الأحد، 21 نوفمبر 2010

المتساقطون على الطريق



المتساقطون على الطريق

مصطفى محمد أبو السعود
كاتب من فلسطين

حين تزدحمُ المصائبَ، وتقفُ في طابورٍ مُنظمٍ أمامَ بوابة الأماني ، وتَجعلُ من الحلمِ كابوساً، وتُغلقُ أكاديميةَ القيم ، وتَغتالُ أغلبَ سُكانها، وتَنامُ على بابِها ، وتَنتحلُ الإغراءاتُ شخصيةَ المنقذ من الهمومِ، وتَلبسُ المصطلحات الجبانة ، ثَوب الوطنية، وتعبثُ الامتيازات بتفاصيلِ النفس، وتَرمي بكل لعابِها على الضمير، لتُجبره على أن ينامَ على أرصفةِ الشعارات الرنانة، تفقدُ الحياةَ طعمَ المبادئ، و تتحول القيم إلى وهمٍ، وتُصبحُ جاهزةَ للبيعِ على مائدةِ الوهن.
في بلادنِا تمتازُ المصائب بأنها كريمة ، ومثيرة ، وسريعةَ الإنجاب، ، فقد يُصبحُ بمقدورِ الضمير الضعيف، أن يتخلى عن مبادئِه، ويتنازلَ عن وظيفتِه الأساسية، ويُقدم استقالتَه بحجةِ نفاذ كمية الصبرِ والاحتمال، وحصول تضخم في الضغوطات ، خاصة مع وجود شواغر في نادي الفضول، ، فيقدم ولاءه للرغبات المُذلة ، ويُصبحُ عضواً في مسلسلِ التجريب الفاشل، وينال في النهايةِ لقب "نذل" رغم المعرفة المسبقة بنهاية المسلسل المُذل .
إن من أبشعَ الحروب التي يُمارسها العدو ،هي إسقاط أبناء شعبنا في وحلِ العمالة ، مُتسلحاً بالوعود التي يسوقها لضعافِ النفوس، وعازفاً على وترِ الاحتياج ، ليجتاح قصرَ الأسرار، وينالُ من عزيمةِ المقاومة، ومعرفة خباياها، ولأن قوةَ تحمل البشر متفاوتة، فقد يَنجرُ البعض لإقناعِ نفسه بجدوى التصديق ، رغم إدراكه أن دماءَ الأبرياء الذين سيشاركُ في اغتيالِهم، ستبقى عاراً عليه، ونسى أن الخيانةَ كرة نفختها الشعارات الكاذبة ، لتُدحرجُه إلى النهائي، ليجد نفسه أمام حبل المشنقة، وحينها سيكتشفُ أن امبراطوية الإغراءات التي أوقعته في الرذيلة ، ليست جديرة بالاحترام.
يجب أخذ العبر من هذا المسلسل ، لإبطال سيناريوهات المرحلة القادمة من المعركة، والتعامل مع أبطالِه كضحايا ، حادوا عن طريق الحق في غفلةٍ من العقل، ويجب أن نعلمَ جميعاَ أن الاستجابةَ لرغباتِ النفس بالبقاءِ في سجلاتِ الأحياء ،على حسابِ الكرامةِ والوطن، ليست مبرراً للعمالة، مهما كانت الأسباب، والذي يجب فهمه في هذا الإطار، أن الصراعَ مع العدوِ مفتوح ، فهو لا يترك عملاً مهما وصلت قباحته ووقاحته، إلا ويمارسه ، مُستنداً إلى نظرية قمة في الإجرام " الغاية تبرر الوسيلة"
أيها العدو لن تخترقَ بكارة الوطن ، وسنُغلقُ وللأبد كل الثغورِ التي تـأتي لنا بما لا نريد، وسننظف الحديقة باستمرار، ونقتلعُ كل الأشواكِ التي زرعتَها، وسنُعلمُ أبنائنا قاعدة تقول"ما أجمل أن يبيعَ الإنسانُ كل ما يملك ، ليفتدي وطنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق