الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

حامد العلي : ثـورة الويكيليكس !


حامد العلي : ثـورة الويكيليكس ! 


حامد بن عبدالله العلي

المعادلة سهلة للغاية ومباشرة : إذا كان كلُّ شيء في الإنسان إنما يبدأ من العقـل ، فإذا تغيـَّر العقـل الجمعي للناس ، فالتغيـير السياسي قادمٌ لامحالـة.

ولاريب أنَّ مساق السنن الكونية ، ومسارات التاريخ ، تقود إلى نتيجة حتمية واحدة ، هي أنَّ الأنظمة العربية الحالية في طريقها إلى الزوال ، بل بعضها قد انتهى عمره الإفتراضي أصـلا حسب قوانين الطبيعـة ! 

وأنّ التغيير واقـع ، ماله من دافـع ، ذلك أنّ ثورة المعلومات ، والإتصالات ، سوف تغـيّر الخارطة السياسية في المنطقة العربية برّمتها ، كما غيرت الحياة كلَّهـا ، شـاء من شاء ، وأبى من أبى .

وليس الذي يجري في موقع الويكيليكس سوى أحد تجليـّات هذه الحقيقة ، فقد كانت الأسرار السياسية للدول الغربية تبقى حبيسة أرشيف لاتطولـه يـدٌ ، ولا تقع عليه عينٌ ، ولاتُكشف إلاّ بعد مضيّ عقود ، وعلى قدر ما يرغبون في كشفـه أيضا ، وعندما لايبقى لتلك الأسـرار أثـرٌ يذكـر على العلاقات السياسية الدولية ،

أما اليـوم فما كانت أمريكا ليخطر على بالها أن تجد نفسها في هذا الحرج العالمي ، وبرقياتها السياسية السريـّة تنشر على الملأ  لاسيما التي تكشف وجهات النظر كانـت طـيّ الكتمان في رؤساء دول ، تبشُّ أمريكا في وجوهـهم بنفاقها المعهـود لتستخدمهم في أطماعها _ فتفضح من خبايا الزوايا ما لو قدرت أن تدفـع الملايين لتحول دون أن تنشـر ، لفعلـت . 
ثـم تضطر إلى إجراء إتصالات سريعة بحلفائها لتدارك الموقف ،
حتى نقلـت وكالات الأنباء : ( وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أجرت اتصالات بإحدى عشرة عاصمة دولية ، في محاولة لتخفيف أثر الصدمة التي سببتها المعلومات الواردة في البرقيات الدبلوماسية المسرَّبة ) .
وأيضا نشـر على نطاق واسع في الإعلام : ( يرى الأميركيون أن نشر هذه الوثائق التي قد تتضمن تقييمات صريحة لقادة ، وحكومات دول أجنبية ، يمكن أن يؤدي إلى تآكل الثقة فـي الولايات المتحدة كشريك دبلوماسي ) .

ولكن هيهـات ، فقـد سبق السيف العذل .

إنَّ هذه الثورة الهائلة والسريعة التي فَجَـأت فبهـتت التطوُّر السلس والهادىء للحياة البشرية ، ستحدث زلازلَ وبراكين في الجغرافية السياسية العالمية ، والإقليمية ، ريثما تكمل دورتها الطبيعية ، فتهـدأ لتكشف عن مشهد جديد بالكلية .

ومن الأمثلة المدهشـة على مدى التأثير التي تحدثه هذه الثورة المعلوماتية والإتصالاتيه ، ما نشرته صحيفة لوس أنجلوس الأميركية ، أنَّ ( دول الخليج العربي بشكل عام تتحاشى عادة انتقاد إيران بشكل علني ، ولكن الوثائق كشفت أنّ ما يجري في الخفاء مختلف عما يجري بالعلن ، فكلُّ من العاهلين السعودي ، والبحريني ، ظهر أنهما حثـّا الولايات المتحدة بشكل سرّي على ضرب المنشآت النووية الإيرانية ، وتقول إحداها إنَّ أحد المسؤولين السعوديين قد ذكّر الأميركيين بأنّ العاهل السعودي قد طالبهم مرارا " بقطع رأس الأفعى " قبـل فوات الأوان ) .

ومنها أنّ هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية أمرت بجمع معلومات عن الأمين العام للأمم المتحدة ، وكبار مساعديه ، ومندوبي الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن ، كما أمرت بجمع معلومات عن قادة حماس والسلطة الفلسطينية ، والتجسس يشمل أرقام بطاقات الإئتمان ، بل الحمض النووي !

وأنَّ عملاء للحكومة الصينيّة شنّوا حملة تخريب منظمة لأجهزة كمبيوتر استهدفت الولايات المتحدة وحلفائها.

وأنَّ أمريكا حاولت بصورة سريـّة سرقة يورانيوم عالي التخصـيب ، من مفاعل باكستاني للأبحاث.

وعلى أية حال فالوثائق المنشورة تحتاج إلى أشهر لتحليلها ، فهي أكثر من 250 ألف رسالة سياسية ، ولعلها تتضمن أخطـر من هذه الفضائح بكثيـر. 

وهي إلى جانب ما نشرته من فضائح مؤثـرة ، ستقلب الموازين في عالم الدبلوماسية الأمريكية ، محدثـةً نفس الأثر الذي أحدثته الأزمة المالية في الإقتصاد الأمريكي ، هـي أيضـا تكشف على الملأ وبشكل غير مسبوق ، آلية عمل الهيئات السياسة ، والإستخباراتية ، الأمريكية ، وأساليبها ، بصورة عامة ، وكذلك في دول أخرى ، مثل الصين ، وروسيا ، وفرنسا ، والعالم العربي ، فيؤدي ذلك إلى إضعاف الهيمنة الأمريكية بشدة .

وفي هذا الحدث الذي فجـّر دويـّا عالميـّا أمس عدّةُ عبـر مهمة : 

إحداها : أنَّ الإنهيـار الأمريكي يبدو أنـَّه سيكون أسرع من المتوقع ، فهذه الفضيحة سيكون لها أثـرٌ خطير على أمريكـا ، وهي من جهة أخرى تعكس أنَّ التمدُّد الإمبراطوري الأمريكي بلغ درجة لايمكنه السيطرة على ما يجري ، ولهذا سلّط الله تعالى عليها لعنة من داخلها ، من الساخطين على طغيانها ، فأخذوا يسرّبون هذه الفضائح إلى موقع الويكيليكس من حيث لاتستطيع أمريكا معرفتهم ، ولا ملاحقتهم ، فوقفـت عاجـزة أمام هذا التسريب الذي بدأ يدخـل المـاء إلى السفينة ، ويسحبها إلى الغـرق.

الثانية : أنَّ أي مقدار من حريـة النقد الإعلامية الحقيقية في العالم ، قادر _ مع عامل الزمـن _ على هزيمـة أعتى قوة طغيان فيه ، فهذا موقع الويكيلكس لم يصنع شيئا ، سوى أنـَّه فتح موقعا ودعا من لديه وثائق عن أيّ جريمة ، أو إنتهاكات ، أن يرسلها إلى الموقع ، ثم الموقع كفيلٌ بأنَّ يمسح كلَّ أثـر لمصدر الإرسال بحيث يحمي المرسِل من ملاحقات الجهات الأمنيـّة .

ثم إنّ هذه الدعوة قادرة أن تدخـل كلَّ بيت ، وكلَّ مكتب ، بل كلَّ جيب ، يحمـل جهازا محمولاً ، صغيرا كان أم كبيراً ، وما على الراغب في فضح الطغاة ، إلاّ أن ينسخ بلمسة ، ويرسل بلمسـة ، ثم العالم كله سيطلع على الحقائق .
ولاتستطيع أكبـر قـوّة إستخبارات في العالم أن تحول دون الناس وهذه الدعـوة .
ولما كانت الحريـّة هي عدوُّ الطغيان الأكبر ، كان الطغاة هـم أشـدّ المفسـدين في الأرض محاربـة للحرية .

أما في بلادنا العربية فقد وضعوا الأغلال على وسائل الإعلام ، بل الأقلام ، وأجهزة الكمبيوتر ، بل العقـول فأرهبوها أن تفكر إلاَّ وهي تتخيـّل هراوات الشرطة ، و( كلبشات ) الدرك ! لتبقى الشعوب قطعانا تولد في مستشفيات الولادة المهترئة ، لتدفن  على حسابها في بعض الدول _ في المقابـر الموحشة ، وتعيش بين ذلك تحمـِل هم سعـر الشعير !

هذا إذا كانت الحرية للإصلاح السياسي ، أما إن كانت لشتم الدين ، وحـرب الفضيـلة ، فمرحـبٌ بها أيمُّـا ترحيب ، لأنها لاتزيد الناس إلاَّ تعبيدا للسلطة السياسية.

الثالثة : هذه الوثائق تكشف أنّ ما يقـرّره المفكـّرون الشرفاء من أنّ السياسة الغربية بقيادة أمريكا تمــلأ شعوب الأرض خارجها ظلمـا ، وجـورا ، ليس إنجرارا وراء ( نظرية المؤامرة ) ، بل هو الحقيقة الماثلة جهارا ، نهارا ، كالشمس الساطعة في رابعة النهـار . 

الرابعة : كشفت ثورة الويكيليكس أهمية ( الضمير العالمي ) ، وكسبه إلى صـفّ قضايا أمتنا ، وأنَّ العالم مليءٌ بالشرفاء الذي يمكننا ضمّهم إلى حقّنـا ، والإستفادة من جهودهم لتحريرنا والعالم من الطغيان العالمي .

فهذا مؤسس الويكيليكس تعرض لمحاولات إبتزاز هائلة ، فلم يصدُّه ذلك عن عزمه نشر الوثائق _ وكـم من شيوخ الدين المزيّفيـن عندنـا مستعدون أن يفتـوا بما لايتوقعه إبليس نفسه لإرضاء الساسة الظلمة ، وقامـوا بإضفـاء القداسة المطلقة على أقـذر سلطة ، مقابل منصـب وضيع ، أو شيك بأموال الحـرام رقيـع _ كما تعرض أعوان مؤسس الويكيليكس إلى مضايقات كثيرة ، فزادهم ذلك إصرارا على ماعزموا عليه .

ولاريب أنَّ أجواء الحرية التي تعيش فيها هذه النماذج ، وتتنفّس هواءها النقي ، هي الأمُّ التي أنجـبتها ، والتربة التي أنبتـتها .

وكلُّ ذلك يرجع إلى حقيقة جاء بها الإسلام ، غير أنَّ الغرب هو الذي بات يُسيِّدها في شعوبـه _ على عكس ما يعامل به ساساتهم شعوبنا _ ، فسـاد بهـا : 

وهـي أنَّ الإنسان الفرد بقيمته الإنسانية ، وتمتُّعـه بحرياته الأساسية ، هو الأصل الذي ينبني عليه كلُّ من : النظام السياسي ، والعقد الإجتماعي ، والثقافية المجتمعية ، وجميع القوانين ، والعلاقـات .
ولهذا السبب لاتجد في البلاد التي تسودها هذه الحقيقة ، ألقاب النفاق التي تضفى على الزعماء ، بالجلالة ، والسموُّ ، والمقام السامي ، والعظمة .. إلخ ، ولا تعليق صورهم البائسة في كلِّ مكان فوق رؤوس العباد ، ولا الهتـاف بأسماءهم الملعونة في كلِّ موقف ، ولايبـدو معهم رجال الكنيسة في وسائل الإعلام ، قاعـدين معهم على كراس الظلم ، على اليمين والشمائل سُجـَّدا لطغيانهـم ، لإضفاء الشرعية المزيـفة عليهـم !
لأنهم هنـاك _ ببساطـة شديدة _ موظفـون ، ينوبون عن شعوبهم في حفظ حقوقها ، وضمان عدم المساس بحريّاتـها ، وكراماتها ، فإن بـدى منهـم تسخيـر السلطة لأشخاصهم ، أطيـح بهم وأتي بغيرهـم .
هذه هي القاعدة السياسية الأولى ، والثقافة المجتمعية المقدسة ، والقانون الإجتماعـي الأعلى الذي ميزت به تلك الشعوب أنفسهـا عن البهائم .
وهذا بعينه هو النظام السياسي الإسلامي ، الذي شوه صورته ، فقهاء التسول ، ووعاظ البـلاط ، وعلماء السوء.
الخامسـة : أنَّ سـرّ هذه القوة على فضح الطغيان الأمريكي ، يكمـن في الصغـر ، والسرعـة ، فلولا القدرة على تصغير المعلومات ، وما يحملها من آلات ، إلى درجة بالغة الدقة ، وسرعة نسخها ، ونقلهـا ، لم يمكن تسريبها ، ولا بثَّهـا عبر الإنترنت إلى هذا الموقع ، فسبحان الله الذي جعل هزيمة القوة الهائلة ، بالآلات المتناهية في الصغـر !

وذلك كما يصرع الفيروس الإنسان المتجبـِّر ، وتتفجـَّر الطاقة المدمـّرة الهائلة من نواة الذرة ، والله على كلِّ شيء قدير ، وهاهـو الإنسان من أصغر المخلوقات في الكون ، بينما هـو مركزه ، وله خلق الله تعالى المخلوقات بأسرها .

وختاما فإنَّ الحدث هائل ، وخطيـر ، وفيه من العبر ما هو أكثر من هذا بكثيـر ، وعلى قادة الفكر الإسلامي أن يرصدوه ، ليستفيدوا منه في إشعال عوامل النهضة ، وجمع مقومـات العودة الحضارية لأمّتـنا.

وأهم ذلك السعي لتأسيس موقع عربي مماثـل ، يحث الشرفاء في مؤسسات السلطات السياسية في بلادنا على التأسِّي بما صنعه الويكيليكس ، بفضح : الظلم ، والطغيان ، وإنتهاك حقوق الإنسان ، ومصادرة الحريات ،

هذه الجرائم التي أصبحت _ وياللأسى _ العنوان الرئيس للأنظمة السياسية على طول الخارطة العربية وعرضها .

ومعلوم أنـّه لاخلاص لأمّتنـا إلاّ بإلحاق الهزيمـة الساحقة بالظلم ، بجميع أنواعه ، وعلى رأسـه ظلم العقل بمنعه أن يفكر إلاّ كما تريد السلطة السياسية ، وظلم اللسان بمنعه أن يتكلم إلاّ بما يرضى السلطة السياسية ، وظلم الإبداع الإنساني بمنعه أن ينطلق إلاّ في دائرة شهوات السلطة السياسية !!
هذا هو الظلم الذي جثم على أمتنا ، فجعلها مسخرة لأطماع الأجنبي ، ومسيرة بأهـواء طغاة العالم.

وبهذه المناسبة ندعو المحسنين من المنفقين في وجوه الخير ، أن يلتفتوا إلى أهميـة الإنفاق في هذه المؤسسات التي تحارب الظلم ، وأهمُّها المؤسسات الإعلامية ،

وأنه أهـمُّ من كثيـر من الأموال التي تذهب في وجوه أخرى تؤول إلى نفع لايلبث حتى ينقطـع ، أو يبقى محصور الفائدة.

وفي شريعتنا العظيمة حديث ( خير النَّاس أنفعهم للناس ) ، وأيُّ نفع أعظـم من رفع الظـلم عن المظلومـين ، فكيف إذا كان المظلوم أمّة بأسـرها ، تسلَّط عليها أخبث الطغـاة فحرموهـا من جميع حقوقها ؟!!



والله حسبنا ، عليه توكلـنا ، وعليه فليتوكّـل المتوكّلـون.

كفى إستفزازا لمشاعرنا يا حكومة



زياد أبو غنيمة يكتب : كفى إستفزازا لمشاعرنا يا حكومة فقد طفح الكيل
___________________________________________

ماذا تظننا حكومة السيد سمير زيد سمير الرفاعي وهي تمعن باستهتار وصلف في استفزاز مشاعرنا في أعزِّ ما يملك الأردنيون ، في دينهم ، وفي شرفهم ، وفي أخلاقهم ، هل تظن أن ما يسري في شرايين الأردنيين ماءا ً لا دما ، كيف يسمح السيد سمير زيد سمير الرفاعي الذي أقسم على احترام دستور الدولة الأردنية الذي تنصُّ مادته الأولى على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي على فتح مركز للتبشير بدين وضعي يعبد صنما ً، الا يعرف أن الإسلام جاء ليبطل عبادة الأصنام؟.

كيف يسمح السيد سمير زيد سمير الرفاعي على التبشير بدين يعبد صنما في بلد يقوده حفيد محطـِّـم الأصنام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؟.

كيف يسمح السيد سمير زيد سمير الرفاعي لمسؤول رفيع أن يرعى افتتاح مركز للتبشير بدين يعبد صنما في بلد كان مؤسِّـسه رحمه الله يفخر بتسمية جيشه بالجيش المصطفوي تيمنا باسم جدِّه محطم الأصنام؟.

وكيف يسكت السيد سمير زيد سمير الرفاعي حتى الآن على الإساءة إلى شرف كل أردني وأردنية التي وجهها نفر من السفلة والسافلات بالظهور عراة على مشارف البقعة الطاهرة التي تضمَّ رفات صحابة رسول الله أمين الأمة أبي عبيدة وشرحبيل وضرار ومعاذ؟.

ما أسرع ما ألقت حكومتنا القبض على شباب ملتزم يوزِّع حلوى على المصلين في العيد ، أما هؤلاء السفلة والسافلات الذين نشرت أحد المواقع الإلكترونية صورهم بعريهم المخزي الذي تأباه فطرة وأخلاق وشرف كل أردنية وأردنية فما زالوا يعيثون فسادا في هذا البلد الطيب الحبيب دون حسيب ، لكأنَّ كل ما اجترحته هذه الحكومة من تزوير لإرادة الشعب ، ومن تأجيج لنيران الغلاء ، ومن تدريب لقتلة أهلنا في فلسطين ، ومن .. ، ومن .. ، ومن .. ، لم يشبع نهم هذه الحكومة في استفزازنا.

يا حكومة سمير زيد سمير الرفاعي ، كفى استفزازا لمشاعرنا ، لقد طفح الكيل.

وكالة سرايا

الفاعلية هي المقياس


الفاعلية هي المقياس
أحمد أبورتيمة
abu-rtema@hotmail.com
أعني بالفاعلية الأثر العملي لأفكارنا على أرض الواقع..فكل عمل أو قول لا يحقق نتائج عملية تساهم في سبيل نهضة الأمة واستعادة دورها الحضاري فهو فاقد للفاعلية ويدخل في باب اللغو والمراء والجدل الذي لا طائل منه..
أستطيع أن أدلل على مبدأ الفاعلية من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه حين أخبره النبي بأن كل من مات وهو يشهد أنه  لا إله إلا الله يدخل الجنة، فسأله معاذ هل يخبر الناس بذلك، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: دعهم يعملوا.. 
في هذا الحديث تتضح لنا فكرة الفاعلية بشكل جلي..فهذا الحديث يحمل بشارةً عظيمةً وهي الجنة، إلا أنه رغم ذلك وفي بعض الظروف فإنه حديث غير فاعل اجتماعياً وذلك لأنه ربما يبعث في النفوس الكسل والتراخي, لذلك لم يحب النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتشر هذا الحديث بين الناس..
لقد سمعت أحد الدعاة الأفاضل وهو يحدث الناس عن الجنة وقصورها وحور عينها، ويسرد قصصاً تسمو بالروح إلى عنان السماء وتزيد المؤمن شوقاً إلى لقاء الله حتى يصير حاله كحال عمير بن حمام وهو يود ألا يطول عمره حتى يأكل التمرات، لكنني سألت نفسي: هل يكفي أن نذكر هذه القصص المشوقة وحسب، وما قيمة أن نشحن الناس بكل هذه الطاقة الروحية ثم لا نبصرهم بسبيل إلى توظيفها في عمل إيجابي فعال يعود بالنفع على المجتمع والأمة..
إن وجود هذه الأشواق الروحية العظيمة في نفوس الشباب مع انعدام الوعي والفقه ربما يعود بآثار عكسية على الأمة، وهذا ما نراه فعلاً في الصومال والعراق وأخواتهما، فتجد شباباً لا تنقصهم الحماسة الدينية والرغبة الصادقة في الجهاد ولكن ينقصهم ترشيد هذا الجهاد .فهم يتحرقون شوقاً للجنة ونعيمها، ويريدون أن ينالوها بأقصر طريق، وفي ظل غياب الفقه يصبح الموت هدفاً لذاته دون إفادة الأمة في شيء فيبحثون عن أول سوق أو متجر أو مركز شرطة ليفجروا أنفسهم تعجلاً للجنة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً..
إن الحديث عن الجنة حتى يكون فاعلاً لا مدمراً فإنه يجب أن يأتي في سياق فاعل، وهذا هو منهج القرآن الكريم فلا تجد آيةً تتحدث عن الجنة إلا وتربط هذا الحديث بذكر عدد من الأعمال الصالحة.
إن الفاعلية تعني أن نوجه هذه العواطف المتقدة في نفوس الشباب في عمل إيجابي، فيثمر الإيمان بالآخرة صلاحاً في الدنيا، وما أجمل الكلمة التي قالها الشهيد إبراهيم المقادمة رحمه الله أننا بحاجة إلى السياسي الذي يعيش بروح الاستشهادي..فالسياسي وحده ربما يغلبه الهوى ويسلك طريق الفساد والمصالح الشخصية، والاستشهادي وحده يموت دون أن ينتفع الناس به.لكن المزج بينهما ينتج عملاً مبدعاً متقناً..
والقرآن الكريم بأكمله هو كتاب يدعو للفاعلية فهو كتاب عملي يذم الانشغال بالقضايا الجدلية التي لا أثر لها في أرض الواقع "فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهراً"، وحين كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في قضايا لا يبنى عليها عمل كان القرآن يتجاهل الإجابة التي يتوقعونها ويجيب في اتجاه آخر أكثر نفعاً وعمليةً وهو ما يسمى بأسلوب الحكيم.من ذلك قوله تعالى "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ". فالسؤال كان ماذا ينفقون لكن القرآن أجاب عن مواطن الإنفاق، لأنه لا قيمة للنفقات إن لم توجه إلى وجهتها الصحيحة.
ومن معالم فاعلية القرآن أسلوب التجريد ، وهو من الخصائص العظيمة التي تميزه عن غيره من الكتب، فهو كتاب غير محشو بالتفاصيل الظرفية ولكنه يركز دائماً على موطن العبرة والاتعاظ، والتركيز على موطن العبرة والعمل هو بالضبط فكرة الفاعلية.
لكن المسلمين يسيرون في اتجاه معاكس تماماً لمراد القرآن فيتركون الدروس العملية التي يتضمنها القرآن ويركزون جهدهم في الجدل في اسم الشخص أو القرية أو التاريخ الذي يتحدث عنه القرآن، وفي ذلك تجريد للقرآن من فاعليته، فالقرآن يتعمد تجاهل هذه التفاصيل حتى يقدم لنا منهجاً عاماً يصلح للتطبيق في كل الحالات والأوقات..
فكرة الفاعلية نجدها في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً حين سأله رجل: متى الساعة، فكان رده:وماذا أعددت لها، فالمهم هو العمل والإنجاز.
لقد انتبه فقهاء المسلمين رحمهم الله إلى فكرة الفاعلية، فكرهوا الأسئلة الافتراضية الخيالية، ولم يكن أحدهم يجيب عن السؤال إلا إذا وقع فعلاً وأطلقوا على من يشغل نفسه بالأسئلة المنفصلة عن الواقع ب "الأرأيتيون" نسبة إلى "أرأيت" التي تكثر من افتراض حالات غير واقعية..وهذا يعني أن وظيفة الفكر هي أن يجيب على التحديات العملية الواقعية، وأن ينبع ابتداءً من الواقع ويصب في خدمة الواقع..أما أن يكون الناس وهمومهم وقضاياهم في واد، والمفكرون في واد آخر فهذا لون من ألوان الترف، فوظيفة المفكر هي أن يبحث عن إجابات لهموم الناس الملحة، وأن يقدم لهم أفكاراً نهضويةً قابلةً للتطبيق لا أن يكون في برج عاجي أو مكتب مكيف يثير مسائل جدلية وأفكاراً نظريةً لا تهم الناس..
إن الأمم والمجتمعات لا تتقدم إلا بالفكر الفاعل النهضوي الحضاري، أما الانشغال بالكلام النظري والمسائل التي تجاوزها الزمن فإنه ينشئ أمةً منسلخةً عن الواقع والحضارة ليس لها أي إسهام في خدمة البشرية وهذا هو حال أمتنا اليوم مع الأسف الشديد.
من مظاهر غياب الفاعلية في واقع أمتنا الانشغال بالقضايا التاريخية التي تجاوزها الزمن فتجد من الناس من لا يزال جامداً في عصور قد خلت ويناقش أحداثاً شبع أصحابها موتاً وأفضوا إلى ما قدموا، ولم يعد مهماً معرفة من كان منهم محقاً ومن كان مبطلاً.
إن التركيز على أخطاء الماضي وتراكماته وعقده هي فكرة معوقة للنهوض ومكبلة للانطلاق ومضادة للفاعلية..
من مظاهر غياب الفاعلية في حياتنا هو تناول قضايا جدلية مثل خلق القرآن أو معنى الاستواء على العرش، أو العلاقة بين ذات الله وصفاته، وهي مسائل لا تزيد إيمان المؤمنين ولا تهدي الكافرين ولا تساهم في رفعة أو حضارة، وإذا كان متفهماً أن تناقش هذه القضايا في مرحلة تاريخية ساد فيها علم الكلام والجدل، فإنه لا توجد أي فائدة لإعادة إحيائها من مرقدها في عصر سادت فيه قيم الإنجاز والتقدم والعمل..
إن الفكرة الفاعلة ليست هي الجدال في العلاقة في صفات الله وذاته، ولكنها في استحضار معاني صفات الله في نفوسنا.. 
إن عدم الانتباه إلى عنصر الفاعلية في ترتيب أولوياتنا واهتماماتنا يرسخ واقع الغياب الحضاري للأمة الإسلامية، ويجعلها عالةً على الأمم تهتم بالصورة وتفتقد إلى العمق، وفي الحديث النبوي أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي هو المؤمن الفاعل الذي يترك أثراً ويقدم إنجازاً ملموساً ينفع الناس، أما المؤمن الضعيف فربما يصلي ويصوم ويقرأ القرآن، ولكنه سلبي منطوٍ على ذاته لا ينفع الناس في شيء، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستعيذ بالله من جلد الفاجر وعجز الثقة.

نجد غياب الفاعلية متجسداً في زهد الشباب بالعلوم النهضوية التي تحتاجها الأمة، وانصرافهم إلى النحو واللغة والشعر وغير ذلك من العلوم النظرية التي لم تعد ذات أثر كبير في نهضة الأمم .فتجد أحدهم يحفظ آلافاً من أبيات الشعر، ويحدثك بفصحى متقعرة متكلفة، ويقضي الساعات الطوال في سيرة سيبويه والأصمعي، ويعد رسائل في الماجستير والدكتوراة في مواضيع موغلة في الفرعية مثل أحوال إعراب حتى ومتى، وهو يظن أن الأمة يكفيها أن تحفظ المعلقات السبع وأن تتقن قواعد النحو والإعراب لتستعيد أمجاد الماضي، ولو أن هؤلاء توجهوا إلى علوم حديثة مثل الإدارة والاقتصاد ودراسة الحضارة الغربية لكان ذلك خيراً لهم وأنفع لقومهم..
ونحن لا نذم الأدب والشعر والنحو بكليته ، ولكننا نذم المبالغة في الاهتمام به وتقديمه على العلوم الأكثر أهميةً في إنهاض الأمة..
ومن مظاهر افتقادنا للفاعلية هو أن تجد قصارى علم بعضهم هو الاهتمام بسند الأحاديث دون متنها فيظن أن العلم كل العلم هو في قوله حدثنا فلان عن فلان دون توجيه اهتمام مكافئ لمتن الأحاديث ومعانيها وإن كانت متناسبة مع اتجاه القرآن أو أنها مدلسة، والاقتصار على السند وحده لا يحتاج أكثر من شخصية متقنة للحفظ، أما الاهتمام بالمتن ففيه تنمية لملكة النقد والتحليل وإعمال العقل والتدبر، وهذا ما نحتاجه لنخدم ديننا وندعو إليه..وقد حدث أن بعض العلماء الثقات ردوا أحاديث صحيحة السند، لا لقدح في رواتها ولكن بملكتهم النقدية التحليلية حيث وجدوها متعارضةً مع قطعيات القرآن ولا يمكن أن يقول الرسول شيئاً متعارضاً مع القرآن. 
وما دام الحديث عن الفاعلية فإنني أشفق على بعض الشباب والفتيات الذين يريدون أن يوظفوا التقنية الحديثة في الدعوة إلى دينهم دون مراعاة للفاعية، فلا يكاد يمر يوم إلا ويأتيني بريد الكتروني يتضمن دعاءً أو ذكراً أو حملةً لجمع مليون استغفار، أو جمع مليار صلاة على النبي، أو يستحلفك بالله أن تصوت على أحد المواقع الأجنبية لمنع حظر الحجاب، وما يجمع بين كل هذه الرسائل أنهم يستحلفونك بالله أن تعيد إرسالها وأنهم سيقاضونك يوم القيامة، وأن هذه فرصة للأجر الجزيل، وأن تقصيرك في إعادة إرسالها هو خذلان للدين..
وحين تصلني مثل هذه الرسائل آسف على هذه النظرة السطحية.فالدعوة إلى الدين لا تكون هكذا، ولو أنهم استغلوا هذه التقنية في تشكيل مجموعات بريدية لمناقشة أفكار ووسائل تحقق نهضة الأمة وتقترح الحلول للأزمات لخرجوا من دائرة النسخ واللصق وال"فورورد" ولوجد بينهم الإنسان المفكر المبدع، والاستغفار لا يكون بطبع كلمة الاستغفار مليون مرة على لوحة المفاتيح ،ولكنه يكون بإعادة تصحيح المسار، ونصرة النبي ليست بالتصويت على المواقع وحسب، ولكنها بإحياء سنته والتخلق بأخلاقه والدعوة إليها.
إن الأفكار لا تقاس بصحتها النظرية وحسب، ولكن يجب أن يضاف إلى عنصر الصحة عنصر الفاعلية أيضاً، فربما جادلك أحدهم في إحدى المسائل وأقنعك أنه على حق، لكن سواءً كان على حق أو على باطل فإن الأمر لن يختلف كثيراً لأن القضية من أصلها غير مهمة ولا يبنى عليها عمل، والقرآن لم يكن عظيماً بمبادئه النظرية وحدها رغم أهميتها، ولكنه كان عظيماً أيضاً بأثره النفسي والاجتماعي، ونجاحه في تغيير وجه التاريخ في بضعة عقود. وفي هذا رد بليغ على الماديين الذين لا يؤمنون بالآخرة، فإن جادلوك في مبادئ القرآن النظرية فلن يستطيعوا أن يجادلوا بالأثر العجيب الذي حققه القرآن نفسياً واجتماعياً وتاريخياً وحضارياً، وفي الإنجيل "من ثمارهم تعرفونهم".
إن فقه مبدأ الفاعلية يمنحنا القدرة على الموازنة بين الأولويات في أعمالنا، فمقياس أهمية أي عمل هو مدى تحقيقه لأكبر عائد ممكن من النفع الاجتماعي والحضاري، وخير الناس هو أنفعهم للناس.
والله أعلى وأعلم..

[تجدون مقالاتي وخواطري في مدونة تأملات http://www.t5molat.blogspot.com/]

نصيحة وتذكرة إلى علماء الأمة ودعاتها



يا علماء الأمة ويا أبناءها
_______________________

كاتب الموضوع نور
نصيحة وتذكرة إلى علماء الأمة ودعاتها

فقد قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187].

لقد أخذ الله عليكم الميثاق أن تقوموا بما أمركم الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والحفاظ على شريعته وبذل النفوس والنهج في سبيل دينه.

ولكنكم للأسف الشديد... بدل أن تقوموا بحق الله؛ آثرتم السلامة وأخلدتم إلى الراحة والأهل والمال والولد، وتركتم المجاهدين يواجهون أعتى قوة في العالم أجلبت عليهم بخيلها ورجلها.

فأين أنتم يا علماء الأمة؟

إلى متى تنكصون وعن الحق ترغبون!!

أما زالت المصالح والمفاسد ديناً لكم ومنهجا!!

أما آن لكم أن تعودوا إلى دينكم؟

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).

ودل قوله صلى الله عليه وسلم؛ (حتى ترجعوا إلى دينكم)؛ على أن ترك الجهاد والإعراض عنه والسكون إلى الدنيا خروج عن الدين ومفارقة له، وكفى به ذنباً وإثماً مبينا.

أما آن لكم أن تستيقضوا من غفلتكم؟

أما آن لهذا الليل الطويل أن ينجلي؟

عن أي فتنة تتكلمون؟

وعن أي مصلحة تتحدثون؟

وهل هناك فتنة يا علماء الأمة أعظم مما نحن فيه؟!

إن الفتنة الشرك، إن الفتنة ظهور الباطل على الحق، إن الفتنة ضياع حكم الله في الأرض، إن الفتنة أن يحشر الأسود في الأقفاص .

فها أنتم يبلغ أحدكم ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو خمسين سنة أو أكثر؛ لا يكلف نفسه رباط يوم في سبيل الله، ولا يتجشم عناء سفر كي يغبّر قدميه في سبيل الله، يفني أحدكم عمره في طلب العلم على أريكته سلماً لأعداء الله لا يُبتلى يوماً في سبيل الله بحبس أو ضرب أو غيره.

والله إنه لأحد أمرين؛

إما أنكم أعز على الله من نبيه الذي أوذي في ذات الله بشتى أنواع الأذى،

أو أنكم على غير هدي النبي...

ومعاذ الله أن تكون الأولى، ومعاذ الله أن تكون الأولى، "فوالله ما جاء أحد بمثل ما جئت به قط إلا أوذي".

إلى من تركتم الأمة؟ إلى طواغيت المشرق والمغرب يستبيحون بيضتها ويسومونها سوء العذاب ويذبحون خيرة بنائها المجاهدين ويستولون على خيراتها؟! أهكذا كان السلف الصالح يغار أحدهم على أمته؟! أين التضحيات يا علماء الأمة؟

أين أنتم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله).

أين أنتم من سفيان الثوري ذلك العالم الرباني الذي قال: (والله إني لأرى الأمر يجب علي أن أتكلم فيه فلا أستطيع فأبول دماً) ؟!

ذاك سفيان بال دماً عندما خلُصت نفسه لله ولم ينازعها شيء من الدنيا، بال دماً عندما مازج دمه وخالط أنفاسه حب هذا الدين.

أما بلغكم يا علماء أن يونس بن عبيد رحمه الله نظر إلى قدميه عند موته فبكى، فقيل: (ما يبكيك يا أبا عبد الله؟)، قال: (قدماي لم تغبرا في سبيل الله).

لم تغبر قدماه عندما كان الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فماذا لو كان الجهاد فرض عين؟ تُرى لو كان ابن عبيد في زمانا ماذا تظنون أنه قائل؟ والله لكان لسان حاله:

فيا جبال اقذفي الأحجار *** ويا سما ء امطري مهلاً وغسلينا

ويا كواكب آن الرجم فانطلقي *** ما انت إن أنت لم ترمي الشياطينا

لقد حل بالأمة ما حل من ويلات ونكبات وتعطيل لشريعة رب الأرض والسماوات يوم تخاذل علماء الأمة عن التضحية، يوم أن ضعفت جذوة الجهاد في صدورهم، فتخلفوا عن الركب، يوم غاب عن أذهانهم أن الأمة لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بدماء العلماء، وأن التضحية بدمائهم هو نتاج طبيعي للإرث النبوي الذي ورثوه في صدورهم.

ورحم الله ابن حزم يوم أن قال:

مناي من الدنيا علوم أبُثّها *** وأنشرها في كل باد وحاضر

دعاء إلى القرآن والسنن التي *** تناسى رجال ذكرها في المحاضر

وألزم أطراف الثغور مجاهداً *** إذا هيعة ثارت فأول نافر

لألقى حمامي مقبلاً غير مدبر *** بسمر العوالي والدقاق البواكر

كفاحاً مع الكفارفي حومة الوغى *** وأكرم موت للفتى قتل كافر

فياربّّّ لا تجعل حمامي بغيرها *** ولا تجعلني من قطان المقابر

ذلك ابن حزم... وأنعم بابن حزم.

أمّا انتم يا علماءنا؛ فقد هادنتم الطواغيت وأسلمتم البلاد والعباد لليهود والصليبيين، وأذنابهم من حكامنا المرتدين، يوم أن سكتم عن جرائمهم وجبنتم عن الصدع في وجوههم، وعجزتم عن حمل راية الجهاد والتوحيد التي كلفكم الله بها، يوم أن قتلتم الغيرة والحمية على دين الله في قلوب الشباب ومنعتموهم من النفير إلى ساحات الوغى، ففرغت ساحات الوغى من الأسود إلا من رحم الله، فلا تكاد تجد عالماً بيننا يُستفتى.

يا عباد الله؛

لا تكاد تجد عالماً بيننا يُستفتى، ولا طالباً به يقتدى، ولا قائداً ربانياً يقود بنا البحر. لقد خذلتمونا في أحلك الظروف، وأسلمتمونا إلى عدونا، وخليتم بيننا وبينه، وغفلتم عن حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو داود حيث قال: (ما من امرئ يخذل امرئً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته).

أليس فيكم من يغُط غطة سعيد بن عامر، فقد ذكر أصحاب السير أن أهل حمص شكوه حين كان والياً عليهم إلى عمر، وعابوا عليه أموراً، منها؛ أنه كان يغط وتتجلله الغشية حتى يشق ذلك على الناس. فأجاب معتذراً: (شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة وقد بضّعت قريش لحمه وحملوه على جذع، وهم يقولون؛ "أتحب أن محمد مكانك وأنك في أهلك ومالك؟"، فيقول؛ "والله! يا قوم ما يسرني أن يفديني محمد صلى الله عليه وسلم بشوكة في قدمه، فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته وأنا يومئذ من المشركين، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها أرتجف خوفاً من عذاب الله ويغشاني الذي يغشاني")، أليس فيكم من يرجف قلبه خوفاً من عذاب الله ويغشاه ما كان يغشى سعيد لترككم نصرة المجاهدين؟

نعم أسلمتونا للعدو وأسلمتم الأمة قبلنا يوم تخاذلتم عن نصرتنا يا علماء الأمة.

إن اليد التي عقرت ناقة صالح يدٌ واحدة، وقد أهلك الله قوماً بأكملهم نتيجة ذلك، وإن ناقة صالح عليه السلام ليست بأعز على الله من مئات الآلاف من المسلمين من هذه الأمة الذين يذبحون على أيدي الكافرين، بسبب صمتكم وسكوتكم عنهم.

واعلموا يا علماء الأمة؛ أنكم قادمون على الله لا محالة في يوم تشيب له الولدان، {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج:2]، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:34-37]، في ذلك اليوم العصيب أعدو الجواب لرب الأرباب.

يوم يسألكم عن الأمة ماذا قدمتم لها، وعن المجاهدين وكيف نصرتكم لهم، وعن أعداء الملة وكيف بغضكم وعداوتكم لهم، بالسيف والسنان والقلب واللسان.

إن الله سائلكم عن الأسرى في يد اليهود و الصليبيين والمشركين لمَ لم تستنقذوهم؟

ألم تسمعوا ما قاله عبد الرحمن بن عمرة لما بعثه عمر بن عبد العزيز في فداء المسلمين في القسطنطينية، يقول؛ فقلت له: (أرأيت يا أمير المؤمنين إن أبوا أن يفادوا الرجل بالرجل كيف أصنع؟) قال: (زدهم)... إلى أن قال: (فإن أبوا إلا أربعاً)، فقال: (أعطهم بكل مسلم ما سألوه، فوالله لرجل من المسلمين أحب إلي من كل مشرك عندي، إنك ما فاديت به المسلم فقد ظفرت، إنك إنما تشتري الإسلام).

إن الله سائلكم عن أفغانستان والعراق ماذا قدمتم لهما.

ورحم الله ابن الجوزي يوم اعتلى المنبر وقام خطيباً في الناس يحثهم على الجهاد والحفاظ على بيضة هذا الدين ودفع الكافرين عن ديار المسلمين، بعد أن تخلف الناس وتقاعسوا عن النفير، فقال: (أيها الناس؛ مالكم نسيتم دينكم، وتركتم عزتكم وقعدتم، عن نصر الله فلم ينصركم؟ حسبتم أن العزة للمشرك وقد جعل الله العزة ولرسوله وللمؤمنين، يا ويحكم!

أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطرعلى أرضكم التي سقاها بالدماء آبائكم يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادات الدنيا؟

أما يهز قلوبكم وينمي حماستكم مرأى إخو ان لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف؟

أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وإخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر؟

يا أيها الناس؛ إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يُدرن رحاها، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساء بعمائم ولحى، أو لا! فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها.

يا ناس؛ أتدرون مم صنعت هذه اللجم والقيود؟ لقد صنعها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها، هذه والله ظفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظا؛ قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة الحرب في سبيل الله، فإن لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وظفائر، إنها من شعور النساء فلم يبق في نفوسكم شعور).

وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ: (ميدي يا عمد المسجد، وانقضي يا رجوم، وتحرقي يا قلوب الماً وكمدا، لقد أضاع الرجال رجالتهم) أ.هـ.

نعم والله لقد أضاع الرجال رجولتهم!

فماذا نقول نحن في هذا الزمان الذي عز فيه النصير، وقل فيه المعين وتداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.

إننا والله لا نريد رجالاً كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد والمقداد وطلحة والزبير، لكننا نريد رجالاً كصفيّة!

نعم كصفية! عندما قامت بالدفاع عن حرمات المسلمين عندما همّ ذلك اليهودي الخبيث أن يدخل الحصن ويكشف عورات المسلمين فقاتلت عن أعراض المسلمين.

فيا ربي أدركنا فقد بلغ الزبى *** من الكرب سيل الفاجعات المغرق

فيا علماء الأمة، ويا دعاتها، ويا شبابها؛

اتقوا الله، اتقوا الله، وأدركوا ما فاتكم؛ فإنما العصمة السيف..

فدونكم أعداء الشريعة بين ظهرانيكم، ومدوا يد العون إلى اخوانكم بالغالي والنفيس قبل أن يلفظكم التاريخ.. نعم! قبل أن يلفظكم التاريخ، وقبل أن ينفض السوق فيربح فيه من يربح ويخسر فيه من يخسر.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجميعن


منقوووول

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

طرد معلمي القرآن



نشر الغسيل الداخلي على الحبال الدولية.. طرد معلمي القرآن..سعد العواد
___________________________________________


نشر الغسيل الداخلي على الحبال الدولية.. طرد معلمي القرآن

(خيركم من تعلم القرآن و علمه).. إذا أخذنا بهذه المعيارية النبوية الشريفه من هذا الحديث العظيم، فإنه ليس من الصعب أن نجد أن غير السعودي الذي تعلم القرآن و علمه خير من السعودي الذي لم يتعلم القرآن و يعلمه.. الفقير الذي تعلم القرآن و علمه خير من المسؤول أو الوزير أو الأمير الذي لم يتعلم القرآن و يعلمه.. والذي تعلم القرآن و علمه هو قطعا و بدون أدنى شك خير مِن مَن منع القرآن أن يُتعلّم و يُعلّم...

قدر عالي من الدنائة

المثير للاشمئزاز في مسألة طرد معلمي القرآن هو أن البعض وجدوا في أنفسهم قدرا كافيا من الدنائة ليدافعوا عن قرار منع تعليم القرآن في البلد الحرام وفي الشهر الحرام. أولئك الذين لم يرعووا بـكلام رب البشر (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) ولم يلينوا لكلام سيد البشر (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع...).. أولئك الذين تنكروا كثيرا بقناع حقوق الإنسان و المطالبة بالعدل و المساواة و السعي إلى الخيرية الكونية .. أولئك الذين لم يستحوا من الاستقواء بالغرب أو نشر الغسيل الداخلي على الحبال الدولية (فتاة القطيف و زواج القاصرات ... والقائمه تطول).. أولئك، تهاوت أقنعتهم الحقوقية و انهارت ادعاآتهم الخيركونية على محك طرد آلاف العاملين طردا تعسفيا عنصريا سببه الوحيد – المعلن على الأقل – أنهم لا يحملون الجنسية السعودية. أولئك الذين يبدوا أنهم يصابون بالزهايمر اختياريا نسوا أن يسألوا أنفسهم أي مواثيق أو اتفاقيات أو صكوك الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان تبيح طردا تعسفيا عنصريا للعاملين بدون تقصير أو اتهام، و بدون تعويضات، و بدون وجود بديل. لا ريب أن مراجعة التاريخ الحقوقي لهؤلاء ستسفر عن أن القاسم المشترك في كفاحهم هو واحد لا غير: حرب الدين؛ سواء تهيكلت هذه الحرب بهيكل التأليب على حد من حدود الله، أو تشكلت بشكل التشكيك في صلاحية أحكام الشارع جل و علا أو تصورت بصورة الطعن في مقام الفقهاء و رجاحة حكمهم، يبقى الهدف الغير معلن واحد، وتبقى الوسيلة الحقوقية "النبيلة" واحده!
بعداً للمقنعين الزهايمريين

بغض النظر عن هؤلاء المقنعين الزهايمريين، دعونا نستقرئ بعضا من مواثيق حقوق الإنسان الأجنبي التي انضمت المملكة العربية السعودية لها، ومنها على سبيل المثال "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" و "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية " و "الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري". مما نصت عليه هذه العهود و الاتفاقيات تعريف "غير المواطن" بأنه "أي فرد يوجد في دولة لا يكون من رعاياها" كما نصت على تعريف التمييز المتفق على محاربته و القضاء عليه بأنه "معاملة الأفراد على نحو مختلف بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو رأي سياسي أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب، وذلك في حالة غياب تبرير مشروع للقيام بذلك." ومن الحقوق المكفولة لـ"غير المواطن" بموجب هذه المواثيق –والتي تعنينا في هذا المقام-:
- الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية، وفي أجور عادلة وأجر متساو لقاء العمل المتساوي
- الحق في عدم التعرض للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة - الحق في ألا يتم طرده على نحو تعسفي أو مخالف للقانون
- الحق في أن يتمكن الشخص من الدفاع عن نفسه تجاه القرار الخاص بطرده أمام سلطة مختصة إلا إذا اقتضت أسباب جبرية تتعلق بالأمن الوطني خلاف ذلك.
كل هذه الحقوق المكفولة للأجنبي في بلدنا انتهكت! إنه لا شك انتهاك بالجملة!!!

جمعية حقوق الإنسان

إن أحد الأهداف السامية التي أنشأت من أجلها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هو "الوقوف ضد الظلم و التعسف و العنف والتعذيب و عدم التسامح"؛ كما إن أحد اختصاصات الجمعية هو "التأكد من تنفيذ التزامات المملكة تجاه قضايا حقوق الإنسان وفق ما ورد في إعلان القاهرة...وميثاق الأمم المتحده..." لذلك، فإننا نطالب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالقيام بواجبها بالدفاع عن حقوق الأجانب التي انتهكت في بلدنا الذي هو أولى من يكون بتطبيق الشريعة والدفاع عن حقوق الناس و المساواة بينهم سعوديين كانوا أم غير سعوديين. و نطالب الدكتور مفلح القحطاني رئيس الجمعية و الدكتور حسين الشريف مشرف فرع مكة المكرمة بالنظر في انتهاك هذا القرار لواحد من أبسط حقوق الإنسان ألا وهو عدم الفصل التعسفي العنصري بناء على الجنسية. كما أننا نهيب بهم فتح باب الشكوى على مصراعيه للآلاف الذين تتضرروا من هذا القرار التعسفي و متابعة شكواهم مع الجهات المختصة و تقديم المعونة و النصح القانوني لهم. كما ندعوا الدكتور مفلح القحطاني إلى عقد اجتماع استثنائي للمجلس التنفيذي للجمعية للتحرك في شأن الفصل عنصريا لآلاف العمال الذين فصلوا من وظيفتهم فصلا بسبب جنسيتهم، بدون تقصير أو تراخي أو تهمه واضحه صريحه مدعمه بأدله. صحيح أن تعسف بعض أصحاب رؤوس الأموال ضد ابن البلد وتوظيفهم لزرق العيون شقر الشعور برواتب يئن لحملها عصبة قد شحن البعض بيننا على الأجانب بشكل عام؛ لكننا سعوديون مسلمون حقيقون بأن لا يأخذنا شنآن قوم على أن لا نعدل؛ فكيف لا نعدل بمن حمل القرآن على أرضنا، و علمه لفلذات أكبادنا ثم ظلم بزهد الرواتب أولا و بالطرد العنصري ثانيا؟؟؟