معركة السموع "..سالم الفلاحات / قيادي اخواني / الاردن
لأول مرة سمعت بهذا الاسم كنت طالباً في نهاية المرحلة المتوسطة في الصف الثاني الإعدادي في مدرسة ذيبان الإعدادية حيث جائت عائلة من خارج القرية وسكنوا بجوارنا وكانوا من خير الجيران قالوا إنهم من السموع /الخليل ولا ادري لم جاءوا إلى هذه القرية.
لم تكن هزيمة حزيران ناجمة عن استفزاز مصري للجيش الإسرائيلي وهي غير قادرة على ذلك وغير معدة لخوض تلك الاستفزازات فأسلحتها قديمة ومنزوعة الدسم او هكذا اريد لها من اجل قفزة أخرى جنوباً وشرقاً وشمالا ً لاستكمال احتلال فلسطين التاريخية كلها وأراضي عربية اخرى في سوريا ولبنان ومصر والأردن.
فقد كانت القوات( الإسرائيلية) تقوم باستفزازات متكررة للجيوش العربية في المناطق الحدودية كما يقول الرائد غسان الهلسة الذي يحدثك بالعقيدة العسكرية العربية الصافية طهارة ونقاءً وانتماء وغيرة وشجاعة.
لاأظنك تتمالك نفسك ان سمعت هذا الرجل الشريف يحدثك عن معركة السموع وما بعدها من أحداث في عام 1967م وبحمد الله فالارض لم تنضب من الأخيار وان بلدنا هذا لايزال يضم قلوباً صادقة منتمية لأهلها وشعبها ووطنها ومقدساتها ومنهم هذا الاردني الكركي المسيحي يستثمر مسيحيته وعلاقاته الشخصية برجال الكنيسة للمساعدة في إنجاح بعض العمليات العسكرية.
في فجر الأحد 13 من تشرين الثاني عام 1966الخيل تصهل ترقب العدو وعلى اطراف السموع وبدلاً من ان يمتطيها فرسانها تمطرها القذائف الغادرة والرصاص الفاجر فطفق جنود الاحتلال مسحاً بالسوق والأعناق ذبحاً وتشويهاً ولعل صهيلها واستغاثتها كانت اسرع من مراقبة الجنود الذين كانوا يتوقعون هذا العدوان منذ ستة أشهر.
دبابات زادت على العشرين مع ناقلات جنود تعبر الحدود ويعترضها بعددها جنود الجيش العربي مشاة بلا سواتر ولا مجنزرات الا ببنادقهم وسلاحهم الخفيف لا يأبهون بمدافعها ورشاشاتها نسوا الموت وهم يرددون الحداء والهتافات الرجولية فما كان من غسان هذا الشاب الذكي الا أن طلب من جنوده البواسل الصعود على ظهر الدبابات الصهيونية ليعرقلوا استخدام الرشاشات والمدافع حتى ان احدهم ألقى بنفسه بين جنزير دبابة وفجر قنبلة تحتها ثم استشهد لكن غسان يبكي بحرقة ويتحدث برجولة ممزوجة بالألم عن جنود بلا دبابات ولا مدافع تذكر ... أعدادهم قليلة والحدود طويلة وواسعة والعدو مستفز في كل يوم فهو يعد لأمر جلل ويستدرج الجيش لمعركة وشيكة رجال لايذكرهم إلا من عرفهم وكان من اهل الوفاء كانت لهم بطولات فردية على اسوار القدس بخاصة وفلسطين بعامة
يروي الرائد( غسان الهلسة) شاهد عيان ومساعد لقائد جزءٍ من معركة السموع بلسان عربي اردني وطني غيور بعض أحداث المعركة سمعت طرفاً منها في بيت شقيقة جميل هلسة قبل شهور
كم تالمت وشعرت بالفخر في آن وهو يروي طرفاً من اخبار تلك المعركة المشرفة
يذكر قائد اللواء المرحوم بهجت المحيسن من الطفيلة الذي آثر ان يشارك جنوده المعركة بنفسه ليعوضهم عن نقص معداتهم ويذكر قائد كتيبة عبد الله بن رواحه فهو مقبول الغبيين رحمه الله
ويتحدث عن بطولة الرائد محمد ضيف الله الهباهبة من الشوبك قائد السرية الذي تصدى للقوات الصهيونية بنفسه حيث نزل الى المدفع ال106 مع اثنين من جنوده ووضع فيه قذيفة اطلقها على دبابة اسرائيلية لكنهم ردوا عليه بقذيفة فاصيب بجراحات خطيرة يقول
(الهلسة) وكان بامكاني ان أخلصه من الجنود الاسرائيليين الذين نزلوا واخذوه لكني قلت ليس لدينا إسعافات لنسعفه (وبكى) فلعلهم يعالجونه ثم يعيدوه لنا لكنهم اعادوه شهيداً وادعوا انهم لم يفلحوا في علاجه
ويحدثك عن الطيارين الاردنيين حيث تمكنوا بالرغم من ان طائراتهم قديمة
(هوكر هنتر تمكنوا من اسقاط طائرتين اسرائليتين لكن الطيار البطل موفق السلطي سقطت طائرته ولقي الله شهيداًاما الطيار احسان شرذم فقد نزل بالمظلة وسقطت طائرته.
كما استشهد ثلاثة عشر جندياً اردنياً أرى ان ذكر اسمائهم هو من بعض الوفاء وهم :-
حمدان عبد الرحمن الخليفات جندي
سالم عليان سليمان العموش جندي
راجي مقبول سالم الشموط جندي
احمد سعيد موسى العثامين جندي
عبد القادر عبد الجواد الحروب جندي
مفلح محمد سليمان الختاتلة جندي
ابراهيم حسن يوسف مصلح جندي
يونس حسين مسلم العريقات جندي
عبد القادر شاكر محمد صدقة جندي
عطاالله علي متروك العوران جندي
احمد عبد الكريم محمد السويطي جندي
عبد الرحيم عبد الله مسلم محفوظ جندي
محمد احمد حمد دار عودة جندي
ثم تمكن الابطال من قتل قائد لواء المظليين الإسرائيلي يواف شاهام وجرحواعشرة من جنود العدو الصهيوني.
ستة اشهر فقط كانت هي الفترة الزمنية الفاصلة بين هذه المعركة التي بدأها العدو تمهيداً واختباراً لمدى جاهزية الجيش العربي ، وبين حرب حزيران عام 1967
فقد دمّروا ما يزيد عن مائة وعشرين منزلاً وعدداً من المنشأت الآخرى لكنهم اجبروا على الاندحار رغم قواتهم الكبيرة على ايدي هؤلاء الرجال الذين يذكرهم
( الهلسة) بأسماءهم واحداً واحداً وهو يحدثك كأنما يراهم اليوم
إن امةً تملك امثال هؤلاء لجديرةٌ بأن تنتصر وتنفض عنها غبار الذل
يا لهم من رجال لو كان لهم اصحاب وقيادات تملك ارادة سياسية وعقيدة وطنية نحو قضايا أمتها
السموعُ كما الكرامة كانت صفحة بيضاء رقية مشرقة اعادت الأمل للنفوس لكنها لم تُسمع
لقد اسمعت لو ناديت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي
رحم الله الشهداء الشهود الأطهار وأبقى دماءهم شاهدةً على فترة من التاريخ المعاصر ستضافُ إلى قراءاتٍ أخرى مؤلمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق