الخميس، 16 ديسمبر 2010

أحمد أبورتيمة / توظيف الدين في السياسة


الاخ العزيز احمد
سلام الله عليكم....

استهلال التنظيمات والاحزاب بالاية الكريمة " يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم" يذكرنا بما تقوم به بعض المطاعم المشهورة حين تضع لافتة عند مدخلها مكتوب عليها " يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" وما ان تدخل المطعم تجد كل انواع المشروبات والماكولات بما فيها الخمور!

نعم ليس هنالك فصل بين الدين والسياسة. لكن كيف نضمن ان لا يتم توظيف الدين لاغراض السياسة واهوائها!. فاستخدام الدين في اغراض سياسية غير نبيلة مسالة قديمة ومزمنة ومستمرة ، قد تكون البداية منذ صفين حين التقى جيش معاوية مع جيش الامام علي وعندما اوشك النصر ان يتم لصالح جيش الامام علي لجأ  الامويون  حيلة " استغلال الدين" فرفعوا المصاحف فوق رؤوس الرماح. وهكذا باسم الدين وتحكيم الدين نجح الامويون في القضاء على النظام السياسي الاسلامي  القائم على المرجعية القرانية المتمثلة في الشورى والعدل وسيادة الامة ليحل الحكم الوراثي الملكي القائم على سيادة الفرد و الاستبداد السياسي ونهب ثروات الامة والعصبية الجاهلية.

لذلك  وبحكم الحالة المزرية التي وصلنا اليها قد يكون  من المهم ان يتم اعادة تعريف الدين من جديد.؟ و التفريق بين ما هو ديني وما هو بشري-سياسي-تاريخي.
ان عدم التفريق هو الذي جعل المجاهدين الافغان كل يقتل الاخر بعد ان نجحوا في هزيمة الكافر الروسي وكل يدعي ان عمله جهادا في سبيل الله!. الم يقتل الطالبانيون حليفهم المجاهد الكبير احمد شاه مسعود ؟. الم يقتل الخوارج الخليفة الراشد علي بن ابي طالب بدعوى اعلاء راية الحق؟!. ليس هناك ما هو اكثر خطورة على حياة البشر بل والدين نفسه من ان يختلط الدين بالايدلوجيا والقبيلة....


From: abu-rtema@hotmail.com
Subject: (توظيف الدين في السياسة) مقالة أرجو نشرها
Date: Wed, 15 Dec 2010 20:55:15 +0200


توظيف الدين في السياسة
أحمد أبورتيمة
abu-rtema@hotmail.com
وكأنه قد تحول إلى تقليد راسخ أن تستهل جماعات سياسية دعوة الناس إلى فعالياتها المختلفة بالآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم".. 
أغلب ظني أن من يستدل بهذه الآية فإنما يفعل ذلك بحسن نية، وهذا ما شجعني لأسدي واجب النصيحة لعل هذه الكلمات تلامس قلوباً حية، ولا خير في أقلام لا يسخرها أصحابها لتصحيح المفاهيم ونصح الأمة..
إن الله ورسوله لا يدعوان إلا إلى حق وخير، أما أنشطة الأحزاب فهي خليط من الحق والباطل والأهواء والتعصب ..ومن الخطورة الشديدة أن نقدم أنفسنا للناس وكأننا الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أو أن نجعل أنفسنا التطبيق النموذجي للإسلام، فهذا من الافتراء على الله "ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً"..
خطورة الخلط بين التعصب الحزبي، وبين الدين هو أن تصير نظرتنا إليهما واحدةً فتصير الوسيلة غايةً قائمةً لذاتها، ونضع المقدس والمدنس، أو الإلهي والبشري في سلة واحدة، ونجعل كل ما هو حزبي من الدين بالضرورة، وكل نشاط من أنشطة الجماعة لوناً من ألوان العبادة، وإذا صارت هذه هي نظرتنا فليس مستغرباً أن تتحول المساجد إلى منابر لشيطنة الخصوم وبث الأحقاد والتعصب والفرقة والسب والشتيمة، لأن الانتماء للحزب في نظرنا حينها هو عين الانتماء للدين، ومعاداته معاداة للدين، فتصبح المآذن منبراً يذكر فيها اسم الحزب من دون الله ويدعى من خلالها إلى نشاطاته الخاصة، ويزعم أن الداعي هو الله ورسوله.
إن من شأن استعمال المساجد لإقامة الأنشطة ذات الطابع الحزبي الخالص أنه يعطي المبرر للآخرين لفعل الشيء ذاته، ولا يستقيم هنا أن نقول إننا أولى بالمساجد من غيرنا
 فالمساجد مؤسسات عامة وليست خاصةً بجماعة دون غيرها. ومهما كانت قناعاتنا الذاتية بصواب منهجنا فإننا لا نستطيع أن نفرض رؤيتنا على الناس وأن نجبرهم على التفكير بطريقتنا وأن نكون أوصياء عليهم.. 
والجماعة مهما كان ثقلها الاجتماعي فإنها تظل جزءً من المجتمع وليس بديلاً عنه، وسيظل في المجتمع من يفكر بطريقة أخرى، فليس من حقنا أن نتصرف وكأننا وحدنا في الساحة أو أن نحلل لأنفسنا ما نحرمه على الآخرين.. 
إن احتكار الدين خطير ومدمر لأن الحزب مهما كان على درجة من الهوية الإسلامية فإنه يظل جهداً بشرياً ناقصاً، ولا يجوز أن يضفي عليه أصحابه قداسة الدين وكماله..
ربما يظن بادي الرأي أن حديثي هذا يصب في نفس اتجاه من يطالبون بفصل الدين عن السياسة وقصر المساجد على قضايا الأخلاق الفردية والأحكام الجزئية..
والفرق كبير، فأنا لا أدعو إلى فصل الدين عن السياسة، ولكنني أدعو إلى عدم إلباس الهوى الحزبي لباس الدين..
والسياسة بمعناها الحقيقي الواسع وهو رعاية شئون الناس من صميم دور المسجد، فالمساجد ليست لمناقشة تهذيب السلوك الفردي وحسب، ولكنها لرعاية مصالح الناس الجماعية، وكل دعوة إلى الخير والصلاح والعدل هي من وظيفة المساجد، حتى وإن سماها الناس سياسةً، فالإسلام لا يقر هذه التقسيمات التي ابتدعناها من عند أنفسنا بأن هذا دين وهذه سياسة، وبهذا المعنى فالإنسان ليس مخيراً للحديث في السياسة أو تركها، ولكنها فريضة إلهية بأن يصدع بكلمة الحق من على منبر المسجد فيقول للظالم أنت ظالم وينهى عن الفساد والمنكر، وينتصر للمظلوم، ويأمر بالخير، بل ويدعو إلى الثورة والعصيان إن اقتضى الأمر، وهذا هو دور المسجد الحقيقي
المهم في كل هذا أن تكون الدعوة منطلقةً من الشعور العام بالمسئولية، وألا تكون بدافع العصبية الحزبية، وانتقائيةً وألا يكون مرتهناً لتوجيهات من أطراف سياسية، بل يتناول القضايا التي تهم الناس في مجموعهم، فينتقد الظلم من حيث كونه ظلماً ولو على حزبه..
إذا كان متفهماً في سنين خلت أن تلجأ الجماعات الإسلامية إلى المساجد كمتنفس للتعبير عن أفكارها ومواقفها في ظل تضييق الحكومات وانعدام المنابر البديلة، فإن الواقع قد تغير اليوم، فهناك الفضائيات والمواقع الالكترونية والصحف والمرافق العامة لإقامة الأنشطة، فلم يعد المبرر قائماً لإغراق المساجد بالبيانات والإعلانات والأعلام وصور الشهداء، واستعمال مكبراتها للدعوة إلى الأنشطة، وإقامة الاحتفالات الحزبية فيها.
وحتى لا يحرف الكلام عن مواضعه فإنني أعيد تأكيد القول بأنني لا أقصد تفريغ المساجد من الأنشطة الدعوية والاجتماعية والتثقيفية، فهذه ظاهرة إيجابية ينبغي تعزيزها، ولكن ما أقصده هو تلك الأنشطة ذات الطابع الحزبي الصرف وهي التي من شأنها أن توغر صدور المخالفين وتعزز الفرقة، وقد جعلت المساجد لتوحيد المسلمين لا لتفريقهم..
ما أجمل أن نعيد للمساجد سكينتها ووقارها فيدخل المرء إلى بيت الله وهو متجرد من صخب الحياة وضجيجها ويستشعر أن هناك فسحةً في الحياة للخشوع والمناجاة..
أرجو أن تصل كلماتي هذه إلى أولي الأمر، وقد علمت عنهم تفاعلاً إيجابياً في مرات سابقة، فيكون هناك قرار عملي بتحييد المساجد عن الأنشطة الحزبية، وأن نستثمرها لتوعية الناس وترشيدهم في أمور دينهم ودنياهم، حتى نحقق قول الله عز وجل: 
"وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً"..
والله أعلى وأعلم.. 

[تجدون مقالاتي وخواطري في مدونة تأملات http://www.t5molat.blogspot.com/]


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق