الأحد، 23 يناير 2011

أمة لن تموت والدليل تونس

الحمد لله الجاعل بعد العسر يسرا الواعد المؤمنين خلافة في الأرض ونصرا, القائل: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}
والصلاة والسلام على المبشر النذير, القائل: {بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ, فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ} إسناده قوي (مسند أحمد)
أيها الناس: أعلم أن الأبصار ما زالت تترقب ما يحصل في تونس. والأسماع تتشنف لسماع حقيقة ما جرى ويجري على أرض عقبة بن نافع رضي الله عنه.
ولكن, أستميحكم عذراً لابتعادي عن التحليلات السياسية التي لا غنى عنها للأمة الإسلامية التي تنشد الخلاص بالوعي السياسي والإخلاص, وأتناول في هذه العجالة المبشرات والمؤشرات على اقتراب الأمة من وعد ربها وبشرى رسولها بالخلافة على منهاج النبوة, فالله جعل في كلِّ محنة منحة, ومن رحم البلاء يُولد الفرج, وبعد الغروب شروق, ولكل ليل نهاية.
عبادَ الله: ليس استغفالاً مني للمهم من أحداث تونس, بل استبشاراً للأهم من حقائقها ودلالاتها.
وأول هذه الحقائق ما يتعلق بالأمة, فالأمة حية ولن تموت وها هم أبناؤها في تونس خرجوا من بطن الحوت ومن بين أنياب الطاغوت ومخالب الجبروت, خرجوا معلنين للعالم أن لا سكوت بعد اليوم على الظلم ولا صبر على الظالمين, ولا بدِّ من التغيير.
والحقيقة الثانية: أن التغيير وإحداث النهضة وبناء المجتمع يمر عبر أهل القوة والمنعة من أبناء الأمة, فإسقاط العروش لا يكون إلا بتحريك الجيوش, فها هو الجيش في تونس عندما تحرك بدافع معين ولهدف مرسوم أحدث التغيير, وغيّر المعادلة.
والحقيقة الثالثة: هي ما يتعلق بإمرة الصبيان, بأمراء الفرقة حكام دويلات الضرار و, كيف أنهم ليسوا منّا ولسنا منهم, وهم مجرد نواطير نصبهم الكافر المستعمر لخدمة مصالحه في بلادنا, وها هو شين الهاربين بن علي في تونس, ولّى مدبراً ولم يعقب إلى أحضان بل أقدام أسياده فرفصوه ولفظوه لفظ النواة, بعد عقدين ونصف من الخدمات الجليلة لهم.
والحقيقة الرابعة: تتلخص في قول الله عن أعداء الإسلام والمسلمين (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) فالكافر لا ينام ولا يهدأ له بال إلا بالتآمر على أمة الإسلام, فما أن تحرك أهل تونس تحركاً عفوياً إلا وتحرك من ورائه الأحزاب العميلة والحركات المشبوهة والتيارات المدسوسة, لمآرب شخصية ولمصالح دنيوية ولحرف الناس عن الأهداف الحقيقية.
والحقيقة الخامسة: كيف أن التغيير يجب أن يكون للفساد عقيدة ومنهاج حياة وليس للمفسدين فحسب, فالله لا يُصلح عمل المفسدين, فعمل المفسدين هو ما قاموا عليه من أسس ومبادئ وما يطبقونه من كفر وفساد وما يهدفون إليه من ضلال وانحلال, فلا بد من التغيير الجذري الشامل.
أيها المسلمون في تونس: نستحلفكم بالله العلي العظيم الذي إياه تعبدون وتستعينون وعليه تتوكلون, ونناشدكم برسولكم الكريم الذي به تقتدون وعلى نهجه تسيرون, ونستصرخكم بدمائكم الزكية التي سفكت على أرضكم الطهور. أن لا ترضوا بالترقيع وأنصاف الحلول ولا تسمحوا لأحد بحرف البوصلة بأمواج الكيد والتآمر, ولا تقبلوا عن الحكم بالإسلام بديلاً, ولا عن القرآن دليلاً, ولا عن الرسول أسوة وخليلاً, ولا عن الخلافة دولة وطريقاً, وامضوا حيث تؤمرون, إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب.
اللهم حقق وعدك, وأنزل نصرك, وانشر رحمتك, وكن لنا ناصراً ومعيناً كما عهدناك فأنت خيرٌ حافظاً وأنت أرحم الراحمين.
سلسلة خواطر حامل دعوة ( 283 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق