الثلاثاء، 8 فبراير 2011

نصائح إلى الثورة المصرية من وحي الانتفاضة الفلسطينية


بقلم: ياسين عز الدينتدخل الثورة مرحلة حساسة للغاية ستحدد مستقبل الشعب المصري، إما باتجاه الحرية والتعددية الحقيقية وإما الاكتفاء باستبدال الوجوه والإبقاء على نفس النظام السابق، وبما أن النظام المصري هو وثيق الصلة بالعدو الصهيوني سواء من حيث التبعية السياسية أو حتى من حيث تشابه أسلوب التعامل والعقلية السائدة.

لذا سنحاول استعراض تجربة الشعب الفلسطيني في مقاومة ظلم المحتل الصهيوني، وتجربة الانتفاضة الفلسطينية (سواء كانت الانتفاضة الأولى أو انتفاضة الأقصى)، وكيف من الممكن الاستفادة منها في الثورة المصرية.

لا تخشوا الكلام عن تذمر وملل وتعب الشعب: كان الاحتلال الصهيوني يضيق الخناق على الشعب الفلسطيني كلما حصل تصعيد في المقاومة الفلسطينية وكلما حصلت عملية للمقاومة، وذلك حتى يوصل الناس إلى قناعة بأن مقاومته تجلب لهم ضيق العيش وتتسبب بالتدهور الاقتصادي.

وفي الانتفاضة الأولى كان هنالك أناس يحتجون ويعترضون على المظاهرات والاضرابات ويقولون نريد أن نعيش، ونريد أن نذهب للعمل وطلب الرزق، فهذه النماذج موجودة في كل المجتمعات، وهي لم تكن يوماً عائقاً أمام المقاومة الفلسطينية لا في الانتفاضة الأولى ولا انتفاضة الأقصى، المقاومة مستمرة وأصحاب النظرات القاصرة والحسابات الشخصية الضيقة ينتقدون ويتذمرون.

ما دام هنالك شباب بمئات الآلاف مستعد للذهاب إلى المظاهرات والمشاركة بها، فالأمور بخير ويمكن للثورة المصرية الاستمرار على هذه الوتيرة القوية لثلاثة أشهر على الأقل، لا يهمكم الحملات الإعلامية الحكومية بأن الناس تتذمر وبأن الناس تمل وتريد العمل وتريد رزقها.

في الانتفاضة الأولى كان طلاب المدارس وبشكل تلقائي يجمعون أنفسهم ويخرجون بشكل منتظم لمواجهة جنود الاحتلال، لم يكونوا ينتظروا أحد ليطلب منهم ذلك، تصبح هذه الأمور بمثابة الهواية اليومية لهم، وفي مصر الأمر كذلك ما دام يوجد شباب مستعد ومتحفز للعمل دون انتظار أوامر من أحزاب وتنظيمات، فلن يستطيع أحد إيقاف هذه الماكنة الشبابية لا من خلال القمع ولا من خلال بث الملل واليأس بين الناس.

لا تبالوا بنبرة الاستعلاء والتهديدات: عمر سليمان يتكلم بنبرة عالية ويهدد من لا يأتي للحوار وأنه فرص قد لا تتكرر، ويجزم هو وغيره من أركان النظام أن مبارك لن يذهب قبل أن يتم مدته، لا تخافوا من هذه التهديدات فهي لا تعبر بالضرورة عن قناعات أو حقائق، بل هي حرب نفسية تهدف إلى احباطكم.

الصهاينة طالما استخدموا مثل هذه اللهجة، ولطالما قالوا لن نخضع للإرهاب (يقصدون المقاومة)، لكنهم خضعوا وانسحبوا من جنوب لبنان تحت نيران المقاومة، وشارون قال عام 2004م أنه لن ينسحب من مستوطنات غزة وقال أن مستوطنة نتساريم مثلها مثل تل أبيب (لن يتخلى عنها)، وبعد عام انسحب من مستوطنات غزة وأولها مستوطنة نتساريم.

أتذكرون عندما هددكم أركان النظام بأنهم لن يستجيبوا لمطالبكم ولن يدرسوها حتى توقفوا التظاهر وحتى تخرجوا من ميدان التحرير؟ هل نفذوا تحذيرهم أم خضعوا للأمر الواقع وأصبحوا هم من يستجدوكم اليوم لتتحاوروا معهم؟ كلها حرب نفسية لا تبالوا بها، ما دمتم أصحاب قوة وإرادة فسيتراجعوا عن كل تهديداتهم وسيتراجعوا عن كل "ثوابتهم"، وعلى رأسها مبارك وطلب تنحيه.

لا تتخلوا عن أسباب قوتكم: سلاحكم الوحيد هو المظاهرات والاعتصامات، في اللحظة التي تعودون فيها إلى منازلكم فستفقدون السلاح الذي تستخدموه للضغط على النظام، وعندها يشعر النظام بأن الخطر قد زال، سيتنكر لكل ما وعد به بل سينتقم من كل من شارك بالثورة شر انتقام.

هذه معركة لا حلول وسط فيها إما أن تنتصر الثورة وتزيل النظام، وإما ينتصر النظام ويسحق الشعب ويسحق الثورة، المعركة لا تحتمل حسن النوايا أو إلقاء السلاح (وسلاحكم هو المظاهرات والاعتصامات السلمية). لا مجال لحسن النوايا ولا معنى للاتفاقيات المكتوبة ما لم تكن لها قوة تحرسها وتجبر الأخر على الالتزام بها.

لا تخطئوا خطأ حركة فتح التي قبلت شرط الاحتلال بالتخلي عن السلاح وعن المقاومة المسلحة عندما بدأت التفاوض في أوسلو وأعلنت "نبذها للإرهاب"، لقد تخلت فتح عن سلاحها ونقطة قوتها الأساسية، عندها استفرد الصهاينة بفتح والسلطة وياسر عرفات، فلا استطاعوا العودة لحمل السلاح ولا حصلوا شيء من خلال المفاوضات. فتح قبلت بشرط الصهاينة وأنهت الانتفاضة الأولى مقابل وعود بدولة فلسطينية، الصهاينة أخذوا ما لهم وتنكروا لوعودهم.

احذروا من المفاوضات على الطريقة الصهيونية: انظروا ماذا يفعل الصهاينة قاموا في البداية بالاستيلاء على 78% من فلسطين عام 1948م، وبعدها احتلوا باقي فلسطين عام 1967م، وعندما ذهبوا للتفاوض قبل المفاوض الفلسطيني بالاكتفاء بالأراضي المحتلة عام 1967م، بعدها بدأ الصهاينة بالمراوغة والمماطلة، وكل مرة يحاوروهم على جزئيات هنا وهناك، ومرة يقولوا للسلطة أوقفوا الانتفاضة وسنوقف الاستيطان ومرة يقولوا أنسوا الاستيطان ولنتكلم عن الحل النهائي، وعندما قامت السلطة بمحاربة المقاومة بدأ الصهاينة بالتهرب وأصبحوا يتكلمون عن تخفيف لوتيرة الاستيطان، وكلما فتحوا موضوعاً دخلوا في تفاصيل لكي يهربوا من الالتزام.

إذا كان النظام المصري صادقاً في الاستجابة لطلبات الثورة فيجب أن يقبل بها فوراً بدون كلمة "ولكن"، ولا يجب أن يلهينا بتفاصيل صغيرة، ولا يقبل أن يقطر الحقوق والانجازات بالقطارة، انظروا تونس كيف تطورت بها الأمور بسرعة رهيبة وخلال أيام فتح المجال وسائل الإعلام بدون استثناءات، وطرد وزراء الحزب الحاكم من الوزارة، وأفرج عن المعتقلين السياسيين، لم يتكلم أحد عن التفاصيل، لأن النظام التونسي كان يريد إنهاء الأمور وتجنيب البلاد الدمار.

إذا كان عمر سليمان والحكومة المصرية صادقين فالقرار بيدهم، ويستطيعون عمل الكثير وخلال أيام، وعندما يبدأوا بالتفاوض على أمور شكلية وعلى تفاصيل صغيرة، فتأكدوا أنهم يستخدمون الأسلوب الصهيوني في المفاوضات، وهو الطريق المضمون لتضييع منجزات الثورة والدخول في مفاوضات أبدية لا نهاية ولا نتيجة لها.

ولا تستغربوا إن كان عمر سليمان يتعمد رفض تنحي مبارك حتى ينهك الشعب المصري، بحيث لو تنحى مبارك كانت الثورة منهكة ومتعبة وغير قادرة على رفض أي شكل استبدادي جديد يأتي بعد مبارك، وهو نفس أسلوب الصهاينة: إرهاق للشعب الفلسطيني والتشدد في المواقف حتى إذا جاء حدث جديد نسي الناس مطالبهم القديمة وبدأوا بالمطالب الجديدة.

في الختام: العدو الصهيوني لا يقدم أي تنازل ولا يحترم أي التزام إلا ما دامت المقاومة تلاحقه وما دام الشعب الفلسطيني يلاحقه ويطارده خطوة بخطوة، وأنتم لن تنتزعوا أي من حقوقكم من حليف الصهاينة الوثيق إلا ما دمتم تلاحقونه وتطاردوه خطوة بخطوة وكلمة بكلمة.

صحيح يوجد اختلافات كثيرة بين ثورة الشعب المصري وانتفاضة الشعب الفلسطيني، لكن تأكدوا من شيء واحد حقوقكم تنتزع انتزاعاً وبالقوة ولا تستجدى ولا توهب، وكل ما تحقق من انجازات في مصر حتى اليوم هو بفضل المظاهرات والمسيرات وإذا أردتم المزيد فهي طريقكم الوحيد
.

هناك تعليق واحد:

  1. حفظَ اللهُ مِصرَ وشعبَ مِصر ..فنحن مِنكم وأنتم مِنا
    علي

    حفظَ اللهُ مِصرَ وشعبَ مِصر ..فنحن مِنكم وأنتم مِنا

    ما تمر به مصر الكنانة هو أمر يقلقنا كما يهمنا جميعا .. فهو يؤلمنا في حالة الفوضى العارمة والتخبط السياسي جراء سوء قيادته وانتشار جماعات مخربة تهدف إلى تشويه هذه الثورة العظيمة ، ولكن وفي نفس الوقت يفرحنا أن الصوت المصري الحر لم يمت ولم يقتله الجوع أو الخوف والاستبداد، وأنه قادر على أن يعود من تحت الرماد ليتكلم ويصرخ بأعلى صوته ..
    لا للظلم .. لا للطغاة ... لا للفساد ...

    لقد عاصر الشعب الفلسطيني ثورات مصر الأولى كما عاصر الشعب المصري ثورات فلسطين وساندها ووقف معها في حروب سطرها التاريخ ولا زالت دماء الشهداء المصريين وشهداء أهل فلسطين مختلطة في أرض الإسراء وأرض الكنانة تروي تربة خصبة ليخرجوا منها رجالا مؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

    من يعتقد أن مصير الشعب المصري منفصلٌ عن غيره فهو واهم... فهم منا ونحن منهم...قوتنا بقوتهم وضعفهم يهزنا ويكسرنا إلى شقين وثلاثة وأكثر.

    ولذلك نسجل هنا موقفنا مع الشعب المصري الحر ونسانده في استعادة كرامته وحريته ونذكره أننا نراقب عبورهم الحديث إلى مصر الحرية وننتظر نصرهم العظيم في أن تكون الكلمة الأولى والأخيرة للشعب المصري فقط وليس لدول غربية واستعمارية عبر أدوات فردية لعبت بقرار ومصير مصر سنوات عديدة أثرت عليهم وعلينا ، وأن أهلكم في فلسطين وبالأخص في غزة المحاصرة ينتظرون نصركم ومؤازرتكم لهم ..
    فقد طال الحصار عليهم ومُنعوا من زيارة أهلهم وجيرانهم وجرعوا مرارة الذل والجوع حتى بات أكلهم يلتقطونه من تحت الأنفاق..أي ذل وهوان بعد ذلك.

    لقد عاش أهل غزة سنوات عديدة يتحملون الظلم والطغيان والجبروت من أقرب الناس إليهم ومن جيرانهم مدركين أن الشعب المصري بريء من كل هذا وأنهم هم يتجرعون من نفس كأس الطغيان،

    في قلوبهم كان دوما يحيا اليقين وأن الله سيبزغ فجرا جديدا فيه تنتفض الكلمة الحرة إيمانا بقول الله تعالى :

    (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّا وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) (البقرة 214)


    فلكم منا ألف ألف تحية يا شعب مصر.....فنحن مِنكم وأنتم مِنا

    ردحذف