الجمعة، 24 ديسمبر 2010

يا عباس وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنبٍ إعتقلت




" وأد النساء " المشهد الأبرز منذ قدوم مولر!


صهيب الحسن/غزة

" وأد النساء " الحدث الكوني الرهيب الذي قرنه القرآن الكريم مع أحداث يوم القيامة الكبرى حين قال تعالى : " إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ، وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ، وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ، وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ، وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ " جاء هذا المنهج الربّاني ليقضي على إحدى معالم الجاهلية من جذورها، على الرغم من ذلك لم تنتهي إلى وقتنا الحاضر مع مشاهد تعيد إلى الأذهان أقبح وجوه الكُفر التي كانت تتغنى بوأد النساء معتبرة إياها من المكرمات التي ينشد من أجلها الأشعار ويتم التغني بها ليل نهار، فجاء الإسلام ليمحي هذه الممارسة الرجعية ويبرز دور المرأة معطياً إياها كافة حقوقها المسلوبة، غير مهمل جانباً معيناً في الحياة سواء كانت معيشية، دعوية، اجتماعية، سياسية، عسكرية، فهي سيّان مع الرجل في رسالتها التي تليق بطبيعتها و مؤهلاتها، هي فطرة جبلها الله عز وجل في النفس البشرية كبديهية لا يمكن انكارها أو التعدي عليها بأي شكل من الأشكال .

هذا المفهوم الشامل الذي حمله أبناء الدعوة الإسلامية في عصرنا الحديث بكافة متعلقاتها وعناصرها، وأبرزها دور المرأة المسلمة خاتمة الوصايا النبوية التي دعى فيها إلى الرِفْق بالقوارير، قد تجلّت منهجاً وممارسة لدى جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث رأينا الثمار الطيبة التي أينعت وهي تنطلق إلى التربية والبناء مرتكزين في ذلك إلى النبي محمد عليه السلام، قدوتهّن خديجة التي انبرت خمسا وعشرين عاماً تدفع عن زوجها عليه السلام الأذى، حيث صنع التاريخ لوفاتها مع عمّه أبي طالب " عام الحزن "، وعائشة العالمة الفقيهة المحنّكة سياسياً، وأسماء ذات النطاقين صاحبة الإمداد إلى قائد الدولة المؤسس في تمهيده نحو الفتح المبين، نماذج صاغت التاريخ في وصال لا ينقطع إلى حاضرنا عبر تجليّاته التي انبثق عنها رائدات مصلحات وصابرات أمثال زينب الغزالي، وعلى اللائحة تُضاف المرأة الفلسطينية التي بذلت الغالي والنفيس في سبيل الله أولاً ثم لأجل فلسطين، فقدمت الولد تلو الولد فداءاً وانتصاراً للدعوة، وما أجمل منظر الأُم الحانية إذ تذرف الدموع على ولدها المسجي على فراشها حين استشهد البطل المقدام محمد فرحات، وقد رأيناه يودع أمّه قبل ارتحاله إلى العلياء بكل شجاعة، سرعان ما لحق بركب أصحابه أخيه نضال ثم رواد، وها هي الصابرة المحتسبة ما زالت شاهدة على عصرنا على المعركة المماثلة على الجانب الآخر لدى أخواتها المحتسبات في الضفة المحتلة!

منذ استلام مولر دفة التنسيق الأمني في الواجهة الخلفية حيث يتم الإعداد والتخطيط المحكم من خلال صياغة فصول المسرحية الجديدة لتحريك الأراجوزات أبناء حركة الشلّح الوطني، للاسترجال على أبناء وبنات شعبهم، وتجاوز جميع الخطوط الحمراء ومن ضمنها امتهان كرامة المرأة الفلسطينية، كانت العلامة الفارقة في هذا الرجل الأميركي المؤلف والممنتج " مايكل مولر " هي استكمال مراحل الكُفر الجاهلية التي لا تنفك تنتهي حتى تبدأ بوجه جديد في " وأد المرأة الفلسطينية " وتغييب دورها المركزي والمؤثر في معادلة الصراع الفلسطينية الإسرائيلية.

وبعد الفاجعة التي أصبحت عليها فلسطين باغتيال الأيدي الآثمة أبطال القسّام الميامين السمّان والياسين، وبعد انقشاع ضباب المعركة تبيّن أن الحاضنة التي كانت ترعى هؤلاء الشهداء هي ذاتها المرأة المجاهدة عهد الدعوة الإسلامية في مراحلها، الأم الصابرة المحتسبة " ميرفت صبري " ذاتها التي تقضي محكومية ظالمة نتيجة مشاركتها في حماية الإرث النضالي للشعب الفلسطيني، الذي خلعه أبناء حركة الشلّح الوطني ليصبح عارياً يستعرض ألوان ملابسه الداخلية على شاشات التلفزة بعد عملية السور الواقي عام 2004 مستسلمين مذعنين خانعين لجيش الإحتلال في سجن أريحا، وبعد عملية الحسم العسكري 2007، بشكل شبيه جزئياً كما ولدتهم أمّهاتهم !

الأمهات الفلسطينيات التي عرفهنّ العالم أجمع حيث وقف مشدوهاً من عظم شجعاتهن، الخنساوات ( أم الشهداء فرحات، أم محمود و خالد العابد ) والاستشهاديات ( فاطمة النجار، ريم الرياشي، سناء أبو دقة ) يستمر جهادهنّ بشكل آخر على الجهة المقابلة لقطاع غزة في معركة لا تقل ضراوة عن تلك التي خاضوها في الضفة المحتلة، أبطالها ميرفت صبري، و تمام أبو السعود، ميسم سلاودة ومها اشتية، لمى خاطر بدواعي واهية لا يصدقها أدنى ساذج !

إن الحرب القائمة في الضفة المحتلة لا تستهدف حماس، بل هي تشمل معالم الإسلام الحنيف بشموليته، فمن استئصال المقاومة، إلى التنسيق الأمني، اغلاق المؤسسات الدينية والخدماتية، اغلاق اذاعة القرآن الكريم، الاعتداء على المساجد واغتيال الآئمة والمشايخ، والزجّ بشبابه وعلماءه في غياهب الجنيد والوقائي وأريحا، ناهيك عن اختطاف الصحفيين والأكاديميين بدون مواربة، وأخيراً وليس بآخر أبرز معالم الإستئصال منذ قدوم المؤلف الأميركي الجنرال مولر بعد سلفه دايتون " وأد النساء من الواجهة "، الذي أرسى بدوره قواعد هذا المشروع المؤلدج بأدواته الفتحاوية باقتدار !

مستثمرين بذلك عضلاتهم الأمنية - اعتباطاً - و قدراتهم الخارقة الماحقة على محاربة العدو الصهيوني ب " حمامة السلام " و " التنسيق الأمني " و غطاءهم الشرعي تحت مظلة " الأنظمة العربية " ليكتمل انتاج هذه التركيبة بدعم أميركي وتغذية صهيونية تلمودية قائمة على القتل والسفح اليومي وتضييق الخناق على مليون ونصف يرزحون تحت الحصار منذ سنوات في قطاع غزة .

وإلا فإنه يحقّ لنا التساؤل عن دور المرأة الفلسطينية في ظل " دولة المؤسسات والقانون " على زعم فياض وشاكلته، وهل المقصود بالمرأة السافرة الفاجرة التي ترضي الشهوة الفتحاوية وتغضب الله عز وجل، أم المرأة المناضلة المربية الفاضلة صاحبة المداد الدعوي الأصيل ؟!

إختطاف النساء العلامة الفارقة التي تضاف إلى سجّل المفارقات المخزي لسلطة العار في الضفة المحتلة، وسط التخبط والترهل الذي تعيشه، بالإضافة إلى الإنحطاط السياسي وانعدام المستوى القيمي والأخلاقي، الذي وصل إلى أدنى مستوياته في التوقف عن مقارعة الإحتلال واستبداله بالعناق الحميم ، في الوقت ذاته ترفض الإذعان للنداءات المستمرة التي تطلقها حركة حماس بالدعوة إلى إنهاء ستار الإنقسام والعودة إلى الصف الوطني الفلسطيني، 

فهل بعد هذا الرصيد الهائل الذي تجاوز كافة الخطوط الحمر والمتكلل باختطاف النساء والإعتداء عليهّن بممارسات تجزع لها النفوس، فهل ستظل حركة الشلّح الوطني عارية عن الشرعية ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق