الثلاثاء، 18 يناير 2011

لماذا أصابت ثورة الياسمين في تونس إسرائيل بالذعر؟ مقالٌ جديرٌ بالقراءة


غزة/ صالح النعامي
الإسلام اليوم

أنـ ف ـال الخير

حقًّا لا يوجد كلمة أخرى يمكن أن تصف ردَّة الفعل الإسرائيليَّة على ثورة "الياسمين" في تونس بدقة، سوى "الذهول والفزع" فصنَّاع القرار الذين عقَّبوا على الأحداث حتى قبل أن يتأكَّد فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي اعتبروا أن الثورة التونسيَّة وضعت إسرائيل أمام واحدٍ من أكبر التحديات الاستراتيجيَّة منذ الإعلان عنها عام 1948، وتحديدًا على صعيد إمكانيَّة أن تمثل ثورة تونس كوة نارٍ تسري في هشيم الأنظمة الشموليَّة في العالم العربي، بشكلٍ يقلب رأسًا على عقب خارطة التهديدات التي كانت معتمدةً من أجهزة التقدير الاستراتيجي في تل أبيب، وتحديدًا شعبة الاستخبارات العسكريَّة الإسرائيليَّة "أمان" التي يتمُّ تفويضها بتحديد مكان الخطر الذي قد تتعرض له.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يختار نائب رئيس الوزراء الصهيوني سيلفان شالوم، الذي ينتمي لعائلة مهاجرة من تونس ليكون أول من يعقب على أحداث تونس قبل فرار الطاغية، حيث قال: "أخشى ما أخشاه أننا نقف حاليًا أمام مرحلة جديدة وبالغة الخطورة في العالم العربي، فإن سقط النظام التونسي القائم، فقد لا يؤثر ذلك بشكلٍ كبير في الوقت الآني على الأمن القومي الإسرائيلي، لكن يمكن الافتراض أن هذا التطور سيشكِّل سابقة قد تتكرر في دول يؤثر استقرار نظامها علينا بشكل مباشر".
وفي حديث مع الإذاعة الإسرائيليَّة كان شالوم أكثر وضوحًا عندما قال أنه في حال تَمَّ استبدال الأنظمة في الدول التي تحيط بإسرائيل بأنظمة ديموقراطيَّة فإن هذا يحمل في طياته خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الإسرائيلي، على اعتبار أنه يفترض أن تعتمد الأنظمة الجديدة أجندة تشكِّل بحد ذاتها مسًّا بالمصالح القوميَّة الإسرائيليَّة.
ولكي يدلل على منطقية فرضيته هذه أشار شالوم إلى حقيقة أن هناك مصلحة مشتركة بين إسرائيل ومعظم الأنظمة العربيَّة الشموليَّة في محاربة ما أسماه بـ "الأصوليَّة الإسلاميَّة ومنظماتها المتطرفة" التي تهدِّد إسرائيل، وهو ما أوجد في كثير من الأحيان تنسيقًا أمنيًّا مباشرًا وغير مباشر بين الأجهزة الأمنيَّة والاستخباريَّة الإسرائيليَّة والأجهزة الأمنيَّة التابعة للأنظمة العربيَّة.
في حين يرى شالوم أن سيادة الديموقراطيَّة في العالم العربي سيقضي على تحالف الأمر الواقع القائم حاليًا، إذ إنه يفترض أن تراعي الأنظمة الديموقراطيَّة توجهات الرأي العام في العالم العربي المناصر للكفاح العربي ضدّ إسرائيل، قد يكون شالوم هو المسئول الإسرائيلي البارز الذي سمح لنفسه بالتعليق على أحداث تونس والتعبير عن مخاوفه كصانع قرار، لكن هذه التعليقات تعيد للأذهان الإرث الكبير من الأدبيَّات الإسرائيليَّة التي كانت قد حذَّرَت من خطورة سقوط الأنظمة الشموليَّة في العالم العربي، فلم يتردد عاموس مالكا رئيس شعبة الاستخبارات العسكريَّة الإسرائيلي الأسبق عام 2005 في الدعوة إلى إجراء تغييرات جوهريَّة على العقيدة الأمنيَّة الإسرائيليَّة في حال حلَّت أنظمة ديموقراطيَّة محل الأنظمة الشموليَّة القائمة في الدول التي تحيط بإسرائيل.
وأوضح مالكا أنه على الرغم من أنه لا يتمّ التعاطي مع طابع الأنظمة العربيَّة في بنود العقيدة الأمنيَّة الإسرائيليَّة، إلا أنه من الواضح أن هذه العقيدة اعتمدت بشكلٍ كبير على أن وجود الأنظمة الشموليَّة يسهم في تسهيل مهمَّة إسرائيل في مراكمة الردع في مواجهة الدول التي تحكمها هذه الأنظمة، على اعتبار أن هذه الأنظمة تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على بقائها بشكل رئيس، وبالتالي فإن هذا يقلِّص رغبة هذه الأنظمة في تحدي إسرائيل ويعمل على تآكل استعدادها للاستثمار في مواجهة الكيان الصهيوني.
في حين أن رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم تحدَّث صراحة وبوضوح عن أن إسرائيل لن تتردد في محاولة منع أي تحوُّل في نظام الحكم القائم في الأردن، على اعتبار أن أي تغيير في صيغة الحكم القائمة تمثل خطرًا استراتيجيًّا على إسرائيل.
ويتحدث ياتوم، الذي خطَّط وأشرف على تنفيذ محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل على الأراضي الأردنيَّة عام 1997، أن النظام القائم في الأردن يعتمد في بقائه على التحالف مع إسرائيل، مستذكرًا تدخُّل إسرائيل عام 1970 لمنع الانقلاب على نظام الملك حسين، عندما تحرَّكَت الدبابات السوريَّة في محاولة لإنقاذ الفلسطينيين في أحداث أيلول الأسود.
ويرى يعكوف عامي درور الذي تولى منصب رئيس لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكريَّة الإسرائيلي أن الذي يشي بأهميَّة بقاء الأنظمة الشموليَّة في العالم العربية للأمن القومي الإسرائيلي هو حقيقة ما كشفته وثائق ويكيليكس، حيث أظهرت هذه الوثائق أن الأنظمة العربيَّة تشارك إسرائيل من ناحية عمليَّة في تقييماتها لطابع التهديدات التي تواجه المنطقة، بحيث أن الأنظمة العربية تتبنى موقفًا "أكثر تقدمًا" من قوى اليسار الإسرائيلي، حيث أنها ترى أن البرنامج النووي الإيراني هو الخطر الذي يتهدَّد المنطقة وليس بقاء القضيَّة الفلسطينيَّة بدون حل.
لكن هناك في إسرائيل من يرى أن خطورة التحول نحو الديموقراطيَّة في العالم العربي تتمثل في أنه يمثل ضربة قاضية لواحدة من منطلقات الدعاية الصهيونيَّة التي كان يعتمد عليها في استحثاث التعاطف الدولي مع إسرائيل، ألا وهو الشعار الصهيوني القائل: "إسرائيل هي واحة الديموقراطيَّة في محيط من الديكتاتوريات الشمولية".
الوزير الإسرائيلي بني بيجن، ونجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجن لا يخفي مخاوفه من خسارة إسرائيل "الفرادة" التي منحتها التجربة الديموقراطية، مشيرًا إلى أن أحد مظاهر تفهم العالم لقيام إسرائيل بالخروج للحروب ضد العرب يعود بشكلٍ أساسي إلى نجاح إسرائيل في تثبيت مقولة أنها "ديمقراطيَّة مسئولة".
لقد بات واضحًا أنه على الرغم من البعد الجغرافي، ورغم حقيقة أنه لم يشهد أن أبدت البيئة التونسيَّة اهتمامًا كبيرًا بما تفعله إسرائيل، فإن ما يفترضه بعض صناع القرار في تل أبيب من تداعيات متوقَّعة لثورة الياسمين في العالم العربي يصيب قادة الكيان الصهيوني ونُخبَه بالذعر.

الآن اعـتــــــــرف الأعداءُ أنفسهم بالحقيقة وهي مــــرّة !

وحضرتكم , حبايبنا !!
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق