الجمعة، 10 ديسمبر 2010

الأقصى في خطر..فماذا نحن فاعلون؟




الأقصى في خطر..فماذا نحن فاعلون؟
أحمد أبورتيمة

"الأقصى في خطر"..لم يعد شعاراً خطابياً ولكنها حقيقة صارخة تقرع الآذان كل صباح ومساء..الاحتلال الصهيوني يعد العدة لتنفيذ الجريمة..ولم يتبق سوى التوقيت..هذا ليس تحليلاً سياسياً، ولكنه اعتراف صريح من قبل أحد قادة الأمن الداخلي الصهيوني المدعو حن ليفي..في ذات التصريح قال إنهم يعدون العدة لمواجهة حروب وكوارث..إن توقيت تنفيذ الجريمة يقترب..ولا غرابة في ذلك..فلا شيء يمنع الاحتلال من مسارعة الخطى نحو تحقيق حلم تاريخي على أنقاض تاريخنا ما دمنا في سبات غافلين..ما الذي سنفعله لمواجهة هذه الجريمة..هل نملك أوراق ضغط ندخرها لاستعمالها في الوقت المناسب..ما الذي سيعقب هدم المسجد الأقصى..مسيرات واحتجاجات ويوم غضب عالمي.ورسائل إدانة وشجب واستنكار..ربما تستمر موجة الغضب أسبوعاً أو أسبوعين فالحدث هائل..ثم ماذا يكون..أغلب الظن أن العاصفة ستهدأ ونعود إلى فرشنا ولهونا ولعبنا..ونخلي الساحة لأنظمة الفساد والاستبداد لتظل جاثمةً على قلوبنا..يا للعار..
أي فضيحة هذه التي يسجلها التاريخ علينا..كيف ستذكرنا الأجيال القادمة وقد هدم مسرى نبينا وفينا عين تطرف..حين يتساءل أبناؤنا ما الذي فعلناه..ماذا ستكون الإجابة..إننا لم نسكت..لقد تظاهرنا ونددنا وأحرقنا أعلام إسرائيل وأمريكا..
ما الذي أوصلنا إلى هذا الوادي السحيق من المذلة والهوان..أمن قلة نحن فلا نستطيع مواجهة كثرة الأعداء..إننا كثير فنحن خمس سكان العالم ولكننا غثاء كغثاء السيل..بماذا سنعتذر.. هل حكامنا هم الذين يمنعوننا..وهل تحتاج استعادة العزة والكرامة إلى استئذان من أحد..هل نخشى من سطوة هذه الأنظمة وإجرامها..ما الذي يجعل طاغية فرداً بحاشيته وجنوده أن يستعبد عشرات الملايين..هل نخشى من المواجهة حرصاً على حياة..فأي خير في حياة نموت فيها كل يوم ألف مرة..أليس الموت بعزة وشرف مرةً واحدةً هو خير من هذا الواقع المهين..ثم من قال إن التحرر من الوهن يقتضي أن يخسر الإنسان حياته بالضرورة..إن الإقبال على الموت يهب الإنسان الحياة..وإن أشد الأنظمة سطوةً لا تستطيع مواجهة شعب قرر أن يحيا بكرامة..إن التحرر من الظلم والاستبداد لا يتطلب أكثر من وقفة شجاعة لمرة واحدة..يكفي أن ينزل بضعة مئات من الألوف إلى الميدان الرئيسي في العاصمة في اعتصام سلمي مفتوح ويعلنوا بعزم وإصرار على قلب رجل واحد أنهم لن يتراجعوا إلا بإعلان نظام ديمقراطي دستوري يعيد السلطة المغتصبة للشعب ويتخذ قرارت شجاعة ترهب العدو وتدفعه للتفكير ألف مرة قبل أي خطوة يخطوها..
إن التحرر الداخلي هو مقدمة ضرورية لمواجهة مخططات الأعداء الماكرة..
لا أدري لماذا لا تقدم الشعوب العربية على خطوة كهذه..هل يخشون من جبروت النظام وقمعه لهم..إن هذه الأنظمة المغتصبة للسلطة لن تستطيع أن تواجه انتفاضة الشعوب.. ستلجأ الأنظمة إلى استعمال العنف في مواجهة الشعوب..لسنا مغفلين لنتوقع منهم غير ذلك.. ولكن إلى أي حد..هل سيقتلون مائة ألف مثلاً..سيطلقون النار ويوقعون الخسائر، ولكن ليس بهدف إفناء المتظاهرين فهذا ليس في استطاعتهم، ولكن بهدف تخويفهم وإرهابهم، فإن لم يتحقق هذا الهدف، وظل الشعب على إصراره ولم يتراجع أمام الإرهاب الحكومي فسترتبك حسابات النظام وسيتعمق مأزقه الأخلاقي وتزداد عزلته الشعبية والدولية ولن يجد بديلاً عن التسليم..إنها وصفة مضمونة الفاعلية للتغيير وقد جربتها الشعوب الحرة واستطاعت بها إسقاط الأنظمة..ونحن لسنا أقل من هذه الشعوب شأناً..الأمر لا يقتضي أكثر من استعداد للعطاء من أجل التحرر..لقد نام مئات الألوف في أوكرانيا في البرد القارص والثلوج تتساقط عليهم ولم يتراجعوا حتى أسقطوا الاستبداد، ومن قبلهم قتل آلاف المتظاهرين في الثورة الإيرانية ولم يتراجعوا ولم يتورطوا في إطلاق رصاصة واحدة..إن طريق العنف مسدود، والحكومات لن تستطيع أن تظل تمارسه إلى الأبد في مواجهة شعوب حرة متنبهة..أفلا نصنع مثل صنيعهم ونحن نؤمن بالله وبالجنة وبالشهادة..
إن هذه الأنظمة أوهن من بيت العنكبوت وسر قوتها هو في خوف الشعوب، فإذا سقط حاجز الخوف في قلوب الناس، سقطت الأنظمة دون عناء..إن الشعوب هي التي تمنحها أسباب البقاء بخوفها وسلبيتها وإحجامها..
أعلم أنني استطردت كثيراً في الحديث عن التغيير الداخلي رغم أن موضوعنا هو الأقصى..ولكن الحديث عن الأقصى وعن الواقع العربي الداخلي صنوان لا ينفصلان، فلن نحمي الأقصى ولن نستعيد حقوقنا دون أن نصلح جبهتنا الداخلية، وإن لم نفعل فستظل خطاباتنا ومهرجاناتنا وفعاليات نصرتنا للأقصى انفعاليةً وقتيةً، وهي أقرب إلى المظاهر الاحتفالية منها إلى الجهود المؤثرة.
لا توجد قضية في هذا الزمان نستطيع أن نحشد الأمة حولها ونستنهض عزائمها مثل قضية فلسطين والأقصى، والظروف ناضجة لكل دعاة الإصلاح لاستنفار العزائم، واستثارة طاقات الشعوب في جهد إصلاحي مؤثر، وإن أي تقاعس عن هذا الدور خيانة للأمانة التي استأمننا الله عليها، ولا خير في أقلام أو أفكار أو مواهب لا نسخرها لاستنهاض الأمة وتحريضها على التحرر من أغلال الظلم والاستعباد..
فيا أمتنا لكم الخيار..إما النفير والتحرر من الهوان، وإما التثاقل إلى الأرض واستمراء الذلة والصغار..
والله غالب على أمره ولو كره المجرمون..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق