كاتب
كنا ندرك جيداً بأيّ ديباجة تبرير بالية ستخرج علينا أبواق فتح حين يقدِم الاحتلال على اعتقال المجاهدين الستة الذين أفرجت عنهم بعد إضراب عن الطعام استمر 45 يوماً، فاعتقال الاحتلال لهم كان متوقعاً بطبيعة الحال، لأنهم مجاهدون شرفاء، ورجال أباة، وليسوا (انقلابيين)، ولا يهددون أمن سلطة فتح، وإلا لما بادر الاحتلال بمثل هذه السرعة لإراقة ما تبقى من ماء وجه حلفائه، واعتقال المجاهدين بعد الإفراج عنهم بساعات، بل والعزم على اغتيال المجاهد وائل البيطار، قبل اغتيال قريبه بالخطأ!
الاحتلال من جهته، كان قد تعلّم درساً (مريراً) من حالة الشهيد المجاهد نشأت الكرمي، الذي عمل فور تحرره من سجون الاحتلال على تشكيل خلية عسكرية نفذت عمليات نوعية ضد المستوطنين في منطقة الخليل، ثم اغتاله الاحتلال، بعد أن بادرت أذرع السلطة الاستخبارية لفك لغز عملية بني نعيم وتقديم ذلك هدية مجانية له، فقتل المنفذين، وترك لأشاوس فتح أن يستمروا حتى اليوم بالتحقيق مع بقية المتهمين، والذين ما زلوا حتى هذه اللحظات في زنازين أريحا!
إن الهاجس الذي عاشه الكيان منذ عمليات الكرمي كان سيدفعه دون شك لعدم الإبطاء في اعتقال أو تصفية أي مقاوم، لأنه يدرك أن مجاهدي حماس يتنفسون عشق استئناف الجهاد مع تنسم أول أنسام الحرية إذا ما تحرروا من سجونه أو سجون وكلائه، فجاءت هذه العملية الجبانة الخاطفة لتشكل صدمة للوعي الفلسطيني من جهة، ولتعيد تأصيل مسألة الصراع بكل أبعادها من جهة أخرى.
أما فتح وأجهزتها الأمنية فإن حجتها السقيمة بأنها كانت تعتقل المجاهدين لتحميهم من الاحتلال تبدو بائسة ومفلسة أكثر من أي وقت مضى، لأن الحركة إن أرادت التعلق بأسمال هذه الحجة فإن عليها في المقابل أن تعلن على رؤوس الأشهاد كذب ناطقيها الأمنيين وقادتها السياسيين حين كانوا ينفون وجود معتقلين سياسيين في سجونهم أو متهمين بمقاومة الاحتلال، ويلفقون لهم تهماً أمنية وجنائية، ذلك أن الاحتلال لا يمكن أن يعبأ بمعتقل لدى السلطة إلا إذا كان يشكل خطراً على أمنه هو وليس أمنها!
أضف إلى ذلك – وفي حال سلمنا جدلاً بحفنة الأكاذيب الجديدة لقادة فتح – فإن مقتضيات الحماية لا يمكن أن تحتمل تعذيب المعتقلين حتى الموت، وتركهم يضربون عن الطعام لحدّ التلاشي، وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة وتلفيق تهم (الانقلاب) لهم، اللهم إلا إن كان ذلك يتم في إطار التمويه على قوات الاحتلال، وهي فكرة تحتاج لعقل فتحاوي موديل 2011 حتى يزدردها! لأن أصحاب العقول المتحررة من عبادة الراتب لا يمكن لهم إلا أن يصبوا لعنات الغضب على كل من يرونه يخلي الشوارع لقوات الاحتلال حتى تنجز مهماتها بكل سلاسة وسرعة، بينما تجده منتشراً ومستنفراً ومتأهباً للمواجهة لقمع بني جلدته ولإجهاض أي تحرك ميداني حتى لو كان موجهاً للاحتلال!
ولو كانت أجهزة فتح تعتقل الناس لتؤمن لهم الحماية لما أقسم أحد مسؤوليها الأمنيين بأنه يفضل أن يلبس تنورة نساء وينزل بها على الشارع على أن يفرج عن المعتقلين، وبأنه سيختار تصفيتهم جميعاً على أن (تعلّم) حماس عليه!
لقد وصلت فتح حداً من الخيبة والإفلاس أحسب أنها لم يسبق أن وصلته، وهي إن لم تعتبر من الحدث الأخير فسيتعين عليها أن تواجه المزيد من الفضائح المماثلة، وقد يأتي يوم تعجز فيه عن حمل أي من مناصريها على تصديق افتراءاتها وتبريرات تواطئها! وهي تخطئ إن ظنت أن الحادث الأخير سيحمل ذوي المعتقلين لديها وحركة حماس على الكف عن المطالبة بالإفراج عنهم، ففي كل الأحوال الاعتقال بحد ذاته جريمة كبيرة، وإن كان مصير المعتقلين لدى فتح الاعتقال لدى الاحتلال بعد تحررهم فما من شك بأنهم جميعا يفضلون مواجهة اعتقال واحد لدى عدوهم، ومعاناة واحدة وليست مزدوجة.
إن خطوة الإضراب عن الطعام للمجاهدين الستة كانت مطلوبة وضرورية، وهي قد تكللت بالظفر وبكسر شوكة الجلاد رغم نهايتها المأساوية المتوقعة، وهذا الإنجاز الذي صنعته معاناة ثلة من خيرة رجال فلسطين يحتاج إلى صون ومراكمة، وإلى خروج من قمقم الخوف من سطوة القمع والإرهاب، ولتكن صفحة العزة المشرقة التي خطّها المجاهدون الستة وذووهم باكورة عهد الثورة على الظلم وأول خطوة نحو الهدف الكبير المتمثل بإغلاق ملف الاعتقال السياسي وإجهاض مشروع التنسيق الأمني إلى الأبد.
كنا ندرك جيداً بأيّ ديباجة تبرير بالية ستخرج علينا أبواق فتح حين يقدِم الاحتلال على اعتقال المجاهدين الستة الذين أفرجت عنهم بعد إضراب عن الطعام استمر 45 يوماً، فاعتقال الاحتلال لهم كان متوقعاً بطبيعة الحال، لأنهم مجاهدون شرفاء، ورجال أباة، وليسوا (انقلابيين)، ولا يهددون أمن سلطة فتح، وإلا لما بادر الاحتلال بمثل هذه السرعة لإراقة ما تبقى من ماء وجه حلفائه، واعتقال المجاهدين بعد الإفراج عنهم بساعات، بل والعزم على اغتيال المجاهد وائل البيطار، قبل اغتيال قريبه بالخطأ!
الاحتلال من جهته، كان قد تعلّم درساً (مريراً) من حالة الشهيد المجاهد نشأت الكرمي، الذي عمل فور تحرره من سجون الاحتلال على تشكيل خلية عسكرية نفذت عمليات نوعية ضد المستوطنين في منطقة الخليل، ثم اغتاله الاحتلال، بعد أن بادرت أذرع السلطة الاستخبارية لفك لغز عملية بني نعيم وتقديم ذلك هدية مجانية له، فقتل المنفذين، وترك لأشاوس فتح أن يستمروا حتى اليوم بالتحقيق مع بقية المتهمين، والذين ما زلوا حتى هذه اللحظات في زنازين أريحا!
إن الهاجس الذي عاشه الكيان منذ عمليات الكرمي كان سيدفعه دون شك لعدم الإبطاء في اعتقال أو تصفية أي مقاوم، لأنه يدرك أن مجاهدي حماس يتنفسون عشق استئناف الجهاد مع تنسم أول أنسام الحرية إذا ما تحرروا من سجونه أو سجون وكلائه، فجاءت هذه العملية الجبانة الخاطفة لتشكل صدمة للوعي الفلسطيني من جهة، ولتعيد تأصيل مسألة الصراع بكل أبعادها من جهة أخرى.
أما فتح وأجهزتها الأمنية فإن حجتها السقيمة بأنها كانت تعتقل المجاهدين لتحميهم من الاحتلال تبدو بائسة ومفلسة أكثر من أي وقت مضى، لأن الحركة إن أرادت التعلق بأسمال هذه الحجة فإن عليها في المقابل أن تعلن على رؤوس الأشهاد كذب ناطقيها الأمنيين وقادتها السياسيين حين كانوا ينفون وجود معتقلين سياسيين في سجونهم أو متهمين بمقاومة الاحتلال، ويلفقون لهم تهماً أمنية وجنائية، ذلك أن الاحتلال لا يمكن أن يعبأ بمعتقل لدى السلطة إلا إذا كان يشكل خطراً على أمنه هو وليس أمنها!
أضف إلى ذلك – وفي حال سلمنا جدلاً بحفنة الأكاذيب الجديدة لقادة فتح – فإن مقتضيات الحماية لا يمكن أن تحتمل تعذيب المعتقلين حتى الموت، وتركهم يضربون عن الطعام لحدّ التلاشي، وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة وتلفيق تهم (الانقلاب) لهم، اللهم إلا إن كان ذلك يتم في إطار التمويه على قوات الاحتلال، وهي فكرة تحتاج لعقل فتحاوي موديل 2011 حتى يزدردها! لأن أصحاب العقول المتحررة من عبادة الراتب لا يمكن لهم إلا أن يصبوا لعنات الغضب على كل من يرونه يخلي الشوارع لقوات الاحتلال حتى تنجز مهماتها بكل سلاسة وسرعة، بينما تجده منتشراً ومستنفراً ومتأهباً للمواجهة لقمع بني جلدته ولإجهاض أي تحرك ميداني حتى لو كان موجهاً للاحتلال!
ولو كانت أجهزة فتح تعتقل الناس لتؤمن لهم الحماية لما أقسم أحد مسؤوليها الأمنيين بأنه يفضل أن يلبس تنورة نساء وينزل بها على الشارع على أن يفرج عن المعتقلين، وبأنه سيختار تصفيتهم جميعاً على أن (تعلّم) حماس عليه!
لقد وصلت فتح حداً من الخيبة والإفلاس أحسب أنها لم يسبق أن وصلته، وهي إن لم تعتبر من الحدث الأخير فسيتعين عليها أن تواجه المزيد من الفضائح المماثلة، وقد يأتي يوم تعجز فيه عن حمل أي من مناصريها على تصديق افتراءاتها وتبريرات تواطئها! وهي تخطئ إن ظنت أن الحادث الأخير سيحمل ذوي المعتقلين لديها وحركة حماس على الكف عن المطالبة بالإفراج عنهم، ففي كل الأحوال الاعتقال بحد ذاته جريمة كبيرة، وإن كان مصير المعتقلين لدى فتح الاعتقال لدى الاحتلال بعد تحررهم فما من شك بأنهم جميعا يفضلون مواجهة اعتقال واحد لدى عدوهم، ومعاناة واحدة وليست مزدوجة.
إن خطوة الإضراب عن الطعام للمجاهدين الستة كانت مطلوبة وضرورية، وهي قد تكللت بالظفر وبكسر شوكة الجلاد رغم نهايتها المأساوية المتوقعة، وهذا الإنجاز الذي صنعته معاناة ثلة من خيرة رجال فلسطين يحتاج إلى صون ومراكمة، وإلى خروج من قمقم الخوف من سطوة القمع والإرهاب، ولتكن صفحة العزة المشرقة التي خطّها المجاهدون الستة وذووهم باكورة عهد الثورة على الظلم وأول خطوة نحو الهدف الكبير المتمثل بإغلاق ملف الاعتقال السياسي وإجهاض مشروع التنسيق الأمني إلى الأبد.
__________________________________
الشمسُ يكتبها الذين تمزقت أجسادهم عبر الزنازِن
أدمنوا الإيمان في زمن التكسّب
كابدوا حتى الشهادة
أوغَلوا في الجرح حتى الاخضرار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق