد قلت حينها أن جميع الأموال الإسلامية والعربية الصالحة والطالحة الموجودة في الغرب، لا تتمتع بغطاء السرية المصرفية فهي معلومة للحكومات الغربية، ويمكن مصادرتها من قبلهم في أي لحظة وهو ما حدث مع بن علي وأسرته ومن قبله مع الأموال العراقية، وبينت حينها أن الأموال الملوثة موقفها غاية في الصعوبة، واستشهدت بتنبيه الخبير الأمني اللواء "عصام الترساوي" الذي قال في دراسة له بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية " أن الدول الصناعية المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة من أهم البلدان التي تتم فيها عمليات غسيل الأموال، كما تعتبر تلك البلدان- وغيرها- ملاذاً آمناً للأموال (القذرة) النازحة من الدول النامية والفقيرة، والتي تتم في الغالب بمعرفة قياداتها السياسية والاقتصادية الفاسدة، وبالتالي فكما أن هذه الأموال خرجت من ديارها مسروقة، فإنه يتم مصادرتها لحساب الدولة المضيفة، وليس لحساب الدولة التي سرقت منها". 
لو كان "بن علي" قرأ هذا الكلام وعلم مسبقاً أنه سيخرج من "الليلة" خالي الوفاض، لسحب الأموال من أصدقائه أعداء الأمة الذين باعوه بلا ثمن.
لا يهمني "بن علي" ولكن ما يهمني الآن هو التأكيد على أن كل دولار عربي وإسلامي مغترب في الغرب معرض لخطر المصادرة، وبالقانون المفصل ستصادر الأموال العربية لصالح الغرب نفسه، فهل آن الأوان لأثرياء العرب أن يسحبوا أموالهم المغتربة والمعرضة للمصادرة في أي وقت من قبل الغرب، ويستثمرونها في ديارهم وأوطانهم العربية والإسلامية، التي هي في أشد الحاجة إليها، ليفتحون بذلك آفاقاً جديدة لأنفسهم ولأبناء أوطانهم، أم يتركونها للذئب الغربي يأكلها كما أكل غيرها، وفي كلٍ سيسألهم عنها ربهم بعد مماتهم؟.

المصدر: المصريون  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق