السبت، 1 يناير 2011

هكذا كان الصحابة لبعضهم حتى لو كانو مختلفين مع بعضهم‏


قال معاوية ابن أبى سفيان رضي الله عنه لضرار بن حمزة :

صف لي علياً رضي الله عنه 

فقال : أو تعفيني

قال : بل تصفه .

فقال : أو تعفيني .

قال : لا أعفيك

قال : أما إن لابد فإنه كان بعيد المدى شديد القوى يقول فصلاً ،

ويحكم عدلاً يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه

يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة ،

يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن

ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا ؛ يجيبنا إذا سألناه ، ويأتينا إذا دعوناه،

ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، ولانبتديه

تعظيماً له فإن تبسم فهو مثل اللؤلؤ المنظوم،  يعظم أهل الدين

 ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف

 من عدله ،  فأشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل 

سدوله وغارت نجومه،

وقد مثل في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ،

وكأني أسمعه وهو يقول :

يا دنيا ألي تعرضت أم لي تشوفت ؟ هيهات غري غيري ، قد طلقتك

ثلاثاً فلا رجعة لي فيك ،

فعمرك قصير ، وعيشك حقير،  وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد

وبعد السفر ووحشة الطريق .

قال : فذرفت دموع معاوية فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق

القوم بالبكاء ثم قال معاوية :

رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك ،

فكيف حزنك عليه يا ضرار؟

قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترفأ عبرتها ولا يسكن 

حزنها .

التبصرة لابن الجوزي ( 1/ 442 ، 445)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق