ماذا حدث لفلسطينيي العراق؟ تسجيلات وثائقية , تقارير مصورة , مقالات ..موقع رائع
أين فلسطينيو العراق من وثائق ويكيليكس؟!- أيمن الشعبان
ضجة إعلامية واسعة لقنوات فضائية وصحف ومواقع انترنت وغيرها من الجهات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية؛ بعد نشر موقع ويكيليكس ( 400 ألف ) وثيقة سرية لانتهاكات أمريكية وحكومية عراقية وميليشيات شيعية – بحسب وصف التقارير – وتدخلات إيرانية سافرة في العراق.
بدأت على أثر ذلك ردود الأفعال تتوالى، ومطالبة العديد من الجهات بفتح باب التحقيقات الدولية، لكن الذي يعنينا الآن والسؤال الهام الذي لابد من طرحه: أين فلسطينيو العراق من خريطة وتقارير ويكيليكس؟! وللجواب على ذلك لابد من التذكير بعدد من الحقائق، والتي تكاد لا تختلف عن مضمون وفحوى تلك الوثائق السرية التي نشرت.
إن الحقيقة الدامغة التي كُتبت بدماء أكثر من 300 شهيد فلسطيني في العراق، وسُطّرت بدموع الثكالى، ودونت بآهات اليتامى، وحُفظت بآلام الجرحى والمصابين، ووثقت بمقاساة المشردين والمهجرين؛ تصرخ وتنادي: ألسنا وثائق حية!.. ألسنا منكوبين!.. ألم يقع علينا من الظلم والحيف كما وقع على أهلنا من العراقيين المستضعفين!..أم أنكم جاهلون؟ وعن معاناتنا تتغافلون؟ ما لكم كيف تحكمون!!
من عاش بالعراق وشاهد الفواجع وعاصر الأحداث، يعلم علم اليقين أن تلك الوثائق المنشورة ما هي إلا غيض من فيض الانتهاكات، وقطرة في بحر المجازر والظلمات، وذرة في صحراء المآسي والويلات، فكم نادينا وتكلمنا بأعلى أصواتنا حتى بُحّت الأصوات، فلا استجابة ولا مواساة، وكأننا " فلسطينيو العراق " جسم غريب لا ينتمي للبريات!!
لو أردنا أن نتحدث بلغة الأرقام والرياضيات لكان ينبغي أن تكون عدد الوثائق التي تخص الفلسطينيين في العراق ضمن تقارير " ويكيليكس " لا تقل عن ( 500 وثيقة )، نسبة لعددهم ومقارنة بعدد الوثائق الكلي المنشورة ( 400 ألف وثيقة )، ونحن لدنيا أكثر من هذا الرقم من حالات القتل والاعتقال العشوائي والاختطاف والتعذيب وعمليات التهجير، وسوف لن نخرج عن مضامين التقارير المنشورة.
كلنا يذكر كيف اقتحمت قوات لواء الذيب مجمع البلديات مساء 12/5/2005 واعتقلت الأخوة فرج وعدنان وعامر وجارهم غزوان، ثم عرضوهم على شاشة قناة العراقية تحت التعذيب والإكراه، لكن الأمر المخفي وقد أخبرني به الأبرياء الأربعة بعد الإفراج عنهم؛ أن قناة الفرات وقناة كردية رفضوا التصوير لأنهم شاهدوا بأم أعينهم المسرحية الهزلية" الإرهاب في قبضة العدالة " وكان ظنهم أن هؤلاء فعلا مجرمون!!
إن قضية بغداد الجديدة التي قلبت حياة الفلسطينيين رأسا على عقب، بحد ذاتها وثائق وبراهين ودلائل أقوى مما نشر في ويكيليكس بما يخص " فلسطينيو العراق" من تستر المحتل الأمريكي، إلى استخدام أساليب التعذيب اللاإنسانية، إلى الطائفية في مجريات التحقيق وكل هذا موثق ومعروف، لكن من ينصف هؤلاء ويطالب بفتح باب التحقيق بما حصل؟!!
ثم أين مصير أكثر من عشرين جثة لحد الآن لم يتسن لذويهم دفنهم، وجزء منهم لم يتبين مصيرهم لحد الآن، فمن يطالب بحقهم ومن يبحث عنهم؟ أم أن هؤلاء غير مشمولين بالتقارير والوثائق السرية!!
هل سننسى تاريخ 26/6/2006 بوضح النهار عندما ترجل مجموعة وسط مجمع البلديات لاختطاف عدد من الفلسطينيين، وتبين أنهم منتسبون لقوات حكومية عراقية!! وعندما تصدى لهم أبناء المجمع بشكل عفوي، تدخلت قوات الحدود لصالحهم ثم طلبوا تعزيزا فوصل المدد من المغاوير ثم تم استدعاء القوات الأمريكية، وسقط شهداء وجرحى وأضرار مادية بليغة، فهذه وثيقة متعددة الجوانب؛ تستر أمريكي وحكومي عراقي، واستهداف من قبل ميليشيات طائفية مقيتة، وعدم تسلم جثث، وجرحى وإصابات من الأطفال والنساء، ولم يفتح باب التحقيق من أي جهة إطلاقا وتبين بأن المعتدي هم أهالي المجمع العزل!!
لا زالت أهوال ومشاهد وضحايا الليلة الرمضانية بتاريخ 19/10/2006 عندما قصف مجمع البلديات بعدة قذائف هاون " إيرانية الصنع " من قبل ميليشيات شيعية من منطقة الفضيلية بحسب شهود عيان، قرب المدارس في منطقة المشتل، فلا إدانة ولا تحقيق ولا تعويضات ولا أدنى اهتمام، أليست هذه وثائق، لاسيما وأن سيارة الإسعاف في حينها غادرت المنطقة مباشرة لأنهم من الطائفة الأخرى للحيلولة دون إسعاف أي من الجرحى!! ونقلوا بسيارات نقل البضائع إلى المستشفيات على خوف ووجل وقلق ومجازفة، فأين حقوق الفلسطينيين في ذلك بظل دولة القانون والحرية وحقوق الإنسان المزعومة؟!
الكلام ذو شجون والمآسي عديدة، والجراحات متنوعة، أكثر من أن تحصى بوثائق وتقارير، فأين موقعنا من الوثائق والتقارير والإعلام والمطالبات، بغض النظر عن دوافع ومقاصد نشر تلك التقارير على المستوى السياسي أو الإنساني أو الحقوقي؟ أم أن الفلسطينيين لا بواكي لهم!
من سيطالب - ولو بالكلمة – بفتح باب التحقيقات بالاعتقالات العشوائية، أو التعذيب على خلفية طائفية ، أو التهجير بدوافع عنصرية شعوبية؟ّ أم كُمّمَت الأفواه وأُعميت الأبصار وصُمت الآذان؟ ألا نستحق أن ينتفض لأجلنا كل من في قلبه ذرة من إسلام أو عروبة أو حتى إنسانية بعد تخلي القريب عنا قبل البعيد وضياع كامل حقوقنا؟!!
أليس من حقنا المطالبة بتعويضات بعد التحقيقات عن كل الأضرار المادية والنفسية والمعنوية، سواء من قبل المحتل الأمريكي لأنه سبب البلاء، أو الحكومة العراقية لأننا ضيوف ولاجئون عندهم وبحسب قوانينهم لابد من الحماية التامة وتحت مسؤوليتهم، وهم من تسبب بالعديد من الأضرار!!
نرى بأن هذا التوقيت يعتبر فرصة ذهبية لنا لإثارة هذه القضية، وفرضها بأي طريقة، كما طالبت أمريكا من العراق تعويضات لعدد من الأمريكيين الذين تضرروا من دخول القوات العراقية الكويت عام 1990، وكذلك طالب الأردن بتعويضات للعوائل الأردنية المتضررة في العراق بعد عام 2003، وقد دفع العراق تعويضات للعديد من المصريين الذين تضرروا في حرب عام 1991 ، أم لأننا ضعفاء متشرذمون منقسمون متصارعون نتسابق لمصالح فئوية ضيقة، ومنافع مادية شخصية بحتة، أصبحنا لا بواكي لنا!!
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
لكن عزائنا أن ليل الظالم قصير، ودولة الباطل إلى زوال، وكما تدين تدان، وأن الحق ظاهر ، وهذه سنة الله في خلقه ، فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أيمن الشعبان
باحث متخصص بشأن الفلسطينيين في العراق
يكفي ما يدل على حرمة دم المسلم ما ورد من ترهيب مخيف في سفك دم المسلم بغير حق من النصوص الكثيرة من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم التي تدل على ذلك، فمنها:
ردحذفقوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93).
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) (الفرقان:68- 69).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) رواه البخاري.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ( إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله ) رواه البخاري.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) رواه مسلم.