الاثنين، 20 ديسمبر 2010

* كثرة الشكوي *


توقيع : آلاء الشاطئ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

هذا مقال قرأته فأعجبني كثيراً , فهو يحاكى مشكلة قد تربعت في حياة الإنسان حالياً ,
وهو بعنوان * كثرة الشكوي *

آفة خطير تعصف بكثير منّا وهي الشكوى , وفي زماننا بالغ الناس في شكوى همومهم وفي حساسيتهم التي زادت عن المعقول , تجلس مع آي إنسان صغيراً أم كبيراً , عاملاً كان أم عاطلاً عن العمل , متزوجاً كان أم غير متزوج , فالموظف يشكو قسوة مديره , والمدير يشكو , إهمال موظفيه , والجار يشتكي من جيرانه , والشباب يشتكون من هموم مستقبلهم في الوظيفة والزوجة , والفقير يشكو قلة ماله وكثرة أعبائه , والغني يشكو طمع من حوله فيه , وقلقه المستمر خوفاً أن تتغير حالة غناه إلى فقر , والمريض يشكو آلامه , والصحيح يتخوف من مستقبل أيامه , وهناك من تتوفر له فرصة عمل ثم ما يلبث يشكو وضعه الوظيفي , فإن تحسن ظل يشكو ويشكو طمعاً في رئاسة الوزراء , وهناك من يشكو فور بيعته وكأن الحركة سبب كل آلامه وهمومه ... سبحان الله !! الكل يشكو من الكل , وإن لم يجد الإنسان ما يشكو منه ربما يشكو من الطقس ومن الجو , وكأن الشكوى صارت ملازمة لكثير منّا , فقلما تجد الشاكر الحامد المتحدث بنعم الله وهى كثيرة , ولا تعد ولا تحصى * وَقلِيلٌ منْ عِبَاديَ الشَّكُورُ *
الأخوة الأحباب / إن ضعف الإيمان في القلب يُضعف الرضي بقدر الله فيه , فتحل الشكوى والسخط , هذا السخط وهذه الشكوى لم نعهدها فى رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا في صحابته الكرام ولا في التابعين الأجلاء , ولا في رعيل الإخوان , فكان شكر الله والثناء بحمده لا يغادر ألسنتهم وقلوبهم ولسان حالهم * وأمَّا بِنعْمَةِ رَبَّكَ فحَدَّثْ *
وحداهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم * من بات وهو آمن في سربه , فُعافى في بدنه , عنده قوت يومه , وليلته , فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها * فقد رضوا بما أمرهم الله به , ورضوا بما قدره الله لهم
فالله عز وجل يقدر للعبد أمر ما : مرض , ضنك في المعيشة , قلة رزق , رغم أن هذا العبد قد يكون طرق الأبواب وأخذ بالأسباب , فيرضي ويقنع ويعتقد أن الخير ما قدره الله له , فيعقوب عليه السلام لما فقد يوسف عليه السلام ابيضت عيناه من الحزن , فلما فقد ابنه الثاني فمن الطبيعي أن يزداد حزناً يعقوب عليه السلام , ولكن الأعجب أن الرضي بقدر الله والأمل قد زاد عند يعقوب عليه السلام فقال
* صبرٌ جميل * ووجه شكواه لربه * قال *إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ * وهذا نبي الله أيوب عليه السلام عندما حلت به المصائب الواحد تلو الأخرى وطلبت منه زوجته أن يطلب من الله أن يخفف عنه فقال عليه السلام :إني أستحي من الله فلقد عافاني كل تلك السنين (70) عاماً والآن ... ألا ترضين أن أصبر لها سبعين عاماً أخرى .؟
الرضي والشكوى أمران متضادان تماماً, فإذا غلب الرضي على القلب قلت الشكوى على الله , وإن تبخر الرضى من القلب ظهرت الشكوى على اللسان , ولذلك يقول أهل العلم : إن جذور الرضي عن الله تعالي , إن أعطاني قبلت وإن منعني رضيت وإن دعاني أجبت . وقال صلى الله عليه وسلم * وأسألك الرضي بعد القضاء والرضي قبل القضاء عزم على الرضي , أما بعد القضاء فهو الرضي بذاته .
فالعبد الذي يكثر من الشكوى يجب أن يعلم أنه مفوض, والإنسان المفوض راض بكل إختيار يختاره الله له , ويجب أن يعلم أنه عبد محض , فإذا إختبره رب العباد سبحانه وتعالى , فلا يسخط من جريان الأحكام عليه , وإذا كان كل واحد منا يدعي محبة الله , فالمحب الصادق راض بكل ما يعمله به حبيبه , حتى وإن لم يفهم .

ثم إن العبد محدود الفكر محدود العقل , لا يدري ما الغيب ؟ ما هي عواقب الأمور ؟ كما أنه مسلم سلم نفسه لله رب العالمين : *إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة* فإذا باع العبد نفسه وماله لله فلماذا لا يسلم نفسه لله عز وجل , ليفعل الله عز وجل به ما يشاء ولن يفعل الله به إلا خيراً
الأخوة الكرام : عندما يشكو العبد لا تُحل المشكلة , بل ربما تزداد تعقيداً وربما تذهب به بعيداً , لكن إذا رضي .... تخف المشكلة , وهنا الرضي يُنزل على القلب السكينة , فتبرد حدة الشكوى ناتجة عن أمور لأهمها ::

1)عدم أدائهم الحقوق / وأعظم الحقوق التي ينبغي على كل إنسان أن يؤديه هو حق الله , فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم * يا معاذ أتدري ما حق الله , أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئا ....* واعلم أن كل انسان يخالف الشرع عديم الرضي , لأن الإنسان الذي يرتشي , ويأخذ حراماً , لم يرض بما قسمه الله له من راتب أو من مال , والإنسان الذي يكتسب من سحت ومن حرام , لم يرض بما قسم الله له من مال ,, والإنسان الذي يتعدي على حدود الأخرين , سواء بالنظر إلى ما حرم الله أو غير ذلك لم يرض بما قسم الله له من حلال عنده
2)كثرة المعاصي / فتجد أحدنا يستهين بصغائر الذنوب , ويرتكب الكثير منها , ثم إذا أصابته الغموم والهموم لم يخطر بباله أن السبب في ذلك يعود إلى تلك الذنوب والمعاصي فهي تلك الذنوب والمعاصي التي تجلب الهموم والأنكاد , ويترتب عليها إنشغال النفس بالباطل وضياع الوقت في غير كلام الله ثم حسرة الضياع وارتكاب المعاصي
3)الغفلة / عن ذكر الله والإستغفار
* فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا *
وقال أبو الفوراس جنيد بن أحمد الطبري 
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم
إنها الدنيا أيها الأخوة , طبعت على كدر ونحن نريدها صفواً لا كدر فيها , هيهات هيهات , إنها دار الإبتلاء , ولو كانت دار نعيم وراحة فما فضل الجنة عليها إذاً ؟ تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم * ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس * وصدق الشاعر حين قال كُل من تلقاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمنْ ..؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق