إن سقوط الطغيان متمثلا بواشنطن وتوابعه، سيكون أسرع بكثير من سقوط الاتحاد السوفييتي

بقلم محمد

1- يستعجل المظلومون المقهورون المطحونون في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي سقوط النظام المصري، أو بالأحرى يستأخرون السقوط، وأيديهم على قلوبهم، خوفا من أن يكون ما يحدث في مصر الكنانة مجرد حلم طويل، أو تحسّبا من أن يقع ما لم يكن في الحسبان، فتفشل ثورة الشعب المصري، التي تدخل اليوم منتصف أسبوعها الثالث، بزخم غير مسبوق.
ويرى المتخوفون أن عناصر المؤامرة على الثورة غير المسبوقة في تاريخ الثورات (والتي اكتملت فيها عناصر الثورة الشعبية الكاملة) متوفرة بقوة من الداخل ومن الخارج. من أعمدة النظام الذي تزعزعت أركانه، ومن أميركا والغرب والمؤسسة الإسرائيلية ومن أنظمة عربية لها كل المصلحة في فشل الثورة.
يتخوفون وعيونهم متركزة الآن نحو سلوك الجيش المصري، الذي لم يحسم أمره بعد. وهذا أخطر ما في الموضوع.
وإنه من الواجب أن نطمئِنَ كل مرتاب أو متخوف أو ظانّ أو متوجس، أن البناء مهما كان قويا، لن يستطيع طابقه العلوي أن يثبت طويلا بعد أن تهدمت أعمدته وتصدعت أركانه. وإن المسألة لا تحتاج إلى وقت طويل. فلم يعرف التاريخ، قديمه وحديثه، أن فشلت ثورة ذات إرادة شعبية جارفة، مثل تلك التي حدثت في تونس وتلك التي نتابع تفاصيلها لحظة بلحظة في مصر.
سيسقط نظام حسني مبارك، ولن يبقى له أثر سوى مرارة في الحلق مما سببه هذا النظام للشعب المصري وللعرب والمسلمين من آلام طوال ثلاثين سنة أو يزيد.
إن مصر، التي انتظر شعبها ثلاثة عقود، ثم قرر أن ينتفض على جلاده، ليست مجرد دولة تسبح في فضاء الكون. فإنك عندما تقول مصر فإنك تقصد الشرق الأوسط كله. إنها مصر بمكانتها وثقلها وتأثيرها ودورها. لهذا كله، وأمام هذه الحشود المليونية والإرادة الشعبية غير المسبوقة والدالة التصاعدية في تفاعلات الثورة، فإن هناك قوى تبذل كل ما يمكنها كي تضع العصي في عجلاتها، وتعرقل وتؤخر وتعيد ترتيب أوراقها.
إن مصر اليوم لم تعد ولن تعود مصرَ التي عرفناها منذ منتصف السبعينات، وإن تيار التغيير الذي يجتاح المنطقة يحتاج إلى الوقت الكافي كي يجرف معه كل الأوساخ التي تراكمت عبر عقود طويلة.. ولكنكم تستعجلون..

2– أما أنت يا أميركا..
نتابع بعمق مواقف وتصريحات كبير السحرة في واشنطن، حول ما يجري في مصر، وبخاصة رسائله الموجهة إلى نظام مبارك، والتي يظهر فيها "حرصه الشديد" على ضرورة الاستجابة لمطالب الشعب، فلا يسعنا إلا أن نعبر عن شعورنا الشديد بالحاجة إلى التقيؤ.
أما أنت يا أميركا، فإنني أضع عقدين ونصف العقد من حياتي المهنية في سلة واحدة وأخاطر بها وأقول: لقد بدأت نهاية العصر الأميركي ليس في المنطقة وحسب، بل على المعمورة كلها، من اللحظة التي هرب فيها بن علي لا يلوي على شيء.
بل إن النهاية بدأت قبل ذلك، في فلسطين ولبنان وفي أفغانستان والعراق.
ولم يعد من الشوط إلا القليل، وإن سقوط الطغيان متمثلا بواشنطن وتوابعه، سيكون أسرع بكثير من سقوط الاتحاد السوفييتي. وكونوا على ثقة تامة أن للكون نظاما وللحياة سننا لا تتبدل ولا تتغير
.