كاتب الموضوع : لمى خاطر
موقفان ومشهدان وصورتان غاية في التناقض والافتراق شكلاً ومضمونا؛ الأول موقف القوة والرصانة والوضوح للقيادي في حماس الشيخ صالح العاروري وهو يفتح صفحة معتقلي الحركة في الضفة على مصراعيها، ويعلن أن الحركة تنوي ضم أسراها في سجون فتح إلى مجموعة الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم ضمن صفقة شاليط، والثاني موقف قيادة فتح السياسية والأمنية في الضفة وهي تتخبط في تعليقاتها وردود أفعالها، وصولاً إلى ردّها الأحدث، والأخطر والأسخف في الوقت ذاته، والمتمثل باستدعائها بعض قيادات الحركة في الضفة والتلويح بنيتها إبعادهم للخارج!
ورغم أننا ندرك جيداً أنه ليس بمقدور فتح ولا يدخل ضمن حدود صلاحياتها التي أوجدها لها الاحتلال أن تبعد أحداً، إلا أن هذا الموقف يكشف حجم إفلاسها سياسياً وأمنياً، وحجم الضائقة الأخلاقية التي تمرّ بها وخاصة بعد أن اتسع رتق تنسيقها الأمني على أي راتق تجميلي لخطواتها، وبعد أن انكشفت أكذوبة الأمن الذي تخشى عليه من حماس في الضفة، فيما الموقف على حقيقته يقول إن التهديد الأمني الفعلي لوجودها أتى مما حاكه دحلان وعناصره في الخفاء ضد قيادتها، وفي الوقت الذي كانت فيه حماس تحرص أشد الحرص على أن يظل ما يتوفر لها من سلاح بشقّ الأنفس مصوباً باتجاه المحتل.
من جهة أخرى فإن أجهزة فتح في الضفة في غنى عن إبعاد من ترغب بالتخلص منه من قادة وكوادر حركة حماس، سيما وأن إبعاد أي قيادي لن يحدّ من نشاطه، فحماس معطاءة في مختلف أماكن تواجدها، وكل الساحات الخارجية التي فيها للحركة حضور تشهد عملاً دؤوباً في خدمة القضية الفلسطينية ومشروع حماس المقاوم الكبير. بل يكفي الأجهزة الأمنية في الضفة أن توعز للاحتلال تلميحاً أو تصريحا ليخلصها من العناصر الحمساوية المزعجة وخصوصاً تلك التي لا تطالها أيديها، فيغيبها بدوره في سجونه لسنوات، كما حدث مع نواب الحركة ووزرائها في الضفة والذين سبق أن غيبهم الاحتلال بالجملة، وعاد اليوم ليعيد الكرّة باعتقالهم بالتدريج، بعد أن شهدت الفترة الأخيرة فسحة لنشاط النواب المناوئ للمشروع الأمني والسياسي البغيض في الضفة.
إن الحديث عن السلطة والاحتلال باعتبارهما كياناً واحداً كما أوحى مؤتمر حماس في دمشق ليس بدعاً من القول، ولا يحمل أي قدر من التجني، بل هو أقل ما يمكن قوله في سياق فضح السياسات الأمنية القائمة ووضعها في إطارها الصحيح توصيفاً وتقييماً وتعاملاً وخصوصاً على صعيد قضية الأسرى المعتقلين في سجونها على خلفية مقاومة الاحتلال أو النشاط العادي في صفوف حماس. وقد أحسنت حماس – رغم أنها تأخرت – في دمجها ما بين قضية معتقليها لدى الاحتلال ومعتقليها لدى السلطة، لأن الحديث هنا يدور عن الأشخاص ذاتهم وعن خلفيات الاعتقال ذاتها، حتى آل الحال إلى أن يعتقل نشطاء حماس على القضية ذاتها مرتين واحدة لدى الاحتلال والثانية لدى السلطة، وبشكل تبادلي في حين وتكاملي في حين آخر!
ولذلك فقد كان مؤتمر حماس الأخير موفقاً إلى حد كبير، فهو من جهة أعاد قضية المعتقلين في سجون السلطة إلى الواجهة الإعلامية، ومن جهة ثانية لخّص قضيتهم وخلفياتها وسياقاتها، وعرّفها بدقة، ومن جهة ثالثة أحدث إرباكاً وتخبطاً لدى أجهزة السلطة في الضفة التي لم يسعفها الحظ بأدنى حجة معتبرة تردّ بها على حماس، كون الشواهد العملية تتفوق على إمكاناتها في التضليل والإرجاف، وكون الموقف الحمساوي صدر عن شخصية محل إجماع لدى جلّ فصائل وكوادر العمل الوطني الفلسطيني، وهو الشيخ صالح العاروري الذي لا يملك أي بوق أمني أو إعلامي أن يزاود على جهاده أو يقدح في نواياه، فضلاً عن أن يفلح في تشويه صورته لدى الرأي العام! ولذلك رأينا الأجهزة الأمنية تسارع في الخفاء لانتهاج سياسة التهديد الأرعن بحق بعض عناصر الحركة في الضفة أملاً في ثني الحركة عن حملتها الإعلامية والسياسية لنصرة معتقليها، ثم سارعت لنفي ما فعلته بعد إثارة الأمر في الإعلام!
وفي كل الأحوال، لا ينبغي لحماس أن تنكسر أمام سيف الترهيب مهما كان حاداً، بل يجب أن تظل قضية معتقليها واحدة من أهم أولوياتها، وأن تستمر في اجتراح كل آليات نصرتهم، وأن تحسن توظيف أرقامها الصعبة وأوراقها الناجحة – وما أكثرها لدى الحركة – لأجل الانتصار لمعاناتهم والعمل على فك قيدهم بكل السبل المتاحة، ولا يتذرّعنّ أحد بالقول إن الانشغال بالمعتقلين لدى السلطة سيصرف النظر عن نظرائهم لدى الاحتلال، فكل المعتقلين لدى أجهزة فتح هم أسرى محررون من سجون الاحتلال، ومعظمهم مرشح للاعتقال لدى الاحتلال بعد تحرره من سجون السلطة. وما دامت قضيتهم واحدة لدى الجهتين، فلا بد من العمل على شطب الاعتقال السياسي، فهو لم يضاعف وحسب معاناة الأسرى لدى الاحتلال والمحررين من سجونه، بل ميّع قضيتهم كذلك وأساء لها، وخصوصاً حين غدت المقارنات بين ظروف الاعتقالين، ومرحلة التحقيق لدى الجهتين تصبّ في صالح الاحتلال! فيا ليت فتح ترأف بنفسها فتبادر للتخفيف من غلواء فضائحها، على الأقل لتحفظ آخر قطرة من ماء وجهها وتحفظ لنفسها خط رجعة ما للموقف الوطني، لأنها اليوم متجردة من كل ما ينتسب لمشروع التحرر، وبشهادة الأقربين قبل الخصوم!
موقفان ومشهدان وصورتان غاية في التناقض والافتراق شكلاً ومضمونا؛ الأول موقف القوة والرصانة والوضوح للقيادي في حماس الشيخ صالح العاروري وهو يفتح صفحة معتقلي الحركة في الضفة على مصراعيها، ويعلن أن الحركة تنوي ضم أسراها في سجون فتح إلى مجموعة الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم ضمن صفقة شاليط، والثاني موقف قيادة فتح السياسية والأمنية في الضفة وهي تتخبط في تعليقاتها وردود أفعالها، وصولاً إلى ردّها الأحدث، والأخطر والأسخف في الوقت ذاته، والمتمثل باستدعائها بعض قيادات الحركة في الضفة والتلويح بنيتها إبعادهم للخارج!
ورغم أننا ندرك جيداً أنه ليس بمقدور فتح ولا يدخل ضمن حدود صلاحياتها التي أوجدها لها الاحتلال أن تبعد أحداً، إلا أن هذا الموقف يكشف حجم إفلاسها سياسياً وأمنياً، وحجم الضائقة الأخلاقية التي تمرّ بها وخاصة بعد أن اتسع رتق تنسيقها الأمني على أي راتق تجميلي لخطواتها، وبعد أن انكشفت أكذوبة الأمن الذي تخشى عليه من حماس في الضفة، فيما الموقف على حقيقته يقول إن التهديد الأمني الفعلي لوجودها أتى مما حاكه دحلان وعناصره في الخفاء ضد قيادتها، وفي الوقت الذي كانت فيه حماس تحرص أشد الحرص على أن يظل ما يتوفر لها من سلاح بشقّ الأنفس مصوباً باتجاه المحتل.
من جهة أخرى فإن أجهزة فتح في الضفة في غنى عن إبعاد من ترغب بالتخلص منه من قادة وكوادر حركة حماس، سيما وأن إبعاد أي قيادي لن يحدّ من نشاطه، فحماس معطاءة في مختلف أماكن تواجدها، وكل الساحات الخارجية التي فيها للحركة حضور تشهد عملاً دؤوباً في خدمة القضية الفلسطينية ومشروع حماس المقاوم الكبير. بل يكفي الأجهزة الأمنية في الضفة أن توعز للاحتلال تلميحاً أو تصريحا ليخلصها من العناصر الحمساوية المزعجة وخصوصاً تلك التي لا تطالها أيديها، فيغيبها بدوره في سجونه لسنوات، كما حدث مع نواب الحركة ووزرائها في الضفة والذين سبق أن غيبهم الاحتلال بالجملة، وعاد اليوم ليعيد الكرّة باعتقالهم بالتدريج، بعد أن شهدت الفترة الأخيرة فسحة لنشاط النواب المناوئ للمشروع الأمني والسياسي البغيض في الضفة.
إن الحديث عن السلطة والاحتلال باعتبارهما كياناً واحداً كما أوحى مؤتمر حماس في دمشق ليس بدعاً من القول، ولا يحمل أي قدر من التجني، بل هو أقل ما يمكن قوله في سياق فضح السياسات الأمنية القائمة ووضعها في إطارها الصحيح توصيفاً وتقييماً وتعاملاً وخصوصاً على صعيد قضية الأسرى المعتقلين في سجونها على خلفية مقاومة الاحتلال أو النشاط العادي في صفوف حماس. وقد أحسنت حماس – رغم أنها تأخرت – في دمجها ما بين قضية معتقليها لدى الاحتلال ومعتقليها لدى السلطة، لأن الحديث هنا يدور عن الأشخاص ذاتهم وعن خلفيات الاعتقال ذاتها، حتى آل الحال إلى أن يعتقل نشطاء حماس على القضية ذاتها مرتين واحدة لدى الاحتلال والثانية لدى السلطة، وبشكل تبادلي في حين وتكاملي في حين آخر!
ولذلك فقد كان مؤتمر حماس الأخير موفقاً إلى حد كبير، فهو من جهة أعاد قضية المعتقلين في سجون السلطة إلى الواجهة الإعلامية، ومن جهة ثانية لخّص قضيتهم وخلفياتها وسياقاتها، وعرّفها بدقة، ومن جهة ثالثة أحدث إرباكاً وتخبطاً لدى أجهزة السلطة في الضفة التي لم يسعفها الحظ بأدنى حجة معتبرة تردّ بها على حماس، كون الشواهد العملية تتفوق على إمكاناتها في التضليل والإرجاف، وكون الموقف الحمساوي صدر عن شخصية محل إجماع لدى جلّ فصائل وكوادر العمل الوطني الفلسطيني، وهو الشيخ صالح العاروري الذي لا يملك أي بوق أمني أو إعلامي أن يزاود على جهاده أو يقدح في نواياه، فضلاً عن أن يفلح في تشويه صورته لدى الرأي العام! ولذلك رأينا الأجهزة الأمنية تسارع في الخفاء لانتهاج سياسة التهديد الأرعن بحق بعض عناصر الحركة في الضفة أملاً في ثني الحركة عن حملتها الإعلامية والسياسية لنصرة معتقليها، ثم سارعت لنفي ما فعلته بعد إثارة الأمر في الإعلام!
وفي كل الأحوال، لا ينبغي لحماس أن تنكسر أمام سيف الترهيب مهما كان حاداً، بل يجب أن تظل قضية معتقليها واحدة من أهم أولوياتها، وأن تستمر في اجتراح كل آليات نصرتهم، وأن تحسن توظيف أرقامها الصعبة وأوراقها الناجحة – وما أكثرها لدى الحركة – لأجل الانتصار لمعاناتهم والعمل على فك قيدهم بكل السبل المتاحة، ولا يتذرّعنّ أحد بالقول إن الانشغال بالمعتقلين لدى السلطة سيصرف النظر عن نظرائهم لدى الاحتلال، فكل المعتقلين لدى أجهزة فتح هم أسرى محررون من سجون الاحتلال، ومعظمهم مرشح للاعتقال لدى الاحتلال بعد تحرره من سجون السلطة. وما دامت قضيتهم واحدة لدى الجهتين، فلا بد من العمل على شطب الاعتقال السياسي، فهو لم يضاعف وحسب معاناة الأسرى لدى الاحتلال والمحررين من سجونه، بل ميّع قضيتهم كذلك وأساء لها، وخصوصاً حين غدت المقارنات بين ظروف الاعتقالين، ومرحلة التحقيق لدى الجهتين تصبّ في صالح الاحتلال! فيا ليت فتح ترأف بنفسها فتبادر للتخفيف من غلواء فضائحها، على الأقل لتحفظ آخر قطرة من ماء وجهها وتحفظ لنفسها خط رجعة ما للموقف الوطني، لأنها اليوم متجردة من كل ما ينتسب لمشروع التحرر، وبشهادة الأقربين قبل الخصوم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق