الجمعة، 21 يناير 2011

ربح البيع يا تمام أبو السعود


ربح البيع يا تمام أبو السعود


صهيب الحسن/غزة


لقد كانت ضربة معلم بحقّ حين أجبر مشركي قريش الصحابي الجليل عمار بن ياسر على ذكر آلهتهم، في الوقت الذي كان مشبوحاً فيه أمام والديه في مشهد مهيب لم تفلح الأساليب البلاغية في وصفه وإدراك كنهه، وبالرغم من ذلك فلقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم آل ياسر بمقام كريم في جنةٍ عرضها السموات والأرض، وتبت الأيدي الآثمة التي طالت الأجساد المؤمنة الطاهرة الموحدة بالله، حيث لم يغني عنها مالها وسلطانها ولا أجهزتها الأمنية التي كانت ترقب الفئة المؤمنة وتتصيد تحركاتها، وتضرب عمق اجتماعاتها في كل شبر من مكة المكرمة، التي عادت إليها ذات الفئة المقهورة مرة ثانية فاتحة مستبشرة بنصر الله المبين !

ليست مصادفة أن تتشابه الوقائع التاريخية والأحداث لتحاكي واقع مرير تعيش تحت حرابه الضفة المحتلة، حيث تتعرض لمشروع إستئصالي وإحلالي في ذات الوقت، فبالتزامن مع عمليات الخيانة تحت مسميات التنسيق الأمني والتعاون المشترك، تجري في المقابل مهمات من نوع آخر، الهدف منها تفكيك البنية التحتية لقوى المقاومة، وهذا ليس افتراء بقدر ما هو اعتراف مبين تتشدق به جميع قيادات وأجهزة سلطة رام الله، وتحت عناوين سيادة القانون يتم ارتكاب المخالفات والتجاوزات الكبيرة، لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، فهي تحظى بالدعم المكلل بالتوجيه والإشراف الأميركي تحت رعاية الجنرال الأميركي مايكل مولر .

وبعد أن فرغت الأجهزة الأمنية بشكل نسبي من ملاحقة ومطاردة قيادات كتائب القسام، سيما بعد إهدارها دم السمّان والياسين وعطية والبتلي، ناهيك عن اعتقال من بقوا على قيد الحياة وإصدار أحكام جائرة بدون لائحة اتهام جديرة بالإطلاع كما جرت العادة في محاكمة الحثالات والمجرمين والحشاشين واللصوص الأفّاكين، فإذا كان هؤلاء الشرفاء المجاهدين هم حقاً مجرمين فليست هناك مشكلة في محاكمتهم بشكل علني وإبراز لائحة الإتهام الصادرة بحقهم إن كانت فعلاً جديرة بالإهتمام فضلاً عن تبرير اختطاف أكاديميين وصحفيين ورؤساء مجالس طلابية، وأخيراً وليس بآخر في سلسلة الإنتهاكات اليومية ما جرى من اعتقال للنساء المربيات الفاضلات .

وإذا كان ما يجري في الضفة المحتلة لا يعدو كونه توصيفاً لإنعكاسات الإنقسام الفلسطيني، حيث يتم استثمار ترسانة هائلة من المؤسسات على مختلف اختصاصتها في تدعيم هذا الوضع بحيث يبدو أنه مجرد افرازات لخلاف سياسي بين فصيلين فلسطينيين، تتضافر من خلاله جهود بقية التيارات لاحتوائه وانهاءه والعودة إلى الصف الوطني وصولاً إلى الوحدة الوطنية لمجابهة الإحتلال على قاعدة الثوابت والإعتراف بالشرعية الدولية.

وفي خضم هذه التعابير الإنشائية حول إنهاء الإنقلاب، والعودة إلى مربع المصالحة من جديد، فجرت حركة فتح فقاعة إعلامية جديدة أربكت حسابات الجميع، وشكلت صدمة كبيرة لكل الجهود المبذولة في سبيل الكشف عن جرائم الأجهزة الأمنية، وكفّ أيديها الآثمة عن الشرفاء وحتى النساء، من خلال مؤتمر صحفي يتحدث عن الإفراج عن المربية الفاضلة الأرملة تمام أبو السعود في مقابل الإعتذار لرئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس، وإلى جبرين البكري محافظ نابلس كشرط لإنهاء معاناة استمرت قرابة الشهرين في سجن الجنيد الملئ بالمئات من المختطفين والذي تمارس فيه أفظع وأشنع الانتهاكات بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وهذا أيضاً ليس محض إفتراء إنما هي حقيقة مثبتة بشهادات حية تنبض بالألم والقهر الفكري والجسدي، وإلا فلتفتح هذه الأجهزة سجونها أمام جميع منظمات حقوق الإنسان بلا استثناء وبلا انتقاء لتثبت خلاف ذلك !

حين قرر الأبطال الستة خوض الإضراب عن الطعام، لم تكن مبادرتهم مهترئة ممجوجة بالأكاذيب الفتحاوية التي تحدثت عن إضراب مشابه لمجرمين أدانوا أنفسهم قبل أن يدينهم أحد واعترفوا عبر وسائل الإعلام بذلك، في ذلك الوقت بلغ بالأبطال الستة الإضراب الذي تجاوز الأربعين يوماً بالعزيمة والإصرار، ما حذى بالأجهزة الأمنية للإنتفاض خوفاً وهلعًا من هذا السلاح الذي كشف زيف إدعائاتهم، فلم يقدم المضربين على هذه الخطوة، إلا بعد أن ضاقت بهم الأرض بما رحبت، حيث انتهى مصيرهم في سجون أريحا الذي تمارس فيه أيضاً أشنع وسائل التعذيب، لكن هذه الإنتهاكات كانت تضيع تحت عناوين الإصلاح الإقتصادي والبناء المؤسساتي وافتتاح الطرق والمشاريع، لكنها في نهاية المطاف اثبتت جدواها فخرج الأبطال وجبينهم على الأرض سجوداً وشكراً لله تعالى، ما لبثت أن تلقفتهم الأيادي الصهيونية من جديد ليكملوا المشوار الذي بدأوه في سجون السلطة التي سقطت جميع محاولاتها لتزوير أحداث هذا الإضراب .

إذاً لا مجال هنا للمزايدات واختلاق الإفتراءات والإدعاءات حول وجود معتقلين سياسيين تحت أقبية التحقيق لدى سلطة فتح، فهي مثبتة بمجهودات اخترقت جميع حواجز التكتيم والتكميم الإعلامي المفروض، لتؤكد على صدق الأنباء التي تتحدث عن اختطاف وتنكيل وقتل، وها هي دماء الشيخ مجد البرغوثي، وهيثم عمرو، والحاج عمر القواسمي، تشهد على قسوة اليد التي ارتهنت إلى الشيطان بالتنسيق الأمني والإشراف الأميركي.

بعد الحديث عن جرائم السلطة التي استهدفت جميع المؤسسات والبنى التحتية للمقاومة الفلسطينية، جاء الدور على المرأة الفلسطينية لينالها نصيب وافر من هذه الممارسات الدنيئة، فجاءت صنيعة الإفك التي أحدثها منافقوا العصر الحديث حول أكذوبة محاولة اغتيال محافظ نابلس، الذي لا تأثير ملموس لديه على الأجهزة الأمنية، حيث كان مجرد ملهاة بيد الأخيرة تحركه في مسرحية ما يسمى بمحاولة الإغتيال العناون الأبرز الذي تم بموجبه انتهاك واختطاف عشرات شباب حماس في نابلس، تكللت باعتقال المجاهدة والمربية الفاضلة " تمام أبو السعود " التي ذاع صيتها في جميع أوساط الشعب الفلسطيني، حيث خرجت الحملات الشعبية والرسمية للمطالبة بالإفراج عنها، وتدخل وساطات متعددة في سبيل معرفة أوضاعها وحيثيات اعتقالها، لكن عبثاً فطوال مدة شهرين كانت الظروف التي اكتنفت الإعتقال مغيبة عن وسائل الإعلام بشكل تام، ما دفع بأبناءها وبناتها للصراخ بالمناشدات لمعرفة أوضاع والدتهم !

وفي الختام صدرت المكرمة الرئاسية بالإستجابة ليس لنداءات الأبناء فحسب، بل إلى نداءات المصالحة والعودة إلى الصف الوطني، وذات الديباجات الممجوجة عن انهاء الإنقسام والوحدة الفلسطينية، بالإفراج عن الداعية المربية تمام أبي السعود، حيث ظهرت في مؤتمر بتغطية صحفية " غير مباشرة " و تصريحات غير مقنعة من محافظ نابلس و تمام أبي السعود،تدحضها المدة السابقة التي قضتها المرأة في الإعتقال بدون توضيح لظروفها ولا حتى زيارات لأبناءها، فكيف تخرج في هذا الوقت بالذات بعد الضغوطات الشعبية والرسمية وقرار افراج مسبق من المحكمة العليا يؤكد براءتها لتقول المرأة أنها مذنبة ومدانة ؟!!

هذه شهادة مشكوك في مصداقيتها صدرت تحت وطأة التعذيب والشبح والإبتزاز، وغابت تفاصيلها تحت عناوين قام باعداد مضامينها المشرف الأميركي والمنسق الصهيوني المتواطئ في اعتقال نجل تمام أبو السعود، فلا ريب أن تشارك السلطة الفتحاوية التي لا تتعلم من تجارب التاريخ إلى الآن، وتأبى إلا المواصلة في طريق نهايته وخيمة لا تجلب لنفسها سوى الدمار والعار.

هناك تعليق واحد:

  1. --------------------------------------------------------------------------------

    أبو الفرقان

    أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أن الإفراج عن المربية تمام أبو السعود جاء نتيجة الضغط الشعبي، موضحة أن ما جاء في مؤتمرها الصحفي كان نتيجة الضغط والابتزاز الذي تعرضت له من قبل سلطة فتح للإفراج عنها.



    وقالت الحركة في بيانٍ لها تلقت شبكة فلسطين الآن نسخة عنه، مساء الأربعاء،: "في الوقت الذي نهنئ فيه الأخت المربية تمام أبو السعود ونهنئ عائلتها الكريمة بالإفراج عنها من سجون سلطة فتح في الضفة الغربية، فإن الإفراج ما كان له أن يكون لولا الضغط الذي مارسه الشعب الفلسطيني ضد سياسة القمع والاعتقال السياسي وكبت الحريات التي تجري في الضفة الغربية".



    وشككت "حماس" جملةً وتفصيلاً في حقيقة ما جاء في المؤتمر الصحفي الذي أُجبرت عليه المربية تمام أبو السعود فور خروجها من سجون سلطة فتح حيث، مؤكدة أنه وضع على لسانها اعترافات أجبرت عليها قصراً وتحت التعذيب.



    وأشارت إلى أن هذا يؤكد على النهج الابتزازي من قبل السلطة في الضفة للمعتقلين السياسيين من أجل تهيئة الأجواء لإعادة اعتقالهم من قبل العدو الصهيوني.



    وحذرت "حماس"، من هذه السياسة الخطيرة التي تمارسها سلطة فتح في الضفة الغربية، داعية كل أبناء شعبنا والغيورين على القضية الفلسطينية وكل الأحرار لمواصلة الضغط على سلطة فتح في الضفة الغريبة من أجل الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين لديها وإنهاء ملف الاعتقال السياسي وضرورة تكاتف كل الجهود لفضح ممارسات القهر والابتزاز الذي تمارسه سلطة فتح في الضفة الغربية

    ردحذف