الأحد، 9 يناير 2011

مقال منع من النشر في صحيفة المدينه السعوديه؟


هل سنغسل بالذل حد السيف؟
الخميس 30, ديسمبر 2010

د. عبد المحسن هلال
منع من النشر بصحيفة المدينة السعودية


لجينيات ـ مرت قبل يومين الذكرى الثانية لمجزرة غزة أو محرقتها أو سكب الرصاص عليها، تعددت الأسماء وفعل القتل واحد، لا جديد إن لم يحفل الإعلام العربي بها، يكفي تنويه إعلام العالم الحر عنها، لا جديد إن لم تحرك ساكنا فينا، يكفي تحرك شرفاء العالم لها، لا جديد إن قذف بعض القراء بالصحيفة والمقال وصاحبه جانبا، كثيرون يعتبرونه حديثا معادا لا طائل منه، حديث من لا موضوع لديه. منذ أن طُمس علي أعيننا بقضايانا الداخلية الصغيرة، ومنذ تخلينا عن فلسطين كقضية مركزية، منذ ران علي فكرنا أن دولنا القطرية تأتي أولا وليأت الطوفان بعدها، مذ ذاك ونحن ندور في حلقات مفرغة تدور فيها الدوائر علينا، وهاهو الطوفان وصل إلينا ومزق دولنا شر ممزق.

فلسطين باعها أهلها قبلنا، هكذا قال السفهاء منا، ولما أفقنا علمنا أن ضياع فلسطين أضاعنا، تنبه من ظن أن حدود فلسطين هي القضية فإذا بالصهاينة يشاركونه لقمة عيشه وفراشه وأحلامه. منذ بداية الصراع قيل لنا أن الخنجر المصوب للخاصرة سينفذ إلي القلب، قلب العروبة النابض، ولم نصدق، منذ البداية حُذرنا أن النصل سيبلغ مداه عرين الإسلام الرابض، ولم نصدق، ها نحن وبعد فوات الأوان، نوقن أن فلسطين كانت بداية الصراع وأن نهايته لم تأت بعد، ولن تأتي حتى يكتمل النصاب وتصبح (إسرائيل) داخل الأبواب. ليس هذا جلدا للذات، هذا شيء فات أوانه وترف مضى زمانه، وليست هي دعوة لإحياء ذكرى تتكرر فصولها كل يوم، بل دعوة للعودة إلي العقل.. عودة إلي الأصل.. أصل القضية، لا سبيل سوى تقديم المقاومة علي ما قدمناه من تنازلات مهينة، ليس سوى عودة للسيف وإعداد رباط الخيل، فهل بالإمكان صقل سيوفكم الصدئة القديمة؟

سيقول المترفون من الأعراب هذه دعوة للانتحار، أو لنحر الفلسطينيين الذين لا قبل لهم بآلة (إسرائيل) الحربية، سيقول المرجفون في المدينة هذه مزايدة ودعوة لمقاومة عبثية عدمية، فمن يده في النار ليس كمن يده سليمة، وأنه يكفي ما عانى الفلسطينيون من قتل وتشريد وهزيمة. أقول لهم لم يهزم أحد هناك إنما أنتم هنا سر الهزيمة، لم يشتكي أحد هناك إنما أنتم من تباكيتم وتنازلتم عن حقوقكم ونصبتم أنفسكم أوصياء علي فلسطين الأبية، كل حروبكم كانت لحماية حدودكم، وحرب واحدة لأجل فلسطين لم تشنوها فكفاكم هزيمة، قبل السؤال عن استعداد المقاومين اسألوا أنفسكم عن مدى استعدادكم أنتم لمقاومة الذل داخل أنفسكم السقيمة. قال شاعرنا قديما أصبح الآن عندي بندقية إلي فلسطين خذوني معكم، وأقول لكم جوزيتم، بالأحرى خسئتم، فأجلسوا، دعوا الفلسطيني يحمل عبء القضية.

وإذا صح ما رشح عن نية الرئيس الفلسطيني تقديم استقالته، فما أشبه الليلة بالبارحة، ما أشبهه بأيام حرب 67م، يوم أنهار كل شيء وفكر حينها المسئول عن النكسة في الاستقالة فأعادته جماهيره إلي تحمل المسؤولية وتصحيح خطئه، وهذا ما حدث، وهذا ما ينبغي علي الرئيس الفلسطيني فعله. نعم، من الظلم مقارنة الظرفين وموقف الرجلين، ذلك وجد من وقف معه في الخرطوم وشد أزره، وهذا لا أحد معه بعد أن فرط فيما لديه ووثق بمن لا يستحق من صحبه. لكن برغم هذا يظل بيده فعل الكثير، بيده أن يصبح عظيما علي صفحات التاريخ بدل أن يذكر علي صفحاته ذليلا، عليه قبل الذهاب إلي هيئات العالم ومجلس أمنه العودة إلي شعبه، الالتفات لداخل الحدود قبل التوجه لخارج الحدود، قبل مطالبة الأمم المتحدة الاعتراف بدولته عليه سحب اعترافه بمن لم يعترف به ولا بدولته، بدلا من الزعم بعدم الرهان علي أمريكا مجددا عليه التخلص من الارتهان لها أولا.

لم يعد لديه ما يخسره، وهناك الكثير مما يمكن أن يقدمه، والسؤال لم يعد هل يمكنه ولكن هل يرغبه؟ يمكنه التخلص من عملاء (إسرائيل) داخل سلطته، يمكنه إقالة المنتفعين من إدارته، يمكنه إعادة شرفاء فتح الذين ابتعدوا بتأثير من سطوته،لكن قبل كل هذا عليه إلغاء التنسيق الأمني والقضاء علي عملاء جنرال دايتون في ضفته، عليه التنسيق بل الالتحام مع رجال مقاومته، عليه مصارحة شعبه الذي لم يعد لد يه هو الآخر ما يخسره بعد خسران الشهداء والأرض والسلام ويكاد أن يخسر قضيته. علي الرئيس الفلسطيني أن يجيب علي سؤال هو الوحيد القادر علي إجابته، هل يمكنه تغيير جلده، هل يمكنه خدمة شعبه، ولا جواب هنا سوى بنعم أو الإسراع بتقديم استقالته. شعب فلسطين لن يعدم شريفا يقوده، شعب الجبارين قادر علي فرض إرادته إذا تخلص من قيود قادته، وكف عن مشاورة عربان الهامات القزمة الضئيلة إذا قيست بقامته.

كل الحلول تم تجريبها، التفاوض مضيعة للوقت، الذهاب لمجلس الأمن حيث الفيتو الأمريكي مضيعة للجهد، حتى حل السلطة صار مزايدة ومناورة مكشوفة، لا حل سوى ما برهنه التاريخ علي مر العصر، ما أخذ بالسلاح لا يسترد بسواه، كل تفوق (إسرائيل) لن يكسبها حربا إذا كان الشعب هو من تحاربه، هذا ليس قول متحمس فلسطيني أو قول مندفع مثلي، هو قول الصهاينة قبلي، بن اليعازر، وزير في حكومة العدو الحالية، حذر من اعتراف العالم بما فيه أمريكا بدولة فلسطين إن تحرك العرب بجدية، وصار يستجدي حكومته العودة للمفاوضات وإن بتجميد مؤقت للاستيطان. وقف التفاوض يعني عزلة (إسرائيل) دوليا وهو ثمن لا تستطيع أن تدفعه، لأنه يسلبها تعاطف العالم الذي مكنها مما تفعله، فهل سنعود نلهث خلف عظمة تجميد مؤقت ونترك مائدة للمقاومة تجبر (إسرائيل) علي إعادة ما سلبته؟
د.عبد المحسن هلال
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق