الخميس، 17 فبراير 2011

الحصاد المر: 19 سنة من حكم الجنرالات في الجزائر


الحصاد المر: 19 سنة من حكم الجنرالات في الجزائر



على الساعة الثامنة مساءاً يوم 11 جانفي/يناير 1992 بثّ التلفزيون الجزائري خطاباً مقتضباً للرئيس الشاذلي بن جديد جاء فيه اختصارا أنّه لم يعد بإمكانه الإستمرار في حكم البلاد...اتّضح فيما بعد أنّ كبار جنرالات العسكر، و الذين خدم أغلبهم داخل الجيش الفرنسي لكي تبقى الجزائر فرنسية أيام الثورة، قد خيّروا الشاذلي بن جديد بين إلغاء الإنتخابات التشريعية التي كانت قد جرت لتوّها وإعلان حالة الطوارئ و تعليق الدستور، وبين الرّحيل عن الحكم ليتولّوا هم القيام بذلك، واختار الرّجل أن يبتعد وأن لا يشارك في فتح باب الجحيم على الجزائر و الجزائريين، وهي المهمّة التي تولاّها كبار الجنرالات الذين قالوا لنا أنّهم "سينقذون الجزائر من حكم الإسلاميون البرابرة، وحتى لا تعود الجزائر إلى العصور الوسطى" وهذا جزء من حصيلة 18 سنة من الحكم "الرّاشد" الذي متّعنا به الجنرالات:


• مئات المجازر الفظيعة ارتكبت ضد المدنيين العزّل على امتداد التراب الجزائري أشهرها: سيدي يوسف ببني مسوس، بن طلحة، الرايس، سيدي الكبير، الرمكة هذه الأخيرة بلغ عدد قتلاها أكثر من 1000 شخص في ليلة واحدة.
• ما بين 12 و20 ألف مختطف، مع استمرار ممارسات النظام البوليسي في تعذيب المعتقلين و الإختفاء القسري.
• عشرات العمليات المسلحة بما فيها قلب العاصمة، أدّت إلى مئات القتلى من الجزائريين بما فيها جنود و شرطة و درك و مليشيات و لم يتعرّض أي مسؤول أمني أو عسكري أو سياسي لأية مسائلة أو محاسبة بسبب الإخفاقات الأمنية المستمرة، بل على العكس تم ترقية المزيد من الضباط إلى رتبة جنرال مكافأة لهم على سجلّاتهم الإجرامية.
• سياسة قمعية غير مسبوقة في تعامل النظام الجزائري مع مطالب الشعب الجزائري و أشهرها قمع انتفاضة منطقة القبائل و التي ذهب ضحيتها أكثر من 120 قتيل، تسبب فيها أساساً وزير الداخلية الحالي يزيد زرهوني وهاهو باقي في الحكم دون مساءلة.
- سقوط مئات الجرحى في الإنتفاضات اليومية وأحياناً قتلى على امتداد التراب الوطني دون إيجاد أي حلول دائمة و مجدية.
• هيمنة سياسة اللاّعقاب ضدّ الجلاّدين الحقيقيين للشعب الجزائري و التي كرّستها سياسات بوتفليقة خلال 10 سنوات من الحكم بما فيها قانوني الوئام و المصالحة التي تهدف في نهاية المطاف إلى تبرئة للمجرمين.
• بقاء الوجوه الأساسية من العصابة الحاكمة منذ انقلاب 1992 رغم عشرات المسرحيات الإنتخابية، ومن هؤلاء الجنرال محمد مدين المدعو توفيق الحاكم الفعلي للجزائر وكبار مساعديه من الجنرالات الآخرين، عبد المالك قنايزية، أحمد صنهاجي، أحمد قايد صالح، جبار مهنا، الجنرال عطافي، علي تونسي...بالإضافة إلى وزراء أثبت مرور الوقت فشلهم في كل المشاريع مثل أحمد أويحي و أبو بكر بن بوزيد.
• استمرار سياسة الوصاية على خيارات الشعب الجزائري حيث مازال المسؤولين في أروقة الدولة على كافة المستويات يُعيّنون من طرف جنرالات المخابرات.
• رؤساء الدّولة "مازال يطبخهم" الجنرال توفيق مدين ويعدّل لهم الدساتير حسب هواهم
• تفشي ظواهر جديدة على المجتمع الجزائري مثلل ظاهرة الحراقة الذين بلغت إحصائياتهم الآلاف خلال السنوات الخمس الماضية.
• أدّت عمليات غلق آلاف الشركات الوطنية بطريقة عشوائية إلى طرد مئات الآلاف من الموظّفين من مناصب عملهم.
• خنق المجال الإعلامي والسياسي أمام المعارضة الحقيقية حيث تم تكسير ما بقي من الأحزاب المعارضة بين 1992-1999، في حين لم يحصل ولا حزب على الإعتماد خلال فترة بوتفليقة ودُجّن ما بقي من الأحزاب.
• انتقال عدوى سياسة اللاّعقاب من الميدان السياسي إلى الميادين الأخرى خاصّة الإقتصادي و المالي، الأمر الذي أدّى إلى تفشّي الفضائح المالية ونهب المال العام بلا حسيب ولا رقيب
وعلى سبيل المثال لا الحصر: قضية الخليفة التي نُهبت فيها ما قيمته 7 ملايير دولار، فضيحة البنك التجاري الصناعي، فضيحة بنك الجزائر الخارجي، بنك بدر، فضيحة بي أر سي كوندور، قضية عاشور عبد الرحمن، فضائح رشاوي الطريق السيار...والقائمة مفتوحة.
• انتشار الرشوة و اعتبارها وسيلة حكم وطريقة حياة المجتمع الجزائري بما فيها الرشوة من أجل الترقيات العسكرية، شراء الشهادات العليا و الوصول إلى المناصب داخل أجهزة الدولة كان آخرها "انتخابات مجلس الأمة" التي تمّت بما يُعرف بالشكارة.
• اتّساع ظاهرة الإحتجاجات في المجتمع الجزائري بكل أنواعها من التظاهر (الذي يمنعه القانون بسبب حالة الطوارئ)، أحداث الشغب، الإضرابات المستمرة، الإضراب عن الطعام، الإحتجاج بالإنتحار...إلخ.
• تسجيل أعلى النسب في ضحايا حوادث المرور ( معدّل 80 قتيل أسبوعيا خلال التسعة شهور الأولى من عام 2009، وهي ثاني أكبر نسبة في العالم إذا ما قورنت بعدد السكان)
• ارتفاع نسبة الجريمة، الآفات الإجتماعية، قتل الأصول وغيرها من أنواع الإجرام بشكل غير مسبوق.
• انتشار البيوت القصديرية، و تحوّل كثير من المدن إلى ما يشبه القرى الريفية المُهملة
• اعتُبرت الجزائر العاصمة أسوأ العواصم للعيش فيها مثلها كمثل عاصمة بنغلاداش، ولم يأتي بعدها في الترتيب إلا عاصمة زيمبابوي.
• هروب مئات الآلاف من الجزائريين من وطنهم والإستقرار في كل دول العالم بما فيها الدول الإفريقية و الأسيوية الفقيرة.
• هجرة عشرات الآلاف من الكفاءات الجزائرية إلى كل دول العالم.
• التقهقر إلى المراتب المتأخرة في كل التقارير الدولية بالرّغم من وجود أموال مكدّسة ضخمة تفوق على 150 مليار دولار من احتياطات الصرف:
- المرتبة 111 في تقرير الفساد من منظمة الشفافية الدولية لعام 2009
- المرتبة 141 في تقرير منظمة "محققون بلا حدود لحرية الصحافة"
- المرتبة 112 من 121 في مجال تسهيل التجارة الخارجية
- المرتبة 96عالميا في مجال الحوكمة والاستقرار والخدمات
- والمرتبة 104في التنمية البشرية الخاص بـ(PNUD)
- المرتبة 108 عالميا في مجال الاتصالات
- المرتبة 115 عالميا في مجال السياحة
- المراتب العشر الأخيرة عالميا في مجال الابتكار الاقتصادي بعد كينيا وقبل تنزانيا
- المرتبة العاشرة عربيا و 146 عالميا من حيث مؤشر ''جودة ونوعية الحياة'' لسنة 2010 حسب المجلة الأمريكية ''الحياة الدولية''
- المرتبة 157 من مجموع 175 كبلد من أسوأ البلدان للعيش عربيا وعالميا حسب الهيئة الإيرلندية ''أنترناشيونال ليفتينغ''
- أفضل جامعة جزائرية في الصف الـ23 افريقيا و 4132 عالميا
• انهيار جميع مقومات الحياة الكريمة في المجتمع الجزائري و على رأسها قتل أكثر من 200 ألف حسب تصريحات لبوتفليقة نفسه.


محمد العربي زيتوت






هناك تعليقان (2):

  1. توقيع : هاجر رشيد

    إن الجنرالات الجاثمة على خيرات البلاد وأرزاق العباد، ستحول لا محالة دون القيام بأية محاولة للتغيير في الجزائر،فهم الحكام الفعليون الذين ينهبون خيراتها غير مكترثين بالشباب الجزائري المهمش، وبالتالي فالجزائريون مطالبون بإطاحتهم اولاً ولن ينتظروا أن يعانقهم هذا الجيش مثلما حصل في تونس ومصر .

    ردحذف
  2. ksoheib

    لم يحكم جنرالات فرنسا الجزائر لتسعة عشرة سنة فقط و إنما منذ الاستقلال، أي منذ 1962 و هذا معناه 50 سنة تقريبا. كانوا قريبين جدا من صنع القرار أيام بومدين ثم انتقل الأمر إليهم حين توفي. و كانوا بين خيارين: إما تسليم مقاليد الحكم لرئيس جديد قد يتحكم بمصائرهم كما كان يفعل بومدين أو الاحتفاظ بالسلطة و ابراز وجه مدني على رأس الدولة كعروس قراقوز, و قد اختاروا الخيار الثاني و أتوا ببن جديد رغم عدم كونه مرشحا لخلافة بومدين على الاطلاق. ثم كان ظهورهم الجلي الواضح في التسعينات و في فتة بوتفليقة حاولوا ايهام الجميع أنهم ليسوا إلا التابع لبوتفليقة و أن الدولة عادت تدريجيا إلى الحكم المدني. لكنهم بكل تأكيد سيعودون للواجهة حال احساسهم بخطر زوال مصالحهم في الجزائر. قد صار أمر تنحية هؤلاء ملحا للغاية أكثر من أي وقت مضى و نحن نخسر كثيرا ببقائهم. إن لم يستدرك الوضع فقد ننجر إلى حرب أهلية أخرى حين نفاد البترول.

    ردحذف