بالأسماء والوثائق : الإخوان الهاربون من التجنيد ..عبد الحليم الكناني
___________________________________________
الحليم الكناني
كشف أسرار الوساطة والمحسوبية عند الإخوان
هل التهرب من التجنيد جريمة ؟ : نعم
وهل هذه الجريمة مخلة بالشرف ؟ : نعم
وهل سمعت عن فضيحة نواب التجنيد التابعين للنظام الحاكم ؟ : نعم
وهؤلاء الإخوان ألم يتهرب أحد منهم من التجنيد ؟ : نعم كثيرون
أو ليست لديهم وساطة ومحسوبية كما هي عندنا ؟ : نعم ولهم فيها تاريخ طويل
ألا تزودني بما لديك من بيانات وتفاصيل نكشفهم بها أمام الناس ؟ : حبا وكرامة
إليك هذه الأحداث والحقائق مزودة بالأسماء والوثائق
(1) استدعاء الإخوان للتجنيد
في نوفمبر 1947 صدر قرار تقسيم فلسطين ، ورفضه العرب واليهود ،وأعلن حسن البنا في مؤتمر حاشد [ تطوع ] الإخوان بعشرة آلاف مجاهد في سبيل نصرة فلسطين .!!!
وتقدم عشرات الآلاف من شباب ورجال الإخوان للتطوع للجهاد ، وحدد المركز العام شروطا محددة للقبول :
أن يكون السن 20 عاما فأكثر .
أن يكون غير متزوج .
أن لا يعول أحدا وليست عليه تبعات عائلية
وبالطبع أن يكون لائقا طبيا ، وتحددت مواعيد للكشف الطبي ، وانتظر الجميع بعدها إعلان النتائج.
وظهرت قوائم المقبولين للتطوع للجهاد .. وهنا كانت المفارقات وبداية الأحداث :
(2) احتجاجات جماعية وشكاوى علنية من المحسوبية
كانت ردود الأفعال الفردية والجماعية غاضبة ساخطة ، فنشرت جريدة الإخوان اليومية البرقية التالية :
"إلى فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين : " نحتج لتخطينا بالفوج الأول لإنقاذ فلسطين ، نرجو أن نكون بالمقدمة ، ونرجو تجهيزنا فورا ، نحن اولى بالدفاع عن جيراننا والهدف ببضع كيلومترات منا " إخوان العريش ورفح .
وفي نفس اليوم تنشر احتجاجا لأخ من الإسماعيلية موجها لحسن البنا شخصيا :
" فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين : بعد التحية ، يسرني هذا التطوع ، ولكن لايسرني أن لا تقبلوا من كان له عائلة .
سيدي : رازق العائلة هو الله وحده لست أنا ، مالكم خرجتم عما تدعون إليه أنفسكم .
أهذا يا فضيلة المرشد إيمان بالله تتكلمون عنه ، أيطوع الفرد نفسه ثم تقولون له إن لك عائلة .
أي عائلة هذه يا سيدي التي تمنعني من الجهاد في سبيل الله
يظهر لي أنكم لم تقرءوا هذه الآية " قل إن كان آباؤكم " أو أنكم لم تؤمنوا بها
أهذا هو الإيمان الذي تأمرون به الناس ؟ أأنتم أول من يخذلهم ؟ إنني أحملكم هذه المسئولية أمام الله ، أما أنا فلن يغرني بعد اليوم علماء ومرشدون .
إن لم تقبلوني وترسلوا الى وإلى الإسماعيلية بقبولي فإني مقدم نفسي الى الجيش المصري ، فإن أبى فأمامي الطريق الى فلسطين سيرا على الأقدام ، هناك حيث أبواب الجنة التي أبيتموها على ، أتخذلوني فمن ينصركم من الله يوم القيامة ، وإني أترك لفضيلتكم الرد علينا في أربعة أيام ، وهذه ورقة بوستة ، برجاء واحد ان ترسلوا الى الإسماعيلية بقبولي متطوعا وإلى بالبشارة حتى أدعو الله لكم من قلب صميم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المخلص حسن محمود على البيك " .
(3)اعتراف حسن البنا
ويعترف حسن البنا نفسه بوجود هذه الاحتجاجات الغاضبة الساخطة ، ومحاولات الالتفاف على الشروط الموضوعة للتطوع للجهاد ، ويكتب عنها كلمة تحت عنوان :
" عرفنا الطريق "
" هذا الأسبوع توافدت جموع الإخوان للتطوع بالدم فى سبيل فلسطين العربية المقدسة فشاهدنا حوادث عجبا:
وردت على برقية من المنوفية نصها : المجاهدون المنسيون يحتجون على المحسوبية فى السفر إلى فلسطين ويطلبون التحقيق.
وبعث إلى أحد الإخوان يحتج إحتجاجا شديدا على رئيس شعبته لأنه منعه من التطوع بحجة أنه مدين وأن الجهاد لايجب عليه حتى يقضى دينه وإن هذا حكم الإسلام ولا خروج على حكمه ثم يقول إشتروا دمى بدينى فسددوه عنى ودعونى أمت شهيدا فى سبيل الله
وجاءنى صديقنا فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد عبد الكريم الإمام والخطيب بالأوقاف يقدم بيده ولده ويقول إنكم رفضتم قبوله بالأمس فجاءنى يتوسل بصداقتنا لتقبلوه فاقبلوه متطوعا وأنا عن ذلك راض وبه سعيد
وقدم صديقنا فضيلة الأستاذ الشيخ بسيونى خطاب الإمام والخطيب بالأوقاف كذلك إلى إدارة التطوع ولده وحمله إليها رسالة يقول فيها أرجو أن تتقبلوا هذا كدفعة أولى والنجل الثانى فى الطريق إليكم .
وتسابق إخوان فى التطوع فلما اعترضت الإدارة على ذلك وقالت : لا يقبل إلا واحد فقط ويبقى الثاني لم يحل الإشكال إلا بقرعة بينهما ومع هذا مازال الثاني حزينا ينتظر دوره فى الجهاد
رأينا الكثير من هذه الصور الرائعة الجليلة العجيبة فتذكرنا الخنساء أم الأبناء الأربعة الذين تقدمت بهم إلى الموت تدفعهم إليه دفعا فى سبيل الله وحمدت الله بعد ذلك أن رزقهم الشهادة جميعا
وتذكرنا أنس بن النضر وفيه نزلت " من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "وتذكرنا كثيرا من أسلافنا المجاهدين الذين ساروا على الدرب فوصلوا ، ثم قلت : لقد عرفنا الطريق".
(3) نماذج من الهاربين وتفاصيل عمليات الهروب
[ أ ] رفض نتائج لجنة القبول دون أعذار
الأخ سعد أبى النصر من دمياط :
جاء إلى المنصورة لوداع إخوانه الذين وقع عليهم الاختيار للفوج الأول ولم يكن هو منهم فاستأذن أهله فى أن يذهب إلى المنصورة لحضور حفل الوداع على أن يعود إلى دمياط بعد يوم أو يومين، ولكنه ما إن يصل الى المسئولين عن دعوة الأخوان فى المنصورة حتى يعلنهم أنه يعلم أن الاقتراع لم يجعل له نصيبا فى السفر إلى فلسطين العزيزة ولكنه لن يعترف بالاقتراع فليس الجهاد رهنا بمشيئة أحد ، لقد قرر أن يذهب وأن يدفع ضريبة الدم راضيا قرير العين ، وإن أى قوة فى الأرض لن تحول بينه وبين ذلك العزم ".
[ ب ] التهرب بإدعاء الأعذار المرضية
طه أبو سنه المريض بالقلب:
هذا الأخ المريض بالقلب ، وكان ثلاثة من الأطباء قد قرروا أنه لا يصلح للجهاد لمرضه بالقلب وأن أى مجهود شاق سيؤدى إلى وفاته ومع ذلك أصر على التطوع وتوسط لدى الأمام البنا فقال للقائد محمود عبده : خذه معك فإن مات فى الطريق فهو شهيد وإن مات فى الميدان فهو شهيد ، واشترك فى حرب فلسطين وقام بأعنف الأعمال وأشقها حتى أذهل الذين يعرفون مرضه .
الشيخ : عبد اللطيف الشعشاعي [ ضرير ] :
" وهو من أصحاب الأعذار الواضحة ، ولكنه أصر وجادل إخوانه ، فأجابوه : إنك صاحب عذر ورفع الله عنك الحرج ، فأجابهم : " ألا تحتاجون في حربكم جمالا وحميرا تحملون عليها متاعكم ، اعتبروني جملا أو حمارا أحمل لكم أمتعتكم إن لم أستطع القتال " .
[ ج ] التهرب بإدعاء عذر وحيد الوالدين
سيد عيد من السنبلاوين :
ثم نرى الأخ سيد عيد : وحيد والدته ولا عائل لها سواه ، وكانت التعليمات تقضى باعفائه ، ولكنه يصر على السفر ، ورئيس الأخوان فى الدقهلية يصر على أن يبقى فيقول له : " لماذا إذن كنت تدعونا إلى الجهاد وتحببه إلينا ، لاتحدثني عن إعالتي لأمي فإنما نحن جميعا عيال الله ، إن الله لن يتخلى عن عائلة تقدم فى سبيله مجاهدا " .
مصطفى حسن الزيني من المنصورة:
وحيد والديه مع اربع بنات ما إن يعلم والده أن القرعة قد اختارته حتى يطير إلى دار الإخوان طيرانا ليطبع على جبين ولده الحبيب قبلة قائلا له : سر على بركة الله .
الشيخ حسن عناني :
هاهو الشيخ حسن عناني بعد استشهاد ولديه محمد وعبد الوكيل لم يبك ولم يجزع بل صحب ابنه الثالث إلى الإمام الشهيد وقدمه له على أنه المتطوع الجديد من الأسرة فدمعت عينا الأستاذ البنا وهو يقول له "كفاكم جنة ياآل عنانى " .
[ د ] التهرب بإدعاء عذر صغر السن
الشهيد علي الفيومي :
كان لا يتجاوز السادسة عشرة عندما ذهب إلى المركز العام لكى يتطوع فرآه الإخوان أثناء اختيار المتطوعين وهو يرفع رأسه ويشد قامته كما كان يفعل صغار الصحابة أثناء الجهاد فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
طلبة المدارس الثانوية :
يحدثنا كامل الشريف قائد قوات الإخوان بمعسكر البريج فيقول :
" ولازلت أذكر اليوم الذى حضرت فيه مجموعة من الإخوان قوامها خمسة عشر شابا لم تكن تزيد أعمارهم عن السادسة عشرة وكانوا كلهم من طلبة المدارس الثانوية وسألتهم عن سبب مجيئهم فقالوا إنهم يرغبون فى تأدية فريضة الجهاد بعد أن نجحوا فى امتحاناتهم لهذا العام .. ثم أخذوا يقصون على أنباء رحلتهم الشاقة وكيف غافلوا رجال البوليس وقفزوا إلى عربات البضائع فى قطارات السكك الحديدية وكيف ساروا مسافات شاسعة فى صحراء سيناء الموحشة بمعاونة دليل من البدو " .
[ هـ ] استغلال النفوذ العائلي والوضع الاجتماعي
على حمدى طالب الحقوق:
يرفض طاعة أوامر الأستاذ البنا له بالرجوع عن التطوع تلبية لرغبة والده ضابط الشرطة وقال للإمام :
" أتخشى أبى والله أحق أن تخشاه " فدمعت عينا الأستاذ المرشد.
عبد المنعم سعيد من الإسكندرية :
وخاطب عبد المنعم سعيد والده وهو يتسلمه من قائد المعسكر "يا أبى أنت والدي ولك طاعتي وربى خلقني وله طاعة أكبر على وأنت تحرمني من طاعة الله فهل يرضيك ذلك ؟ " فبكى الوالد وهو يقول : "طاعة الله واجبة على وعليك فاذهب يابنى ومعك الله رضيت عنك ".
محمد العيسوى من القاهرة:
نجح أبوه بما له من نفوذ فى إبعاده عن معسكر التدريب واخذ من القائد وعدا بعدم قبوله من جديد ، وعز على بطلنا أن تنهار آماله ففكر وقدر ثم هداه تفكيره الى وسيلة ناجحة فاخذ يهرب من أهله كل يوم ويأتى الى المعسكر حيث يظل الساعات الطوال خارج الأسلاك يراقب حركات التدريب ويحاول تقليدها حتى إذا انتهى اليوم أخذ من زملائه ما يكتبونه من محاضرات عسكرية ورجع إلى بيته حيث يستذكرها بشغف وعناية ، وحين تحركت الكتيبة الأولى إلى العريش بعد نهاية تدريبها ركب نفس القطار الذى سافرت به بعد أن اشترى على حسابه بعض الملابس العسكرية وفوجئ أفراد الكتيبة وقائدها حين رأوه ينزل الى المحطة وظل أهله يواصلون السعي لإعادته لكن قائد الكتيبة أصر على بقائه بعد ما رآه من ثبات إيمانه وصدق عزيمته .
[ 3 ] الحكومة المصرية تلاحق الهاربين من التجنيد
وكان موقف الحكومة المصرية حازما ومشرفا ، فقد سخرت كل إمكاناتها لملاحقة هؤلاء المتهربين من أداء هذا الواجب الوطني والقومي والديني العظيم ، فيقول المؤرخ الفلسطينى الشهير عارف العارف :
"طلب الإخوان إلى حكومة النقراشى السماح بإدخال فوج من مجاهديهم ليرابط في الجزء الشمالي من صحراء النقب، فرفضت الحكومة هذا الطلب وأصرت على عدم السماح لهم بذلك ، مما اضطر بعضهم إلى طلب السماح لهم بالقيام برحلة علمية إلى سيناء فوافقت حكومة النقراشى بعد إلحاح شديد وحضرت تلك المجموعات إلى سيناء وتسللت منها إلى فلسطين ".النكبة نكبة بيت المقدس -ص 398 .
وتحت ضغط الرأى العام تراجعت الحكومة وغضت الطرف عن عبور الفوج الأول والثاني من المتطوعين لسيناء ومنها إلى العريش ، ويقول المؤرخ الفلسطينى بيان نويهض الحوت : " تراجعت الحكومة المصرية عن موقفها فسمحت للإخوان المسلمين بالتدريب والتزود بالأسلحة " .
ومر شهران ثم عادت الحكومة لموقفها المتعنت وطلبت إلى المركز العام سحب قواته من النقب، وكان طبيعيا أن يرفض الإخوان فلم تجد الحكومة بداً من قطع الإمدادات والتموين ومراقبة الحدود بشده لتضمن عدم وصول شىء منها للمجاهدين حتى تضطرهم للعودة الى مصر، ورأي المجاهدون أنفسهم خلال قتالهم الرائع يعيشون أياما طوالا على التمر والماء، وعلى الخبز اليسير الذى يشترونه من نقود قليلة يرسلها أهلوهم بين حين وآخر" الإخوان المسلمون في حرب فلسطين - ص 61 .
وعز على الحكومة السعدية أن يستمر الإخوان في جهادهم فأرادت أن تكيد لهم من طريق آخر فأمرت بوليسها أن يمنع المجاهدين الذين يغادرون الميدان لزيارة أهلهم في إجازات قصيرة من الرجوع حتى ينقص عددهم وينتهي أمرهم ، وفطنا إلى الحيلة عد مده فألغينا الإجازات وقررنا نسيان الأهل والولد حتى نضيع على الحكومة فرصتها ونستمر في جهادنا . الإخوان المسلمون في حرب فلسطين - ص 65
هذا يا عزيزي ما توفر لدي من وثائق ، تكشف لك الحقائق
انشرها بين الناس ، حتى يزول الالتباس
فلستم وحدكم يا عزيزي الهاربون من التجنيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق