يا علماء الأمة ويا أبناءها
_______________________
كاتب الموضوع نور
نصيحة وتذكرة إلى علماء الأمة ودعاتها
فقد قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187].
لقد أخذ الله عليكم الميثاق أن تقوموا بما أمركم الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والحفاظ على شريعته وبذل النفوس والنهج في سبيل دينه.
ولكنكم للأسف الشديد... بدل أن تقوموا بحق الله؛ آثرتم السلامة وأخلدتم إلى الراحة والأهل والمال والولد، وتركتم المجاهدين يواجهون أعتى قوة في العالم أجلبت عليهم بخيلها ورجلها.
فأين أنتم يا علماء الأمة؟
إلى متى تنكصون وعن الحق ترغبون!!
أما زالت المصالح والمفاسد ديناً لكم ومنهجا!!
أما آن لكم أن تعودوا إلى دينكم؟
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).
ودل قوله صلى الله عليه وسلم؛ (حتى ترجعوا إلى دينكم)؛ على أن ترك الجهاد والإعراض عنه والسكون إلى الدنيا خروج عن الدين ومفارقة له، وكفى به ذنباً وإثماً مبينا.
أما آن لكم أن تستيقضوا من غفلتكم؟
أما آن لهذا الليل الطويل أن ينجلي؟
عن أي فتنة تتكلمون؟
وعن أي مصلحة تتحدثون؟
وهل هناك فتنة يا علماء الأمة أعظم مما نحن فيه؟!
إن الفتنة الشرك، إن الفتنة ظهور الباطل على الحق، إن الفتنة ضياع حكم الله في الأرض، إن الفتنة أن يحشر الأسود في الأقفاص .
فها أنتم يبلغ أحدكم ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو خمسين سنة أو أكثر؛ لا يكلف نفسه رباط يوم في سبيل الله، ولا يتجشم عناء سفر كي يغبّر قدميه في سبيل الله، يفني أحدكم عمره في طلب العلم على أريكته سلماً لأعداء الله لا يُبتلى يوماً في سبيل الله بحبس أو ضرب أو غيره.
والله إنه لأحد أمرين؛
إما أنكم أعز على الله من نبيه الذي أوذي في ذات الله بشتى أنواع الأذى،
أو أنكم على غير هدي النبي...
ومعاذ الله أن تكون الأولى، ومعاذ الله أن تكون الأولى، "فوالله ما جاء أحد بمثل ما جئت به قط إلا أوذي".
إلى من تركتم الأمة؟ إلى طواغيت المشرق والمغرب يستبيحون بيضتها ويسومونها سوء العذاب ويذبحون خيرة بنائها المجاهدين ويستولون على خيراتها؟! أهكذا كان السلف الصالح يغار أحدهم على أمته؟! أين التضحيات يا علماء الأمة؟
أين أنتم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله).
أين أنتم من سفيان الثوري ذلك العالم الرباني الذي قال: (والله إني لأرى الأمر يجب علي أن أتكلم فيه فلا أستطيع فأبول دماً) ؟!
ذاك سفيان بال دماً عندما خلُصت نفسه لله ولم ينازعها شيء من الدنيا، بال دماً عندما مازج دمه وخالط أنفاسه حب هذا الدين.
أما بلغكم يا علماء أن يونس بن عبيد رحمه الله نظر إلى قدميه عند موته فبكى، فقيل: (ما يبكيك يا أبا عبد الله؟)، قال: (قدماي لم تغبرا في سبيل الله).
لم تغبر قدماه عندما كان الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فماذا لو كان الجهاد فرض عين؟ تُرى لو كان ابن عبيد في زمانا ماذا تظنون أنه قائل؟ والله لكان لسان حاله:
فيا جبال اقذفي الأحجار *** ويا سما ء امطري مهلاً وغسلينا
ويا كواكب آن الرجم فانطلقي *** ما انت إن أنت لم ترمي الشياطينا
لقد حل بالأمة ما حل من ويلات ونكبات وتعطيل لشريعة رب الأرض والسماوات يوم تخاذل علماء الأمة عن التضحية، يوم أن ضعفت جذوة الجهاد في صدورهم، فتخلفوا عن الركب، يوم غاب عن أذهانهم أن الأمة لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بدماء العلماء، وأن التضحية بدمائهم هو نتاج طبيعي للإرث النبوي الذي ورثوه في صدورهم.
ورحم الله ابن حزم يوم أن قال:
مناي من الدنيا علوم أبُثّها *** وأنشرها في كل باد وحاضر
دعاء إلى القرآن والسنن التي *** تناسى رجال ذكرها في المحاضر
وألزم أطراف الثغور مجاهداً *** إذا هيعة ثارت فأول نافر
لألقى حمامي مقبلاً غير مدبر *** بسمر العوالي والدقاق البواكر
كفاحاً مع الكفارفي حومة الوغى *** وأكرم موت للفتى قتل كافر
فياربّّّ لا تجعل حمامي بغيرها *** ولا تجعلني من قطان المقابر
ذلك ابن حزم... وأنعم بابن حزم.
أمّا انتم يا علماءنا؛ فقد هادنتم الطواغيت وأسلمتم البلاد والعباد لليهود والصليبيين، وأذنابهم من حكامنا المرتدين، يوم أن سكتم عن جرائمهم وجبنتم عن الصدع في وجوههم، وعجزتم عن حمل راية الجهاد والتوحيد التي كلفكم الله بها، يوم أن قتلتم الغيرة والحمية على دين الله في قلوب الشباب ومنعتموهم من النفير إلى ساحات الوغى، ففرغت ساحات الوغى من الأسود إلا من رحم الله، فلا تكاد تجد عالماً بيننا يُستفتى.
يا عباد الله؛
لا تكاد تجد عالماً بيننا يُستفتى، ولا طالباً به يقتدى، ولا قائداً ربانياً يقود بنا البحر. لقد خذلتمونا في أحلك الظروف، وأسلمتمونا إلى عدونا، وخليتم بيننا وبينه، وغفلتم عن حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو داود حيث قال: (ما من امرئ يخذل امرئً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته).
أليس فيكم من يغُط غطة سعيد بن عامر، فقد ذكر أصحاب السير أن أهل حمص شكوه حين كان والياً عليهم إلى عمر، وعابوا عليه أموراً، منها؛ أنه كان يغط وتتجلله الغشية حتى يشق ذلك على الناس. فأجاب معتذراً: (شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة وقد بضّعت قريش لحمه وحملوه على جذع، وهم يقولون؛ "أتحب أن محمد مكانك وأنك في أهلك ومالك؟"، فيقول؛ "والله! يا قوم ما يسرني أن يفديني محمد صلى الله عليه وسلم بشوكة في قدمه، فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته وأنا يومئذ من المشركين، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها أرتجف خوفاً من عذاب الله ويغشاني الذي يغشاني")، أليس فيكم من يرجف قلبه خوفاً من عذاب الله ويغشاه ما كان يغشى سعيد لترككم نصرة المجاهدين؟
نعم أسلمتونا للعدو وأسلمتم الأمة قبلنا يوم تخاذلتم عن نصرتنا يا علماء الأمة.
إن اليد التي عقرت ناقة صالح يدٌ واحدة، وقد أهلك الله قوماً بأكملهم نتيجة ذلك، وإن ناقة صالح عليه السلام ليست بأعز على الله من مئات الآلاف من المسلمين من هذه الأمة الذين يذبحون على أيدي الكافرين، بسبب صمتكم وسكوتكم عنهم.
واعلموا يا علماء الأمة؛ أنكم قادمون على الله لا محالة في يوم تشيب له الولدان، {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج:2]، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:34-37]، في ذلك اليوم العصيب أعدو الجواب لرب الأرباب.
يوم يسألكم عن الأمة ماذا قدمتم لها، وعن المجاهدين وكيف نصرتكم لهم، وعن أعداء الملة وكيف بغضكم وعداوتكم لهم، بالسيف والسنان والقلب واللسان.
إن الله سائلكم عن الأسرى في يد اليهود و الصليبيين والمشركين لمَ لم تستنقذوهم؟
ألم تسمعوا ما قاله عبد الرحمن بن عمرة لما بعثه عمر بن عبد العزيز في فداء المسلمين في القسطنطينية، يقول؛ فقلت له: (أرأيت يا أمير المؤمنين إن أبوا أن يفادوا الرجل بالرجل كيف أصنع؟) قال: (زدهم)... إلى أن قال: (فإن أبوا إلا أربعاً)، فقال: (أعطهم بكل مسلم ما سألوه، فوالله لرجل من المسلمين أحب إلي من كل مشرك عندي، إنك ما فاديت به المسلم فقد ظفرت، إنك إنما تشتري الإسلام).
إن الله سائلكم عن أفغانستان والعراق ماذا قدمتم لهما.
ورحم الله ابن الجوزي يوم اعتلى المنبر وقام خطيباً في الناس يحثهم على الجهاد والحفاظ على بيضة هذا الدين ودفع الكافرين عن ديار المسلمين، بعد أن تخلف الناس وتقاعسوا عن النفير، فقال: (أيها الناس؛ مالكم نسيتم دينكم، وتركتم عزتكم وقعدتم، عن نصر الله فلم ينصركم؟ حسبتم أن العزة للمشرك وقد جعل الله العزة ولرسوله وللمؤمنين، يا ويحكم!
أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطرعلى أرضكم التي سقاها بالدماء آبائكم يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادات الدنيا؟
أما يهز قلوبكم وينمي حماستكم مرأى إخو ان لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف؟
أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وإخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر؟
يا أيها الناس؛ إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يُدرن رحاها، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساء بعمائم ولحى، أو لا! فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها.
يا ناس؛ أتدرون مم صنعت هذه اللجم والقيود؟ لقد صنعها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها، هذه والله ظفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظا؛ قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة الحرب في سبيل الله، فإن لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وظفائر، إنها من شعور النساء فلم يبق في نفوسكم شعور).
وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ: (ميدي يا عمد المسجد، وانقضي يا رجوم، وتحرقي يا قلوب الماً وكمدا، لقد أضاع الرجال رجالتهم) أ.هـ.
نعم والله لقد أضاع الرجال رجولتهم!
فماذا نقول نحن في هذا الزمان الذي عز فيه النصير، وقل فيه المعين وتداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.
إننا والله لا نريد رجالاً كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد والمقداد وطلحة والزبير، لكننا نريد رجالاً كصفيّة!
نعم كصفية! عندما قامت بالدفاع عن حرمات المسلمين عندما همّ ذلك اليهودي الخبيث أن يدخل الحصن ويكشف عورات المسلمين فقاتلت عن أعراض المسلمين.
فيا ربي أدركنا فقد بلغ الزبى *** من الكرب سيل الفاجعات المغرق
فيا علماء الأمة، ويا دعاتها، ويا شبابها؛
اتقوا الله، اتقوا الله، وأدركوا ما فاتكم؛ فإنما العصمة السيف..
فدونكم أعداء الشريعة بين ظهرانيكم، ومدوا يد العون إلى اخوانكم بالغالي والنفيس قبل أن يلفظكم التاريخ.. نعم! قبل أن يلفظكم التاريخ، وقبل أن ينفض السوق فيربح فيه من يربح ويخسر فيه من يخسر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجميعن
منقوووول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق