السبت، 18 ديسمبر 2010

المخلص صبور ثابت


المخلص صبور ثابت
_______________

توقيع : صرخة قلم

إن المحن والشدائد لا تحمل الداعي المخلص لدعوته على أن يستسلم لأعداء الله بل عليه أن يستمسك بالعروة الوثقى، وان يتوكل على الله وحده، ولا يدع الشدائد تزحزحه عن إيمانه بالله وعن رسالة الحق التي يدعو إليها (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) فبصبرهم وإيمانهم، وثباتهم وإخلاصهم كانت العقبى لهم: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا، وانزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا، وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها، وكان الله على كل شيء قديرا)
كل ذلك بفضل صدقهم مع الله وصّم آذانهم عن صرخات بعض المنافقين الذين فقدوا الإخلاص لدينهم ورسالتهم في الوجود، وهم يصيحون بالتشكيك في وعد الله الذي وعد به عباده المخلصين، (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) فضلا عن الإعراض عن سماع البعض الآخر منهم الذين كانوا ينصحون المؤمنين بالتراجع والتخلي عن الطريق (وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا).

إن الإخلاص إذا شابته شائبة لا يتحقق به نصر ولا يتوحد به صف بل تكون الهزيمة محققة وانتصار الأعداء لا مفر منه لأنهم أكثر عدة وعتادا، ولا ينتصر الضعيف على القوي، ولا القليل على الكثير، ولا الأعزل على المسلح إلا بالإخلاص والأخذ بالأسباب (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) وكذلك واصلت الدعوة الإسلامية طريقها واصبح لها تاريخ، ولها امة لن تموت بفضل الله ثم بفضل رجالها المخلصين لمنهجهم، المخلصين لجماعتهم، المخلصين لقيادتهم، بعد أن حققوا عقد الإيمان بينهم وبين خالقهم وعقد الأخوة فيما بينهم بصبر لا ينفذ، وعزم لا يلين، وثبات لا يهتز، واصطبغوا بصبغة الله ومن أحسن من الله صبغة في كل صغير وكبير واستعلوا على شهواتهم ، ولم تستعبدهم لذاتهم ولم تستلذهم أهواؤهم. فإذا أعطوا أعطوا لله وإذا منعوا منعوا لله وإذا اخذوا اخذوا لله. وإذا تركوا تركوا لله، وإذا أحبوا فلله، وإذا ابغضوا فلله، يدورون مع فعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور، فإذا انعم عليهم شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا فهم (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق