أحلام التميمي على جبل عرفه
___________________________________________
رياض خالد الأشقر / مختص في شئون الأسرى ومدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى
سمعنا كثيراً عن أناس يؤدون فريضة الحج نيابة عن آخرين انقضت أعمارهم ،وانتقلوا إلى رحمه الله عز وجل ، وبهذا لا يستطيعوا أن يؤدوا تلك الفريضة ، كأن يحج الولد عن والده أو والدته أو جده وهكذا ..
ولكننا نعايش هذه الأيام حالة فريدة من نوعها، حيث نذر احد الحجاج أن يؤدى فريضة الحج عن إنسان حي يرزق ، ولا زال قلبه ينبض بالأمل والقوة والإيمان .. ولكن ما يمنع هذا الإنسان عن أداء الفريضة هو انه لا يستطيع التجول إلا في محيط لا يتجاوز العشرة أمتار فقط ، لذلك فقد جاز أن يحج عنه أو بالأحرى عنها ، لأنها أسيرة لدى الاحتلال ، والداخل في سجون الاحتلال مفقود والخارج منها مولود .
فالحاج هو د. احمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الذي أبى إلا أن يضرب مثلا رائعاً في الوفاء لقضية الأسرى، ويهدف بهذا الفعل تسليط الضوء على أسيراتنا وحرائرنا في سجون الاحتلال ، اللواتي باتت قضيتهن حبيسة الأدراج في مكاتب المؤسسات والجمعيات التي تدعى الإنسانية ، فأراد أبو أكرم أن يعيد هذه القضية إلى الأولوية في هذا المؤتمر العالمي الذي يعقد كل عام في الديار المقدسة، ويحضره ما يزيد عن 3 ملايين مسلم من كل أنحاء العالم ، لكي يقول لهم لا تنسوا أسيراتنا، حتى لو بالدعاء فهذا اقل الواجب .
والذي سيؤدى الحج عنها هي الأسيرة "أحلام التميمي" التي وضع الاحتلال اسمها على رأس قائمة الأسرى الذين يرفض إطلاق سراحهم ضمن صفقة شاليط ، ولمن لا يعرف"أحلام" فهي مجاهدة أبت أن تجلس كبقية النساء في البيت ، إنما عاهدت الله على الانتقام من أبناء القردة والخنازير لتشفى صور قوم مؤمنين ، فالتحقت بصوف كتائب القسام ، لتساعد في تنفيذ عملية استشهادية هزت أركان الاحتلال، بان حددت مكان العملية وأوصلت الاستشهادي "عز الدين المصري" بقيتارته المفخخة إلى قلب مدينة القدس ، لينفجر هناك مخلفاً العشرات من القتلى والجرحى، و تُعتقل أحلام ، وتدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأعلى حكم يفرض على أسيرة 1584 عاماً " 16 مؤبد " ، ورغم ذلك لم تنكسر أو تلن عزيمتها، بل وقفت أمام المحكمة لتقول " أنا لا أعترف بشرعية هذه المحكمة أو بكم، ولا أريد أن أعرّفكم على نفسي باسمي أو عمري أو حلمي، أنا أعرّفكم على نفسي بأفعالي التي تعرفونها جيداً، في هذه المحكمة أراكم غاضبين، وهو نفس الغضب الذي في قلبي وقلوب الشعب الفلسطيني وهو أكبر من غضبكم، وإذا قلتم إنه لا يوجد لديّ قلبٌ أو إحساس، فمن إذاً عنده قلب، أنتم؟ أين كانت قلوبكم عندما قتلتم الأطفال في جنين ورفح ورام الله والحرم الإبراهيمي، أين الإحساس؟؟"
أحلام كانت تدرس الإعلام في جامعة بير زيت بعد أن عادت من الأردن التي ولدت وترعرت فيها، وكان حلمها أن تصبح صحفية لكي تتحدث عن جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبها ،وتفضح تلك العصابة التي توهم العالم بأنها إنسانية ، ولكن بعد اندلاع انتفاضة الأقصى ، تغيرت أحلام "أحلام " وأصبح همها أن ترد الصاع صاعين لهذا المحتل ، وأرادت أن تصل بمعاناة شعبها إلى كل بيت ولكن ليس عن طريق القلم والكلمة، إنما عن طريق الدماء والأشلاء ،فتحقق لها ما أرادت .
واليوم ورغم انف الاحتلال وجبروته، وأسلاكه الشائكة وعزله الانفرادي ، تصل أحلام إلى الديار الحجازية ليس بجسدها إنما بروحها، لتطوف الكعبة، وتصعد على جبل عرفه، وتصلى في بيت الله الحرام، وترجم إبليس، وترجم معه كل أباليس البشر الذين ركنوا إلى ملذات الدنيا، ورهنوا كرامتهم وشرف أمتهم من اجل عرض زائل ودراهم معدودة، وجلسوا يتفرجون على نساء فلسطين وهن إما شهيدات أو جريحات أو أسيرات .
بوركت خطواتك أبو أكرم وأنت تطلق صرخة مدوية في ارض الله الحرام أمام الملايين.. واسلاماه ..وامعتصماه .. فهل من مجيب ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق