الثلاثاء، 8 فبراير 2011

انهم يخطفون ثورة الشرفاء عبد الباري عطوان

حسين الطبراني

2011-02-06


نعترف بأننا نشعر بالقلق والخوف على الثورة التي فجرها الشباب المصري للاطاحة بنظام ديكتاتوري بوليسي متعجرف،
واعادة مصر الى دورها الريادي في المنطقة والعالم بأسره.
مبعث هذا القلق نابع من تعاظم محاولات داخلية وخارجية،
لوأد هذه الثورة،
وتفريغها من محتواها،
وتجييرها لحسابات قوى كان دورها ثانويا،
او محدودا فيها.
نظام الرئيس مبارك استطاع ان يحقق في اليومين الماضيين عدة انجازات ادت الى التقاط انفاسه،
وكسب بعض الوقت لتثبيت بعض اركانه وامتصاص جانب لا بأس به من الاحتقان الشعبي الرافض لوجوده،
رغم ان هذا النظام لم يقدم اي اعتذار للشعب،
واعترافاته بالاخطاء جاءت سطحية،
ونجح في استعادة الامساك ببعض مفاصل الحكم كان قد خسرها امام زخم الاحتجاجات.
انجازات النظام يمكن اختصارها بمجموعة من النقاط الرئيسية:
الاولى: تخلي الاخوان المسلمين عن شروطهم السابقة بعدم الحوار مع النظام الا بعد رحيل الرئيس حسني مبارك،
وجلوسهم الى طاولة المفاوضات،
الى جانب آخرين،
مع اللواء عمر سليمان وقبولهم،
مع بعض التحفظات ببيان ختامي للاجتماع يتبنى كل ما ورد في الخطاب الاخير للرئيس مبارك حول التعديلات الدستورية،
ولا يتضمن اي ذكر لرحيله.
الثانية: إحداث شرخ يتسع يوما بعد يوم
، بين جبهة المعارضة وقــــيادة الشـــباب المتظاهر انفسهم،
فقد لوحظ ان مجموعة ادعت تمثيل هؤلاء شاركت في الحوار مع نائب الرئيس.
الثالثة: طرح الثورة العفوية الشبابية على مسرح التحكيم،
وافساح المجال لـ'الوسطاء'،
فقد شاهدنا تكرار مقولة 'الحكماء' وتعدد لجانهم،
وانضمام او تسمية شخصيات في عضويتها،
لم يكن لهم اي تاريخ وطني،
بل ان بعضهم خدم جميع العصور،
وتقلب في مناصب حكومية ابتداء من عهد الرئيس جمال عبد الناصر،
ومرورا بعهد محمد انور السادات،
وانتهاء بعهد الرئيس حسني مبارك،
ويسنون اسنانهم لتبوؤ مناصب قيادية في العهد الجديد.
القول بان هناك لجانا للحكماء يوحي بان مفجري هذه الثورة هم من 'المجانين' او 'القصّر' ويحتاجون الى من يعقّلهم او يتفاوض باسمهم.
الشباب المصري لم يفجر ثورته،
ويخرج بالملايين الى شوارع القاهرة والاسكندرية والسويس وباقي المدن المصرية من اجل تعديلات دستورية،
او تنصيب اللواء عمر سليمان رئيسا،
وانما من اجل اطاحة نظام واسقاط عهد فاسد قمعي،
وازالته من جذوره،
وتقديم كل الفاسدين والبلطجية فيه الى العدالة.
نظام حكم الرئيس مبارك انتهك حقوق الانسان،
ومارس التعذيب،
وصادر الحريات،
ونهب ثروات البلاد،
وجوّع اكثر من اربعين مليون مصري،
واهان كرامة اربعين مليونا آخرين،
والتفاوض معه هو اعتراف باستمرار شرعيته،
وتضحية بدماء الشهداء.
' ' '
من الواضح ان التصريحات التي ادلى بها فرانك وايزنر المبعوث الامريكي الى مصر التي قال فيها ان الرئيس مبارك يجب ان يستمر في الحكم حتى اجراء التعديلات الدستورية المطلوبة قد احدثت انقلابا في الموازين السياسية،
ورجحت كفة النظام،
واثبتت عمليا ان مطالبة الرئيس الامريكي باراك اوباما بالتغيير الفوري كانت مجرد 'مسرحية' مكشوفة،
هدفها تحسين وجه امريكا،
والادعاء بان البيت الابيض لا يساند الدكتاتور.
الجيش المصري مارس دورا مخادعا ايضا عندما ادعى حيادا لم يثبت عمليا على الارض،
ولم يقم بواجبه في الاستجابة لمطالب الشعب في خلع الدكتاتور،
اسوة بزملائه في تونس،
وهناك مؤشرات انه بدأ ينقلب على الثورة تحت مسمى حفظ النظام والاستقرار،
فمنعه للمتظاهرين من الوصول الى ميدان التحرير تحت ذريعة تسهيل حركة السير يصب في هذه النتيجة،
والايحاء بان الحياة بدأت تعود الى مجراها الطبيعي في البلاد.
الثورة الشبابية لم تعكر صفو الحياة الطبيعية في مصر،
بل كانت ثورة منضبطة من اجل استقرار حقيقي ودائم في البلاد،
من اسس للفوضى وتعطيل سبل الحياة هو النظام الذي رفض الرحيل استجابة لرغبات الشعب،
ولو كان الرئيس مبارك فعل ما فعله الرئيس زين العابدين بن علي رحمة بمصر،
وحرصاً على أمنها واستقرارها،
لهدأت هذه الثورة وعادت الحياة الى طبيعتها قبل اسبوع على الاقل.
نستغرب التراجع المفاجئ لحركة الاخوان المسلمين عن شروطها المحقة والشرعية،
في ضرورة سقوط النظام،
مثلما نشعر بالحزن لجلوسها مع اخطر شخص في هذا النظام والتفاوض معه لاطالة عمر نظامه تحت ذرائع لم تكن مطلقاً على رأس مطالب الثوار،
وهي اجراء تعديلات دستورية في ظل استمرار الرئيس في موقعه حتى نهاية مدة رئاسته.
الاسلاميون اشترطوا التفاوض مع الجيش وقيادته فقط،
ليس من اجل تطبيق الاصلاحات او التعديلات الدستورية،
وانما تأمين خروج النظام وجميع اركانه،
فكيف وقعوا في مصيدته،
اي النظام واسقطوا مطالبهم جميعاً،
قبل اسقاط الرئيس وحكمه.
هل هي البراغماتية السياسية في الوقت الخطأ،
ام انها محاولة لانتزاع شرعية من نظام فاقد الشرعية..
ام هي خطوة للحصول على اعتراف امريكي..
ام انها محاكاة لنموذج حزب 'العدالة والتنمية' في تركيا بقيادة رجب طيب اردوغان؟
' ' '
لا بد ان هناك اتصالات في الكواليس لا نعرفها،
والا ما معنى مسارعة السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية للترحيب بمشاركة الاخوان المسلمين في الحوار مع اللواء سليمان..
وهل يعقل ان الولايات المتحدة ستؤيد حكماً اسلامياً في مصر يلغي معاهدة كامب ديفيد ويؤيد المقاومة ضد اسرائيل؟
النظام المصري الذي يملك ثلاثين عاماً من الرصيد القمعي،
وكيفية التلاعب بأوراق المعارضة،
وتقسيم صفوفها،
اعد 'مصيدة' خطيرة للثورة،
ويبدو ان بعض فصائل المعارضة قد ابتلع الطعم وسهل للنظام مهمته في هذا الاطار.
نحن لسنا مع تجويع الشعب المصري،
بل نحن ضد الذين جوعوا هذا الشعب،
وجعلوا نصفه يعيش على اقل من دولارين في اليوم،
وندرك جيداً حجم معاناة هذا الشعب في ظل تعطل الحياة العامة في البلاد،
ولكن علينا ان نتذكر ان من سحب الشرطة،
وفتح البلاد على مصراعيها امام اللصوص الرسميين الذين تخفوا بملابس مدنية هو النظام الذي يتفاوض معه ما يسمى بفصائل المعارضة المصرية.
لا يحتاج الاخوان المسلمون الى الذهاب الى طاولة الحوار مع اللواء سليمان حتى يتعرفوا على نوايا النظام مثلما قال احد المتحدثين باسمهم،
فنوايا النظام واضحة للعيان،
وهي كسر هذه الثورة،
وتشتيت فعالياتها،
وتمزيق اوصالها،
وتثبيت النظام حتى يعاود الانقضاض على المتظاهرين والانتقام منهم.
ما زلنا نثق بشباب مصر وقدرتهم على التغيير،
واطاحة نظام الطاغية وفي اسرع وقت ممكن،
وما نتمناه عليهم ان ينفضوا ايديهم من كل 'الحكماء' و'الانتهازيين'،
ورجال كل العصور،
والمتطلعين لسرقة انجازهم العظيم وما اكثر هؤلاء

هناك تعليقان (2):

  1. حوار الإخوان مع بقايا النظام ..... إلى أين؟!
    حوار الإخوان مع بقايا النظام ..... إلى أين؟!
    بين التحفظ والتخوف والرفض ، استقبل المصريون حوار الإخوان مع النائب عمر سليمان لاعتبارات وحيثيات عدة يأتي في مقدمتها انهيار الثقة في النظام الذي سقط بالفعل وبقاياه التي تحاول إعادة تدوير المشهد ولو بشكل مختلف، ومنها أزمة الثقة التي تجتاح المشهد المصري العام بين كل مكوناته كرصيد لعقود الاستبداد والفساد والقمع التي ظلت تحكم بنمط "فرق تسد" ومنها أن الجماعة كانت وما زالت تمثل احد أطواق النجاة "كجزء من الحركة الوطنية المصرية " للخروج من النفق المظلم الذي أدخلنا فيه نظام مبارك وبعمد خلال 30 عاماً ، من هنا كانت المواقف.
    قواعد ومنطلقات
    ** قبلت الجماعة الدعوة للحوار كوسيلة لتوصيل مطالب الشعب كل الشعب ، وفي مقدمتها حتمية تنحي مبارك عن الرئاسة
    ** أعلنت الجماعة وبوضوح أنها ليست مفوضة من أحد لا أشخاص ولا هيئات ولا تمثل إلا نفسها
    ** دخلت الجماعة الحوار وفي وعيها التاريخ والرصيد الأسود للنظام وبقاياه
    ** جلست الجماعة للحوار وفي عقلها وقلبها الآني سيناريوهات بقايا النظام للتعاطي مع الثورة المباركة ، من الرهان على المماطلة أملاً في ملل المتظاهرين وبث الفرقة بين عموم المصريين ، ودغدغة مشاعر البسطاء الطيبين فضلاً عن الترويع الأمني والمعيشي للفقراء المحتاجين "غالبية الشعب"
    ** أصرت الجماعة على الحوار العام والمعلن مع بقايا التيارات المصرية وبعض الشبابية لتفويت الفرصة على بقايا النظام وفرق المولاة التابعة من التأويلات والتشوهات والتخوينات
    ** تحملت الجماعة واجباتها الشرعية ومسئولياتها الوطنية حين بعدت عن الشخصنة والمصلحية ورفعت المطالب المصرية فوق كل اعتبار
    مخاطر ومتطلبات
    ** مخافة الوقوع في فخ الحوار والتفاوض وتكرار نمط السلطة مع الكيان الصهيوني "عمر سليمان يملك رصيداً ضخماً في هذا اللون"
    ** الحذر من لغة التبرير ما قد يفهم منها "على سبيل الخطأ" أنها تعطي شرعية جديدة لنظام منهار بالفعل
    ** ضرورة تحديد جدول زمني لتنفيذ بعض الإجراءات العملية الفورية منها "إلغاء قانون الطوارئ ، الإفراج عن المعتقلين على خلفيات 25 يناير ، فتح تحقيق فوري وإحالة المتسببين في العنف ضد المتظاهرين للمحاكمة الفورية ، محاكمة رموز الفساد المالي والإداري والسياسي والقمع .... الانهيار الأمني "
    ** التنفيذ الفوري للأحكام الخاصة بالحد الأدنى للأجور
    ** مراعاة المناخ والمزاج المصري العام من فقدان الثقة والتربص بين كافة مكونات المشهد بمن فيهم الإخوان
    ** مراعاة عدم صدقية بقايا النظام "عمر سليمان رجل المخابرات" وان الحوار فخ متكرر بهدف الالتفاف والهروب والمماطلة
    ** ضرورة تقدير الموقف وبسرعة وإعلانه على الرأي العام "الوقت حرج وشائك"وبذلك يكون الحوار متفقاً مع المطالب المعلنة والمزاج المصري العام
    خلاصة المسألة ..... المطالب واضحة وإن أصاب النظام وبقاياه العمى ، والحوار مشروع ومحفوف بالمخاطر ، ووجود الجماعة في الميدان وبقوة تبقى الورقة الرابحة والضاغطة ، بمعنى أن تكون الحوارات والتظاهرات وجهي العملة لجماعة بحجم وثقل الإخوان ..... حفظك الله يا مصر الثورة ......
    محمد السروجي
    كاتب مصري

    ردحذف
  2. حذار يا مصر ..... حتى لا تسرق ثورة الشعب


    مصر تنتفض منذ قرابة 12 يوماً ، خرج مئات الآلاف وربما الملايين إلى الشارع وقد أصروا ألا يعودوا إلا بمطالبهم العادلة والمشروعة بداية بتنحية الرئيس مبارك مروراً بحزمة الإصلاحات المعلنة من حل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية المزورة وإلغاء قانون الطوارئ وإطلاق صراح المعتقلين السياسيين ورد الاعتبار إليهم وتعويضهم وتعديل الدستور المصري لتوفير مناخ ديمقراطي سليم يحقق أشواق المصريين في حياة حرة كريمة ،وغيرها من المطالب الإنسانية المشروعة ، وعلى الطرف الآخر مازال مبارك يعاند بل نقل عنه انه يملك دكتوراه في العناد! مشهد تحققت فيه بعض المكتسبات ، وتتصارع فيه جملة سيناريوهات وتواجه عدة تهديدات
    واقع المشهد
    أثمرت هذه التظاهرات والتضحيات بدم الشهداء والجرحى والمختطفين من المصريين والأجانب سواء بسواء "تعرض الإعلاميين الجانب للقتل والضرب والاعتقال" لواقع ميداني هو سقوط النظام المصري لم يتبقى منه سوى المؤسسة العسكرية وبعض الرموز الفكرية والسياسية والدستور المصري الذي يعاني العديد من الجروح والشروخ والعوار فضلاً عن لغة الخطاب المتخلفة التي لا تعرف إلا الإساءة والاتهام والتحريض والتخوين ، هذا الواقع الميداني ولم يبقى إلا بعض الإجراءات الإدارية والقانونية حتى ينهار النظام الحاكم تماماً
    سيناريوهات النظام وحلفائه
    عدة سيناريوهات رسمت لنظام يعاني كم هائل من الغباء وهولات الصدمة منها :
    ** التشبث بالسلطة حتى يمل المتظاهرين
    ** بث الفرقة والتشتت بين فئات الشعب ،
    ** استخدام القوة المفرطة"الجيش أو ذراع البلطجة التابع للنظام"
    ** الانسحاب المتدرج
    المخاطر والتهديدات
    ** الفوضى الأمنية المقصودة ، وهي الحلقة الثانية من مسلسل الفوضى ليكون بالمساس ببعض دور العبادة القبطية والإيهام بخطط خارجية لتدمير بعض المنشآت الحيوية وهو سيناريو معهود عن العقلية الحكومية المصرية
    ** تفتيت الرأي العام المصري بدغدغة مشاعر المصريين "تصريح مبارك أنا ولد هنا وسأموت هنا" فضلاً عن الترويع الأمني والمعيشي والتحريض الإعلامي
    ** محاولات شق الصف "استمرار الاستيعاب الحكومي للأحزاب وقد حدث بالفعل"
    ** الالتفاف حول الانتفاضة بإعادة تدوير بقايا بضاعة النظام القديمة والمعيبة لإيهام الجماهير بالتجاوب مع المطالب " تحديد إقامة بعض المسئولين وتجميد أموالهم واستقالة بعض قيادات الحزب الحاكم ..."
    ** الرهان على قصر النفس لدى الجماهير ، أملاً آلا تواصل وترفع الراية البيضاء رضاً واستسلاماً
    ** تخوف البعض من دور القوات المسلحة في دعم نظام مبارك "تخوف مشروع" وقتها تتحول الانتفاضة لأزمة تعصف بالجميع
    التعاطي الفاعل
    الهدف ... طول النفس والاستمرارية ووحدة الصف
    محاور التعاطي ...
    ** المحور الفكري .... بتوضيح الرؤى حول الشبهات والاتهامات على مستوى النخبة والجماهير ، ما يخص بالمخرج الدستوري ومقاومة أكاذيب الإعلام الحكومي الذي يروج أن البلاد ستجتاحها حالات الفوضى "نموذج العراق"
    ** المحور الشعبي .... استمرار اللجان الشعبية لتأمين الممتلكات وتنظيم المرور وحماية المؤسسات
    ** المحور الخدمي ..... هناك نموذج رائع في ميدان التحرير وأماكن الاحتجاج يمكن نقله وبسهولة داخل الأماكن السكنية لحين استقرار الأمور منها ، الخدمات الصحية الأهلية والخدمات البيئية والخدمات المعيشية "المصريون يملكون رصيداً كبيراً في هذا النوع من الخدمات بسبب تخلى الحكومة عن واجباتها ومسئولياتها"
    ** المحور الإعلامي ..... لتسويق المكتسبات والرد على الاتهامات ودعم الروح المعنوية وبث الأمل في نفوس الجماهير
    وأخيراً ..... المشوار طويل وصعب ، ومصر تستحق ركوب الصعب .... حفظك الله يا مصر ....
    محمد السروجي
    كاتب مصري

    ردحذف