ليست هذه الكلمة مقالاً يُكتب ولكنها نصيحة خالصة بريئة، نتقدم بها إلى الذين يناصرون الصهيونية اليهودية ويريدون أن يغتصبوا حقَّ العرب المقدس في وطنهم الغالي فلسطين.
نريد أن نقول لهم: إن العرب حين يذودون عن فلسطين ويطالبون بحقها، يشعرون من أعماق قلوبهم أن صميم وحدتهم وسلامة أوطانهم وحقيقة استقلالهم كل ذلك مرهون بهذا الجزء من أرضهم، وبأن يظل لهم فلا تقوم فيه دولة لسواهم، فدفاعهم عن فلسطين دفاع عن صميم كيانهم، فضلاً عن الاعتبارات الدينية والاقتصادية والخلقية الأخرى، والعرب يدركون هذه الحقيقة فهم لا يجاملون أهل فلسطين ولكنهم يحافظون على وجودهم وعلى أرضهم.
وحقيقةٌ أخرى: هي أن قيام كيان يهودي صهيوني في فلسطين يهدد السلام العالمي، ويصبح خطرًا على دول أوروبا وعلى أمريكا نفسها، ويفسد الصداقة المنتظرة، ويحول دون التعاون المترقب بين الشرق والغرب وبين أربعمائة مليون مسلم في أفريقيا وآسيا وبين أوروبا وأمريكا؛ وذلك أيضًا فضلاً عن الاعتبارات السياسية والاقتصادية الأخرى.
وحقيقة ثالثة: وهي أن العبرة التاريخية تطالعنا بأن الحرب الأولى إنما كانت شرارتها المباشرة قنبلة سراجيفو، وبأن الحرب الثانية كانت شرارتها المباشرة دانزج والممر البولوني، ونرجو مخلصين ألا تكون شرارة الحرب الثالثة فلسطين الشهيدة، فإن العالم لم يفق بعد مما لقي من صدمات.
وكلمة مخلصة ليهود العالم الذين لا شك أننا نرثى لهم في محنتهم ونشاركهم آلامهم وإن كنا لا نرضى بحال أن تسوى على حسابنا.. نريد أن نقول لليهود في كل مكان: إنهم يغررون بأنفسهم ويخدعونها ويمنونها (**) بالباطل حين يرتقبون الهدوء والسلام في فلسطين، فإن سبعة عشر مليونًا من أي جنس (وهم كل اليهود في العالم) لو فرضنا أنهم احتشدوا في فلسطين لا يمكن أن يعيشوا عنوةً في بحرٍ متلاطم من سبعين مليونًا من العرب الأُباة البواسل ومعهم ثلاثمائة مليون من المسلمين الغيورين الأمجاد، فعليهم أن يكونوا طوال النظر، وأن تمتد نظرتهم إلى النتائج البعيدة ويقدروها حق قدرها.
وحقيقة ختامية نصارح بها إنجلترا وأمريكا واليهود الصهيونيين معًا، وهي أنه إذا كان اليهود في فلسطين قد أعدوا عدتهم من ذخيرة وسلاح وتجهزوا للعدوان الصارخ وليفرضوا أنفسهم بالقوة القاهرة، فإن هناك ملايين من المصريين ومن العرب في كل مكان ومن المسلمين يتضرعون إلى الله في سجودهم أن يرزقهم الشهادة في سبيله، وألا يكون موتهم هكذا حتف أنوفهم كما يموت البعير.
وكان أشد ما يحز في أنفسهم أنهم لا يعرفون ميدانًا للاستشهاد، فإذا كانت إنجلترا وأمريكا واليهود الصهيونيون قد اعتزموا أن يتفقوا على ظلم العرب واغتصاب أرضهم، فإن هذه الملايين حينئذٍ تكون قد وجدت ميدانها المرتقب، وإنها لتتقدم إليهم شاكرة أن أتاحوا لها هذه الفرصة.. وسيعلم الظالمون حين تلتقي القلوب المؤمنة بالأسلحة الخائنة، وحين تهتف هذه النفوس المشوقة للقاء الله: "هبي ريح الجنة" لمَن العاقبة؟ العاقبة للمتقين.
-----------------------------------------------------------
(*) المقال من مجلة الإخوان المسلمين، العدد (76)، السنة الثالثة، 28 ذو القعدة 1364ه- 3 نوفمبر 1945م، ص(3).
نريد أن نقول لهم: إن العرب حين يذودون عن فلسطين ويطالبون بحقها، يشعرون من أعماق قلوبهم أن صميم وحدتهم وسلامة أوطانهم وحقيقة استقلالهم كل ذلك مرهون بهذا الجزء من أرضهم، وبأن يظل لهم فلا تقوم فيه دولة لسواهم، فدفاعهم عن فلسطين دفاع عن صميم كيانهم، فضلاً عن الاعتبارات الدينية والاقتصادية والخلقية الأخرى، والعرب يدركون هذه الحقيقة فهم لا يجاملون أهل فلسطين ولكنهم يحافظون على وجودهم وعلى أرضهم.
وحقيقةٌ أخرى: هي أن قيام كيان يهودي صهيوني في فلسطين يهدد السلام العالمي، ويصبح خطرًا على دول أوروبا وعلى أمريكا نفسها، ويفسد الصداقة المنتظرة، ويحول دون التعاون المترقب بين الشرق والغرب وبين أربعمائة مليون مسلم في أفريقيا وآسيا وبين أوروبا وأمريكا؛ وذلك أيضًا فضلاً عن الاعتبارات السياسية والاقتصادية الأخرى.
وحقيقة ثالثة: وهي أن العبرة التاريخية تطالعنا بأن الحرب الأولى إنما كانت شرارتها المباشرة قنبلة سراجيفو، وبأن الحرب الثانية كانت شرارتها المباشرة دانزج والممر البولوني، ونرجو مخلصين ألا تكون شرارة الحرب الثالثة فلسطين الشهيدة، فإن العالم لم يفق بعد مما لقي من صدمات.
وكلمة مخلصة ليهود العالم الذين لا شك أننا نرثى لهم في محنتهم ونشاركهم آلامهم وإن كنا لا نرضى بحال أن تسوى على حسابنا.. نريد أن نقول لليهود في كل مكان: إنهم يغررون بأنفسهم ويخدعونها ويمنونها (**) بالباطل حين يرتقبون الهدوء والسلام في فلسطين، فإن سبعة عشر مليونًا من أي جنس (وهم كل اليهود في العالم) لو فرضنا أنهم احتشدوا في فلسطين لا يمكن أن يعيشوا عنوةً في بحرٍ متلاطم من سبعين مليونًا من العرب الأُباة البواسل ومعهم ثلاثمائة مليون من المسلمين الغيورين الأمجاد، فعليهم أن يكونوا طوال النظر، وأن تمتد نظرتهم إلى النتائج البعيدة ويقدروها حق قدرها.
وحقيقة ختامية نصارح بها إنجلترا وأمريكا واليهود الصهيونيين معًا، وهي أنه إذا كان اليهود في فلسطين قد أعدوا عدتهم من ذخيرة وسلاح وتجهزوا للعدوان الصارخ وليفرضوا أنفسهم بالقوة القاهرة، فإن هناك ملايين من المصريين ومن العرب في كل مكان ومن المسلمين يتضرعون إلى الله في سجودهم أن يرزقهم الشهادة في سبيله، وألا يكون موتهم هكذا حتف أنوفهم كما يموت البعير.
وكان أشد ما يحز في أنفسهم أنهم لا يعرفون ميدانًا للاستشهاد، فإذا كانت إنجلترا وأمريكا واليهود الصهيونيون قد اعتزموا أن يتفقوا على ظلم العرب واغتصاب أرضهم، فإن هذه الملايين حينئذٍ تكون قد وجدت ميدانها المرتقب، وإنها لتتقدم إليهم شاكرة أن أتاحوا لها هذه الفرصة.. وسيعلم الظالمون حين تلتقي القلوب المؤمنة بالأسلحة الخائنة، وحين تهتف هذه النفوس المشوقة للقاء الله: "هبي ريح الجنة" لمَن العاقبة؟ العاقبة للمتقين.
-----------------------------------------------------------
(*) المقال من مجلة الإخوان المسلمين، العدد (76)، السنة الثالثة، 28 ذو القعدة 1364ه- 3 نوفمبر 1945م، ص(3).
______________________________________
من أقوال شهيد الإسلام سيد قطب
المعركة بين المؤمنين وخصومهم هي في صميمها معركة عقيدة وليست شيئاً آخر على الإطلاق . وإن خصومهم لا ينقمون منهم إلا الإيمان ، ولا يسخطون منهم إلا العقيدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق