الاثنين، 31 يناير 2011

فليرحل الشعب وليبقى الرئيس


عاصم ريحان
فليرحل الشعب وليبقى الرئيس !

طوال ثلاثين عاماً في فترة حكم الرئيس حسني مبارك والشعب المصري يرنو للحرية والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية التي صادرها ما يسمى بنظام الطوارئ المستبد الذي ابتدعه نظام حسني مبارك والقوانين الدستورية التي أعطت صفات "إلوهية" لنظام الطاغية ليأمر وينهى كيفما يشاء دون أدنى اعتبار لملايين البشر من شعبه وأمته .
تأخر الفعل كثيراً ، لكنه في النهاية جاء مزلزلاً بعد صبر مرير على الظلم والاستبداد متمثلاً في خروج الناس في جميع محافظات الجمهورية بلا استثناء بجميع فئاتهم وألوانهم الطائفية والسياسية تحت ظل راية واحدة هي راية مصر وبشعار موحد "يسقط النظام " .
وكما هو متوقع من كل قوى الظلم والاستبداد قوبلت المظاهرات السلمية التي قادها شباب مصر المثقف الواعي بالهراوات وقنابل الغاز الخانقة والرصاص الحي ، فسقط مئات الضحايا وأصيب آلاف من المواطنين العُزّل .
ولم يكتفِ النظام المستبد بذلك بل أوزع إلى "بلطجية" الحزب الحاكم بالتغلغل وسط المتظاهرين فخربوا المرافق العامة وسرقوا ممتلكات الناس ليأتي بعد ذلك دور الإعلام المضلل ليوحي للناس أن هذه المظاهرات ضد مصلحة مصر وأمنها القومي .وكأن لسان حالهم يقول إما النظام المستبد وإما الفوضى والتخريب !.
لكن الشباب الواعي المثقف انتبه إلى هذه اللعبة الحقيرة فوقف سداً منيعاً للمحافظة على الممتلكات العامة وملاحقة "بلطجية" النظام للحفاظ على ثمار هذه الغضبة المباركة التي لم تؤتِ أكلها بعد .
بقي الشعب المصري منتفضاً غاضباً طوال ثلاث أيام ولم يخرج أياً من رموز النظام ليجيب على تساؤلات المتظاهرين ويحقق مطالبهم .
حتى جاء الطاغية بنفسه في لقاء مسجل عبر الفضائية الرسمية ليدعي أنه يسعى للتغيير ولتحقيق مطالب المتظاهرين فخرج لنا بمسرحية تغيير الحكومة على طريقة حسني البورزان ! ، وكأن الشعب لم يخرج مطالباً برحيله ونظامه ، وكأن كل الشعارات والهتافات لم تطالب الرئيس بالتنحي ! ، وعلى الرغم من أن شعار "يسقط حسني مبارك " بات على لسان كل مواطن مصري كبيراً وصغيراً ، حتى كُتب هذا الشعار على آليات الجيش المصري التي تدخلت لحماية المرافق العامة !.
فكان رد الشعب واضحاً برفض خطاب الطاغية جملة وتفصيلا مؤكدين على مطالبهم الرئيسية وأبرزها سقوط النظام ورحيل الطاغية .
فناور مرة أخرى بتعيين رجل أمريكا في المنطقة عمر سليمان نائباً له وهذا ما رفضه الشعب مرة أخرى مؤكداً على مطلبه الرئيس "برحيل الطاغية" .
وماذا بعد هذه الوقاحة والخسة والنذالة !؟ .
جميع أطياف الشعب تطالب برحيله ، كل يوم يقتل العشرات من شعبه ويجرح المئات وتستباح الممتلكات العامة وتنتشر الفوضى ويعم الخوف بين الناس على مصيرهم المجهول ، والسيد الرئيس ما زال مستمسكاً بكرسيه !.
لقد كتبوا على الجدران وآليات الجيش ، أعلنوها عبر الفضائيات والإنترنت ، أوصلوها لكل العالم أن الشعب المصري بجميع قواه وفئاته يطالب بسقوط النظام ورحيل الطاغية مبارك .
ولكن يبدو أن التعليمات الصادرة من البيت الأبيض لا تحبّذ ترك الرئيس لكرسيه خوفاً على مصالح أمريكا وإسرائيل الإستراتيجية في المنطقة .ففضّل الرئيس مصالح ومطالب سيدته أمريكا على مصالح ومطالب شعبه العادلة والمشروعة .
مرة أخرى وبعد مرات عديدة يراهن الرئيس ونظامه البائد بإذن الله على قوة ودعم أمريكا في مقابل تحديه لخيار التغيير الذي نادت به الجماهير الغاضبة ولغضب الشعب الذي يبدو أنه لن يرحم جلاده في يوم معلوم بات قاب قوسين أو أدنى ترد فيه المظالم ، أبيض على المظلومين والمقهورين وأسود على نظام الطاغية وأعوانه .
لذلك ومنعاً لمزيد من إراقة الدماء وللحفاظ على ممتلكات المواطنين وكحل جذري للأزمة وإنهاء المظاهرات أقترح أن : تتعاون الدول جميعها في إحضار البواخر والطائرات ووسائل النقل البري ليتم ترحيل الشعب المصري بأكمله وتوزيعه على مناطق العالم ، وليبقى الرئيس محمد حسني مبارك رئيساً لجمهورية مصر العربية إلى الأبد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق