الأربعاء، 16 فبراير 2011

د. إبراهيم حمّامي فلسطينيات



(1)
مليارات عرفات

حملت لنا الأخبار هذا الصباح تقريراً لوكالة اخبارية فلسطينية يتحدث عن مليارات الدولارات التي اختفت في عهد وبعد عهد عرفات، هذه الأموال التي تحدث الكثيرون عنها في السابق ولم تلق آذاناً صاغية، على اعتبار أن كل ما يخص عرفات هو من المقدسات الممنوع المساس بها، وعلى فرضية براءة فتح والسلطة من الأمر كما يوحي الخبر!
الخبر كما ورد نصاً كاملاً دون تعليق:
السلطة تتوجه الى سويسرا ودول اخرى بطلب تجميد اموال استولى عليها مسؤولون سابقون
اكدت مصادر فلسطينية لوكالة "سما" ان السلطة الفلسطينية قررت الطلب رسميا من سويسرا وبعض الدول الاوروبية تجميد ارصدة مسؤولين فلسطينيين سابقين واسترجاع اموال طائلة جرى الاستيلاء عليها دون وجه حق ولم يتم الاعتراف بها او التعرف على مصادرها.
واوضحت المصادر ان الحديث يدور عن مليارات الدولارات قام بعض الاشخاص باستثمارها في السوق لمصرية لحسابهم الشخصي رغم محاولة السلطة المتواصلة لمعرفة اصول تلك الاموال والتي تم من خلالها مشاركة رجال اعمال مصريين يجري التحقيق معهم حاليا في مصر او شركات خارج مصر .
وتوقعت المصادر ان تسفر التحقيقات في مصر عن توضيح علاقة اموال فلسطينية منهوبة في زمن وبعد رحيل الرئيس الشهيد عرفات والتي يقدرها البعض بالمليارات وبيع استثمارات فلسطينية في الخارج دون معرفة قيادة السلطة او حركة فتح حيث تم ضخ تلك الاموال باسماء شخصية مع بعض كبار رجل الاعمال في مصر.
(2)
وملايين أخرى لأبناء العمومة

خبر آخر حول قبول عباس وسلطنه تعويض عائلتين، لكن عن ماذا؟ لنقرأ أيضاً خبراً آخر يكشف أين وصلت هذه السلطة

قالت إذاعة الاحتلال أن السلطة الفلسطينية وافقت على دفع تعويضات لعائلتي الزوجين الإسرائيليين "افرات ويارون اونغار" اللذين قتلا بعملية إطلاق نار قبل 15 عاما.
وأضافت :" إن الزوجين قتلا بعد أن أطلق مسلحون من حركة حماس النار في العام 1996 على السيارة التي كان يستقلانها الزوجان وطفلهما في منطقة "بيت شيمش" غربي مدينة القدس المحتلة".
وأضافت بأن عائلتي القتيلين رفعتا دعوى قضائية إلى محكمة أمريكية بولاية رود ايلاند ضد السلطة الفلسطينية بطلب تعويضهم بمبلغ 116 مليون دولار.
وأفيد حسب الإذاعة، انه تم التوصل أمس إلى تسوية قضائية حيث وافقت السلطة الفلسطينية على دفع تعويضات لم يعلن عن مبلغها لأبناء العائلتين.
ترى وبعد هذه السابقة الخطيرة كم من أموال الشعب الفلسطيني ستدفع؟ وترى من سيعوض مئات الآلاف من الفلسطينيين من أسرى وجرحى ومعاقين وشهداء؟ وترى من هو الذي حتل الآخر ليدفع ويعوض؟
ألا تعساً لهم من مجرمين عملاء.
(3)
بطولات عريقات
استقال أم أجبر على الاستقالة فالأمر سيّان ولا يعدو كونه محاولة تلميع جديدة لسلطة فقدت كل شيء.
يجاول البعض اظهار عريقات وكأنه البطل الذي بر بوعده واستقال متحملاً مسؤولية "التسريبات" التي ما زال يصر على أنها تعرضت للتزوير والتحريف، يطبلون له ويزمرون في محاولة لحرف الأنظار عن حجم الجريمة والخيانة لحقوق الشعب الفلسطيني من قبل فريق المفاوضات الفاشل.
المشكلة يا قوم ليست من وكيف سربت الوثائق، لكن في مضمونها وأداء هذا الفريق المتساقط، والمشكلة ليست في "الدردشة" و"المزاح" الذي تحدث عنه هذا وذاك، لكن في قبول نقاش هكذا أمور من الأساس.
كل من حاولوا التصدي للوثائق التي عرضتها الجزيرة ودون استثناء فشلوا فشلاً ذريعاً – وهم صائب عريقات، عدنان الضميري، نمر حمّاد وجمال نزّال – واعتمدوا ذات الأسلوب والطريقة: التهجم الشخصي، التضليل المتعمد والمعتمد على الكذب، الصراخ والضجيج، اتهام حماس!
عريقات قدم استقالته بحسب عبد ربه، وعباس ينظر فيها، وقد لا يقبلها!
(4)
ثورة الكرامة
هكذا أسماها من أطلق دعواتها، من مواقع صفراء، إلى الطيراوي مروراً بالهباش، وحددوا لها الموعد ومكان التجمع والانطلاق بل حتى الشعارات التي سيهتفون بها.
أقسموا جميعاً أنهم سيكونون في مقدمة الصفوف، وتوعدوا البغاة الطغاة بنهاية عصرهم، وباقتراب يوم الخلاص لقطاع غزة، وكان الموعد المنتظر عقب صلاة الجمعة من يوم 11/02/2011، وكانت الصدمة!
لم يخرج أحد، لا عنصر ولا قيادي، لا شاب ولا شايب، لا أحد على الاطلاق، وصمتوا صمت القبور.
حجج وذرائع سيقت في تبرير "فشل" ثورة الكرامة، لكن يحق لنا أن نسأل سؤالاً هاماً، لماذا فشل هؤلاء وعلى مدار السنوات الماضية في حشد أي عدد محترم للاحتفال بذكرى انطلاقتهم مثلاً في الضفة الغربية أو أي عاصمة لأي دولة، بمعنى ان كانوا يمنعون في غزة فما الذي يمنعهم في نخيمات اللجوء أو عاصم الشتات؟ أين حشودهم المليونية كما يدعون بجاية هذا العام الذي شهد احتفالات لهم في قاعات مغلقة لم تمتليء؟
ثورة الكرامة كما أرادوها أظهرت حجم هؤلاء الحقيقي، وأظهرت كم هم عبّاد للمال والراتب الذي لا يتحركون بدونه، تماماً كما هو حال قياداتهم البالية.
(5)
مجرمة هي حماس
بقدرة قادر وفي لحظة واحدة، يعلن نبيل شعث وعلى الهواء مباشرة أن فتح تقبل بكل ملاحظات وتحفظات حماس بلا استثناء "يلا خلصونا خلينا نوقع"، هكذا ببساطة وجرة قلم أصبحت في نظرهم الورقة المصرية اياها جاهزة.
كم هو مفضوح أمر هؤلاء الذين فقدوا داعمهم الرئيسي مبارك ونظامه المخلوع، كم هو مفضوح لهاثهم اليوم وراء أي شيء يحفظ لهم أي دور يقومون به، كيف لا وسلطتهم باتت بلا وظيفة، لا مفاوضات ولا داعم عربي ولا دور من أي نوع.
مجرمة بحق الشعب الفلسطيني هي حماس ان قبلت أن تحاور هؤلاء بعد ما كشف من أمرهم، مجرمة بحق نفسها قبل كل شيء ان ارتضت القاء طوق النجاة لعصابة باعت وفرطت وارتمت في أحضان المحتل، إلا أن يتوبوا ويصلحوا وضمن شروط – نعم شروط – واضحة ليس أقلها وقف جريمة المفاوضات والتنسيق الأمني، وليس آخرها التوبة والحساب والعقاب.
(6)
صدق عبّاس وهو كذوب
وما دمنا نتحدث عن النظام المخلوع في مصر، وتبعات ذلك على من كان لها ربيباً، فقد وقف عبّاس بالأمس مازحاً ليقول أن ربما يكون "الدور علينا"، ويعني بذلك بعد تونس ومصر.
قالها ممازحاً لكن الوقائع والقرائن تشير دون أدنى شك أن انهيار الداعم والحليف والشريك في جرائم سلطة أوسلو، ونعني هنا مبارك ونظامه، لابد أن ينعكس سلباً على عباس وفياض ومن لف لفهما.
عبّاس وسلطته يكذبون كما يتنفسون، لا يخجلون من ذلك، بل يتباهون ويفاخرون، ويكررون أكاذيبهم ليل نهار، لكن علينا أن نقر هذه المرة أن عباس كان صادقاً ... وهو كذوب.
استوقفتني سيدة موريتانية خرجت مبتهجة كما الشعوب العربية بأكملها يوم سقوط الطاغية المخلوع مبارك، خرجت وهي تحمل لافتة كتب عليها "العقبى لمحمود عباس"، واعترف أن اللافتة أضحكتني لكنها أيضاً أبهرتني، أقصى الغرب العربي يدعو لمشرقه بالخلاص من عباس بعد أن تخلص من مبارك، أبعد قول السيدة الفاضلة قول؟
(7)
استبدال فياض بفياض
ومن تبعات شقوط الطاغية أيضاً، محاولات السلطة البائسة للهروب للأمام، تارة باستقالات بطولية كما عريقات، وأخرى بدعوات انتخابات لن ترى النور، وثالثة بتغيير حكومة لا شرعية بأخرى لا شرعية.
فيلم هندي هذا الذي نتابعه باعفاء فياض لتكليف فياض، فقط لاضافة "كم اسم فتحاوي" كان فياض يرفض اضافتها حتى اللحظة، لكنه تأثير مصر وبركاتها.
وفياض هذا الذي ذهب لمؤتمر صهيوني بامتياز في هرتسيليا العام الماضي ليناقش أمن الاحتلال القومي، وفي ظل ما يسمى توقف المفاوضات، يعدنا بالسمن والعسل، وبدولة الرخاء والنماء، تحت بساطير الاحتلال كما وصف ذلك محمود عباس، فياض هذا يتحدث عن "آلاف" المشاريع التي أنجزها وينجزها، نعم آلاف.
بعد عامين من اغتصاب هذا الفياض لرئاسة حكومة غير شرعية، خرج ليعلن انتهاء الألف الأولى ومن ثم الثانية من مشاريعه العظيمة، لنحسبها مع بعضنا البعض: سلطة تتسول الأموال ليل نهار، ميزانية محدودة على حد قولهم، ثم تنجز ألفي مشروع في عامين، بمعني مشروعين إلى ثلاثة في اليوم الواحد، بما فيها الأعياد والعطل الرسمية.
الله الله يا فياض، فشر الصين واليابان مجتمعة أن تنجز هذه الكم في ذلك الوقت، بالله عليكم كفاكم غباء واستغباء، فقد كشف المستور!
(8)
المستقل جداً جداً
ونعني هنا ودون مواربة ناصر اللحام، رئيس وكالة معاً الأخبارية التي تدعي استقلاليتها.
السيد ناصر اللحام كان أول من تنطع للدفاع عن بؤساء أوسلو في وجه ما كشفته قناة الجزيرة، رغم أنه يعرف قبل غيره أن ما نُشر يعلمه القاصي والداني ولم يأت بجديد، لم يزعج اللحام المضمون وحجم الجرائم والخيانات، لكن أزعجه أن تذبح السلطة من الوريد للوريد بسف "الرأي الآخر"، لم يزعجه ضياع حقوق الشعب لكن أزعجه ضياع امتيازات مجرمي الشعب.
الوكالة المستقلة جداً جداً لم يعد فيها ما هو مستقل، سواء من أسلوب صياغة الأخبار، أو انتقائيتها، أو تقاريرها، أو ما يكتبه "رئيس التحرير"، الذي أصبح ضيفاً مقيماً مع كل رموز ومجرمي السلطة، مدافعاً ومنافحاً عن جرائمهم.
السيد اللحام طار مع عباس فس طائرته الخاصة، وجلس مع عريقات قبل أيام في احدى جامعات الضفة ليكيلوا ما في جعبتهم ضد الجزيرة وقطر وأميرها، واليوم تقدم خطوة أخرى مع مجرمي وجلادي شعبنا، هذا هو الواقع للمستقل جداً جداً الذي أراد أن يحسب فخرج بنتيجة أنه لا فساد يذكر، اقرأوا ما قاله المستقل واحكموا بأنفسكم.
نظمت مفوضية التوجيه السياسي والمعنوي بالتعاون مع العلاقات العامة والإعلام بشرطة محافظة بيت لحم، اليوم ندوة سياسية لضباط الشرطة قدمها العقيد رشاد طعمه مفوض التوجيه السياسي والمعنوي بالشرطة الفلسطينية، والصحفي ناصر اللحام رئيس تحرير وكالة 'معا' وعقدت في مركز السلام ببيت لحم، بحضور ضباط من مختلف مراكز وإدارات وأقسام شرطة محافظة بيت لحم.
الصحفي ناصر اللحام تحدث قائلاً” أنا فخور جدا بالشرطة الفلسطينية، وأن أكون بينكم وأقدر أدائكم وانجازاتكم بالرغم من محاولة الاحتلال أولا إعاقة مهامكم إضافة لفئة قليلة مأجورة ليس لها إلا أن تحاول التشويه والتخوين”.
وردا على استفسارات الضباط بخصوص العلاقة ما بين المهنية الصحفية والهجمة التي نفذتها فضائية الجزيرة ضد شعبنا وقيادته، أجاب “لا اعتقد بوجود فساد يستحق الذكر داخل مؤسسات السلطة الوطنية كما يحاول البعض إثارته، تعالوا نحسب موازنة السلطة الوطنية التي لا تتعدى المليار يعتاش منها خمسة ملايين ويبنى منها مؤسسات الدولة المنشودة، هذه الموازنة لا تكفي مصروف لأحد الأثرياء او رجل المافيا في دول عربية وأجنبية، يحاسبوننا على أموال تأتي كمساعدات ليس هناك موارد نفطية لتسرق”.وتابع “من المؤسف أن تتجه وسيلة إعلامية لتكريس عملها حول السلبيات والسعي وراء إثارة الجماهير العربية نحو بعضهم البعض، واعتقد بان ذلك أصبح نهج وأساسيات إعلامهم الناجح كما يدعون”.
(9)
وما زال الحاقدون في مصر يعملون
ترك محمد علي ابراهيم مصائب رئيسه المخلوع ونظامه البائد، ليتقيأ اليوم وعلى صفحات جريدة الجمهورية أحقاداً دفينة ضد كل ما هو فلسطيني، وتحت عنوان "قليل من الذكاء دولة اسلامية في سيناء"، كتب وصال في خياله المريض وبعيداً عن عناوين كبيرة وكثيرة في بلدنا الحبيب مصر الاباء، وفي محاولة قذرة لحرف الأنظار عن دوره كركن رئيسي من أركان النظام المخلوع، ليقول:
بدأ تحرك مكثف يسعي لانتزاع سيناء من مصر وإقامة دولة إسلامية عليها.. الخطة بدأت بتسلل كتائب القسام إلي سيناء وفي توقيت متزامن مع نزول أعضاء جماعة التكفير والهجرة من الجبال ليحصلوا منهم علي الأسلحة والآر بي جي والمدافع الرشاشة ليقودوا أكبر حركة تمرد إسلامية ضد السلطات المصرية.
استغلت كتائب القسام الفترة التي غابت فيها الشرطة ودخلت إلي سيناء لتتصل بجماعة التكفير والهجرة ويتم اجتياح هذا الجزء العزيز من مصر الذي استعدناه بالدماء ويخططون لإعلان دولة إسلامية فيه بعد الفراغ الأمني الذي تم.
ميزان القوي في سيناء حالياً غير متكافيء.. ثلاثة آلاف من أعضاء التكفير والهجرة كانوا مختبئين في الجبال استباحوا كل شيء ولا يواجههم سوي 1500 من أفراد الأمن المركزي. كتائب القسام الفلسطينية جعلت السلاح يتدفق علي سيناء بكثافة لا مثيل لها بالإضافة إلي إشاعة الفوضي والاستيلاء علي الانفاق مرة أخري.
ليضيف " في نفس الوقت اقتحم عدد من البدو مجلس مدينة رفح وخاطب كبيرهم رئيس المدينة قائلاً إننا نريد حصتنا من الغاز والبترول ولا نريد أي عمالة تدير مشاريع الثروة المعدنية من أهل الحضر ولابد أن يكونوا جميعاً من البدو.. وعندما رد رئيس المدينة عليه قائلاً وماذا عن الخبرة اللازمة للتشغيل؟ قال له سنتعلم!!
الحوار بين رئيس المدينة وزعيم البدو كان يدور والأخير مسلح بمدفع رشاش وصاروخ آر بي جي ومسدسين. وأكد الرجل انهم يريدون إقامة دولة إسلامية في سيناء تكون عمقاً استراتيجياً لدولة حماس الإسلامية في غزة".
لا نشك أن أبناء ثورة مصر سيكونون بالمرصاد لأمثاله من أبواق النظام السابق المخلوع، هو وعبد الله كمال وأسامة سرايا ومجدي الدقاق ونبيل لوقا البباوي وغيرهم من الذين خدعوا ومارسوا التضليل ضد الشعب المصري، وأثاروا النعرات والمعارك الجانبية مع فلسطين والجزائر وغيرها، ليصبحوا اليوم أيتامأ ينتظرون قرار الشعب فيهم بعد أن سقط رأسهم وأركانه.
(10)
وأخيراً
كثيرة هي الأحداث في منطقتنا بشكل عام، وكثيرة هي المتغيرات في فلسطيننا الحبيبة، لكنها بمجمها تغييرات ايجابية تحمل البشائر بسقوط أنظمة، ورحيل طغاة، وملاحقة مجرمين، ومحاسبة متورطين.
سلطة العار في رام الله ربما هي في ربع الساعة الأخير قبل أن تنهار وتنتهي إلى مزابل التاريخ.
ما سبق هو غيض من فيض مما حدث ويحدث، أقنعة تسقط، تمايز لا جدال فيه بين مقاولين ومقاومين، محاولات بائسة لتجميل وتحسين الصورة، وتصرفات طائشة متسرعة متخبطة لحفظ ما تبقى، وتجييش ل "مستقلين"، وتوزير لآخرين، لكن كل ذلك لن يفلح في منع سقوطهم الحتمي.
الأيام بيننا وقريباً سنكتب نهاية فصل مظلم في تاريخ شعبنا اسمه أوسلو ومجرميها.

لا نامت أعين الجبناء.

هناك تعليق واحد:

  1. كيف تخلع حاكما عربيا في ستة أيام؟



    محمد الوليدي

    لن أأتي بشيء جديد ، فالثورتان التونسية والمصرية علمتنا الدروس الأهم ، ويكفي ان زمام المبادرة كانت للثورة التونسية وأن الثورة المصرية خلعت في تحد لا مثيل له الديكتاتور الأكبر "عباطة" وجلافة - ربما - بين الحكام العملاء الآخرين ، وأظهر الشعب المصري بأنه حين يريد فأن كل الدنيا لاتستطيع كسر إرادته ، إذن ماذا تبقى للشعوب العربية كي تتعلم وكي تنهض؟




    عامل الخوف سقط ، وثمة عامل في غاية الأهمية في صالح الشعوب ظهر بوضوح ; وهو أن النظام الأمريكي وأنظمة الغرب التي طالما حمت هؤلاء الحكام العملاء لا يمكن أن تستمر في حمايتهم وقت الثورة والشعوب الغربية ترى كيف أن أجهزة أمن هذه الديكتاتوريات تطلق الرصاص الحي على صدور متظاهرين لا حول لهم ولا قوة من أجل حقهم المشروع ، ففي هذه اللحظة ستخشى أنظمة الغرب من شعوبها فيما لو حاولت حماية هذه الديكتاتوريات وهذا ظهر جليا في كلتا الثورتين.

    وحتي حين يطلق هؤلاء الحكام قطعان أمنهم على المتظاهرين وقد يقتلون ما يقتلون ففي هذا سيكون وبالا على هؤلاء الحكام كما ظهر في الثورتين ، فلا أكثر تعاسة وغباء في من يزيد من طغيانه وجبروته في مرحلة كهذه ، ناهيك أنه لا أسمى من كوكبة الشهداء هذه التي سقطت في الثورتين ، فقد أضاؤوا بدمائهم الزكية الليل الأشد حلكة في التاريخ العربي ورووا بدمائهم أعظم ثورة ضد الظلم والطغيان والقهروالجبروت الذي عاشته شعوب العرب لأكثر من تسعين عاما ، ودكوا بدمائهم الطاهرة عروشا ظالمة لطالما ظلت مطمئنة وهي تستبيح شعوبها دون حسيب أو رقيب ودون خوف من أحد ، ثم على رسلك ألم يكن هؤلاء الشهداء ممن ينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر ، أمره ونهاه ، فقتله " نسأل الله عز وجل أن يكونوا في أرفع درجات الشهداء ، فكم من ظلم مظلوم وجور حرة أزاحوه بدمهم الزكي.

    العامل الأهم هو وحدة الشعوب ، ففي الثورتين التونسية والمصرية كانت الوحدة بين أبناء الشعبين واضحة وقوية فتونس وقفت كلها مع مدينة سيدي بوعزيزي ، وأغنياء مصر وفقراؤهم وأهل المدن والقرى والبدو كانوا يدا في يد في هذه الثورة وفي هذا أكبر عوامل إنجاح أي ثورة ، ومن يسعى لفرقة لإضعاف ثورة ما فعليه أن يتذكر بأنه يحتمل وزر ظلمات هذا الحاكم أو ذاك.

    عامل الصبر مهم وقد تحتاج الثورة لتضحيات ولكن دولة الظلم ساعة و دولة الحق الى قيام الساعة ، فإلى كم سيمضي ليل الظالمين .

    حتى الآن وفي كلتا الثورتين لم يستخدم العصيان المدني مع أن إستخدامه أو التهديد بإستخدامه قد يوفر الكثير من الوقت ، لذا يجب الإنذار به من البداية ليتم تطبيقه في اليوم الرابع من التظاهر السلمي، وفيه يتم الإتجاه لمراكز الحكم الرئيسية وأبواق الحاكم الإعلامية ويتم إحتلالها بالكامل وإيقاف العمل فيها.

    اليوم الخامس فيجب فيه إستباحة أملاك كل من يقف مع الحاكم وهذا يشمل أملاك حتى الأنظمة الأخرى التي تدعم هذا الحاكم أو تساعده على البقاء لمدة أكثر ولا يستثنى من هذا أملاك ومشاريع الأفراد المعروفة بعلاقتها مع الحاكم ، او تم إنشائها بواسطة عقود مع الحاكم أو أحد أفراد إسرة الحاكم فتظل مشاريع غير شرعية عقدت مع حاكم غير شرعي على حساب الشعب وتمت برشاوى زادت من تقوية هذا الحاكم.

    وقد لاحظنا أن الديكتاتور المصري المخلوع أستمات في سبيل البقاء لمدة ستة أشهر أو على الأقل أن يستقيل بطريقة عادية ، وما هذا حتى يضمن بقاء العقود التي وقعها وأفراد من أسرته مع العديد من الفاسدين ونهب على أثرها مليارات الدولارات وهربها خارج البلاد ، لقد بلغت من قذارة هذه الحكام انها تهّرب هذه الأموال خارج البلاد وهي تعلم ربما بأن الغرب سيقوم بتجميدها وهذا لا يهمهم ، فقط ما يهمهم أن لا يستفيد منها الشعب.

    ثم يأتي عامل الحط من قيمة وهيبة هؤلاء الحكام وتصغيرهم في عيون الشعب عبر السخرية منهم وتحقيرهم ، وهذه كانت واضحة في الثورة المصرية ومع أن هذه المهمة لا يكاد يجيدها سوى الشعب المصري الشهير بخفة دمه وسرعة بديهته ، إلا أن الشعوب ييجب ان تضعها ضمن أولوياتها.

    يظل العامل الديني وهو العامل الأهم فعلى الشعوب أن تؤمن بأن ثوراتها هذه أعظم من الفتوحات الإسلامية ، فهؤلاء الحكام أردوا بحال الأمة بشكل لا مثيل له ولا أوجب من حربهم والخلاص منهم ، بل من يتخلف عن الثورة عليهم حاله يكون حال القاعدين الذين قال الله تعالى فيهم "وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ".

    وإذا كان الحاكم بجبروت أن يظل حتى اليوم السادس ، فحينها يكون هذا اليوم له ولأسرته ، مع أنني لا اعتقد بأن من تبقى من هؤلاء الحكام وبعد ما جرى أن يظل حتى اليوم السادس.

    اللهم نصرك على الظالمين.

    ردحذف