الخميس، 24 فبراير 2011

الشفقة بمبارك




عصام تليمة | 17-02-2011 00:31

بدأت تظهر دعوات أستغربها بشدة من بعض الذين نقدرهم، تدعو للشفقة بالرئيس المخلوع مبارك، والإحسان إليه، أفهم ما صدر من دعوة من أذناب الحزب الوطني والمنتفعين به، أن تخرج تدعو للشفقة به، وهي دعوة ظاهرها الشفقة بالرئيس المخلوع، وباطنها حماية أنفسهم من الحساب من بعده، ولكن ما أستغربه هو أن يخرج البعض ممن نقدره، وآخرهم ما كتبته أمس الأستاذه زينب عبد اللاه، حول الشفقة به.

وقد نسي هؤلاء عدة مسلّمات دينية وقانونية وإنسانية، لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال، كلها تدعو لعدم الشفقة به، ولا رحمته، لا مبارك ولا نظامه، ولا سدنة معبده، وليس ذلك إمعانا في الانتقام معاذ الله، فليس من أخلاقنا الانتقام والتشفي، ولكنه الحق الذي أمر الله به، وأقام عليه الأديان كلها، والكون كله عليها.

الدعوة للشفقة ستكرس مبدأ خطيرا في المجتمع هو: أن كل من يسرق، ويقتل، وينهب ويعذب، ويخرب البيوت، ويدمر الناس، أنه بدموع التماسيح، يستجلب رحمة الناس له، سينسى الناس ما فعل، ويغفرون له ما اقترف، وهي مسألة خطيرة، تفتح باب شر على الناس، وتخلق التناقض في السلوك.

أعلم أن البعض سيستشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء. لكن هذا الاستشهاد فيه بتر للحقيقة، فقد أطلق الرسول سراح من صدقت توبتهم، وكانوا مجرد أداة يجبرون على الخروج لقتاله، لكنه أهدر دم أناس بعينهم، كانوا رؤوسا للفساد، والقتل والنهب، والتعذيب، وقال: اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة. وهؤلاء هم من يسميهم الفقهاء: مجرمي الحرب، فأي إجرام نعفو فيه عن نظام أباد شعبا، وقتل برآء، ونهب أموالا كانت كفيلة بنهضة البلد؟!

ألا يوجد في الشرع والقانون: أن حد تاجر المخدرات، الإعدام شنقا، وفي الإسلام هو حد الحرابة، ألا يوجد في الشرع والقانون: أن حد المغتصب الإعدام، بناء على حكم الحرابة، ألم يفعل رؤوس النظام ما يستوجب الحكم عليهم بالإعدام شنقا حد حرابة؟! وكذلك قاطع الطريق، ألم يقطع النظام الفاسد الطريق على كل حرية للشعب، وكل تنمية للأمة، وكل محاولة للكرامة، إن قاطع الطريق يقطع ليسرق جنيهات، وهؤلاء قطعوا الطريق وسرقوا بالمليارات.

إن الذين يدعون للشفقة والصفح، ينسون للأسف حقوقا لا تختص بهم، بل تختص بأولياء الدم، أهل الشهداء والقتلى، في كل عهد مبارك، في أقسام الشرطة، وفي السجون والمعتقلات، ودماءهم تنادي الجميع بالقصاص العادل.

إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما شكا إليه القبطي أن ابن عمرو بن العاص والي مصر ضربه، قال عمر للقبطي: اضرب من ضربك، فلما ضرب القبطي ابن عمرو، قال عمر: اضرب عمروا على صلعته، فقال القبطي: ضربت من ضربني يا أمير المؤمنين، ولم يضربني عمرو، بل ضربني ابنه، فقال عمر: إنما استذلك بسلطان أبيه. فكم من رأس في النظام الفاسد استذل الشعب، والناس، وأهان، وسرق ونهب، بسلطان مبارك ونظامه.

إن العدل الذي أقام الله عليه السماوات والأرض يقتضي أن يحاسب كل مسيء، وأن ترد المظالم للناس، حتى لو تاب مبارك ونظامه، معلوم أن الحقوق تنقسم إلى حقين: حق الله، وحق الناس، فحق الله موكول إلى الله لا نملكه، ولا نحكم فيه، ولكن يبقى حق الناس، حق من سرق، وحق من ظلم، وحق من قتل، هذه الدماء لا تضيع سدى، وسنكون شركاء في إهدارها، وسنحاسب عليها.

رغم أن هذا النظام الفاسد، هو من يصدق عليهم قول الله عز وجل: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) أي أنهم لو عادوا للحياة، أو لسلطانهم لعادوا لما كانوا يمارسونه، فالله الحق العادل، لا يظلم، ونحن مأمورون بعدم الظلم، ومن الظلم هنا: ضياع الحقوق، وعدم ردها لأهلها.

والقانون ينص على أن قضايا التعذيب لا تسقط بالتقادم، وبارك الله في المستشار طارق البشري، عندما سألته مرة الأستاذة منى الشاذلي: لماذا تحكم في قضايا تعلم أن النظام لن ينفذها، وهي ضد أناس في النظام، فقال: سيأتي يوم يتركون مناصبهم، وتطبق عليهم الأحكام، المهم أن يظل هؤلاء الظلمة على علم بأن هناك حكما ضدهم، وسيأتي اليوم الذي يطبق عليهم.

المحاسبة والعقاب، هي الرحمة المناسبة هنا، وإلا لحكمنا والعياذ بالله على الله عز وجل بعدم الرحمة، فهو الذي وضع هذه الحدود والعقوبات، وقال في كثير منها: (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) النور: 2، وقال عن السارق: (جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) المائدة:38، ولم يختم أي آية تتكلم عن حدود المجرمين، بالرحمة، بكل كلها ختمت بالعزة والحكمة، أي أن حكمة الله هي العقاب، والعدل والرحمة هنا هي: العقاب العادل الرادع. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد وقد أراد أن يشفع لمخزومية سرقت: "أتشفع في حد من حدود الله، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها" وهنا لم يقل فاطمة بنت رسول الله، لأن الجريمة ترفع عنك عزك وكرامتك، إلى أن ينفذ فيك العقاب الذي أمر به الله، عندئذ تسترد جاهك وعزك بعد توبتك وتنفيذ العدل فيك.

كما أن العقاب للمفسد، يكون عبرة وعظة لغيره، وتظل صورة ماثلة أمام عينه دوما، وهي حكمة بينها الله عز وجل، فقال: (كتب عليكم القصاص في القتلى) البقرة: 178، وقال مبينا حكمة القصاص: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) البقرة: 179، أي أن حياة المجتمع وأمانه في القصاص، ليعلم كل مجرم أن العقاب ينتظره، فيرتدع كل من يفكر في الإجرام.

والنظام مسؤول مع الرئيس المخلوع، لأنه استعان بهم، وأعانوه، (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) القصص: 8، وقد قال حارس السجن الذي كان يجلد الإمام أحمد: هل تراني من جنود فرعون؟ قال: إن جند فرعون هو من يطبخ له، أو يغسل له ثوبه، ولكنك أنت فرعون أيضا. وهو ما فهمه عمر بن عبد العزيز عندما قال: لو جاءت كل أمة بخطاياها، وجئنا نحن بني أمية بخطايا الحجاج لسبقنا الأمم جميعا. أي أنه بين مسؤولية بني أمية عن الحجاج وظلمه، لأنهم أطلقوا يده في قتل الناس، والتنكيل بهم.

نحن ندعو لمحاكمة مدنية عادلة، تتسم بالنزاهة والحيدة، للرئيس المخلوع، ولنظامه، ولكل من تلوثت يده بدماء الناس، أو بتعذيبهم، أو بسرقة مال الشعب، فهذا حق المجتمع، وحق الدولة الذي يجب أن يصان، أما مسألة المسامحة الشخصية، فهذه مسألة مردودة وراجعة إلى كل صاحب مظلمة بنفسه، وليس العفو العام الذي لا يملكه أحد نيابة عن أحد. ولا يفسرن أحد كلامي بالتشفي والانتقام من أحد، وإلا لوجب إخراج كل المسجلين الخطر من السجون، ونعفو عنهم، وهو ما لا يقوله عاقل أبدا، وإلا لكانت الجريمة مستباحة، ولضاعت الحقوق، وتاه العدل بين الناس........

هناك تعليق واحد:

  1. أبو مالك الطيب

    المتاجره بحجاب سالي زهران انقلاب علي الثوره

    سالي زهران شهيدة من شهداء الثوره المصريه، قتلها بلطجية الحزب الوطني منذ أسابيع أُثناء اندلاع الثوره المصريه ضد نظام الطاغيه المصري حسني مبارك ،وعندما أراد القائمون علي التظاهرات رفع صور لبعض الشهداء لتكريمهم وفضح النظام..جاء البعض بصورة لسالي زهران ضمن قائمه صور الشهداء وتم تعليقها في ميدان التحرير، ولكن صورة سالي المنشوره كانت فيها متبرجه، وعندما تنحي الرئيس حسني مبارك وانتصرت الثوره في إزاحة النظام ظهرت لنا صورا لسالي زهران وهي محجبه.

    وهنا بدأ البعض في القيل والقال والطعن في النوايا وتم توجيه الاتهام إلي علمانيي وليبراليي الثوره، وقالوا كلاما في هذا الشأن لا يصح، وكأن حجاب سالي زهران يساوي الثوره بل ويتعدي قيمة نجاح هذا الشعب في إزاحة الطاغيه.

    -مازلنا لم نتعلم من أخطائنا، وما زال درس جبهة الإنقاذ حاضرا في الأذهان، البعض يصر علي متاجرته بحجاب الشهيده سالي زهران شهيدة الثوره المصريه هي وزملائها من الشهداء عليهم سحائب الرحمه، ويصر علي أن يصنع عدوا في وقت لا ينفع فيه إلا التوحد ولم الشمل لبناء مصر ورُقيها.

    -نحن في فتره انتقاليه، وهذه الفتره تكاد تكون أصعب من القيام بالثوره نفسها،فلن ينفع في هذا الوقت إلا العمل والجد والإجتهاد،مستخدمين كافة طاقات الوطن من موارد بشريه وماليه، ولكي لنحدد ماهية الثوره ومؤشراتها يجب علينا العلم باللآتي:

    1-أن الشعب المصري بأكلمه شارك في الثوره ، شارك بجميع فئاته ومؤسساته وهيئاته، حتي مبني الإذاعه والتلفزيون الذي لم نكن نتخيل أبدا أنه سيثور فعلها وثار مع الشعب، ورأيت بعيني عشرات بل مئات الإعلاميين يزينون ميدان التحرير بوجودهم ودعمهم لمطالب الثوار.

    2-من مشاركة الجميع حفظا لجهودهم لا يجب أبدا أن نتنكر لفرد واحد فضلا عن مؤسسه أو تيار أو هيئه أو جماعه شاركت في التظاهرات، فمصر ملك للجميع وليست ملكا خاصا لجهه محدده أو تيار محدد.

    3-العمل علي تكوين جبهه مصريه قويه تؤمن بهدف واحد هو بناء مصر جديده ديمقراطيه يسودها العدل والحريه.

    - ومن هنا نقول بأن الثوره هي ثوره الشعب كله، ثار الشعب بعد أن تفشي الظلم في البلاد وساد الغش والفساد، وانتشرت البلطجه الأمنيه والفكريه علي حد سواء، ولم يعد للعقل معيار في ميزان الدوله،ولا لكلمة القضاء مكانه داخل وجدان الجهاز التنفيذي الحارس علي أمن هذا الوطن وسلامته.

    العلمانيين والليبراليين هم فصيل قوي شارك في الثوره بكل جهده، ولا يمنع اختلافنا معهم أن نتعاون علي مصلحة هذا الوطن، ولا سبيل لأي فكر أعوج ينشر فكرا أعوج يقول فيه(ها نحن انتهينا من الفساد هلم إلي العلمانيين لنتخلص منهم) وكأن هؤلاء الناس لم يقدموا شهداءا لوطنهم، وكأن هؤلاء البشر ركنوا وارتاحوا إلي موالاة السلطان، وكأنهم أبالسه ليس فيهم الخير وحب هذا الوطن وشعبه.

    -إن المتاجره بحجاب سالي زهران هذه الأيام لهو من أكبر الأخطاء التي قد يظنها البعض خيرا، والحق إنها مفسده، فقد ذهبت سالي إلي ربها، ولن نكون أحن عليها وأرحم من الله عز وجل، نسأل الله أن يكتب لها الشهاده هي وزملائها من الذين نالوا شرف الشهاده في هذا الحدث المبارك، والذي إن تم استغلاله بشكل صحيح فسوف يكون لمصر شأنا عظيما، بل ربما تصعد مصر إلي مصاف الدول المتقدمه ، ووقتها سيكون التيار الإسلامي هو القائد، لأنه شارك وبكل قوه في بناء وطن صعد لأعلي المراتب.

    -أقولها لكل من امتلأ قلبه بحب هذه الثوره المباركه، أن حب الدين يفرض علينا حب الناس، أقولها بوجه آخر أن حب الدين يفرض علينا علي أن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنه،فوالله إن قلوب هؤلاء البشر من العلمانيين لترق أمام أي فرد خلوق متزن هادئ لا ينطق إلا خيرا، فلعل الله يكتب لأحدهم أن يكون رائدا لهذه الأمه والجميع يعرف قصة الشهيد سيد قطب ، أين كان وماذا كان وأين انتهي وكيف انتهي، هذه هي الإراده الإلهيه أن يعز الإسلام بأناس مخلصون يعرفونه حق المعرفه ولا يبخلون عليه بجدهم وجهدهم.

    فها هو التاريخ من أمامنا وخلفنا ولن يتركنا التاريخ ولن يرحمنا إن لم نستثمر هذه الأيام والسنين الفاصله في حياة الأمه المصريه.

    المصدر

    مدونتي الدوله في الإسلام

    ردحذف