الخميس، 27 يناير 2011

عمر بن الخطاب أيها الحكام بقلم د / عائض القرني


 
ملكه الشرق
 
عائض القرني

هذه بعض أخبار عمر بن الخطاب فاروق الإسلام، من المراجع الموثوقه، في العدل بين رعيته: وقف عمر يخطب الناس وعليه ثوب طويل فقال: أيها الناس اسمعوا وعوا. فقال سلمان الفارسي: والله لا نسمع ولا نعي. فقال عمر: ولِمَ يا سلمان؟ قال تلبس ثوبين وتُلبسنا ثوبا. فقال عمر لابنه عبد الله: يا عبد الله قم أجب سلمان. فقال عبد الله: إنّ أبي رجل طويل فأخذ ثوبي الذي هو قسمي مع المسلمين ووصله بثوبه. فقال سلمان: الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع وأمر نُطع. وقال عمر مرة على المنبر للناس: ما أنتم فاعلون لو حدت على الطريق هكذا؟ وحرف يده. فقام رجل من آخر الناس وسل سيفه وقال: والله لو حدت عن الطريق هكذا لقلنا بالسيوف هكذا. فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعيتي من لو حدت على الطريق قومني. وقال له رجل: اتق الله يا عمر. فدمعت عيناه، وقال: لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير في إذا لم أقبلها.
وطالب عمر على المنبر بتقليل مهور النساء، فقامت امرأة من آخر المسجد فقالت يا أمير المؤمنين إنّ الله يقول (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئا) فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر. يقول ابن عباس: والله لقد رأيت في قميص عمر وهو خليفة أربع عشرة رقعة. ولهذا حيَّاه الشاعر محمود غنيم، فقال:

* يا من يرى عمرا تكسوه بردته - والزيتُ أدمٌ له والكوخُ مأواهُ

* يهتز كسرى على كرسيه فرقًا - من خوفه وملوكُ الروم تخشاهُ

* وجاء الهرمزان الوزير الفارسي يبحث عن عمر، فوجده نائما تحت شجرة عليه قميص مرقع بلا حراسة، فهزّ الهرمزان رأسه وقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت، فنظمها حافظ إبراهيم في قوله:

* فقال قولة حق أصبحت مثلا - وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

* أمنت لما أقمت العدل بينهمُ - فنمتَ نوم قرير العين هانيها

* وقال عمر: والله لو عثرت بغلة في ضفاف دجلة لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لم تصلح الطريق لها يا عمر؟ ووجد حلوى عند أطفاله فقال لزوجته: من أين لكم ثمن هذه الحلوى؟ قالت كنت أوفّر من حصتنا من الدقيق الذي يأتينا من بيت المال، فقال عمر: توفرين الدقيق وفي المسلمين من لا يجد دقيقا؟ وأخذ الحلوى من أيدي أطفاله وقال ردوها لبيت مال المسلمين؛ قال حافظ إبراهيم:

* لمّا اشتهت زوجه الحلوى فقال لها - من أين لي ثمن الحلوى فأشريها؟

* وتقول زوجته عاتكة: كان يأتي إلى فراشه لينام فيطير منه النوم ويجلس يبكي، فأقول له: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: توليت أمر أُمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفيهم المسكين والضعيف واليتيم والمظلوم، وأخشى أن يسألني الله عنهم يوم القيامة. وقرقر بطنه من الجوع على المنبر عام الرمادة، فأشار إلى بطنه وقال: قرقر أو لا تقرقر والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين. ومر بامرأة في خيمة وقد ولدت طفلا وعندها أطفال غيره قد مات أبوهم، فذهب إلى بيت المال وأحضر دقيقا وزيتا وأوقد لهم النار وصنع لهم العشاء وقدمه، فقالت المرأة: والله إنك خيرٌ من عمر بن الخطاب. وقرأ قول الله تعالى (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) فبكى وقال ما بقي لنا شيء ومن بقي له شيء فليطلبه. وذهب بثوبه المرقعّ لفتح بيت المقدس وقال له بعض قواده لو لبست يا أمير المؤمنين لباسا جميلا إعزازا للإسلام، فقال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. وكان يطلي إبل الصدقة، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا أطلي عنك الإبل، فقال عمر: أأنت تحمل عني ذنوبي يوم القيامة؟ وذهب مرة خلف أبي بكر الصديق ودخل أبو بكر خيمة امرأة مع أطفالها فاختفى عمر وانتظر حتى خرج أبو بكر ثم دخل على المرأة فسألها عن حالها، فقالت أنا امرأة حسيرة كسيرة ومعي عيال وليس لنا عائل إلا الله. فقال عمر وماذا يصنع هذا الشيخ الذي يدخل عليكم؟ قالت يصنع طعامنا ويكنس بيتنا ويحلب شياهنا ويغسل ثيابنا. فجلس عمر يبكي ويقول: أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر. ومر في سكة المدينة ليلا فسمع بائعة لبن تقول لابنتها امزجيه بالماء ليكثر فإن عمر لا يدري، فقالت الفتاة: لكن الله يدري. فعرف عمر البيت وخطب الفتاة لابنه عاصم، وكان من ذريتها الخليفة الزاهد العادل المجدّد عمر بن عبد العزيز. ولما أصاب القحط المدينة كان يدور بين الخيام وجفنة الطعام على رأسه يوزعه بين الفقراء. وطلب عام القحط من الأعراب والفقراء أن يسكنوا في ضواحي المدينة ونصب لهم خياما وقال إما نحيا سويَّا أو نموت سويَّا. وجاءه رجل وقال يا أمير المؤمنين لو أوصيت بالخلافة لابنك عبد الله فإنه أهلٌ لها فقال عمر: كذبت قاتلك الله اُشهد الله على مقتك كيف أوصي بالخلافة إليه وفي المسلمين من هو خير منه؟ وشكا إليه قبطي من مصر ابن أميرها، محمد بن عمرو بن العاص، يقول القبطي: سابقته بفرسي يا أمير المؤمنين فسبقته فضربني وقال أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟ فدعا عمر محمدا وبطحه وجلده وقال: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ انظر كتاب أخبار عمر للطنطاوي، وعمر بن الخطاب للصلاّبي، والبداية والنهاية لابن كثير

هناك تعليق واحد:

  1. أبو عبادة المهاجر


    أمير العظماء .. الشهيد سيد قطب

    بقلم .. عمر عزام

    العظماء لهم هيبة لا يعرفها إلا الذين يتكلمون عنهم , عندما يبادر الإنسان بالحديث عن رجال صنعوا من موتهم حياة جديدة , يقف القلم خجلاً عندما يتكلم عنهم , لأنة يشعر أن العظماء يعيشون لغيرهم , اعني لفكرة نبيلة. وغاية طاهرة , لا لذاتهم , هناك الكثير من الناس يولدون ويعيشون ويموتون ولا أحد يسمع عنهم لأنهم عاشوا على حافة الطريق , عاشوا لأنفسهم وشهواتهم, لكن شتان! بين من عاش لدين الله ومن عاش للدنيا .

    أقف اليوم لأسطر بقلمي عن رجل سمعنا عنة أنه كان رجلاً بإلف رجلٍ; لطالما قرأنا له , وتزودنا من علمه وفكره النير المستنير , فقرأنا معالمه الذي سطره بمداد الدم , وظلاله الذي أظل الكثير من التائهين فى بحر الشهوات إلى طريق الإيمان , فغدا لا يَعرف إلا بشهيد الإسلام .

    الشهيد المفكر الإسلامي "سيد قطب " يا الله ما أروع العظماء يعيشون كما الناس , لكن هناك حقيقة أشعر بها وتحدثني بها نفسي عند الحديث عن العظماء أنهم منذ أن كانوا أطفال تشعر أنهم يختلفون عن بقية الأطفال تلتمس أن نشأتهم وحركاتهم ونظراتهم وكلامهم يحوى شيء كبير , إن هؤلاء هم الصفوة من بين العظماء .. فلو قرأنا سيرة الكثير من الرجال الذين عاشوا لدين الله ستشعر بذالك "الإمام الشهيد حسن البنا" استشهد منذ أكثر من 60 عاما لكن سيرته العطرة وفكره وحركته التي أسسها قائمة إلى اليوم تنشر دعوة الإسلام في كل مكان... الشهيد "يحيى عياش" هذا الرجل الذي كان يخشاه رئيس أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط المجحوم رابين . و قتل شهيدنا في سبيل الله لكن يا لها من قتلة وشهادة في سبيل الله , شهادة أيقظت التائهين وأوضحت أن طريق الاستشهاد هو الطريق الوحيد لاسترداد أوطاننا من بني صهيون , فكان لسانه يردد }على الكريم أي يختار الميتة الني يجب أي يلقى بها الله{ فقد اختار أن يكون مهندس الاستشهاديين فكان الرجل الذي طاردته دولة.

    لقد أراد الطغاة الصغار بقتل الشهيد سيد قطب آن يقضوا على علمه وفكره , ولكن هيهات هيهات... فبمقتلة ولد من جديد فأصبحت كتبه ملئ الآفاق تهدى الحيارى إلى طريق الرشاد وأوضح لهم أن المبادئ لا تجزأ ولا يمكن المساومة عليها. وهو يقول لهم : }إن السبابة التي أشهد بها في كل صلاة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لا يمكن أن تكتب سطرًا فيه ذلُ أو عبارة استجداء, فإن كنت مسجون بحق فأنا أرضى حكم الحق , وإن كنت مسجون بباطل فانا أكبر من آن استرحم الباطل{ . وأوضح لهم} أن القيمة الكبرى في ميزان الله هي قيمة العقيدة , وأن السلعة الرائجة في سوق الله هي سلعة الإيمان , وأن النصر في أرفع صورة هو انتصار الروح على المادة وانتصار العقيدة على الألم وانتصار الإيمان على الفتنة { وهكذا تنفس الصبح على منظر الشهيد سيد قطب و جسده الطاهر معلق بحبل المشنقة , بينما حلقت روحة في سماء العلياء , ونزلت ملائكة الخلود , واصطف المؤمنون لتحية هذه الروح الكريمة , وتزينت الحور العين لاستقبال زوجها , وأزلفت الجنة للوافد الجديد , وأسدل الستار على آخر مشهد من حياة شهيد الإسلام سيد قطب في هذه الدنيا الفانية , وبدأ عند ربه حياته الحقيقة في جنات الخلد التي طالما تشوقت روحة إليها.

    ويمضى سيد قطب شهيداً " ولا نزكي على الله أحدا" ويمضى جلادوه وقتلة المجاهدين في مزيد من بؤر الرذيلة وظلمات العذاب يلقون أبشع نهاية وأسوء مصير

    ردحذف