بقلم: أ. معتصم أحمد دلول
قد يشك أحداً بأن هذه الوثائق غير صحيحة؛ لأن المعلومات التي وردت فيها ليست بالغريبة أبداً والدليل على ذلك هو شيئين، أما الأول فإن معظم المعلومات التي وردت فيها ليست غريبة أبداً و ليست جديدة، والشيء الآخر هو أن الدكتور صائب عريقات وهو كبير المفاوضين قال مراراً بأنها ليست سرية وأنه أخرج من جيبه حافظة معلومات إلكترونية خلال برنامج "بلا حدود للجزيرة" مع مقدمه أحمد منصور وقال له أنه مستعد بأن يعطيه تلك الذاكرة لينسخ منها النسخة الأصلية والنصوص الدقيقة والصحيحة لتلك الوثائق.
إذاً، فما هي قيمة هذه الوثائق التي ضجت بها المنطقة، بل العالم بأسره؟ الجواب هو أن هذه الوثائق فقط أكدت المعلومات المعروفة لدى الجهات الفلسطينية التي تحافظ على ثوابتها والجهات المهتمة بالقضية الفلسطينية مجرياتها، والقضية الرئيسية في ذلك هي أن تلك الأطراف عندما كانت تتحدث عن مهازل المفاوضات والتنسيق الأمني والتآمر بين هذه الفئة وبين الاحتلال عدو القضية الفلسطينية، كانت هذه الفئة تتهم تلك الأطراف بالكذب والخيانة ومحاولة تأجيج وتأليب الشعب عليها والعمل على تعميق الانقسام الفلسطيني الفلسطيني والمتاجرة بالقضية وإلى غير ذلك من هذه الاتهامات.
واليوم بعدما ظهرت هذه الوثائق وبدا التخبط في طريقة التعامل معها من قِبَل المتهمين والواضح من خلال إطلاق التصريحات المتناقضة للرد عليها وهم تارة يكذبونها وتارة يصدقونها وتارة يقولون بأنها غير سرية وتارة بأنهم سيحاكمون من سربها وفي النهاية يريدون أن يحاكموا الجزيرة نفسها، يبحثون عن ملجأ يلجأون إليه ليعينهم على الخروج من هذه الأزمة التي أحرقتهم سياسياً ويكون هذا الملجأ آمناً.
وبعد البحث ودراسة جميع الخيارات، فإنهم وجدوا المكان الآمن والحضن الدافئ لهم وهم يثقون أنه لن يخيبهم؛ لأنهم جربوه منذ زمن واطمأنوا إليه وإلى الوفاء الذي يجدونه فيه.. إلتجأوا إلى الاحتلال لعلهم يجدون ضالتهم وهم متأكدون أنهم لن يجدوا ضالتهم إلا عنده.
للأسف، هذه المجموعة تعيش في أوهام التفاوض (التآمر) منذ العام 1972م والذي بدأ هذه الطريق أبو عمار وأبو جهاد وأبو مازن وحتى يومنا هذا ولم يحققوا شيئاً سوى التراجع عن الحقوق والتنازل عن الثوابت والمحافظة على أمن المحتل على حساب من بقي صامداً من أبناء الشعب الفلسطيني على ترابه، وفي المقابل هم يقولون يوماً بعد يوم أنهم أحرزوا التقدم واقتربوا من النهاية وهم قريباً سوف يحصدون نتيجة ما زرعوا ويقطفوا الثمرة وهي الدولة المستقلة والعاصمة المقدسة والعودة الكريمة للاجئين والسيادة على الأرض والمعابر والحدود.
هؤلاء لم يعتبروا من خيانة شركائهم لهم وذلك في كل موقف تقريباً عندما يقولون بأنهم حققوا إنجاز كذا فإن شركاؤهم يخرجوا في الإعلام وينفوا ويقولون العكس.
وبعد الحرب على غزة عندما زادوا عن حدهم في شجب المجازر والجرائم الصهيونية قالها شركاؤهم صراحةً أنهم هم الذين طلبوا منهم القيام بالحرب، بل وزاد أشكنازي كما أوردت صحيفة معاريف الإسرائيلية في عددها الصادر في 12 مايو 2010م عندما قال بأن عناصر فلسطينية رفيعة المستوى ضغطت على الكيان الصهيوني بشكلٍ كبيرٍ لإسقاط حُكم "حماس" في قطاع غزة، وأوضح اشكنازي أن مشاركة السلطة كانت أمنية بالدرجة الأولى، ثم محاربة ميدانية مشتركة بالدرجة الثانية خلال الحرب، مؤكدًا على أن الجيش والسلطة عملا جنبًا إلى جنب ضد فصائل المقاومة بغزة خلال تلك الحرب.
نعم، محمود عباس يتصل بشمعون بيريز ليعزيه في زوجته ويستغل الفرصة بأن يطلب منه أن يقف معه يداً بيد مقابل هذه المحاولات التي تهدف إلى قتل عملية السلام قائلاً له:" علينا أن نقف كالجدار الحصين مقابل هذه المحاولات... نحن وأنتم معا لن نسمح بقتل مسيرة السلام".
هو يقول هذا على الرغم من أنه وفريقه يتهمون الجزيرة وأطراف فلسطينية بالعمالة والتساوق مع مخططات الاحتلال للنيل من رموز الشعب الفلسطيني، وبصراحة، لا أدري يستغبي من في مثل هذا الموقف؟! يطلب من الاحتلال الوقوف بجانبه ضد عملاء الاحتلال! هل هذا تناقض أم يعني هناك صورة بيانية في الحديث وفي المواقف يخفيها عباس عن العامة أو ماذا؟؟؟.
يطلب عباس من المواطنين في الضفة الغربية للخروج بمسيرات مؤيدة له ولجماعته وتقول الأبواق الإعلامية بأن جموع الشعب تخرج عفوياً وتبايع الرئيس أبي مازن وزمرته. وهنا بصراحة أيضاً، لا أدري يستغبي من في مثل هذا العمل؟! نسي أنه يعيش في عصر الانفتاح الإعلامي وأن الطفل الصغير بإمكانه إلتقاط الصور وكتابة التعليقات ونشرها للعالم بأسره من خلال شاشته الصغيرة في بيته أو حتى وهو في الشارع يبث مباشرة من خلال جواله أو أي وسيلة بسيطة أخرى.
أدعو هؤلاء بصراحة إلى التفكير جيداً فيما يقومون به من مواقف مخزية وتعاون مع الاحتلال ومغادرة المسرح السياسي وتقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني وللشعوب الإسلامية لأن أرض فلسطيني تخص جميع المسلمين ليس فقط الفلسطينيين، وكفى عيشاً في الخيالات والأوهام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق