عيد بأية حال عدت يا عيد
مقال للنائب الشيخ نايف الرجوب
___________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
عيد بأية حال عدت يا عيد
لست بصدد توصيف حالة شعبنا في الضفة الغربية المحتلة في أيام العيد، فكلنا يعلم أن أهل الضفة يعيشون بين مطرقة الاحتلال وسنديان الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ولا يكاد ينجو الشرفاء من مكائد هؤلاء حتى يقعوا في شرك أولئك، ونصف الشعب في الضفة الغربية بات مرهونا للبنوك باسم الانتعاش الاقتصادي الذي لا يعدو أن يكون ورما، ناهيك عن الغلاء الفاحش والبطالة التي تضرب أطنابها، والعملاء الذين يسرحون ويمرحون وينعمون بكل الامتيازات وأما الشرفاء فيعلقون في مسالخ سلطة رام الله من الأيدي والأرجل كما تعلق أضاحي يوم العيد وغيره وغيره ....
لكنني أقص حدثا حصل في يوم العيد وهو وأمثاله يتكرر في كل يوم، وتكاد من خلال هذا الحدث أن تتبين حال الحزانى في الضفة الجريح، القصة يا أخوتي حدثت في يوم العيد يوم الحج الأكبر يوم الفرح والزينة والسرور في يوم العيد المبارك في أول النهار في الساعة التي يرجم فيها إبليس، في تلك الساعة المباركة دخلت إلى حارتنا مجموعة من الآليات العسكرية وقوة مدججة من عدة أجهزة أمنية، وبألوان متنوعة، لماذا هذه القوة ماذا تريد في أول ساعات العيد؟ من غير المعقول أنها تريد أن تعتقل في يوم العيد، صحيح أن الأنظمة البوليسية في العالم العربي تعتقل طوال السنة، ولكنها تطلق سراح المعتقلين على أبواب العيد وإن كانت سلطة رام الله كما عودتنا أن تعتقل على أبواب العيد أما أن تعتقل يوم العيد! فلا أظن أن سلطة رام الله خلعت برقع الحياء إلى هذا الحد!! ربما حضرت هذه القوة ليهنئوا الناس بالعيد أو يهيئوا الأجواء للحزانى من أبناء الأسرى وأهلهم أو أبناء الشهداء وأهلهم الذين لم يسمح لهم الاحتلال أن يفرحوا بأي عيد، أو ربما جاءوا لينظموا حركة المرور حتى يصل الناس إلى أرحامهم ويتواصلوا دون معوقات أو عراقيل كل هذه الاحتمالات واردة! وهل نستكثر على رجال فلسطين أن يخدموا إخوانهم في يوم العيد!!! هل نستغرب من قواتنا الباسلة التي حضرت من الخارج مع قدوم السلطة الفلسطينية على أشلاء الأبطال الذين أشعلوا الانتفاضة الأولى والثانية والذين سبحت قوافل عودتهم في بحر دموع أسرانا البواسل وعبرت قاطرة عودتهم على جماجم شهدائنا الأبرار، وفوق عظام أطفال الحجارة الذين سطروا ملاحم البطولة والصمود والتضحية من أجل عودة قواتنا المظفرة! فهل نستكثر على هذه القوات أن يخدموا شعبهم المعطاء الأبي في يوم العيد، فما أدراك ليس هناك شيء مستحيل إذا وجدت الإرادة الصادقة، وبذرة الخير، فقد تلد البغال،أو تطير الجمال، فهذا زمن العجائب والله فعال لما يريد.
وإذا بالقوة المظفرة تترجل من حافلاتها لتحاصر مسجد الحارة بالقوة المدججة من ثلاثة أجهزة ـ يا كافي البلاء ـ كدت أصرخ فيهم: ليس هذا هو العنوان الذي تريدون! وليس هذا هو المكان الذي يستحق أن يحصار وليس هذا هو المكان الذي يمكن أن يتحصن فيه العدو!! والمستوطنة ليست في هذه الجهة إنها هناك في كل اتجاه ولكن ليست هنا، ، وليس العدو الذي يستهدفنا ويذلنا صباح مساء ليس هنا، بل هناك على أبواب كل بلدة ومدينة ومخيم والموعد ليس موعد صلاة أو تعبد في هذه الساعة.
وإذا بالقوة تتسلق جدران المسجد لتعتلي سطحه لتستهدف يافطة صغيرة لا تكاد ترى كتب عليها (لا إله إلا الله) ويسقطونها من على ظهر المسجد، ويصفق المنتصرون كما لو كانوا في مباراة حامية الوطيس وسجلوا هدفا في مرمى الخصم!
فهل باتت لا إله إلا الله من المحرمات هل باتت كلمة التوحيد تهدد عروشهم؟ هل باتت تؤرقهم وتقض مضاجعهم أم صدقت فيهم نبوءة العرب لما دعاهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى قول: ـ لا إله إلا الله ـ قالوا: هذه كلمة تقاتلك عليها العرب والعجم، هل كلمة التوحيد من التحريض الذي يجب أن يتوقف؟ وهل نصت اتفاقيات السلام على ذلك؟ أم تريد سلطة رام الله أن تزيد قائمة الممنوعات حتى تخطب بها ود جنرالات الحرب اليهود!!! كل شيء وارد، هل كلمة التوحيد هي شعار الانقلاب القادم؟ لذلك تزيغ منها الأبصار وتسقط منها القلوب.
أخبروني أيها القوم بما نزين مساجدنا في يوم العيد؟ هل المطلوب أن نعلق الأصنام على بيوت الله كما هو حال الكنائس عند النصارى، هل المطلوب حتى نجنب مساجدنا العبث والاقتحام وانتهاك حرمتها أن نعلق فيها علم إسرائيل ذي الخطوط الزرقاء، والنجمة السداسية، حتى تنجو المساجد من الأذى والتدنيس، هل كلمة لا إله إلا الله آخر الممنوعات أم هناك ممنوعات أخرى، وهل هذا أول المشوار وبعدها سيمنع الأذان الذي يكرر فيه كلمة التوحيد، هل ستمنع الصلاة بعد ذلك؟ هل هذا هو المقدمة أم هو الخاتمة.
حدثني الثقات العدول أن راية ـ لا إله إلا الله ـ تم إنزالها من الكثير من المواقع وديست بنعال البواسل.
لما خرجت من السجن قبل خمسة أشهر وقد رفعت في بيت الاستقبال مجموعة من اللافتات بالتهاني والاستقبال ورفعت كذلك راية التوحيد لا إله إلا الله، فتوالت الاتصال بالمحيطين من كل اتجاه وعلى كل المستويات حتى من مكتب الرئيس قالوا: هناك ممنوعات يجب أن تزال!
هل الممنوعات هي لافتات التهاني أم لافتات الاستقبال أم علم فلسطين؟ قالوا: الممنوع هو اللافتة التي كتب عليها لا إله إلا الله!! نعم والله عشنا حتى نرى ذلك ومن يعش يرى عجبا، نعم أيها السادة أنا لا أتحدث عن خيال ولا عن أحلام وإنما أتحدث عن حقيقة مرة، إنما أتحدث عن واقع حي وشاهد ماثل للعيان.
إن الذين يتجرؤون على كلمة التوحيد بهذه الصورة، هم مهزومون منكوبون هم باطل والباطل زاهق، هم زبد والزبد لا يمكث في الأرض، إن أمر هؤلاء مضمحل وإن ركنهم مهيض، وإن الذين يضيعون كلمة التوحيد هم لغيرها أضيع ،إن الذين يتنازلون عن لا إله إلا الله سوف يتنازلون عن القدس وعن الأقصى وحق العودة وتقرير المصير
إذا ما استباح الناس حرمة ربهم ----- فماذا تظن بحرمة الأوطان
سيهزم الجمع ويولون الدبر.
إن لا إله إلا الله هي نور الله الذي لن يطفئه العبيد ولا يطمسه الرعاع إن كلمة التوحيد أثقل من السموات والأرض كما قال الله تعالى لموسى: اعلم يا موسى أن لا إله إلا الله لو وضعت في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهنّ لا إله إلا الله، فإنزال راية هنا أو هناك، أو لافتة هنا أو هناك لن تطمس معالم هذا الدين ولن تنهي ظاهرة التدين وحالة الإقبال على الله التي تشهدها المنطقة, والله متم نوره ولو كره الكافرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق