اقتلوا أبا مازن
بقلم / حمزة إسماعيل أبو شنب
بعد إعلان الإدارة الأمريكية فشلها في إقناع الاحتلال بوقف البناء لمدة ثلاثة أشهر ، أصبح موقف رئيس منظمة التحرير محمود عباس (أبو مازن) محرجاً جداً ، أبو مازن كان يُعول كثيراً على موقف إدارة أوباما لتنفذ أفكاره و قناعته السياسية بأن السلام هو الخيار الوحيد والاستراتجي له مع الاحتلال ، بالرغم من حديثه حول الخيارات الخمسة ، وتارة ترتفع لسبعة ، وبالمناسبة فجميعها مضحكة بالنسبة لي لأنه تعتمد على موقف الإدارة الأمريكية .
الظرف الذي يعيشه أبومازن الآن مشابه تماماً لذلك الذي عاشه سلفه الراحل عرفات حين جاء الاستحقاق الفلسطيني بنقاش قضايا الحل الدائم ، ونجاحه في تنفيذ البنود الأمنية في الاتفاقيات المرحلية من ملاحقة حركة حماس وفصائل المقاومة ، والحفاظ على الهدوء ، ثم كان الرفض سيد الموقف من قبل الاحتلال والإدارة الأمريكية في عهد بل كلينتون وانتهت مفاوضات كامبد دافيد عام 2000 بالفشل .
حاول الراحل عرفات أن يحرك المياه الراكدة من أجل تشكيل ضغط على الاحتلال ، فاندلعت انتفاضة الأقصى في نهاية 2000 ، ولكن الأمور خرجت عن سيطرته ، وتم محاصرته في عام 2002 رغم محاولاته إعادة الأوضاع إلى ما قبل الانتفاضة ، لكن انتفاضة الشعب وصلابة المقاومة في وجه الاحتلال كانت أعقد من أن يسيطر عليه بقراره ، فوُضع تحت ضغط تعيين شخص قادر على تنفيذ الشق الأمني لخارطة الطريق ، فتم استحداث منصب رئيس الوزراء وعين أبو مازن ليقلص صلاحيات عرفات ، وبعد فشله قدم استقالته .
بعد فشل أبومازن قررت الإدارة الأمريكية والاحتلال التخلص من عرفات الذي أصبح عقبة في وجه جهودهم للسلام "الأمني" و، كان الحديث يدور عن شريكٍ أفضل هو أبو مازن ، فتواصلت الاتصالات معه بعد تركه منصب رئاسة الوزراء ، وهُمش عرفات بصورة كبيرة وصلت إلى حد مقاطعة الزعماء العرب ، فلم يتلق أي اتصال منهم باستثناء اتصال أمير قطر ، وحانت لحظة الصفر ورحل عرفات في نهاية 2004 ، وانتُخب أبومازن شريك السلام ، وكان المطلب المنكرر هو تطبيق البند الأول من خارطة الطريق ( إيقاف أعمال العنف وجمع السلاح وملاحقة المقاومة ) فاستصدم أبو مازن بحماس ، التي فازت بالانتخابات التشريعية 2006 وتولت رئاسة الوزراء ، ذلك المنصب الذي استُحدث في عهد عرفات لغرض ، لتحسن حماس صناعته .
انقلب عباس على الانتخابات التشريعية ، وعمل بنظرية صديقه الرئيس المصري مبارك الذي قال للأمريكيين " أتركوكم من الديمقراطية" ، وعين سلام فياض رئيس للوزراء بعد أحداث غزة 2007 ، ليتمكن من تنفيذ المطلب المتكرر ، ويحقق درجة لم يسبق لها مثيل على صعيد ملاحقة الإرهاب والعنف ( حماس وحركات المقاومة ) ، وبإشراف أمريكي على جميع هذه الأنشطة وفي ظل تهميش واضح لأبي مازن من خلال إعلان خطة قيام الدولة عام 2011 ، وكان حديث فياض عن الخطة يخلو دائماً من ذكر دور لأبي مازن ، وعندما جاء الاستحقاق الإسرائيلي لعملية السلام كانت النتائج كما ذكرنا في بداية المقال ، لتُأكد وبوضوح أن دوافع الأمريكيين والإسرائيليين نحو السلام هي دوافع أمنية بحتة ، والشريك هو الذي ينجح في تنفيذه .
يقول المثل العربي (من حفر حفرة لأخيه وقع فيها) .. وهذه المقولة تنطبق الآن على أبي مازن الذي حفر الحفرة لعرفات و اعتقد أنه هو رجل السلام ، ولكن فياض يحفر الحفرة له ، فماذا سيصنع أبومازن ؟ هل سينجو من السقوط ويرحل من منصبه قبل فوات الأوان تاركاً الكرسي للشريك الجديد في السلام ؟ ، أم سيقرر المواجهة ليقروا كما قرروا للراحل عرفات (الأمريكيون وحلفاؤهم العرب والأوربيون طبعاً ) بقرار مسبق من الاحتلال ، ليعلنوا وبصوت واحد (اقتلوا أبا مازن) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق