حلفاء امريكا يستعدون للرحيل
عبد الباري عطوان
2011-01-26
من المؤكد ان اكثر دولتين تراقبان الاوضاع في الشرق الاوسط بهلع شديد هما الولايات المتحدة واسرائيل،
فنيران الاحتجاجات بدأت تلتهم اطراف ثوب دول محور الاعتدال،
الواحدة تلو الاخرى،
بصورة تهدد انظمة الحكم الدكتاتورية المعروفة بالدوران في فلك السياسة الخارجية الامريكية،
والالتزام المطلق بانجاح جميع مشاريع هيمنتها في المنطقة.
ثلاث دول تقف على اعتاب عملية تغيير جذرية يمكن ان تطيح بأنظمة كانت تمثل احد ابرز عناوين الاستقرار في المنطقة،
هي مصر واليمن ولبنان،
وكل واحدة منها تشكل اهمية خاصة،
بل حاجة استراتيجية مهمة بالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية.
فمصر تشكل بوليصة التأمين الاساسية فيما يتعلق بتوفير الامن والاستمرارية لاسرائيل وقيادة مشاريع التطبيع العربية معها،
ومحاربة كل انواع التطرف السياسي والاسلامي المناهض لوجودها.
واليمن يعتبر حجر الزاوية في الحرب الامريكية ضد تنظيم 'القاعدة' وابعاده عن منابع النفط واحتياطاته،
اما لبنان فيعتبر رأس الحربة المتقدم لمحور الممانعة،
والطموح الجيوسياسي والعسكري الايراني في المنطقة.
واللافت ان هذا المثلث 'الامريكي الهوى' يشهد حاليا مظاهرات احتجاج صاخبة تطالب بالتغيير،
واطاحة الانظمة الحاكمة،
بالطريقة نفسها التي اطاح بها الشعب التونسي نظاما دكتاتوريا بوليسيا،
اعتقد الكثيرون في الغرب خاصة انه راسخ الجذور،
ومن الصعب،
ان لم يكن من المستحيل اقتلاعه من خلال ثورة شعبية.
الولايات المتحدة قائدة العالم الغربي الحر تجد نفسها حاليا في موقف حرج للغاية، وبات ما تبقى من مصداقية ادعاءاتها حول مساندة الديمقراطية والحريات على المحك. وبات عليها ان تختار بين الاستمرار في مساندة انظمة اعتقدت انها عماد الاستقرار، او تبني او عدم ممانعة ثورات شعبية تريد التغيير وانهاء عهود الفساد والقمع وتكميم الافواه، والتغول في انتهاك حقوق الانسان.
تظل مصر هي حجر الزاوية بالنسبة الى السياسة الامريكية في المنطقة،
وانهيار النظام يعني انهيار هذه السياسة التي استمرت طوال الثلاثين عاما الماضية وفق مخططات البيت الابيض.
فالتغيير في مصر سيؤدي الى تغيير وجه المنطقة،
وعودة واشنطن الى المربع الاول من جديد،
اي ما قبل انحراف الرئيس الراحل انور السادات عن سياسات سلفه جمال عبد الناصر،
ونقل البندقية من الكتف الروسي الى نظيره الامريكي،
وتبني السلام مع اسرائيل كخيار استراتيجي.
ردود الفعل الامريكية والاوروبية تجاه ما يجري في مصر على وجه الخصوص تتسم بالارتباك وعدم الوضوح،
لان اصحاب القرار فوجئوا بالانتفاضات الشعبية ووتيرتها المتسارعة،
فالمتحدث باسم البيت الابيض قال ان مصر حليف مهم بالنسبة الى بلاده،
في سياق رده على سؤال عما اذا كانت حكومته ما زالت تؤيد نظام الرئيس مبارك،
بينما اكتفى الاوروبيون بمسك العصا من الوسط،
اي التأييد الخجول لمطالب المحتجين بالديمقراطية وحقوق الانسان واطلاق الحريات،
والمطالبة في الوقت نفسه بالهدوء وضبط النفس.
فالغرب لا يريد خسارة الحكام الجدد في حال نجاحهم في الوصول الى قصور الرئاسة،
او التخلي بشكل كامل عن القدامى في الوقت نفسه،
وهي معادلة انتهازية قد تعطي نتائج عكسية تماما.
' ' '
النظام 'الامريكي' في لبنان سقط بتكليف السيد نجيب ميقاتي مرشح المعارضة بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة،
وفقد 'ليبراليته' عندما اطلق انصاره في الشوارع لارتكاب احداث عنف واغلاق الطرقات وحرق العجلات،
احتجاجا على هذا التكليف وانتصارا لرئيس الوزراء السابق سعد الحريري.
اعمال العنف هذه قوبلت بالصمت في واشنطن واوروبا وعواصم وإعلام دول محور الاعتدال العربي،
او ما تبقى منها، ولو كان انصار المعارضة هم الذين نزلوا الى الشوارع لقامت القيامة ولم تقعد.
النظام المصري يترنح ويتشبث بأسباب البقاء بأظافره وأسنانه،
معتمدا على ما يقرب من مليون رجل أمن اشرف على تسمينهم طوال السنوات الماضية من اجل هذه اللحظة الحاسمة،
ولكن عجلة التغيير عندما تبدأ في الدوران من الصعب ايقافها،
والمسألة مسألة وقت.
فرأس هذا النظام مريض ومتقدم في السن،
وبطانته موغلة في الفساد ونهب المال العام،
والغالبية الساحقة من شعبه تحت خط الفقر (اقل من دولارين في اليوم).
استخدام النظام ورقة الاخوان المسلمين لاستجداء تعاطف الغرب من خلال اثارة مخاوفه فقدت مفعولها،
كما ان اللجوء الى كبح الحريات،
ومنع وسائل الاتصال الحديثة مثل 'التويتر' وحجب بعض المواقع ثبت عدم جدواها،
فقد جربها النظام التونسي في محاولة يائسة لانقاذ نفسه ومنع الثورة ولكن سياسات الحجب هذه اعطت نتائج عكسية وزادت الاوضاع تدهوراً.
الشعب المصري صبور،
ومتسامح جداً،
ولكنه شعب يتمتع بدرجة كبيرة من الكرامة وعزة النفس،
واذا انتهكت كرامته فان الثورة الجامحة هي الرد الفوري مثلما هو حادث حاليا.
المفاجأة ليست ان يثور الشعب المصري،
وينزل الى الشوارع في مظاهرات غضب،
وانما في كونه تأخر عن ذلك طوال هذه السنوات في مواجهة نظام أذل بلاده،
وحولها الى دولة متسولة فاقدة الدور والتأثير،
وناطور لحماية الامن الاسرائيلي،
ووكيلٍ لسلام مغشوش بل ومهين في المنطقة.
القبضة الحديدية لم تمنع نظام الرئيس التونسي من السقوط،
والنفاق الاعلامي لم يهدئ من روع الثائرين،
والاعتراف بفساد البطانة وممارستها كل انواع التضليل والخداع لم يقنع الشعب التونسي بصدق نوايا رئيسه.
الاوضاع في تونس افضل كثيرا من نظيرتها في مصر،
معدلات البطالة اقل من النصف والدخل السنوي للمواطن التونسي يصل الى ثلاثة آلاف دولار،
وهو افضل من معدل دخل المواطن الليبي الذي تعوم بلاده على بحيرة نفطية،
الاختلاف الوحيد هو في اعطاء النظام المصري مساحة للتنفيس الاعلامي،
نعترف بانها نجحت في تأجيل الانفجار بضعة اعوام فقط،
وهو ما لم يفعله النظام التونسي،
وهذا من حسن حظ شعبه،
ومن اسباب تعجيل ثورته.
الانتفاضة المصرية قد تهدأ قليلاً،
او تستمر في الاشتعال والتمدد في مختلف انحاء البلاد،
وهذا التكهن هو الاكثر ترجيـــحاً،
ولكن الامر المؤكــــد ان العد التـــنازلي لسقــــوط النظام قد بدأ،
والجدل سيتركز حول مدى تسارع وتيرته،
والمدة التي سيستغرقها.
عبد الباري عطوان
2011-01-26
من المؤكد ان اكثر دولتين تراقبان الاوضاع في الشرق الاوسط بهلع شديد هما الولايات المتحدة واسرائيل،
فنيران الاحتجاجات بدأت تلتهم اطراف ثوب دول محور الاعتدال،
الواحدة تلو الاخرى،
بصورة تهدد انظمة الحكم الدكتاتورية المعروفة بالدوران في فلك السياسة الخارجية الامريكية،
والالتزام المطلق بانجاح جميع مشاريع هيمنتها في المنطقة.
ثلاث دول تقف على اعتاب عملية تغيير جذرية يمكن ان تطيح بأنظمة كانت تمثل احد ابرز عناوين الاستقرار في المنطقة،
هي مصر واليمن ولبنان،
وكل واحدة منها تشكل اهمية خاصة،
بل حاجة استراتيجية مهمة بالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية.
فمصر تشكل بوليصة التأمين الاساسية فيما يتعلق بتوفير الامن والاستمرارية لاسرائيل وقيادة مشاريع التطبيع العربية معها،
ومحاربة كل انواع التطرف السياسي والاسلامي المناهض لوجودها.
واليمن يعتبر حجر الزاوية في الحرب الامريكية ضد تنظيم 'القاعدة' وابعاده عن منابع النفط واحتياطاته،
اما لبنان فيعتبر رأس الحربة المتقدم لمحور الممانعة،
والطموح الجيوسياسي والعسكري الايراني في المنطقة.
واللافت ان هذا المثلث 'الامريكي الهوى' يشهد حاليا مظاهرات احتجاج صاخبة تطالب بالتغيير،
واطاحة الانظمة الحاكمة،
بالطريقة نفسها التي اطاح بها الشعب التونسي نظاما دكتاتوريا بوليسيا،
اعتقد الكثيرون في الغرب خاصة انه راسخ الجذور،
ومن الصعب،
ان لم يكن من المستحيل اقتلاعه من خلال ثورة شعبية.
الولايات المتحدة قائدة العالم الغربي الحر تجد نفسها حاليا في موقف حرج للغاية، وبات ما تبقى من مصداقية ادعاءاتها حول مساندة الديمقراطية والحريات على المحك. وبات عليها ان تختار بين الاستمرار في مساندة انظمة اعتقدت انها عماد الاستقرار، او تبني او عدم ممانعة ثورات شعبية تريد التغيير وانهاء عهود الفساد والقمع وتكميم الافواه، والتغول في انتهاك حقوق الانسان.
تظل مصر هي حجر الزاوية بالنسبة الى السياسة الامريكية في المنطقة،
وانهيار النظام يعني انهيار هذه السياسة التي استمرت طوال الثلاثين عاما الماضية وفق مخططات البيت الابيض.
فالتغيير في مصر سيؤدي الى تغيير وجه المنطقة،
وعودة واشنطن الى المربع الاول من جديد،
اي ما قبل انحراف الرئيس الراحل انور السادات عن سياسات سلفه جمال عبد الناصر،
ونقل البندقية من الكتف الروسي الى نظيره الامريكي،
وتبني السلام مع اسرائيل كخيار استراتيجي.
ردود الفعل الامريكية والاوروبية تجاه ما يجري في مصر على وجه الخصوص تتسم بالارتباك وعدم الوضوح،
لان اصحاب القرار فوجئوا بالانتفاضات الشعبية ووتيرتها المتسارعة،
فالمتحدث باسم البيت الابيض قال ان مصر حليف مهم بالنسبة الى بلاده،
في سياق رده على سؤال عما اذا كانت حكومته ما زالت تؤيد نظام الرئيس مبارك،
بينما اكتفى الاوروبيون بمسك العصا من الوسط،
اي التأييد الخجول لمطالب المحتجين بالديمقراطية وحقوق الانسان واطلاق الحريات،
والمطالبة في الوقت نفسه بالهدوء وضبط النفس.
فالغرب لا يريد خسارة الحكام الجدد في حال نجاحهم في الوصول الى قصور الرئاسة،
او التخلي بشكل كامل عن القدامى في الوقت نفسه،
وهي معادلة انتهازية قد تعطي نتائج عكسية تماما.
' ' '
النظام 'الامريكي' في لبنان سقط بتكليف السيد نجيب ميقاتي مرشح المعارضة بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة،
وفقد 'ليبراليته' عندما اطلق انصاره في الشوارع لارتكاب احداث عنف واغلاق الطرقات وحرق العجلات،
احتجاجا على هذا التكليف وانتصارا لرئيس الوزراء السابق سعد الحريري.
اعمال العنف هذه قوبلت بالصمت في واشنطن واوروبا وعواصم وإعلام دول محور الاعتدال العربي،
او ما تبقى منها، ولو كان انصار المعارضة هم الذين نزلوا الى الشوارع لقامت القيامة ولم تقعد.
النظام المصري يترنح ويتشبث بأسباب البقاء بأظافره وأسنانه،
معتمدا على ما يقرب من مليون رجل أمن اشرف على تسمينهم طوال السنوات الماضية من اجل هذه اللحظة الحاسمة،
ولكن عجلة التغيير عندما تبدأ في الدوران من الصعب ايقافها،
والمسألة مسألة وقت.
فرأس هذا النظام مريض ومتقدم في السن،
وبطانته موغلة في الفساد ونهب المال العام،
والغالبية الساحقة من شعبه تحت خط الفقر (اقل من دولارين في اليوم).
استخدام النظام ورقة الاخوان المسلمين لاستجداء تعاطف الغرب من خلال اثارة مخاوفه فقدت مفعولها،
كما ان اللجوء الى كبح الحريات،
ومنع وسائل الاتصال الحديثة مثل 'التويتر' وحجب بعض المواقع ثبت عدم جدواها،
فقد جربها النظام التونسي في محاولة يائسة لانقاذ نفسه ومنع الثورة ولكن سياسات الحجب هذه اعطت نتائج عكسية وزادت الاوضاع تدهوراً.
الشعب المصري صبور،
ومتسامح جداً،
ولكنه شعب يتمتع بدرجة كبيرة من الكرامة وعزة النفس،
واذا انتهكت كرامته فان الثورة الجامحة هي الرد الفوري مثلما هو حادث حاليا.
المفاجأة ليست ان يثور الشعب المصري،
وينزل الى الشوارع في مظاهرات غضب،
وانما في كونه تأخر عن ذلك طوال هذه السنوات في مواجهة نظام أذل بلاده،
وحولها الى دولة متسولة فاقدة الدور والتأثير،
وناطور لحماية الامن الاسرائيلي،
ووكيلٍ لسلام مغشوش بل ومهين في المنطقة.
القبضة الحديدية لم تمنع نظام الرئيس التونسي من السقوط،
والنفاق الاعلامي لم يهدئ من روع الثائرين،
والاعتراف بفساد البطانة وممارستها كل انواع التضليل والخداع لم يقنع الشعب التونسي بصدق نوايا رئيسه.
الاوضاع في تونس افضل كثيرا من نظيرتها في مصر،
معدلات البطالة اقل من النصف والدخل السنوي للمواطن التونسي يصل الى ثلاثة آلاف دولار،
وهو افضل من معدل دخل المواطن الليبي الذي تعوم بلاده على بحيرة نفطية،
الاختلاف الوحيد هو في اعطاء النظام المصري مساحة للتنفيس الاعلامي،
نعترف بانها نجحت في تأجيل الانفجار بضعة اعوام فقط،
وهو ما لم يفعله النظام التونسي،
وهذا من حسن حظ شعبه،
ومن اسباب تعجيل ثورته.
الانتفاضة المصرية قد تهدأ قليلاً،
او تستمر في الاشتعال والتمدد في مختلف انحاء البلاد،
وهذا التكهن هو الاكثر ترجيـــحاً،
ولكن الامر المؤكــــد ان العد التـــنازلي لسقــــوط النظام قد بدأ،
والجدل سيتركز حول مدى تسارع وتيرته،
والمدة التي سيستغرقها.
هل المشكلة فينا ام في ( زعمائنا ) !!؟؟
ردحذف--------------------------------------------------------------------------------
الشـهيدة
حار فكري :
كنت أتسائل في زمن ليس بالبعيد عن زماننا الحاضر و اقول : لماذا لا نسمع عن احد من قادة الجيش او الضباط في الدولة العربية الفلانية قد اتخذ قرارا فرديا و قام بتمرد من نوع معين بصبغة اسلامية ضد القائد الظالم الفاجر ؟
فأرد على نفسي قائلة :
هناك ظروف خاصة و امور اهم و لكن الخير موجود و هناك في الجيوش العربية من ينتمي لدينه بحق و صدق لكن الاوان لا زال مبكر ... لاي تحرك .
ثم يدور في خاطري سؤال آخر :
لماذا لا يعتبر الناس في الدول العربية و الاسلامية الشهداء منهم الذين يسقطون على ايدي الظلام من الحكام شهداء مثلهم مثل باقي الشهداء في غزة و في غيرها هم ضريبة للتخلص من الظالمين ؟؟
فأرد على نفسي قائلة :
و لماذا لا نحافظ على كوادرنا و ابنائنا و ثرواتنا الانسانية و نبقيها على خير و صون و نستفيد منها و نبني عليها بدل ان نتركها تواجه الطلام لنترك الظلام الى وقتهم ... فسيأتي ذاك الوقت ...
الان :
هل بحق نحن في الوقت المناسب لثورات ضد الظلام ام ما زلنا في طور الاعداد و التنظيم ؟
هل الضعف و الخنوع هو في انفسنا لاننا لا زلنا نتعذر و نصمت ؟؟ أم اننا قد بذلنا الطاقة و استفرغنا الوسع و بذلنا ما يمكن و هنا انا اتحدث عن الشعب و لا اقصد الحكام و الزعماء الضالين