السبت، 1 يناير 2011

تصادمت المصالح فانكشفت العورات




تصادمت المصالح فانكشفت العورات!!!.

سماك العبوشي

simakali@yahoo.com

جميل أن يتم تطهير البيت مما يعكر صفوه وطهارته، وأجمل من ذلك أن يقوّم الفاسد من أبنائه، والأجمل من كل هذا وذاك أن يجتث الشر من أركانه، أما أن يشتد الصراع فيه لمكاسب ضيقة بعيداً عن مصلحة أبنائه العليا ومبادئهم الحقـّة التي نشأوا وتربوا عليها وعاشوا وناضلوا طويلاً من أجلها، فتلك والله آفة قد أصابت ذاك البيت العريق ما بعدها من آفة!!.

تلك لعمري هي خلاصة ما يجري داخل البيت الفتحاوي من صراع دائر بين السيد الرئيس محمود عباس ومحمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح هذه الأيام!!، فما أن تصادمت المصالح الضيقة البعيدة عن الروح الوطنية بينهما حتى طفت على مشهد "البيت الفتحاوي الجديد" الخلافات والصراعات وكيل الاتهامات المتبادلة بالفساد المالي والإداري والسياسي والإثراء غير المشروع ومصادره!!.



بصراحة متناهية، فإنني أعلنها على الملأ، بأنني ما طقت يوماً محمد دحلان، ولم أستسغ ما يسمى بتاريخه "النضالي!!" بالمرة، كما ولم استوعب صعوده البهلواني الغريب داخل حركة فتح ليصبح فيما بعد عضو لجنتها المركزية وأحد أقوياء المشهد الفتحاوي والسلطوي، لكن ما استوقفني في حقيقة الأمر ودفعني للكتابة اليوم هو صيغة المبادئ الثورية الجديدة لقيادة فتح التي تم التعامل بها وتلمسناها إثر اشتداد الخلافات والصراعات بين السيد الرئيس أبي مازن ومحمد دحلان، تلك المبادئ "الثورية الجديدة" لقيادة فتح "الجديدة" التي تم التعامل بها مع محمد دحلان، حيث كان الأخير يوصف ولفترة طويلة خلت بأنه في قمة النضال والعطاء والوطنية والعفة والنزاهة ونظافة اليد!!، ليصبح بنظر قيادته الحركية بين ليلة وضحاها موضع اتهام وتشكيك بنزاهته وفساد ذمته، كما وأثيرت بحقه تساؤلات عن مصدر ثرائه الفاحش "المجهول – المعلوم!!".



أن يتهم دحلان من قبل حركته بتلك الاتهامات فذاك شأن داخلي طبيعي للحركة، يقصد منه التطهير والتشذيب، إنما الغرابة في الأمر تكمن في نقطتين اثنتين:

أولاً... أن تأتي تلك الاتهامات "الجديدة القديمة" هكذا فجأة بعدما تنافرت المصالح بين الطرفين وظهرت حقيقة أطماع وممارسات وأحلام دحلان الوردية وطموحه اللاشرعي للاستحواذ على مقدرات حركة فتح والتآمر على قائدها ورئيسها!!.

ثانيا ... أن تقتصر ردة فعل قيادة حركة فتح ضد دحلان "فقط!!" على لائحة من الاتهامات خلت ولو همساً أو تلميحاً أو تنويهاً إلى حقيقة مواقفه وارتباطاته وتنسيقاته ولقاءاته المعروفة مع الدوائر الأمنية الصهيونية والتي جلبت الكوارث على القضية الفلسطينية وأربكت مشهده طويلاً!؟.



أشهر طويلة من العسل المصفى كانت سمة المشهد الذي جمع السيد الرئيس أبي مازن بعضو اللجنة المركزية لقيادة فتح محمد دحلان وتحديداً من أيام صراع السيد أبي مازن يوم كان رئيساً للوزراء مع الختيار الرمز الشهيد أبي عمار "رحمه الله"، حيث تـُرك المجال فيها لمحمد دحلان رحباً ليسرح ويمرح بطول المشهد الفلسطيني وعرضه كيفما شاء، وما أن فاحت رائحة ممارسات وأطماع دحلان التي أزكمت أنف السيد الرئيس أبي مازن وأحس بخطورة توجهاته وما كان يبيته وسوء ما صدر منه من اتهامات بحقه، فإذا بالسيد الرئيس أبي مازن يقرر بين ليلة وضحاها سحب البساط الأحمر من تحت قدميّ دحلان ويأمر بتشكيل لجنة تحقيقية لمحاسبته على ما صدر منه من اتهامات وعبارات نابية بحقه وما جناه من أموال طائلة لا يعرف مصيرها!!.



سنين طوال ومحمد دحلان يعيث - على مرأى ومسمع من قيادة فتح والسلطة الفلسطينية - بالمشهد الفلسطيني فساداً وإفساداً وخراباً، وكان من نتائجها هذا التصدع الكبير في المشهد الفلسطيني، فلم يخطر ببال قيادة فتح أن تشكل لجنة تحقيقية لمساءلته عن:

1. حقيقة اتصاله بالأجهزة الأمنية الصهيونية ولقائه بقياداتها الميدانية، وتسهيله على سبيل المثال لا الحصر لقاء أبي العينين بقيادات الموساد وتسليمه إياهم معلومات خطيرة عن لبنان وسوريا وحزب الله!!.

2. حقيقة ممارسات دحلان يوم كان ممسكاً لملف غزة الأمني وما سببته تلك الممارسات غير المسئولة من احتقان هناك وما أعقبها من اجتياح حركة حماس لها كضربة استباقية منها وفق مبدأ "أتغدى بك قبل أن تتعشى بي"!.

3. أسباب الانتكاسة الفتحاوية في غزة والتي كان دحلان سبباً رئيسياً ومباشراً فيها!!.

4. فساد ذمته ومساءلته عن مصدر أمواله وغناه الفاحش وأوجه صرفه، هذا إذا ما تذكرنا حقيقة فقر دحلان وما كان حاله في غزة وكيف أصبح من الأثرياء خلال سنوات معدودة!!.



"قد تجاوز دحلان حدوده"، تلك عبارة استوقفتني طويلاً كانت قد وردت على لسان السيد محمد اشتيه – عضو اللجنة المركزية لحركة فتح- في معرض إجابته عن تساؤل طرح عليه والمنشورة في "القدس العربي" عن أسباب توقيت ملاحقة دحلان برغم أن تلك الاتهامات الموجهة ضده ليست جديدة، حيث قال وأقتبس مما ورد نصاً " انه يبدو أن دحلان تجاوز حدوده، وان الرئيس عباس قرر تصويب الأوضاع. وقال اشتية ان لجنة التحقيق تحقق بالاتهامات ضد دحلان التي تضمنت قضايا التطاول على الرئيس ووضعه المالي (تحت شعار 'من اين لك هذا') اضافة الى الوضع في غزة"... انتهى الاقتباس!!، هكذا إذن تجري الأمور في "فتح الجديدة"!!، فدحلان قد تجاوز حدوده "الآن فقط" كما ورد بعبارة السيد محمد اشتيه، فأي منطق ذاك وأي تبرير ومسوغ يساق للتبرير في ملاحقة دحلان!؟، فبرغم كل الجرائم التي اقترفها دحلان وفساد ذمته وإثرائه غير الشرعي وعدم معرفة مصادر أمواله وتعاونه وتنسيقه مع قوات الدوائر الأمنية الصهيونية، فإنه لم يكن حينذاك قد تجاوز "بعد!!" حدوده من المنظور الجديد لقيادة فتح والسلطة الفلسطينية!!، وحين تطاول دحلان على السيد الرئيس أبي مازن وسعى للتآمر عليه وإزاحته من منصبه، فإذا بقيادة فتح والسلطة الفلسطينية "تفطن!!!" لتلك التجاوزات فتبدأ بمحاسبته وملاحقته من خلال لجنة تحقيقية!!!.



تلك إذن هي الثورية في المبادئ الجديدة، التي لا تظهر إلا إذا ما تنافرت المصالح وتعارضت وانكشفت حقيقة الأطماع!!، كنا ولسنوات طوال نسمع ونقرأ "كما قيادتا السلطة وفتح" عن ثروة محمد دحلان التي تفاقم حجمها ولم يعرف مصدرها، غير أننا لم نر أو نسمع بأن قيادة فتح قد سعت لفتح تحقيق معه ومساءلته إلا اليوم!!، الجميع قد سمع وقرأ – وعلى ذمة من نشر- بأن محمد دحلان، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" وعضو المجلس التشريعي – ابن غزة المعدم والفقير- كان وعلى سبيل المثال لا الحصر:

1. قد وقّــّع عقداً خاصاً في دولة الإمارات لشراء برج استثماري بمبلغ 100 مليون دولار في دبي!.

2. يمتلك من المصالح الاستثمارية الشيء الكثير منها مصنعين للمواد الغذائية في جنوب أفريقيا يديرها شخصٌ مقرب منه من عائلة زيدان!!.

3. يمتلك أكبر فندق في غزة!!.

4. قد اشترى منزل "رشاد الشوا" في غزة بمبلغ 400 ألف دولار فقط !!.

5. يمتلك محطة تلفزيونية خاصة به في الضفة الغربية والتي أغلقتها السلطة الفلسطينية في أعقاب تطور الخلاف معه وقبل أن تبدأ بث برامجها!!.

6. قد انخرط في إحدى جامعات بريطانيا الراقية لأشهر لتعلم اللغة الانكليزية وعلى حسابه الخاص كي يهيء نفسه للمرحلة القادمة من حياته السياسية!!.

7. له فوج كبير من المستشارين ورجال الحماية المؤتمرين بأمره والذي يصرف عليهم من جيبه الخاص!!.

8. وما خفي كان أعظم!!!!!.



همسة صادقة في أذن السيد الرئيس أبي مازن:

إن الزمن دوار غدار لا يجب أن يؤتمن له، فما جعل دحلان يـجرؤ يوماً على الختيار عرفات "رحمه الله" الذي آواه واحتضنه ورعاه في تونس في ثمانينات القرن المنصرم، فمن البداهة والمنطق أن يكرر ذات المحاولة معك سيدي الكريم، أم أنك قد نسيت كيف وجه دحلان للختيار أبي عمار إنذاراً شديداً يطالبه فيه بإجراء ما ادعاه "إصلاحاً" قبل العاشر من شهر آب / أغسطس من العام 2004!!.



إن الحقيقة التي لا جدال فيها بأن دحلان شخصية مثيرة للجدل والريبة، فله طموحاته وله أحلامه الوردية بأن يكون رئيساً لفلسطين، بأي شكل ومن أي باب ينفذ منه، حتى وإن كان على حساب الوطنية والثوابت الفلسطينية عبر الدسائس والمؤامرات والتنسيق مع الكيان الصهيوني وأمريكا، ولازالت عبارة بوش الابن تدوي حين أعجب به يوماً فقال"هذا الفتى يعجبني!!"، والإعجاب الأمريكي كما يعرف الجميع له أبعاد وتداعيات يسترنا الله تعالى منها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق