الخميس، 10 فبراير 2011

الى الافعى الثالثة .. تحية


الى الافعى الثالثة .. تحية
النائب : فتحي قرعاوي
بداية حتى لا يستغرب القارئ الكريم فإن الافعى الثالثة هو الاسم الجديد الذي اطلقه البعض الفلسطيني على قناة الجزيرة والتي احتلت الرقم الثالث بعد قناتي الاقصى والقدس حيث تعود هذا البعض في اطلاق صفة الافعى على قناة الاقصى ولم تنجو قناة القدس الفضائية- كأول قناة عربية متخصصة في شؤون القدس- من الصاق صفة الافعى عليها . واني هنا لست في مقام المدافع او المحامي عن اية وسيلة اعلامية حيث ان من يشرف على كل وسائل الاعلام انما هم بشر يخطؤون ويصيبون ولكل مجتهد نصيب، ولكني بصدد الحديث عن الضجة الكبيرة (والزفة ) التي طالت وطافت طول البلاد وعرضها في كرنفالات عجيبة كلها تنادي وتهتف وتصرخ وتطالب بسقوط الجزيرة .
ان الاعلام القوي في اي دولة من دول العالم انما هو ركيزة اساسية من ركائز قوته وعاملا هاما من عوامل انتصاره ولذلك لعب الاعلام الدور الاساسي في الحرب الباردة بين اكبر دولتين فكان له الدور الاكبر في حسم نتائج تلك الحرب .ولقد راينا الفارق في الاعلام ابان حرب سنة 1967 عندما كان الاحتلال الاسرائيلي يطرق ابواب المدن والقرى في الضفة الغربية وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء وبعد ان دمرت المطارات العربية واحرقت الطائرات على الارض، كان احمد سعيد المذيع المشهور لا زال من مخبئه يُسقط عشرات الطائرات الاسرائيلية ورآها وهي تتهاوى كالذباب وما لبثت الحقيقة ان ظهرت وبانت ولشديد الاسف تحول الناس الى راديو صوت إسرائيل لسماع حقيقة ما يجري ، فانظر كيف جنى الاعلام الكاذب على اهله . لقد قال المحللون ان شبكة (السي ان ان) قد حسمت معركة الخليج الاولى من فندق الرشيد في بغداد بعد الذي حصل عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت .
لقد فشل العرب في زماننا الحاضر ايما فشل على المستوى الرسمي او على مستوى القيادات في الصمود امام الاعلام القوي الذي كشف المستور واظهر المخفي ، وهنا اتحدث تحديدا عن قناة الجزيرة حيث قامت الدنيا ولم تقعد عندما كشفت وثائق المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية حيث ظن البعض اننا لا نزال نعيش في زمن احمد سعيد الذي يسقط الطائران من تحت اللحاف ونسي هذا البعض انه حتى لو لم تكشف الجزيرة تلك الاسرار فهناك مواقع الانترنت وهي بالملايين كالفيس بوك والتويتر وغيرها وغيرها حيث يتابعها الكبيروالصغير والجاهل والمتعلم على حد سواء وهل ثورة تونس ومصر الا ثورات انطلقت من النت ؟.
لقد اعتقد البعض انهم لا زالوا ان باستطاعتهم منع الناس من الاستماع الى بعض وسائل الاعلام وتوجيههم الى وسائل اعلام يريدونها هم، لقد مر زمن ومضى عندما كانت الاجهزة الامنية تتنصت على بيوت الناس لمعرفة فيما اذا كان اهلها يفتحون المذياع على صوت العرب ام لا ،! وانني هنا كفلسطيني اشعر بالإهانة وانا ارى الجيوش تجّيش والمسيرات تسّير والحناجر تزأر وتصرخ: تسقط الجزيرة تسقط قطر ..! بل كانت المطالبة بالقبض على وضاح خنفر مدير عام الجزيرة لمحاكمته حتى لو ادى ذلك الى الاستعانة بالإنتربول .! وهنا اضحك بحزن عندما خطب زعيم عربي وتحدث بسذاجة عن الارهاب ثم خاطب الحضور قائلا وبلهجة عامية : كل من يمسك بأي ارهابي فليسلمه لي ( انا) .لقد كنت اتمنى ان تحشد هذه الجماهيرللضغط باتجاه وقف الاستيطان الذي ابتلع القدس وشارف على ابتلاع ما تبقى من الضفة الغربية او عن اجراءات الاحتلال المتواصلة في الضفة الغربية او حتى في قطاع غزة . لقد اوهمنا البعض انه يملك معلومات خطيرة وسرية عن قطر وانه آن اوان الحساب، والسؤال لماذا السكوت عن تلك المعلومات طوال تلك الفترة السابقة لقد لعبت قطر دورا اقليميا سواء في اليمن او السودان او لبنان رغم صغر حجمها ذلك عندما انسحبت وتراجعت وتخلت عن دورها دول عربية كبرى كمصر والسعودية لقد اخفى البعض رأسه ظانا ان احدا لا يراه ناسيا او متناسيا انه في عصر الصورة والقمر الصناعي والنت واذا به يتفاجأ انه مكشوف بالصوت والصورة ، ان الكثير من اللقاءات الامنية والتنسيقات قد قام بكشفها الجانب الاسرائيلي بطريقه غير مباشرة حيث سرب تسجيلات وصور عن تلك اللقاءات ولم تقم لذلك اي ضجه على اعتبار ان الاعلام الاسرائيلي اعلام حر لا يخضع لسيطرة احد .ان اعلاماً حرأ واثقاً مدعوماً من قيادته يمكن ان يرتقي بالأمة كلها لتكون في مصاف الامم التي تحترم ذاتها ، ثم ان اعلاماً ساقطاً لا يقدم الا مسلسلات الحب والخيانة الزوجية ولا ينام الا على افلام ( الوسادة الخالية ) ( وثرثرة فوق النيل ) و(ذئاب لا تأكل اللحم ) ويستيقظ على افلام ( اولاد حارتنا )و(زوج لكل المهمات )و( البنات والتكسي) .. ترى ماذا يقدم لشعبه وامته ..؟!
لقد شبت الشعوب على الطوق وما عادت تخاف احداً بعد ان اطلقت تونس الشرارة الاولى واذا بالنظام الذي ارهب الناس واراهم الكوابيس (في عز الظهر ) يقتلع من جذوره وهاهي مصر الثائرة بحناجر شبابها الذين لا يملكون الا اصواتهم الحرة تطرق على ابواب الانظمة بابا بابا وعلى غرف الزعماء غرفة غرفة ان ( صح النوم) و (الحقوا انفسكم ) لقد استيقظت الشعوب وبلغت سن الرشد السياسي والثوري وتحول كل فرد فيها الى وسيلة اعلام بما يملكه من معلومات وفضائح وبلاوي واضطهاد شخصي وتعذيب جسدي ومطارده ومصادرة حريات ما يفوق بكثير ما عند ( الجزيرة ) وما عند( ويكيليكس) وما هو موجود في كل مواقع الدنيا فإذا كانت تلك المواقع والفضائيات قد ذكرت معلومات فإن المواطن العربي والفلسطيني يعايش هذه المعلومات َمراراً ودماً والماً على ارض الواقع . انه اذا كان باستطاعة البعض ان يصور الاخرين وبأساليب بدائبة في غرف نومهم وفي خلواتهم فلماذا كل هذه الضجة على الجزيرة؟
ان ما يجري الان من ثورة البركان العربي المحتقن في اكثر من مكان ينبئ بتتابع سلسلة البراكين ثم ان ما يجري من نقل للحدث نقلاً حياً مباشراً من مكانه وموقعه وتسجيل نبض الانسان العربي الذي ما عاد يخاف شيئاً جعل بعض الأنظمة (تعزّل ) والبعض الاخر يتحدث في جلساته الخاصة عن ضرورة البحث عن ملاذ ( قبل فوات الاوان ) بينما البعض الاخر قد بدا بحزم امتعته خوفاً من انطلاق شرارة الشعوب التي خرجت من قمقمها وما عادت تتحمل هذا القرف .انه اذا كانت ( تسيبي ليفني ) تتحدث اليوم ان هناك خطرا داهما يتهدد إسرائيل .. فماذا يقول الاخرون في بلادنا ؟ ! 
واني هنا اوجه كل الاحترام الى قناة الجزيرة وطواقمها العاملة والى كل الجهات الاعلامية الشريفة التي ترفع راية التغير وتدافع عنه لتكون بذلك بدايةَ لمرحلةٍ عزيزةٍ كريمة عظيمة هبت على ربوع الامة والتي سوف لن يكون فيها تراجع الى الوراء حيث ان الاعلام الحر الصادق هو الذي صنعها وخط ملامحها وهي سائرة وبخطى ثابته لا تخاف احدا ولا تخشاه ولا تلتفت الى الوراء من آجل نيل حقها المهضوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق