الجمعة، 24 ديسمبر 2010

المختطف نادر صوافطة موت بطئ في زنزانة انفرادية عند الأمن الوقائي



بقلم جمال عبد الله

لا أستطيع أن أنسى ابتسامة هذا الرجل المميزة وأسلوب حديثه وطريقة استقباله للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال التي أمضى فيها أكثر من ثلاثة عشر عاماً من عمره الذي لم يتجاوز الخمسة والثلاثين عاماً .

ولن تستطع الأيام طالت أم قصرت أن تمحو من ذاكرتي يوم أن رزق نادر بابنه معاذ وهو أسير في أحد سجون الاحتلال كيف كانت فرحته وكيف كانت دموعه وهو يتحدث في منتصف الليل لكي يطمئن على زوجته التي باتت تنتظره سنين طويلة وليالي قاسية .

نادر صوافطة المختطف الآن في سجون فتح المحتلة للضفة الغربية لم يشارك أهله بعيد واحد منذ ثلاثة عشر عاماً ... فكل الأعياد التي تمر على نادر يكون فيها مختطفاً في سجون الاحتلال إلا العيدين الأخيرين أمضاهما نادر في زنزانته الانفرادية في سجون الأمن الوقائي في سجن الجنيد.

منذ أربعة شهور متواصلة يخضع نادر للعزل الانفرادي بعد أن تعرض لتحقيق قاسٍ ومؤلم ويرفض محققو الجهاز السماح لنادر بالخروج من الزنزانة للسجن كما يرفضون أن يحولوه لمحاكمهم الصورية ... كل ما يريدونه أن يبقى نادر في الزنزانة الانفرادية ينظر في سقفها يتخيل سنين عمره التي أمضاها يتنقل من زنزانة إلى زنزانة ... طيف معاذ الذي كبر بعيداً عنه يطارده ... تنحشر أنفاسه في حلقه ... يسمح لدمعاته الحرى أن تجري على خده تبلل لحيته يناجي الله بالفرج القريب.

حقد ولؤم وكره هائل هذا الذي يكنه أتباع (مولر دايتون فياض) لنادر صوافطة ولعائلته المجاهدة التي اعتقل جميع أفراد أسرته وأولاد عمه وقدموا الشهداء وأمضوا العقود الطويلة في السجون وتحملت زوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم وآباؤهم الكثير الكثير فكانوا عنواناً للتضحية ورمزاً للفداء في بلدتهم طوباس وفي منطقته وفي كل السجون التي يزورونها.

أولاد نادر لا يعرفون له شكلاً ... فلك أن تتخيل أن الولد كبر وأصبح عمره الآن سبعة أعوام لم يجتمع بوالده إلا ما مجموعه عام واحد وبشكل متفرق ... غريب حال هذا المعاذ وصعوبة حياته.

معاذ اليوم عاد يشد الرحال ليزور أباه في سجن الجنيد ولكن الزيارة في هذا السجن مختلفة .. أدرك ذلك معاذ وسأل أباه عن الشخص الذي يجلس معهم في غرفة الزيارة (يقصد معاذ العسكري الذي يحضر الزيارة) لم يعرف ما يقوله نادر لولده فقال له هذا (عمو) لم يفهم الكلمة فهل العم يحمل سلاحاً ويفتشه أثناء الدخول وهل يمنع الأخ أن يتحدث بصوت منخفض؟؟

عاد معاذ الطفل اللماح يسأل أباه يا أبي لماذا لا تخرج لنا حلويات وبسكويت كما كنت تفعل وأنت بالنقب ؟؟؟ لم يجب نادر فالعسكري ينظر له فقال له يا بابا هون ما في شي عندهم ؟؟ قاطعه معاذ لي يا بابا هم فقراء قال له لا يابا ولكن .. وهنا تدخل العسكري طالباً من معاذ أن يسكت لأن أباه يريد أن يتحدث لأمه فاستغرب معاذ من فظاظة هذا العم فتوجه له وسأله عن سلاحه وقال له لي حامل هذا السلاح ومن أين اشتريته؟؟؟

أخذه نادر لحضنه وقال له : اسكت يا معاذ حتى ما تجيب إلنا ضيق النفس وتخرب بيتنا ... لم يعجب الكلام العسكري فنظر إلى ساعته وقال له نادر قوم انتهت الزيارة ... لم يعلق نادر ووقفت أم معاذ ولملمت حاجياتها وصافحت زوجها وابتسمت وقالت استودعك ربي ... بلع ريقه نادر وحبس دمعته وقال لها وأنتم أيضاً استودعكم ربي .. وهنا عاد العسكري يقاطعهم بصوته العالي ول ول ول على شو كل هذا نادر بين إخوانه بوكل وبشرب أحسن من بيته.

خسئت يا هذا فنحن لسنا بحاجة إلى طعامكم النتن ولا لأخوتكم المزيفة وسياطكم التي مزقت ظهورنا خير شاهد على سوء ضيافتكم وسوء معاملتكم .

اكبر يا معاذ وشاهد وسجل المشهد ستفهم بعد سنوات ما الذي جرى لوالدك أنت وإسلام ومصعب وصهيب وسيف الإسلام ووليد ودجانة وأسامة وقسام وعزام وعائشة وفاطمة ومنة الله وزينب وساجدة وكل أولاد وبنات المختطفين في سجون فتح الظالمة.

نادر اليوم يدفع ضريبة الانتماء ومقاومة الاحتلال وإيواء المطاردين ، نادر الذي أمضى أكثر من أربعة شهور في سجن المخابرات خرج لمدة شهر واحد فقط لم تتعافى صحته حتى أعيد اختطافه من قبل الأمن الوقائي لم يوجه له إلا سؤال واحد ... لماذا وعلى ماذا أنت مختطف في سجون الاحتلال قال لهم أحضروا لوائح الاتهام وستعلمون .

في الضفة المحتلة لتكون معتقلاً ليس شرطاً أن يكون هناك تهمة توجه واتهام يثار ضدك يكفي أن تكون حماس وصاحب لحية ويد نظيفة ومعتقلاً عند الاحتلال كلها أمور تجعلك فريسة سهلة لهؤلاء المرتزقة .

وحتى تضع الحرب أوزارها أقول لك أخي نادر هي الحرب يا أخي ... هي الحرب ... هي الحرب يا رجال لن تضع أوزارها ما دام هؤلاء الطغاة على قيد الحياة يتلقون معلوماتهم ودعمهم من اليهود دمهم ليس دمنا الأهداف مختلفة والغايات لا تتشابه والفرق بيننا وبينهم كبير.

أعانك الله يا أبا معاذ .... هو حال الرجال الذين أحبوا الوطن وتمسكوا بترابه ... اصبر واحتسب وأحسبك كذلك ولا أزكي على الله أحداً ... سيكبر معاذ الذي علم بفطرته وذكائه أن هذا العسكري ليس عمه ولن يكون من يضرب أباه بعمه ... سيعلم معاذ وسيكبر وسيحدث رفاقه بالمدرسة أن أباه معتقل في سجن الجنيد عند أناس يتحدثون العربية مثلهم ... يتحدث بسرعة لرفاقه كيف يفتشونه وكيف يمنعونه من البقاء مع أبيه يسأله أحد الصغار لماذا أبوك معتقل فيجيب بسرعة لأنه حماس ومن هنا ستبدأ الحكاية ... حكاية نادر ومعاذ وكل المختطفين عند فتح
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق