الأربعاء، 9 فبراير 2011

متى ينتهي الرمل من القِمْع العلوي؟


متى ينتهي الرمل من القِمْع العلوي؟
بقلم : عاهد ناصرالدين

     ان الأحداث الأخيرة في تونس ومصر والمطالبة بتغيير الأنظمة تبين أن القمع العلوي من الرمل آخذ بالنقصان وهذا يعني أنه سينتهي في يوم من الأيام وأن وحدة من الزمن ستنقضي ؛ ذلك أن أمريكا تترنح للانهيار،والنظام الرأسمالي يتهاوى؛ وأن المرشح الوحيد لقيادة العالم هو الإسلام،وأن الأمة الإسلامية مؤهلة لقيادة البشرية ،وستصعد إلى القمة .

ولقد أعد الغرب الخطط الإستراتيجية التي تبدو فيها الحرب واضحة سافرة ونصبت فيها العداء للإسلام والمسلمين، وهي خطط يبدو عليها الإصرار على منع عودة الإسلام إلى الحكم، وهي عودة يرى الغرب أنها تسير بخطى متسارعة ،وقد ظهرت منهم تصريحات تعبر عن قلقهم الكبير من عودة الخلافة فقد صرح بوش في 6/10/2005م مشيراً إلى وجود استراتيجية لدى "ناشطين إسلاميين آخرين تهدف إلى إنهاء النفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، واستغلال الفراغ الناجم عن خروج أميركا للسيطرة على دولة تكون قاعدة انطلاق لهم". وأضاف أنه "عند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين، ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة، وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا" وأضاف أنه "مع وجود قوة سياسية واقتصادية وعسكرية أكبر سيتمكنون من تطوير أسلحة دمار شامل للقضاء على إسرائيل".

إن الغرب ترتعد فرائصه من عودة الإسلام ،ويدرك قدرة الأمة الإسلامية على قيادة البشرية لامتلاكها العقيدة الإسلامية وارتباطها بخالقها ؛ ففي مقال نشرته صحيفة (ذا بوليتان) يوم الجمعة 15-5-2009 حذرا لكاتب الأمريكي يهرب دنينبيرج مما سماه بك"الغزو الإسلامي" لأوروبا قائلا "إن هدف المسلمين حاليا ربما يقتصر على النيل من إسرائيل، ولكن هدفهم الأساسي يتمثل في السيطرة على أوروبا" وأضاف أنه إذا كانت أوروبا في الظاهر تعتبر "قارة غربية مسيحية" إلا أنها قريبا ستكون خاضعة للسيطرة الإسلامية، معتبرا أن "انهيار أوروبا المسيحية يمضي بخطى متصارعة" وأن انحسار الثقافة الأوروبية يعود إلى "تراجع الإيمان بالقيم الغربية، في الوقت الذي يستميت فيه آخرون (في إشارة إلى المسلمين) في سبيل إعلاء قيمهم وثقافتهم" وحذر دنينبيرج من أن " الهيمنة الإسلامية سوف تغزو الولايات المتحدة بعد أوروبا باعتبارها الهدف النهائي للمسلمين ".وهذا ما أكدته مقررات مؤتمر عقد مؤخرا في الغرب حضره مفكروا الغرب وسياسيوه الذين باتوا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى أن الإسلام قادم, لذلك أعلنوا في مؤتمرهم متسائلين: إن الإسلام قادم إلى الغرب فماذا نحن فاعلون ؟!أما بات بوكانان وهو جمهوري أمريكي محافظ فيقول "الحقيقة هي أن ثبات الإسلام وقدرة الاحتمال لديه شيء مبهر حقاً. فقد تمكن الإسلام من البقاء رغم قرنين من الهزائم والإذلال... لقد تحمل الإسلام أجيالا تعاقبت على الحكم, واقتبست النمط الغربي، برغم ذلك صمد الإسلام أمام الملوك والحكام التابعين للغرب، بل وتصدى الإسلام بسهولة للشيوعية ... وبرهن على قدرته على التحمل أكثر من الوطنيات التي سادت في العالم العربي. وما نراه الآن هو أن الإسلام يقاوم الولايات المتحدة آخر قوة عالمية كبرى... وطالما تمكنت فكرة الحكم الإسلامي من السيطرة على الشعوب الإسلامية، فلن يتسنى آنذاك لأضخم جيوش الأرض الحيلولة دون ذلك". وهذا يؤكد الحقيقة التي قالها الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون "نحن نؤخر خروج المارد الإسلامي من القمقم."

وأعلن وزير الداخلية الروسي رشيد نورعلييف أن" منظمة "حـزب التحـرير" تشكل خطراً كبيراً، ولديها الآن منافذ إلى الدول الأوروبية، وقال نورعلييف في ختام الاجتماع المشترك للمسئولين في وزارتي داخلية روسيا وطاجيكستان: «اليوم تشكل هذه المنظمة خطراً كبيراً، وقد نشرت أذرعها ليس في روسيا فحسب، بل وفي طاجيكستان وبلدان آسيا الوسطى الأخرى. وتوجد لديها الآن منافذ إلى الدول الأوروبية". وأضاف أن أعضاء هذه المنظمة يعملون على تجنيد الشباب في صفوفهم بنشاط. وأشار إلى أن المحكمة العليا في روسيا ومثيلتها في طاجيكستان اعتبرتا هذه المنظمة متطرفة. وأكد أنه لا يمكن مكافحة هذا الشر إلا بالجهود المشتركة".

لعل الأحداث الأخيرة تنبه الغافلين الساهين الذين يوهمون أنفسهم ويخادعون شعوبهم بأن هذه الشجرة قد قُضي عليها ولن تعود,وأنَّى لهم ؛ فمخططاتهم ومؤامراتهم ستذوب أمام الحدث الكبير ، أمام شموخ الشجرة التي ما زالت جذورها حية وتنمو أغصانها؛ فسيرتد كيدهم إلى نحورهم ومكرهم إلى صدورهم وتلهب ظهورهم نيران الحسرة وذل الهزيمة .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كنت في مكة اقرأ قول الله تعالى {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }القمر45، فأقول أي جمع هذا الذي سيهزم؟ حتى كانت غزوة بدر فرأيت المشركين يعطوننا أكتافهم للذبح، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم يتلو {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }.

إن مسألة عودة الخلافة هي مسألة وقت ، وقد آن آونها ، ولاحت تباشيرها في الأفق ، واقترب القمع العلوي من فراغ رمله ، وصعود الأمة الإسلامية نحو القمة بعون الله وتوفيقه.

إن العالم سيتفاجأ بإذن الله تعالى بقيام دولة الإسلام ، كما تفاجأ بالأحداث الأخيرة التي لم يحسب لها حسابا فقد كتب هانس يورغن ماوروس/اسكندر الديك "فاجأت الثورتان الشعبيتان في تونس ومصر الحكومات الغربية بشكل كامل، خاصة وأن أجهزة استخباراتها فشلت في توقع حصولهما. وتجري نقاشات حاليا حول أسباب الفشل، خاصة في الولايات المتحدة حيث انتقد الرئيس أوباما عجز استخباراته.

ظهر بوضوح مرة أخرى في مؤتمر الأمن في ميونيخ أن رؤساء الدول والحكومات الغربية، وكذا وزراء خارجية ودفاع تلك الدول، بالإضافة إلى مجموع خبراء الأمن المشاركين فيه، فوجئوا بأحداث تونس ومصر التي وقعت. ومن هنا بات من الصعوبة بمكان طرح تحليل لتلك الاضطرابات، وللنتائج الإستراتيجية التي ستترتّب على كامل المنطقة. ويطرح هذا الأمر سؤالا حول حجم الفشل الذي أصاب أجهزة الاستخبارات الغربية.

ويدور النقاش في الولايات المتحدة منذ فترة بعد أن وجه الرئيس باراك أوباما انتقادات إلى أجهزة استخباراته على تقديراتها الخاطئة للتطور الحاصل في البلدين، خصوصا عجزها عن تقدير وتيرة تطور الأمور. ويبدو أن هذه الأجهزة أظهرت عجزا كبيرا في عملها وفهمهما للأمور، بعد أن انطلقت وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إي" من أن الجيش التونسي سيدافع عن الرئيس بن علي، لكن الذي حصل أن لا الجيش ولا القوى الأمنية فعلا ذلك، ما نتج عنه فرار بن علي وعائلته إلى السعودية".

وما أشبه اليوم بالأمس؛ ففي إحدى الليالي رأي فرعون مناماً هاله وأقض مضجعه، فأحضر الكهنة والمفسرين من أرباب دولته، وقص عليهم رؤياه فحذروه من مولود يولد يكون سبباً لخراب ملكه؛ فأمر بقتل كل غلام يولد في هذا العام من بني إسرائيل.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }القصص7، وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية":
أن الجواري التقطنه من البحر في تابوت مغلق عليه فلم يتجاسرن على فتحه حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون آسية، فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب رأت وجهه يتلألأ بالأنوار النبوية فلما رأته ووقع نظرها عليه أحبته حباً شديداً.
{وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }القصص9 .
حاول فرعون قتل موسى عليه السلام ، ولكن تربى في بيته ،{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ }القصص8.
وقريش قارعت الدعوة الإسلامية ،وخشيت من الكيان الجديد قبل قيامه ولم تنجح .

إنه النصر والتمكين والاستخلاف في الأرض بعد الاضطهاد والملاحقة ؛فقد تمت بيعة العقبة الثانية رغم محاولة قريش منعها، ثم أمر الرسول- صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة ،وعلمت قريش بأمر البيعة والهجرة وحاولت منع المسلمين منها ولم تفلح .
ورأت قريش هجرة الصحابة وأيقنت أن النبي – صلى الله عليه وسلم- أجمع على حربهم ، واجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيما يصنعون ،فأجمعوا على قتل الرسول – صلى الله عليه وسلم- .
ثم أتى جبريلُ عليه السلام النبي– صلى الله عليه وسلم- فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه ،وأخبره بمكر القوم ،فلم يبت في بيته تلك الليلة وأذن الله – عز وجل- عند ذلك له بالخروج .
ودول الكفر الآن لا تقارع دولة, ولم تقف أمامها جيوش, ولم تغلق دونها الحدود؛ فأحفاد المتآمرين هم الحكام الذين ينفذون سياسات الكفار وينفذون المخططات ويسهلون لهم مهمتهم في الحيلولة دون رجوع الدولة الإسلامية إلى الوجود، ويحاربون المسلمين.
إن كيد الكفار ومكرهم سيرتد إليهم ،وإن ضعُفت الأمة الإسلامية في وقت من الأوقات ، وضاعت دولتها ؛ فإن الأمة لا زالت حية ولم تمت ،فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, رجال يعملون لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة ،رجال يثبتون أمام الشدائد , يشرون الحياة الدنيا بالآخرة, تذلل لهم مغاليق الأرض, وتفتح لهم أبواب السماء, صعوداً إلى الجنان.
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }فاطر10

=======================
إنَّ الأفكارفي أية أمة من الأمم
هي أعظم ثروة تنالها الأمة في حياتها
إن كانت ناشئة
وأعظم هبة يتسلمها الجيل من سلفه إذا كانت الأمة عريقة في الفكر المستنير
http://abuhatem1962.maktoobblog.com/

هناك تعليقان (2):

  1. المنتدى : المحور السياسي
    عواقب مواجهة رغبة الشعوب بالتغيير!
    ___________________________________________

    توقيع : كمال جابر


    ما من شك أن التفاعلات الإجتماعية والفكرية والسياسية هي التي تحدد ملامح ومواصفات المسار السياسي المرغوب على الأرض ، وبما يعكس حالة التفاعل واتجاهاته وما إذا كان تفاعلا إيجيابا أم سلبيا ، وفقا لمحددات وقواعد يتقرر على ضوئها ما هو إيجابي وما هو سلبي ، فالمسار السياسي الرسمي لأمة مهزومة منكوبة ، سيكون سلبيا لأنه يعبر عن الهزيمة ويعكس نكباتها ، لكنه لن يكون قدر الامة الأوحد وإن وُجد له وكلاء متخصصون لإبقائه حالة سرمدية.

    ذلك لأن التفاعلات بتنوعاتها لا تعرف الثبات أو التوقف بل هي دائبة ومستمرة لا تنقطع ، هذه الديمومة هي التي تمنح الفرصة للضعيف كي يتجاوز عوامل ضعفه والمعزول كي يحرر نفسه من أصفاده الذاتية والمصطنعة ، وهذا ما يؤسس لإنضاج حالة تنشد التغيير وتسعى له ، حتى إذا ما تشكلت إرادة شعبية استجمعت امرها عليه فلن يكون بمقدور أية قوة أن تقف في وجهها أو تحبط مساعيها ، لأن القانون الذي أوصل توجها سياسيا بعينه لسيادة المشهد ، هو ذاته الذي يمنح خلافه من القوى والتوجهات الفرصة للوصول ، فالقانون هو القانون يسري على الجميع والأيام دول ، طالما أن الأمة حية لا تموت.

    إن السعي لإحداث التغيير السياسي في العالم العربي ينبيء بطريقة غير مباشرة عن وجود قضية ، تتحرك من حولها المساعي ، وتتركز من اجلها الجهود ، فالمطالب بالتغيير التي لا تستند لقضية ما تحركها وتدفع بها ستكون عبثية وبلا معنى ، ولذلك فإن قضية العالم العربي والإسلامي بمجملها هي واحدة لا تتجزأ وفقا لخطوط التجزيء السياسي ولا تنفصل وفقا لحدود الفصل التي رسمها المستعمر ، وإن تنوعت تفاصيلها الإجتماعية والإقتصادية في هذا البلد او ذاك ، إلا أنها في المحصلة تبقى قضية تتصل برد الإعتبار للأمة ومكانتها وكرامتها المهدورة ، والإنتصار للذات المسحوقة فردية كانت أم جماعية.

    ولذلك فإن أي حراك شعبي نحو التغيير هنا او هناك سيصب في المحصلة في مصلحة الامة بوصفها وحدة واحدة ، همها واحد ومصلحتها مشتركة ، وإذا كانت مظلمة الشعوب واحدة ، فإن شدة وضوح هذه المظالم تتفاوت ، فمن مظلمة شديدة الوضوح في فلسطين لا تتطلب جهدا للوقوف على أبعادها، إلى مظالم بقية الشعوب التي تحتاج لفترة كي تتضح معالمها للعامة ، لذلك فقد كان الشعب الفلسطيني هو المبادر بتعليق الجرس الذي آذن لقطار التغيير بالإنطلاق ، فقد كان سباقا للفعل والحراك في الميدان باتجاه التغيير لا لتميزه ذاتيا عن غيره من شعوب المنطقة وإنما لتميز (قضيته) موضوعيا ، كما كانت قضيته من جهة وفعله في الميدان من جهة اخرى ملهمة للآخرين كي يتقدموا .

    ردحذف
  2. ففلسطين يحكمها الصهاينة المحتلون وغالب الأقطار يحكمها من يزكيهم او ينسبهم محتلو فلسطين وداعميهم ، ما يجعل من خطوط الدفاع الأولى عن أمن الكيان الصهيوني تمتد مئات وآلاف الكيلومترات ما خلف حدود فلسطين ، ولذلك فإن القلق الذي بات واضحا لدى قادة الكيان من التطورات المتسارعة في الساحتين التونسية والمصرية يؤكد بأن قضية هذه الشعوب وثورتها تتصل بفلسطين بطريقة أو بأخرى ، لأن الأنظمة المستهدفة فيها تمثل مصلحة بالغة للإحتلال تتعلق بأمنه وديمومة بقائه ، وإن تساقط هذه الأنظمة ومثيلاتها يعني تهاوي الأذرع الخلفية للكيان الصهيوني التي ما برحت تمارس سياسة داخلية وخارجية عنوانها السلامة لإسرائيل والبقاء لكيانها المجرم ، كما يعني تساقط هذه الانظمة إنكشاف الكيان أمام التهديد الذي يواجهه وجوديا لأول مرة منذ إقامته ، وهذا هو سر الخوف والقلق الذي عبر عنه قادة الكيان بوضوح تجاه ما يجري في المنطقة .

    لقد سبق وأشرت إلى أن من يمكرون لمصالح هذه الامة ودورها المفترض ، يدفعون في كثير من الأحيان ثمن إساءة تقديرهم للموقف الصحيح تجاه قضايا ومسائل معينة أضعافا مضاعفة ، كما أنهم لا يتعلمون الدروس من أخطائهم السابقة ، ففي فلسطين تم التنكب لنتائج الإنتخابات التشريعية المنصرمة في مواجهة واضحة لإرادة الشعب الفلسطيني ، فكانت النتيجة أسوأ في حق من تنكب لها وأبلغ دلالة ، فيما لو اعترفوا بها وسايروها وتحايلوا عليها ، وذات الأمر يتكرر فيما يتعلق بالمشهد المصري تحديدا ، لكن هذه المرة تمت مواجهة الإرادة الشعبية بشكل مسبق عن طريق التزوير الواضح والمفضوع لهذه الإرادة في انتخابات مجلس الشعب المنصرمة كذلك، فيما ينم عن مفاصلة إقصائية ورغبة جارفة بإلغاء الآخر ونفيه وتهميشه ، في إشارة للتأكيد على حجم الكابوس الذي تسببت لهم به غزة ، لكن ماذا كان يضير النظام البائد بإذن الله ، لو أنه سمح بفوز بضع عشرات من مرشحي الإخوان المسلمين ومثلهم من بقية الأحزاب مع احتفاظه بالأغلبية المريحة كما كان عليه الحال في المجلس السابق ؟ لا شيء في واقع الحال ، ولكنه الكبر والتجبر والتفرعن الذي لا يترك من فرصة أمام المستهدف سوى قبول منطق المفاصلة والإقدام على خوض غمار التحدي ، وهذا هو الذي يجري في مصر حاليا ، فهل يعتبر الطغاة ويتعظ المتجبرون ؟
    توقيع : كمال جابر

    ردحذف