الأحد، 23 يناير 2011

اليك بنيتي ساجدة جمال ابو الهيجا ... دموعك الغالية ابلغ رسالة




نائب في المجلس التشريعي
 
اليك بنيتي ساجدة جمال ابو الهيجا..
دموعك الغاليةابلغ رساله...

النائب : فتحي قرعاوي
إنها ساجدة أبو الهيجا إبنة القائد جمال أبو الهيجا . كان قدرها أن تنشأ في بيت المحنة والابتلاء منذ أن فتحت عينيها على هذه الحياة، لقد رضعت الهم مع حليب أمها وشربت حسرة الفراق منذ نعومة اظفارها مثلها مثل باقي أسرتها، وكأنها أرادة الله على بعض عباده أن يميزهم بالامتحان والابتلاء الذي لا يتحمله غيرهم من البشر وكأنهم اُعدوا لذلك ليُصنعوا على عين الله حتى اذا بلغو اشدهم كان لهم شأن، فتلك حكمة الخالق التي لا يدركها كثير من الناس. ان اصحاب الابتلاء لهم عالمهم الخاص فيما بينهم وبين انفسهم وبينهم وبين الله وليس من فراغ أن يُجمع ما لهؤلاء من رصيد ليعطوا أجرهم كاملا على الملأ يوم القيامة مما يجعل أصحاب النعمة والعافية والجاه والسلطان والمنصب يحسدونهم ويتمنون على الله انهم قرضوا بالمقاريض ونشروا بالمناشير لما يروا من فضل الله على اصحاب البلاء ..ولهذا كان سر اطمئنان وصبر كل من أوذي في جنب الله من اصحاب الهم والغم والحزن وكل من جلد ظهره او سحق عظمه او غيب حبيبه في غياهب المجهول انهم قد ُخصوا بمكرمه ربانية يوازيها عظم عطاء الله يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.
لقد فتحت ساجدة عينها على المخيم في تلك العلب المتراصة والتي تسمى بيوتا وكأنها أعدت سلفا ليوم اللجوء فلا شجر ولا زرع ولا بستان ولا ساحة منزل ولا أرجوحة ولا حتى مكان للتمشي، سجن صغير ولكن بدون أسوار ومن أجل أن تكتمل صورة السجن أذكر انه كان في المخيم مكان واحد لقضاء الحاجة ومكان واحد لسقاية الناس الماء ومكان واحد يتجمع الناس فيه مرة في الشهر للحصول على ما تقدمه وكالة الغوث مما يجود به من كانوا سببا في مأساتنا.
لقد فتحت عينيك يا ساجدة وأنت تطلين من طاقة الغرفة الصغيرة والتي يحشر فيها كل اخوتك انفسهم للنوم وانت تسترقين السمع والنظر الى جنود الاحتلال وهم يهرولون عبر زقاق المخيم يطاردون الفتيان ..
ألناس كل الناس ينتظرون العيد الا المخيم الحزين أهله ،تدخل سيارات الأونروا وهي تحمل اكياس الطحين والمنتهية صلاحيته والتي كتب عليها هدية الشعب الامريكي للشعب الفلسطيني في حين تدخل البوارج الى ميناء حيفا محملة بالات قتلنا من جميع اسلحة الدمار والموت .
لقد ادخلت يا ساجدة اصابعك الصغيرة في اذنيك أنت واطفال المخيم لتتقي اصوات المدافع التي كانت تدك بيوت المخيم بيتا بيتا بعد ان فشل المحتل في اقتحامه بعد ان وقف الرجال صفا واحدا يصدون العدوان بصدورهم ولم يتخلى منهم احد .. كلهم .. لم يتخلف منهم واحد ..ابناء عين حوض وقنير وصبارين وام الزينات وخبيزه لقد كانوا على قلب رجل واحد، أما الان يا ساجدة فالأمر اختلف وصارت العائلات قبائل كل قبيلة تقف في وجه اختها وكل قبيلة تقاطع جارتها والمحتل القاتل يا ساجدة صار صديقا والحوار واللقاء معه استراتيجيا وأولوية .وأنت يا ساجدة حزينة كئيبة محاصره ترقبين المشهد بصمت.
لقد رأت عيناك الطائرات وكأنها نذر الموت تبذره وتبذر والقتل والهلاك والدمار في كل مكان فتزلزل تلك العلب الصغيرة والمسماة منازل فتذرها قاعا صفصفا .. ورغم ذلك كان الفشل ببركة الرجال الذين انشدوا في حينه .. (هاي دار العز واحنا رجالها) ويشتد العدوان شراسة وبدأ المخيم يتهاوى بيتا بيتا وحيا حيا وزقاقا زقاقا وانت تنظرين الى الرجال الرجال وهم يجندلون ويذهبون الى الله بنفوس مبتسمة راضية بعد ان قدموا ما عليهم .. خرج الناس من تحت الركام ومن بين الدمار ومن وسط النار ومن خلال رائحة الموت التي تنتشر في المكان افواجا افواجا يوارون الشهداء الثرى ..محمود الطوالبة، قيس عدوان ،عبد الكريم السعدي، وابو جندل، ووائل ابو السباع، وجمال التركمان، واحمد حسن ابو الهيجا، وغيرهم وغيرهم لا نعرفهم .. حسبهم ان الله يعرفهم ..كل ذلك يا ساجدة وانت تكبرين ويكبر معك الهم فدموعك السخية هطلت حزناً على والدك جمال المطارد ثم الجريح الذي بترت يده وسبقته الى الجنة .. ثم الاسير الذي غاب في ذاكرة النسيان لقد كنت تخرجين منذ الصباح الباكر أنت وأمك وتضطرين احيانا للمبيت في مقر الصليب الاحمر علك ترينه وكم من مرة تعودين حزينة كئيبة وقد منعت من الزياره. لقد جاءتك الاخبار انه تم تجديد العزل لوالدك وقد كنت تقارنين ببراءتك الطفولية بين عزل والدك في سجن نفحه وبين حياة العزل خارج السجن رغم رحابتها .. فكلنا يا ساجدة محاصرون .. فوالدك معزول محاصر بجسده ونحن اليوم معزولون محاصرون في كل شيء نظراتنا محاصره .. همساتنا محاصره حتى شهيقنا وزفيرنا محاصر فلا يدخل ولا يخرج الا بتصريح وسمعنا محاصر فلا يدخل اليه الا ما يراد اما اباك فهو الحر رغم الحصار ..
لقد كبرت يا ساجدة وانت الان في الصف التاسع وكبر معك الهم الذي أبى أن يفارقك ولكن رغم ذلك كان اصرارك على التفوق والبروز في المجال العلمي وكبر معك الاصرار والتحدي مهما كانت الصعاب ،لقد سررت وانا اتابع زيارتك للمجلس التشريعي ضمن وفد النواب الصغار الذين تم اختيارهم ، وكم سررت لذلك وانت تدخلين عالم السياسة مبكرا.. لتحملي هم شعبك.. لقد فهمت السياسة ليس كما يفهمها الكثير من السياسيين ، احببت فيك جرأتك في قول الحقيقة وفي فتح ملفات تهرب الكثيرون من فتحها والتي لم يجد الكثيرون اجابة عليها .. كم انا فخور بك عندما توجهت بكلماتك الطفولية البريئة الصادقة والتي خرجت من وجع والم وحزن عندما واجهت ارباب السياسة بكل الصراحة والوضوح من تحت قبة البرلمان الحزين المهجور والذي منع اهله واصحابه من دخوله .. لقد صحت دون ما خوف او وجل او تردد اين اخي عبد السلام لقد حاولنا ان نفرح ولو لمرة واحدة عندما قررنا تزويجه ولكن سرعان ما يتم اعتقاله كلما اقترب موعد زواجه.. لم تطلبي مستحيلا.. لم تطلبي المساعدة على اطلاق سراح جمال ابو الهيجا فتلك قصة وحدها لها اصحابها ورجالها ...
ولكن عبد السلام الذي اُخذ في ظلمة الليل وعندما حلمنا بالفرحة ولو لمرة واحدة تم تغيبه .لقد صحت بالجمع ماذا تفعلون وما هو دوركم؟.
صمت الجميع يا ساجدة ولم تكن اجابة لقد احرجوا الا أن البعض اعتبرها استفزازاً فأجابك قائلا هذا جزاء ما فعلتموه في غزة ..!
الا أن جرأتك واصرارك على سماع الإجابة جعلك تصرخين في الوجوه مرة اخرى أين أخي ما هو دوركم ماذا تصنعون هنا ..؟ ورغم تحميلك يا صغيرتي مسؤولية ما حصل في غزة وكأنك أردت ان توصلي لهم ان لا علاقة لي بذلك ولست أنا المسؤولة عن الانقسام فأنا اريد ان ارى عبد السلام العريس واريد ان ارى جموع الناس يغنون لعبد السلام ( عريسنا زين الشباب ) اريد ان ارى امي تبتسم ولو لمرة واحدة لقد نسيتُ ضحكتها .. انا اعرف ان دموعك قد فاضت مرة اخرى ولكنها كانت رسالة واي رسالة وترددت اسئلة كثيرة في ذهنك هل يجب ان يدفع عبد السلام وعاصم واخوانهم ثمن الانقسام لوحدهم ..؟ لقد وصلت رسالتك أما دموعك الغزيرة البريئة لا بد ان تكون شلال حريه واشارة واضحة المعالم ان دوام الحال من المحال وان ليل المحنة لن يطول وانا على يقين يا صغيرتي ان عبد السلام سيخرج وكل اخوانه، وان جمال سيعود ليعيد لك البسمة ويدخل على قلبك الفرحة ويمسح بيديه دموعك ..ويعيد لك الامل من جديد،فهذا الوطن عودنا على البسمة في أحلك الظروف وأصعبها رغم ان (خدنا تعود على اللطم) فلن نلطم بعد اليوم يا ساجدة فمستقبلنا واعد وامنا كبير وارهاصاته ظاهرة واضحة نراها بادية في الافق القريب فلا ياس بعد اليوم ولا حزن ولا هم فأنت واترابك من هذا الجيل هم من سيصنع مستقبلنا القادم رغم الغيوم الحالكة والرياح العاصفة ولن نعدم ثقتنا بخالقنا ثم بقدرتنا على استمرار مشوارنا
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق