الجمعة، 17 ديسمبر 2010

في حال هجوم اسرائيلي مفترض ضد لبنان


في حال هجوم اسرائيلي مفترض ضد لبنان: خمسة ألوية لـ “حزب الله” ستقوم باكتساح خمسة قطاعات
______________________________________



كتب صبحي منذر ياغي (مجلة الأفكار اللبنانية)

الحرب الاسرائيلية المتوقعة على لبنان، باتت في صلب اهتمام المتابعين والخبراء، إذ يقوم هؤلاء بقراءة دقيقة وتحليل شامل للمعطيات الأمنية والعسكرية المتوافرة، من الاستعدادات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي، الى مناوراته المميزة التي تحمل طابعاً جديداً، إضافة الى السباق القائم في مجال التسلح والتدريب والاستعداد.
وقد صدرت عدة دراسات وأبحاث في هذا المجال وإن اختلفت في التقديرات وفي رسم صورة المعركة المقبلة وطريقة سيرها، إلا أنها تتفق فيما بينها حول الاستعدادات العسكرية التي تقوم بها الأطراف وأن الحرب واقعة لا محالة.


“لا تناموا على حرير، ناموا بعين مفتوحة. واسمحوا لي، بعكس الماضي، أن أستبدل بيع الأمل ببيع الحذر، وأن أصارحكم بأن اسرائيل والإرهاب هما وجهان لعملة واحدة ويريدان النيل من لبنان ومن نظامه الأمني...”
هذا ما قاله الرئيس نبيه بري في أحد خطاباته في ذكرى اختفاء الأمام الصدر، ويحمل في طياته دلالة على أن طبيعة اسرائيل قائمة دوماً على المفاجأة والغدر في معظم حروبها التي خاضتها مع الدول العربية، لذا يجب التنبه دوماً والاستعداد لأية مفاجاة عسكرية اسرائيلية.
لقد بات موضوع احتمال حصول حرب في إطار التساؤلات التي تقلق اللبنانيين، وتقض مضاجعهم: فهل ستقع الحرب من جديد وتعود كرة النار تنتج الموت واليباس والقتل والدمار في أرضنا؟ أم أن ما يطرح مجرد سيناريوات لتسوية اقليمية ودولية ومشاريع سياسية وأمنية؟
الرد على هذه التساؤلات جاء بطريقة غير مباشرة من مصادر مقربة من حزب الله قالت لـ “الأفكار” في هذا المجال: “... تعلمنا خلال تجربتنا المريرة وصراعنا التاريخي مع العدو الاسرائيلي، أن نكون حذرين دائماً من هذا العدو الذي امتهن الغدر والإجرام، والذي اعتاد أن يتعرض للبنان من دون أي مبرر، وأن يختلق اعذاراً وأسباباً غير مقنعة لاعتداءته المتكررة”. وأشارت الى أن “حزب الله” ومنذ حرب تموز (يوليو) 2006، و”التي أدت الى قهر الجيش الذي لا يقهر، بدأ يحضر لمواجهة محتملة مع العدو. ففيما انصرفت قيادة الجيش الصهيوني الى مناقشة أسباب هزيمتها في الحرب، وتبادل الاتهامات، كانت قيادة الحزب تحتفل بالنصر الإلهي وتعمل على الاستفادة من تجارب هذه الحرب وتلافي بعض الثغر التي حصلت خلالها”.

عدم إعطاء الذريعة

يؤكد النائب الدكتور مروان فارس على “حرص حزب الله على عدم إعطاء اسرائيل أي ذريعة لشن حرب جديدة، ولكن في الوقت نفسه أنجزت المقاومة كافة الاستعدادات لمواجهة الحرب إذا وقعت”.
وأشار فارس إلى “وجود عدة سيناريوهات متوقعة للحرب في حال اندلعت، ومنها السيناريو الأكثر رواجاً لدى بعض المصادر العسكرية والسياسية الذي يتضمن شنّ الجيش الاسرائيلي حرباً مدمرة ضد لبنان وسوريا وقيامه بمحاولة إدخال أكثر من مئة ألف جندي الى لبنان انطلاقاً من البقاع الغربي وصولاً الى المصنع وطريق الشام، انطلاقاً من الإعتقاد بأن هذه المنطقة ستكون الحلقة الأضعف في الجبهة اللبنانية بشكل سيساعد جيش العدو على الالتفاف على قوى المقاومة في لبنان والجيش السوري. ولكن المعركة لن تقتصر على جبهة البقاع الغربي، بل ستمتد الى كافة المناطق، ولذلك عمدت المقاومة الى الاستعداد والجهوزية لخوض معركة شاملة والعمل من أجل مفاجأة العدو سواء على صعيد نوعية الأسلحة المستخدمة أو التكتيكات الميدانية.

حرق العشب وليس جزه

والحرب المتوقعة بين اسرائيل ولبنان، باتت موضع نقاشات حتى في داخل القاعات السرية والغرف المغلقة في المراكز الأمنية والعسكرية الدولية، وكان المدير السابق لوكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع الأميركية “جيفري وايت” قد أعد دراسة في هذا المجال بعنوان (سيناريو الحرب الإسرائيلية على لبنان: “حرق العشب وليس جزه”)، وأبرز ما جاء فيها أنه “إذا اندلعت الحرب مجدداً على حدود اسرائيل لبنان، لن يشبه الصراع كثيراً حرب 2006، بل سيكون حادثة، ربما مصيرية، وستؤدي الى تغيير وجه المنطقة بأكملها”.
“وايت”، الذي يعمل حالياً خبيراً في شؤون الدفاع في “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، عقد حلقة، ناقش فيها دراسته وقال إن “مسرح الأعمال الحربية سيشمل 40 ألف ميل مربع”، وهو ما يعادل 64 ألف كيلومتر مربع، ويتضمن “لبنان (10 آلاف كلم مربع)، واسرائيل (20 الفاً)، وأجزاء من سورية (185 ألفاً). وأضاف أن “نهاية الأعمال الحربية في 2006 شكّلت نقطة بداية التحضيرات للحرب المقبلة” من قبل الطرفين، وأن “الطرفين يستخدمان أسلوباً هجومياً، بالنظر الى المواجهات السابقة”.
وتوقع “وايت” أن يتركز القتال على الحدود الشمالية لاسرائيل وفي جنوب لبنان، مع عدد من “المسارح الثانوية” للمواجهات. وقال إن “حزب الله” سيحاول صد الهجوم الاسرائيلي البري في جنوب لبنان بشراسة، فيما ستحاول اسرائيل الوصول الى الليطاني، والى ما بعد الليطاني، حيث تتركز صواريخ حزب الله”.
وفي محاولة لتصوير فداحة الخسائر اللبنانية المتوقعة في أي حرب، قال “وايت” إن “اسرائيل ستعمد الى حرق العشب في لبنان بدلاً من تشذيبه”، ولفت الى أن الحسم في الحرب سيكون عن طريق “الاجتياح الاسرائيلي البري، ومع أن الجيش الاسرائيلي أتم استعداداته للقتال في المدن والمناطق الآهلة بالسكان عوضاً من القتال في الطبيعة، ــ حسب الخبير الأميركي ــ فإن الجيش سيتكبد خسائر لا يستهان بها في الحرب المقبلة. واعتبر أن “حزب الله” سيحاول امتصاص الهجوم الاسرائيلي البري، “لكنه لن يتراجع… وستكون معركة الجنوب حاسمة”.
وقال “وايت” إن التوقعات الاسرائيلية تشير الى أن “حزب الله” سيعمد الى إطلاق 500 أو 600 صاروخ يومياً في اتجاه اسرائيل، “وهذا كثير من النار الذي سيأتي في اتجاه اسرائيل”. وأشار الى أن تقنية معظم الصواريخ التي بحوزة الحزب أصبحت أفضل مما كانت عليه في العام 2006.
وأشار أنه على عكس العام 2006، فإن اسرائيل ستعمل على تدمير البنية التحتية المدنية اللبنانية لتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية أعمال الحزب.

سيناريوات متعددة وتدريبات داخل الأنفاق

وختم أن سيناريوات نهاية الحرب، ثلاثة، وهي تتضمن الحسم، أو تعب المتقاتلين، أو الحل المفروض. الحسم، حسب “وايت”، لا يمكن إلا لاسرائيل تحقيقه، وبذلك إنهاء خطر “حزب الله” المسلح وإملاء شروطها لإنهاء الحرب. أما في الخيار الثاني والثالث، فستكون النتيجة عبارة عن “فوضى”، مثل نهاية حربي 1973 و2006، وسيعمل المتقاتلون على الاستعداد لحرب أخرى مقبلة.
وكانت مصادر لبنانية ذكرت منذ مدة بأن جيش الاحتلال الاسرائيلي يقوم بسلسلة تدريبات نوعية أبرزها تدريب وحدات خاصة على ما سماها “حرب عصابات داخل الانفاق”، وذلك استعداداً لشن حرب جديدة مع حزب الله وسوريا وايران. وأشارت أوساط إعلامية تابعة لحزب الله في هذا المجال بقولها “في خطوة لم يقدم عليها جيش الاحتلال في تاريخه حتى تجاه الفلسطينيين الذين يقلقون الإسرائيليين بنشاطاتهم المكثفة في الأنفاق، قام جيش الاحتلال بحفر أنفاق على مساحة طويلة وبعمق عشرين متراً تحت الأرض على الأقل، وزودها بمختلف الوسائل والمعدات”. وأشارت الى أن الجيش الاسرائيلي حاول بتقسيمه وهندسته هذه الانفاق أن يضع وحدات الجيش أمام وضعية هي الأقرب لحقيقة الأنفاق التي يضعها الاسرائيليون في تقاريرهم لاستعدادات حزب الله للمواجهات مع اسرائيل.

توقعات وحذر واستعداد

مصدر مقرب من حزب الله قال “إن المقاومة تتوقع هجوماً اسرائيلياً على لبنان في أي لحظة، لذا فإن “حزب الله” كما أكد أمينه العام السيد حسن نصرالله بات جاهزاً للمواجهة، وأنه بالمرصاد لأي عدوان على لبنان. فالحزب واصل دوراته العسكرية لكوادره في لبنان وايران، حتى أنه تمكن من إعداد حوالى 50 ألف مقاتل استشهادي، تم توزيعهم على الثغور والمواقع والتلال والوديان، كما أعلن الحزب التعبئة الشاملة وتمكن من إنشاء فصائل وسرايا رديفة تتمركز في الخطوط الخلفية، وتلقى آلاف الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات والبعيدة المدى وصواريخ شاطئ ــ بحر... ووضعت قيادة الحزب سيناريوات عدة للمواجهات المحتملة مع العدو، تتضمن مواجهة عمليات الإنزال، والتسلل، والدخول البري”.
ويستطرد المصدر أن “إسرائيل كانت تعتمد في حروبها على مبادئ عدة أهمها:
1 ــ نقل المعركة إلى أرض العدو.
2 ــ التفوق الجوي.
3 ــ تحصين الجبهة الداخلية.
أما بالنسبة إلى نقل المعركة الى الداخل الإسرائيلي، والذي ينطلق من مفهوم الحرب الخاطفة، ويعتمد على اندفاع القوات البرية، وفق محاور يتمثل فيها الجهد الرئيسي والجهد الثانوي، بحيث تركز القوات على المحور الذي ينهار، للتوغل عميقاً في أرض العدو، والقيام بالتفاف على القوات المعادية وعزل منطقة العمليات وإخضاع الخصم، فإن جغرافية أرض جنوب لبنان واستحواذ “حزب الله” على الوسائل القتالية الحديثة واستخدامها في شكل فعال (مثل الصواريخ الموجهة التي دمرت أسطورة دبابة “ميركافا” من الجيل الأخير)، والعبوات التي فاجأت وأذهلت الإسرائيلي في حرب تموز 2006، جعلت من هذه المناورات والمفهوم المعتمد لدى العدو مكلفة في الأرواح والعتاد، وبالتالي فإن إسرائيل لا تتحمل نتائج نقل المعركة كما تشتهي. وبالنسبة الى التفوق الجوي، فإن “حزب الله”، حسب المزاعم الإسرائيلية، أصبح يملك المنظومة اللازمة لردع سلاح الجو الإسرائيلي، ولو على ارتفاع عال، وهذا ما سيحد من عربدة هذا السلاح في سماء لبنان”.
ويضيف المصدر: “وأخيراً، وفي ما يتعلق بالجبهة الداخلية، فإن “حزب الله”، طوّر قدرته الصاروخية من ناحية الفاعلية والتدمير والقدرة على إصابة الأهداف بدقة، واليوم يستطيع إطلاق مئات الصواريخ دفعة واحدة والى أهداف عدة في العمق الإسرائيلي، من دون أن تكون للعدو القدرة على ردعها أو الحد منها”.
ويتابع المصدر العسكري، مشيراً الى أن “إدارة العمليات الميدانية على مستوى حرب العصابات التي يتبعها “حزب الله”، تعتمد على التعليمات والتنسيقات المسبقة، بحيث يتم تقسيم مناطق الحرب قطاعات صغرى، تديرها قيادات ميدانية لها صلاحيات محددة لا تحتاج إلى السيطرة عليها من قيادات عليا، وتستطيع العمل وقيادة العمليات باستقلال تام عن مركز القيادة الرئيسي إذا تقطعت أوصالها لأي سبب من الأسباب، وأن اللوجستية المطلوبة لهذه المناطق من حيث الذخائر والمؤن، تم استحداثها بما يتناسب مع المهمة”.
ويقدّر المصدر نفسه أنه “أنفق أكثر من 800 مليون دولار لإنشاء البنية التحتية العسكرية في الجنوب والبقاع، استعداداً للحرب المفتوحة المفترضة، وأن هذه الاستعدادات تتطور منهجياً وفي صورة متواصلة وفق التهديدات المحتملة، وأنها تواجه الذهنية الإسرائيلية القتالية الجديدة”.
ويتابع المصدر: “إن أول ما يقوم به العدو الإسرائيلي، هو ضرب مقار القيادة والسيطرة، لفصل وتعطيل عامل التوجيه عن مناطق المقاومة والقوات الميدانية. ولهذا السبب، أوجد “حزب الله”، آلية متطورة عن حرب تموز (يوليو) 2006، رغم أنه حافظ أثناء هذه الحرب على تواصل دائم مع قواته الميدانية، تعذر على العدو شلها في حينها. ولم يكتف الحزب بمنظومته القديمة، بل ذهب أبعد من ذلك، من خلال تطوير اتصالاته السلكية والمشفّرة، وأصبحت كل مراكز القيادة سرية، وأوجد بدائل لها في كل المناطق اللبنانية، مستفيداً من عامل التخفي في عمليات التردد إليها، وهذه الأماكن مجهزة بكل الوسائل التقنية واللوجستية لإدارة المعركة”.
يضيف المصدر العسكري، إن “من أهم العبر، التي استخلصت في حرب تموز 2006، أن العدو استطاع أن يقوم بإنزالات مجوقلة عدة، أبرزها انزال بعلبك، لإرباك الحزب وخطف مدنيين. لذا قام “حزب الله” بتحديد نقاط التهديد المحتملة لضرب هذه الإنزالات الجوية والبحرية، لأن من شأن استهداف هذا العمل أن يؤدي إلى هزيمة فورية، وأن قيادات العدو لا تتقبل خسائر من هذا النوع، وخصوصاً أن الحزب جهز نفسه لأسر أكبر عدد ممكن من مجموعات النخبة هذه، سواء أكانوا من وحدة “سيرت متكأل” أو “الشييطت 13” البحرية أو غيرهما، كأفضلية أولاً، عوضاً عن استخدام نيران الإبادة إذا سنحت الظروف”.
كما أن “حزب الله” أعد العدة من خلال وحداته القتالية ودراسة القرائن والشواهد الميدانية والالكترونية وتحليلها للوقوف على نتائجها اليومية وعلى مدار الساعة، وأنه يكرس أوقات أفراده ضمن التدريب والخدمة والإجازة وفي شكل دوري للبقاء على أهبة الاستعداد لمجابهة العدو، وكأن الحرب واقعة غداً”.

اجتياح المستوطنات

اسرائيل بدورها تعيش حالة ترقب وحذر، حتى أن أجهزتها الاستخباراتية العسكرية توصلت الى ما سمته معلومات من مصادر عسكرية وأمنية اميركية عن ما يشبه “أمر العمليات لدى حزب الله” والذي يتضمن خطة عسكرية للمقاومة ستقوم بتنفيذها فور تعرضه لبنان لهجوم اسرائيلي محتمل، وهذه الخطة تؤكد “أن حزب الله سيكتسح الحدود للاستيلاء على بلدات في الجليل تعززه صليات من الصواريخ وربما بدعم سوري”.
وحسب الاستخبارات الأميركية التي جمعت على مدى أشهر معلومات “أن خططاً حربية تفصيلية لإيران وسورية وحزب الله و"حماس” تم اعدادها لإرسالها الى خمسة ألوية لـ “حزب الله” ستقوم باكتساح الحدود للاستيلاء على خمسة قطاعات في الجليل، في اليوم نفسه الذي تقوم فيه بتنظيم انتفاضة واسعة للفلسطينيين في اسرائيل ضد الدولة العبرية. وستقوم “حماس” بفتح جبهة ثانية في الجنوب وفي الشرق، ويتوقع أن تتدخل سورية في مرحلة ما.
وتضيف المعلومات الأميركية أن مدربي الحرس الثوري الإيراني أنهوا منذ أشهر تدريب 5000 عنصر من مقاتلي “حماس” داخل مرافق التدريب القريبة من طهران على عمليات خاصة وعلى تكتيكات القتال في المدن بحيث وصل التدريب الى مستويات مماثلة لتلك المتوافرة في القوات العسكرية الأميركية والاسرائيلية.
وخطة حزب الله العسكرية تقوم على تقسيم المجموعات الى خمسة ألوية، أوكلت الى كل منها القيام بالعمل في قطاع معين في شمال اسرائيل للاستيلاء عليه مع تفصيلات طوبوغرافية وسكانية.
اللواء الأول: هذه الوحدة ستقتحم الطريق عبر معبر حدود الناقوره “روش حانقره” وتواصل اقتحامها لمسافة سبعة كيلومترات للاستيلاء على “نهاريا”، المدينة الاسرائيلية (55 ألف نسمة) على ساحل البحر الأبيض المتوسط، أو على أجزاء منها. وتحتفظ قوة حفظ السلام الدولية بمقر لها في الناقورة. لكن الدفاعات الاسرائيلية متراخية، وبذلك لا تقف هناك عوائق عسكرية أو جغرافية أمام اندفاع حزب الله المتوقع. وسيتمكن هذا اللواء من الاستيلاء على عدد كبير من الرهائن الاسرائيليين لاستخدامهم كدروع حية ضد أي هجوم اسرائيلي مضاد. وستحاول مجموعة صغيرة مكونة من 150 مقاتلاً تم تدريبهم لدى بحرية الحرس الثوري، الوصول الى الساحل بقوارب سريعة. وهم الآن يقفون على أهبة الاستعداد في لبنان.
اللواء الثاني: توكل الى هذه الوحدة مهمة الاستيلاء على بلدة “شلومي” الاسرائيلية التي تبعد 300 متر الى الجنوب الشرقي من معبر الحدود في الناقورة والتي تضم 6500 نسمة. والاستيلاء على هذه البلدة وضواحيها يمنح حزب الله السيطرة على طريق رئيس وموقعاً أمام التعزيزات الاسرائيلية المتوجهة الى “نهاريا” عبر الطريق 89 والطريق 899 من قواعد اسرائيل الرئيسة في الجليل والجليل الأعلى الى الشرق.
اللواء الثالث: سيتوجه الى الجنوب الى مسافة أبعد من أي وحدة اخرى لـ “حزب الله”، فإن هذا اللواء يصل الى القرى الفلسطينية في اسرائيل وهي “بيعنا” و"دير الأسد" و"مجد الكروم"، التي تقع الى شمال مدينة “كارمئيل” على جانب الطريق 85 الاسرائيلي الذي يصل بين عكا على البحر المتوسط وصفد في وسط جبال الجليل. وحسب المحللين الأميركيين يرغب مخططو الحرب الإيرانيون في استيلاء حزب الله على القرى الفلسطينية الثلاث لسببين:
أولاً: باعتبار أنها موقع قيادي لإثارة القرى والبلدات الفلسطينية الأخرى في الجليل الأدنى ووادي عربه الى الجنوب للقيام بانتفاضة واسعة”. وستدعم القوات المقاتلة المهاجمة خلايا سرّية لحزب الله تأسست منذ سنوات، وتم تجهيزها بالسلاح وتقوم بتمويل الحركة السرّية “الوية تحرير الجليل” في سخنين وعربه ودير حنا، عن طريق مهربي المخدرات. وقد نشطت خلايا “حزب الله” في الضفة الغربية لفترة من الزمن في إقليم وادي عربه، الذي يمر فيه الطريق الاسرائيلي 65 ويربط وسط اسرائيل بالشمال.
وثانياً: لاكتساب سيطرة بالسلاح على طريق عكا ــ صفد رقم 85 من مواقع في القرى الفلسطينية المحتلة، وبذا تحصل على درع لوحدات حزب الله التي تستولي على “نهاريا” و”شلومي”، وتعطل مرور القوات الاسرائيلية كثيراً من قواعدها في وسط اسرائيل لتخفيف العبء على البلدات الشمالية. وسيضطر الطيران الاسرائيلي الى الامتناع عن قصف المناطق التي يستولي عليها حزب الله بسب وجود عدد كبير من السكان المدنيين.
اللواء الرابع: سيندفع هذا اللواء في الاتجاه الجنوبي الشرقي في “وادي قادش” الذي يوجد على حافته “كيبوتزا مكية” و”يفتاح” و”كيبوتز مكية” العسكري. وسيتيح احتلال هذه المواقع لحزب الله أن يغطي بنيرانه أقصى شمال الجليل.
اللواء الخامس: الاحتياطي الاستراتيجي لـ “حزب الله”: ستركز الهجمات الصاروخية من لبنان على شل المواقع العسكرية الاستراتيجية الاسرائيلية، مثل قواعد سلاح الجو، وقواعد الصواريخ ومنشآتها النووية وقواعدها البحرية. أما استهداف المراكز السكانية فهو أولوية ايرانية ادنى مستوى ستكون مشاركة سورية مقصورة على توفير غطاء بالمدفعية أو من الجو لعمليات “حزب الله”. لكن إذا تصاعد القتال أو استمر لمدة طويلة، فإن “حزب الله” سيدعو قوات دعم سورية للدخول الى لبنان. وستفتح دمشق الجبهة الرقم 4 ضد اسرائيل من الجانب السوري من مرتفعات الجولان.

صواريخ المقاومة بالمرصاد

وفي هذا المجال رأى الباحث فادي شامية أنه على الرغم من الترسانة الإسرائيلية الضخمة من الأسلحة والمعدات الحربية، فقد صادق الكونغرس الأميركي على إبرام صفقة سلاح نوعية مع تل أبيب، بقيمة 330 مليون دولار، تشمل قذائف متطورة، وصواريخ مضادة للدروع، ومنظومات صواريخ قادرة على اعتراض الصواريخ، ويتوقع إبرام صفقة أخرى في وقت لاحق لتزويد “إسرائيل” بطائرات مقاتلة حديثة من طراز “إف ــ 35” الأميركية.
وأضاف: “بدوره يتلقى “حزب الله” أحدث ما في الترسانة الإيرانية من سلاح، فضلاً عن منظومة الدفاع الجوي ــ التي سرّبت الخبر عن وجودها مخابرات أجنبية تعمل في لبنان ــ. وقد حاول “حزب الله، شراء منظومات صاروخية مضادة للطائرات، وصواريخ مضادة للدبابات من روسيا، على ما ذكرت صحيفة “كوريير ديلا سيرا” الإيطالية. كما ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن “حزب الله” حاول مؤخراً “اقتناء صور أقمار اصطناعية لمنشآت استراتيجية في “إسرائيل” بواسطة شركات دولية تشغل أقماراً اصطناعية مدنية، والهدف بطبيعة الحال، هو الحصول على إحداثيات دقيقة للمواقع الإسرائيلية الحساسة، لضربها عند اندلاع الحرب”.
وكانت مصادر أخرى اعتبرت أنه من غير المستبعد أن يكون السوريون والإيرانيون قد هرّبوا عبر الحدود منظومات دفاع جوي من طراز (SA-8) و (SA-15) الموجودة في حوزتهما. هذه المنظومات تُنصَب على آليات مزودة برادار قوي قادر على متابعة عدة أهداف بالتزامن، وعلى اعتراض طائرات على ارتفاعات كبيرة بواسطة صواريخ موجهة. وتُعدّ هذه المنظومات مثالية بالنسبة إلى حزب الله بسبب القدرة على تنقيلها وإخفائها، ولأنها تتطلب طاقماً من ثلاثة أشخاص فقط لتشغيلها.

إعاقة القوة الجوية الإسرائيلية

وأكد شاميه أن “حزب الله” يعمل على إعاقة القوة الجوية الإسرائيلية من خلال منظومة الصواريخ الجوية المزودة برادارات، والتي أدخلها إلى ترسانته مؤخراً، وهو يعتقد أن سلاح البحر قد تلقى درساً قاسياً في حرب تموز (يوليو)، الأمر الذي سيحتم عليه العمل بعيداً جداً عن الشواطىء اللبنانية.
أما في البر فتبدو استعدادات “حزب الله” كبيرة جداً، بحيث قسّم مناطق الحرب المحتملة إلى قطاعات صغيرة، تديرها قيادات تعمل باستقلالية، وفق خطة معدة سلفاً، وتمتلك كل منطقة قتالية قدرة لوجستية وتموينية عالية، إضافة إلى شبكة مواقع تكتيكية ومضادة للدروع، فضلاً عن الألغام الموكلة إلى سلاح الهندسة. وتقدر أوساط عسكرية قريبة من “حزب الله” أنه أنفق أكثر من 800 مليون دولار، بعد حرب تموز، لإنشاء البنية التحتية العسكرية في الجنوب والبقاع، استعداداً للحرب المقبلة. كما يؤكد مصدر عسكري غير بعيد عن “حزب الله” أن القيادة العسكرية للحزب قد راعت في خطتها الدفاعية وجود مقار قيادة سرية رديفة داخل المدن اللبنانية كافة، ويرتكز عمل هذه المقار على الاتصالات السلكية والمشفرة، على اعتبار أن الحزب يتوقع تدمير مقار القيادة في الضاحية الجنوبية في الأيام الأولى للمعركة، كما جرى في حرب تموز (يوليو). وتلحظ الخطة الدفاعية لـ “حزب الله” أن يجري “تحديد نقاط إنزال محتملة لضرب أو أسر القوة المهاجمة”. كما تلحظ إمكانية تحقيق العدو خروقات برية وكيفية التعامل معها بحيث “لا يُسمح لهذه الخروقات أن تتحوّل إلى جهد رئيس للعمليات، يستطيع العدو من خلالها أن يناور”. وستلعب شبكة اتصالات “حزب الله” دوراً رئيساً في حسن التنفيذ، ومن أجل ذلك فقد جدّد الحزب شبكته الهاتفية في إقليم التفاح مؤخراً، رابطاً إياها بالمواقع القتالية النائية التي استحدثها. كما أقام الحزب خطاً دفاعياً جديداً يمتد من تومات نيحا إلى صنين، مروراً بجزين، ويظهر من رصد حركة “حزب الله” أن هذا الخط هو الرابع بعد الخط الذي كان قائماً جنوب الليطاني، والخطين المستحدثين شمال الليطاني، بمحاذاة نهر القاسمية، والخط القريب من مدينة صيدا والقرى المحيطة فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق